عين عذاري من المعالم الترفيهية التي ارتبطت ارتباطا وثيقا بتاريخ البحرين وأهلها منذ القدم حالها حال عديد من المعالم المنتشرة في مختلف مناطق البحرين في القرى والمدن في ذلك الزمن الجميل أيام البساطة والتواصل الاجتماعي بين الناس في ظل الإمكانيات المتواضعة عندما كان المواطنون يعتمدون اعتمادا كليا على جهودهم الذاتية لزيارة المعالم الترفيهية بسبب عدم وجود الشركات أو المؤسسات ولا حتى الجمعيات التي تنظم مثل هذه الزيارات من خلال بعض العوائل البحرينية في مختلف الفرجان والمدن والقرى البحرينية التي أخذت على عاتقها تنظيم الزيارات إلى مختلف العيون والبساتين خصوصا في فصل الصيف هربا من الحر والرطوبة الشديدة وبأسعار رخيصة إن لم تكن رمزية تتناسب وإمكانيات الناس في ذلك الوقت وفي كثير من الحالات لا تتجاوز المائة فلس لكل عائلة مهما كان عددها.
وأتذكر ونحن كنا صغارا لا تتجاوز أعمارنا السبع أو الثماني سنوات كيف كنا ننتظر باص عذاري بكل فرحة وابتهاج لزيارة هذه العين الجميلة والسباحة في مياهها العذبة في إطار الرحلات الترفيهية التي تنظمها بعض العوائل البحرينية في منطقة الحورة.
هذه هي عذاري التي يتذكرها جيلنا ملاذنا الأول خلال فصل الصيف والإجازة المدرسية حيث كانت تحتضن أهالي البحرين من مختلف المدن والقرى البحرينية القريبة والبعيدة تجمعهم المحبة والأخوة والتواصل الاجتماعي حتى أصبحت عذاري رمزا لتواصل أهل البحرين ومعلما سياحيا وترفيهيا يأتيه أشقاؤنا من دول مجلس التعاون للاستمتاع بالسباحة في هذه العين العذبة كما أسلفنا.
إلا أن وضع ومكانة عين عذاري قد تغير مع الأسف الشديد بسبب التطورات التي حدثت في المجتمع البحريني بدءا من منتصف سبعينيات القرن الماضي مع الطفرة النفطية وتغير نمط حياة المجتمع البحريني مما أثر في وضع ومكانة عين عذاري بعد ارتفاع مستوى معيشة الناس وظهور الأماكن البديلة، ومع ذلك بقي منتزه عذاري بعد تزويده بمختلف الوسائل الترفيهية والألعاب المسلية والمرافق الضرورية والمطاعم والمقاهي وزيادة المساحة الخضراء وجهة يرتادها المواطنون والمقيمون خلال الإجازات الرسمية وعطلة نهاية الأسبوع.
إلا أن المنتزه بعد تسليمه إلى أحد المستثمرين حدثت خلافات بين المستثمر والجهة المسؤولة عن المنتزه أدت إلى انسحاب المستثمر وقد أهمل المنتزه وبقي دون عناية وظل على ما هو عليه رغم أهميته كوجهة ترفيهية مرتبطة بتاريخ البحرين وتراثها.
وجاء تصريح الدكتورة وفاء أجور عضو مجلس أمانة العاصمة للصحافة ليسلط الضوء على وضع عين عذاري في ظل غياب الفرص الاستثمارية لتأهيل عين عذاري مما يهدد بجفاف العين حيث توجد مخاوف لدى المستثمرين من ارتفاع الكلفة التشغيلية للعين بما ينعكس على زيادة المبالغ المتوقعة للاستثمار وضعف المردود المالي للمشروع خصوصا وإن استخدام العين موسميا وليس على مدار العام وتحديدا خلال فترة الصيف.
إننا نعتقد إن مسؤولية إعادة تأهيل عين عذاري تقع على عاتق الجهة المسؤولة عنها باعتبارها المالكة لهذه العين للمحافظة على هذا المعلم التاريخي المهم بالنسبة إلى البحرين وليس على عاتق المستثمرين الذين ينظرون إلى الربح في المقام الأول ومن ثم طرحه للاستثمار على القطاع الخاص من خلال تأجيره ولو بسعر تنافسي لإعادة الاعتبار لهذه العين التي كانت يوما من الأيام ملاذا لأهل البحرين جميعا تغنى بها تلاميذ المرحلة الابتدائية من خلال مادة اللغة العربية عبر ترديد بيت الشعر الذي يقول: «إن زاد حر الداري رحنا إلى عذاري نسبح في المياه على غنى الأطيار»، ولذلك على مجلس أمانة العاصمة متابعة مسألة إعادة تأهيل العين مع الجهة المسؤولة عنها لوضع التصورات والخطط الكفيلة بإعادة تأهيلها وتأهيل المنطقة المجاوزة لها لتشغيلها على مدار العام وليس خلال فترة الصيف كما يعتقد المستثمرون بدلا من الاعتماد على المستثمرين من القطاع الخاص بعد إضافة المطاعم وأكشاك الطعام ومواقع للمقاهي لتكون ملاذها ترفيهيا لأكبر عدد من المواطنين والمقيمين كما جاء في تصريح عضو مجلس الأمانة العامة للعاصمة، أما بقاء الوضع على ما هو عليه في انتظار المستثمرين في أعادة تأهيل العين فإن ذلك قد لا يحدث في ظل مخاوف المستثمرين وترددهم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك