العدد : ١٧١٩٠ - الأربعاء ١٦ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ١٨ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٩٠ - الأربعاء ١٦ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ١٨ شوّال ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

من أجل إعادة الاعتبار لعين عذاري

بقلم: د. نبيل العسومي

الثلاثاء ١٥ أبريل ٢٠٢٥ - 02:00

عين‭ ‬عذاري‭ ‬من‭ ‬المعالم‭ ‬الترفيهية‭ ‬التي‭ ‬ارتبطت‭ ‬ارتباطا‭ ‬وثيقا‭ ‬بتاريخ‭ ‬البحرين‭ ‬وأهلها‭ ‬منذ‭ ‬القدم‭  ‬حالها‭ ‬حال‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬المعالم‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مناطق‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬القرى‭ ‬والمدن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الزمن‭ ‬الجميل‭ ‬أيام‭ ‬البساطة‭ ‬والتواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الإمكانيات‭ ‬المتواضعة‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬المواطنون‭ ‬يعتمدون‭ ‬اعتمادا‭ ‬كليا‭ ‬على‭ ‬جهودهم‭ ‬الذاتية‭ ‬لزيارة‭ ‬المعالم‭ ‬الترفيهية‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬الشركات‭ ‬أو‭ ‬المؤسسات‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬الجمعيات‭ ‬التي‭ ‬تنظم‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الزيارات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بعض‭ ‬العوائل‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الفرجان‭ ‬والمدن‭ ‬والقرى‭ ‬البحرينية‭ ‬التي‭ ‬أخذت‭ ‬على‭ ‬عاتقها‭ ‬تنظيم‭ ‬الزيارات‭ ‬إلى‭ ‬مختلف‭ ‬العيون‭ ‬والبساتين‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬الصيف‭ ‬هربا‭ ‬من‭ ‬الحر‭ ‬والرطوبة‭ ‬الشديدة‭ ‬وبأسعار‭ ‬رخيصة‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬رمزية‭ ‬تتناسب‭ ‬وإمكانيات‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬وفي‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬المائة‭ ‬فلس‭ ‬لكل‭ ‬عائلة‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬عددها‭.‬

وأتذكر‭ ‬ونحن‭ ‬كنا‭ ‬صغارا‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬أعمارنا‭ ‬السبع‭ ‬أو‭ ‬الثماني‭ ‬سنوات‭ ‬كيف‭ ‬كنا‭ ‬ننتظر‭ ‬باص‭ ‬عذاري‭ ‬بكل‭ ‬فرحة‭ ‬وابتهاج‭ ‬لزيارة‭ ‬هذه‭ ‬العين‭ ‬الجميلة‭ ‬والسباحة‭ ‬في‭ ‬مياهها‭ ‬العذبة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الرحلات‭ ‬الترفيهية‭ ‬التي‭ ‬تنظمها‭ ‬بعض‭ ‬العوائل‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الحورة‭.‬

هذه‭ ‬هي‭ ‬عذاري‭ ‬التي‭ ‬يتذكرها‭ ‬جيلنا‭ ‬ملاذنا‭ ‬الأول‭ ‬خلال‭ ‬فصل‭ ‬الصيف‭ ‬والإجازة‭ ‬المدرسية‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬تحتضن‭ ‬أهالي‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬المدن‭ ‬والقرى‭ ‬البحرينية‭ ‬القريبة‭ ‬والبعيدة‭ ‬تجمعهم‭ ‬المحبة‭ ‬والأخوة‭ ‬والتواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬عذاري‭ ‬رمزا‭ ‬لتواصل‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬ومعلما‭ ‬سياحيا‭ ‬وترفيهيا‭ ‬يأتيه‭ ‬أشقاؤنا‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬للاستمتاع‭ ‬بالسباحة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العين‭ ‬العذبة‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬وضع‭ ‬ومكانة‭ ‬عين‭ ‬عذاري‭ ‬قد‭ ‬تغير‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬الشديد‭ ‬بسبب‭ ‬التطورات‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬منتصف‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬مع‭ ‬الطفرة‭ ‬النفطية‭ ‬وتغير‭ ‬نمط‭ ‬حياة‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬مما‭ ‬أثر‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬ومكانة‭ ‬عين‭ ‬عذاري‭ ‬بعد‭ ‬ارتفاع‭ ‬مستوى‭ ‬معيشة‭ ‬الناس‭ ‬وظهور‭ ‬الأماكن‭ ‬البديلة،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬بقي‭ ‬منتزه‭ ‬عذاري‭ ‬بعد‭ ‬تزويده‭ ‬بمختلف‭ ‬الوسائل‭ ‬الترفيهية‭ ‬والألعاب‭ ‬المسلية‭ ‬والمرافق‭ ‬الضرورية‭ ‬والمطاعم‭ ‬والمقاهي‭ ‬وزيادة‭ ‬المساحة‭ ‬الخضراء‭ ‬وجهة‭ ‬يرتادها‭ ‬المواطنون‭ ‬والمقيمون‭ ‬خلال‭ ‬الإجازات‭ ‬الرسمية‭ ‬وعطلة‭ ‬نهاية‭ ‬الأسبوع‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬المنتزه‭ ‬بعد‭ ‬تسليمه‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬المستثمرين‭ ‬حدثت‭ ‬خلافات‭ ‬بين‭ ‬المستثمر‭ ‬والجهة‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬المنتزه‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬انسحاب‭ ‬المستثمر‭ ‬وقد‭ ‬أهمل‭ ‬المنتزه‭ ‬وبقي‭ ‬دون‭ ‬عناية‭ ‬وظل‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬رغم‭ ‬أهميته‭ ‬كوجهة‭ ‬ترفيهية‭ ‬مرتبطة‭ ‬بتاريخ‭ ‬البحرين‭ ‬وتراثها‭.‬

وجاء‭ ‬تصريح‭ ‬الدكتورة‭ ‬وفاء‭ ‬أجور‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬أمانة‭ ‬العاصمة‭ ‬للصحافة‭ ‬ليسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬عين‭ ‬عذاري‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬الفرص‭ ‬الاستثمارية‭ ‬لتأهيل‭ ‬عين‭ ‬عذاري‭ ‬مما‭ ‬يهدد‭ ‬بجفاف‭ ‬العين‭ ‬حيث‭ ‬توجد‭ ‬مخاوف‭ ‬لدى‭ ‬المستثمرين‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬الكلفة‭ ‬التشغيلية‭ ‬للعين‭ ‬بما‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬المبالغ‭ ‬المتوقعة‭ ‬للاستثمار‭ ‬وضعف‭ ‬المردود‭ ‬المالي‭ ‬للمشروع‭ ‬خصوصا‭ ‬وإن‭ ‬استخدام‭ ‬العين‭ ‬موسميا‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬العام‭ ‬وتحديدا‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الصيف‭.‬

إننا‭ ‬نعتقد‭ ‬إن‭ ‬مسؤولية‭ ‬إعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬عين‭ ‬عذاري‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬الجهة‭ ‬المسؤولة‭ ‬عنها‭ ‬باعتبارها‭ ‬المالكة‭ ‬لهذه‭ ‬العين‭ ‬للمحافظة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المعلم‭ ‬التاريخي‭ ‬المهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬المستثمرين‭ ‬الذين‭ ‬ينظرون‭ ‬إلى‭ ‬الربح‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬طرحه‭ ‬للاستثمار‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تأجيره‭ ‬ولو‭ ‬بسعر‭ ‬تنافسي‭ ‬لإعادة‭ ‬الاعتبار‭ ‬لهذه‭ ‬العين‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬يوما‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬ملاذا‭ ‬لأهل‭ ‬البحرين‭ ‬جميعا‭ ‬تغنى‭ ‬بها‭ ‬تلاميذ‭ ‬المرحلة‭ ‬الابتدائية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مادة‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬عبر‭ ‬ترديد‭ ‬بيت‭ ‬الشعر‭ ‬الذي‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬إن‭ ‬زاد‭ ‬حر‭ ‬الداري‭ ‬رحنا‭ ‬إلى‭ ‬عذاري‭ ‬نسبح‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬على‭ ‬غنى‭ ‬الأطيار‮»‬،‭ ‬ولذلك‭ ‬على‭ ‬مجلس‭ ‬أمانة‭ ‬العاصمة‭ ‬متابعة‭ ‬مسألة‭ ‬إعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬العين‭ ‬مع‭ ‬الجهة‭ ‬المسؤولة‭ ‬عنها‭ ‬لوضع‭ ‬التصورات‭ ‬والخطط‭ ‬الكفيلة‭ ‬بإعادة‭ ‬تأهيلها‭ ‬وتأهيل‭ ‬المنطقة‭ ‬المجاوزة‭ ‬لها‭  ‬لتشغيلها‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬العام‭ ‬وليس‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الصيف‭ ‬كما‭ ‬يعتقد‭ ‬المستثمرون‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬المستثمرين‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬بعد‭ ‬إضافة‭ ‬المطاعم‭ ‬وأكشاك‭ ‬الطعام‭ ‬ومواقع‭ ‬للمقاهي‭ ‬لتكون‭ ‬ملاذها‭ ‬ترفيهيا‭ ‬لأكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬للعاصمة،‭ ‬أما‭ ‬بقاء‭ ‬الوضع‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬المستثمرين‭ ‬في‭ ‬أعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬العين‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مخاوف‭ ‬المستثمرين‭ ‬وترددهم‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا