العدد : ١٧١٩٠ - الأربعاء ١٦ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ١٨ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٩٠ - الأربعاء ١٦ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ١٨ شوّال ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

الزواج تدبيسة!!

عرضت‭ ‬أمس‭ ‬الأول‭ ‬جانبا‭ ‬بسيطا‭ ‬من‭ ‬طقوس‭ ‬زواجي،‭ ‬وكيف‭ ‬أنها‭ ‬أرهقتني‭ ‬ماليا‭ ‬وجسديا،‭ ‬وبحمد‭ ‬الله‭ ‬انتهت‭ ‬المراسيم‭ ‬المعقدة‭ ‬وصرت‭ ‬زوجا،‭ ‬ونالت‭ ‬خطيبتي‭ ‬ترقية‭ ‬من‭ ‬آنسة‭ ‬إلى‭ ‬سيدة،‭ ‬واكتشفت‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬الزوجية‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيدا‭ ‬من‭ ‬طقوس‭ ‬الزواج،‭ ‬وبعكس‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬حادث‭ ‬مع‭ ‬جيل‭ ‬الشباب‭ ‬الذي‭ ‬يقيم‭ ‬المآتم‭ ‬بعد‭ ‬‮«‬حفلات‮»‬‭ ‬الزواج،‭ ‬بسبب‭ ‬الإنهاك‭ ‬المادي‭ ‬وتراكم‭ ‬الديون‭ ‬والعجز‭ - ‬بالتالي‭ - ‬عن‭ ‬توفير‭ ‬مستلزمات‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬الزوجية،‭ ‬لم‭ ‬أخرج‭ ‬من‭ ‬تجربة‭ ‬الزواج‭ ‬مرهقا‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬المادية،‭ ‬فكعادة‭ ‬أهلنا‭ ‬قدم‭ ‬الأقارب‭ ‬والأصدقاء‭ ‬وزملاء‭ ‬العمل‭ ‬مساهمات‭ ‬مالية،‭ ‬جنبتني‭ ‬الخسائر‭ ‬والديون،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬دخلي‭ ‬الشهري‭ ‬كان‭ ‬مرتفعا‭ ‬نسبيا‭ ‬فقد‭ ‬كنت‭ ‬أتقاضى‭ ‬راتبين‭ ‬أحدهما‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والثاني‭ ‬من‭ ‬التلفزيون،‭ ‬وكان‭ ‬هناك‭ ‬دخل‭ ‬إضافي‭ ‬من‭ ‬التدريس‭ ‬في‭ ‬الفصول‭ ‬المسائية‭ ‬التي‭ ‬يديرها‭ ‬اتحاد‭ ‬المعلمين‭.‬

الإرهاق‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬‮«‬الالتزام‭ ‬والانضباط‮»‬‭: ‬التحول‭ ‬من‭ ‬شاب‭ ‬صائع‭ ‬وقته‭ ‬ملكه،‭ ‬يطلع‭ ‬وينزل‭ ‬كما‭ ‬يشاء،‭ ‬يسهر‭ ‬وينام‭ ‬‮«‬بمزاج‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬رجل‮»‬‭ ‬يعود‭ ‬الى‭ ‬البيت‭ ‬ويغادره‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬معلومة،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أصعب‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الزوجة‭ ‬تصبح‭ ‬رفيقا‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬مشاويرك‭.. ‬تقول‭ ‬لها‭: ‬رايح‭ ‬أزور‭ ‬أمي‭!! ‬فتقول‭ ‬لك‭: ‬أوكيه‭ ‬نروح‭ ‬سوا‭. ‬بعد‭ ‬نحو‭ ‬شهر‭ ‬من‭ ‬الزواج‭ ‬كنا‭ ‬نزور‭ ‬شقيقتي،‭ ‬وكانت‭ ‬بنتها‭ ‬البكر‭ ‬‮«‬هالة‮»‬‭ ‬شديدة‭ ‬التعلق‭ ‬بي،‭ ‬وكنت‭ ‬معتادا‭ ‬بالتالي‭ ‬على‭ ‬زيارتها‭ ‬يوميا،‭ ‬وبعد‭ ‬سويعات‭ ‬غادرت‭ ‬بيت‭ ‬شقيقتي‭ ‬متوجها‭ ‬إلى‭ ‬الشارع‭ ‬الرئيسي‭ ‬لاستقلال‭ ‬أداة‭ ‬مواصلات،‭ ‬فإذا‭ ‬بصوت‭ ‬زوج‭ ‬شقيقتي‭ ‬يتناهى‭ ‬إلى‭ ‬أذني‭ ‬مطالبا‭ ‬إياي‭ ‬بالتوقف،‭ ‬فتوجهت‭ ‬نحوه‭ ‬منزعجا‭: ‬خير‭ .. ‬في‭ ‬شنو؟‭ ‬قال‭ ‬لي‭: ‬يا‭ ‬جعفر‭ ‬بن‭ ‬عنتر‭. ‬عندي‭ ‬زوجة‭ ‬الله‭ ‬يقدرني‭ ‬عليها‭ ‬فارجع‭ ‬واصطحب‭ ‬زوجتك‭. ‬وأحسست‭ ‬بخجل‭ ‬شديد‭!! ‬نسيت‭ ‬أنني‭ ‬متزوج‭ ‬ونسيت‭ ‬أن‭ ‬أصطحبها‭ ‬معي‭ ‬عند‭ ‬مغادرة‭ ‬بيت‭ ‬شقيقتي،‭ ‬وعدت‭ ‬ووجدت‭ ‬بوزها‭ ‬وقد‭ ‬تمطى‭ ‬حتى‭ ‬صار‭ ‬يشبه‭ ‬خرطوم‭ ‬الفيل،‭ ‬فكان‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬كذبة‭ ‬بيضاء‭: ‬رحت‭ ‬الأجزخانة‭ (‬الصيدلية‭) ‬لشراء‭ ‬دواء‭!! ‬فجاء‭ ‬الرد‭: ‬الأجزخانة‭ ‬أصلا‭ ‬في‭ ‬سِكّتنا‭. ‬الفضيحة‭ ‬الأكبر‭ ‬هي‭ ‬أنني‭ ‬وبعد‭ ‬25‭ ‬سنة‭ ‬زواج‭ ‬كنت‭ ‬مسافرا‭ ‬معها‭ ‬إلى‭ ‬جدة‭ ‬في‭ ‬السعودية‭ ‬ونزلت‭ ‬من‭ ‬الطائرة‭ ‬وتوجهت‭ ‬نحو‭ ‬منفذ‭ ‬الجوازات،‭ ‬وهناك‭ ‬ربت‭ ‬شاب‭ ‬سعودي‭ ‬على‭ ‬كتفي‭ ‬قائلا‭: ‬الزولة‭ ‬هاذيك‭ ‬مو‭ ‬تبعك؟‭ ‬كانت‭ ‬المسكينة‭ ‬تقف‭ ‬عند‭ ‬بوابة‭ ‬الدخول‭ ‬حائرة‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬ماذا‭ ‬حدث‭ ‬لزوجها‭ ‬‮«‬الشهم‮»‬،‭ ‬دون‭ ‬جواز‭ ‬سفر‭. ‬ولم‭ ‬يسعفني‭ ‬دماغي‭ ‬حتى‭ ‬بكذبة‭ ‬بيضاء‭ ‬أبرر‭ ‬بها‭ ‬تصرفي‭ ‬الأخرق‭.‬

نعم‭ ‬الزواج‭ ‬ينظم‭ ‬حياتك‭ ‬ويهذب‭ ‬سلوكك‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬ولكنه‭ ‬مثل‭ ‬ضرس‭ ‬العقل،‭ ‬يعكنن‭ ‬حياتك‭ ‬ومزاجك‭ ‬بين‭ ‬الحين‭ ‬والآخر،‭ ‬ثم‭ ‬‮«‬تنساه‮»‬‭ ‬لبعض‭ ‬الوقت،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬الأولى،‭ ‬ولي‭ ‬نصيحة‭ ‬لكل‭ ‬شاب‭ ‬يريد‭ ‬الزواج‭: ‬اشترط‭ ‬على‭ ‬أهل‭ ‬العروس‭ ‬إخضاعها‭ ‬لفحص‭ ‬طبي‭ ‬شامل،‭ ‬وإذا‭ ‬اتضح‭ ‬أن‭ ‬بها‭ ‬علة‭ ‬هيكلية‭ ‬تستوجب‭ ‬المتابعة‭ ‬الطبية،‭ ‬تخصم‭ ‬كلفة‭ ‬تلك‭ ‬المتابعة‭ ‬من‭ ‬المهر،‭ ‬فالنساء‭ ‬ماكرات‭.. ‬تكون‭ ‬الواحدة‭ ‬منهن‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الخطوبة‭ ‬وردة‭ ‬ندية،‭ ‬تنضح‭ ‬عافية،‭ ‬وبعد‭ ‬الزواج‭ ‬يتضح‭ ‬أنها‭ ‬فاشوش‭ ‬و«مضروبة‮»‬‭.. ‬بعد‭ ‬أسبوع‭ ‬من‭ ‬الزواج‭ ‬‮«‬بالكثير‮»‬‭ ‬يكتشف‭ ‬معظم‭ ‬الأزواج‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الورود‭ ‬الندية،‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬عيوب‭ ‬هيكلية،‭ ‬وبحاجة‭ ‬إلى‭ ‬التشحيم‭ ‬وتغيير‭ ‬الزيت‭ ‬والفلاتر‭ ‬بشكل‭ ‬منتظم،‭ ‬ويعرف‭ ‬كل‭ ‬رجل‭ ‬متزوج‭ ‬أن‭ ‬زوجته‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬‮«‬مدَبِّرة‮»‬‭ ‬أي‭ ‬غير‭ ‬مسرفة‭ ‬أو‭ ‬مبذرة،‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬شيئين‭: ‬الأول‭ ‬حشو‭ ‬جيوب‭ ‬الأطباء‭ ‬بالمال‭ (‬وعموما‭ ‬فالنساء‭ ‬غير‭ ‬ميالات‭ ‬للمستشفيات‭ ‬الحكومية‭ ‬المجانية‭) ‬والثاني‭.. ‬الأحذية‭.. ‬نعم‭ ‬فالحذاء‭ ‬عند‭ ‬المرأة‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬الكماليات‭.. ‬طبعا‭ ‬الحذاء‭ ‬من‭ ‬الضروريات‭ ‬عند‭ ‬النساء‭ ‬والرجال‭ ‬ولكن‭ ‬الأحذية‭ ‬تأتي‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الثانية‭ ‬بعد‭ ‬المجوهرات‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬اهتمام‭ ‬المرأة‭.. ‬ونصيحتي‭ ‬لكل‭ ‬رجل‭ ‬حديث‭ ‬عهد‭ ‬بالزواج‭ ‬هي‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬أغضب‭ ‬زوجته‭ ‬وأراد‭ ‬ترضيتها‭ ‬أن‭ ‬يدخل‭ ‬عليها‭ ‬بـ«الجزمة‮»‬‭. ‬لا‭ ‬يا‭ ‬متخلف‭.. ‬لا‭ ‬أقصد‭ ‬استخدام‭ ‬الجزمة‭ ‬كسلاح‭ ‬لحسم‭ ‬الخلافات‭ ‬بل‭ ‬تقديم‭ ‬جزمة‭ ‬هدية‭ ‬لها،‭ ‬وستكتشف‭ ‬أن‭ ‬للجزمة‭ ‬سحرا‭ ‬يحول‭ ‬التكشيرة‭ ‬إلى‭ ‬ابتسامة‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا