العدد : ١٧١٨٨ - الاثنين ١٤ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ١٦ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٨٨ - الاثنين ١٤ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ١٦ شوّال ١٤٤٦هـ

وقت مستقطع

علي ميرزا

تجاوزات الشبكة.. وردع مفقود

في‭ ‬مباريات‭ ‬الكرة‭ ‬الطائرة،‭ ‬بات‭ ‬من‭ ‬المألوف‭ ‬أن‭ ‬نشهد‭ ‬بعض‭ ‬المناوشات‭ ‬والحركات‭ ‬الاستفزازية‭ ‬المتعمدة‭ ‬عند‭ ‬الشبكة،‭ ‬تصدر‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬اللاعبين‭ ‬تجاه‭ ‬خصومهم،‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬يتكرر‭ ‬بأشكال‭ ‬مختلفة،‭ ‬وبنية‭ ‬واضحة‭ ‬تستهدف‭ ‬إثارة‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭.‬

هذه‭ ‬السلوكيات‭ ‬لا‭ ‬تحدث‭ ‬عفويا،‭ ‬بل‭ ‬تنفذ‭ ‬عن‭ ‬سابق‭ ‬إصرار‭ ‬وترصد،‭ ‬وأمام‭ ‬أعين‭ ‬الجماهير،‭ ‬واللافت‭ ‬أنها‭ ‬تمر‭ ‬أحيانا‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬رادع‭ ‬من‭ ‬الطاقم‭ ‬التحكيمي،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬قانون‭ ‬اللعبة‭ ‬يصنفها‭ ‬بوضوح‭ ‬ضمن‭ ‬مظلة‭ ‬‮«‬سوء‭ ‬السلوك‮»‬،‭ ‬ويستوجب‭ ‬معاقبة‭ ‬مرتكبيها‭ ‬بشكل‭ ‬حازم‭.‬

إن‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬الأمر‭ ‬سوءا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التصرفات‭ ‬لا‭ ‬تعكس‭ ‬فقط‭ ‬غياب‭ ‬الروح‭ ‬الرياضية،‭ ‬بل‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬انحدار‭ ‬واضح‭ ‬في‭ ‬الالتزام‭ ‬بأخلاقيات‭ ‬المنافسة‭. ‬فبدلا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الرياضة‭ ‬ميدانا‭ ‬لتجسيد‭ ‬القيم‭ ‬النبيلة‭ ‬كالتسامح،‭ ‬والاحترام،‭ ‬والتعاون،‭ ‬تحولت‭ ‬بعض‭ ‬المشاهد‭ ‬إلى‭ ‬استعراض‭ ‬عضلات،‭ ‬تزرع‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬بذور‭ ‬العداء‭ ‬والكراهية‭ ‬داخل‭ ‬الملعب‭.‬

الخطير‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬السلوكيات‭ ‬بدأت‭ ‬تتسلل‭ ‬إلى‭ ‬مباريات‭ ‬الفئات‭ ‬العمرية،‭ ‬وهو‭ ‬مؤشر‭ ‬مقلق‭ ‬جدا،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬الناشئة‭ ‬يتأثرون‭ ‬بسلوك‭ ‬من‭ ‬يسبقهم،‭ ‬ويعيدون‭ ‬إنتاجه‭ ‬دون‭ ‬وعي‭ ‬بمخاطره،‭ ‬ولعل‭ ‬الاشتباكات‭ ‬اليدوية‭ ‬والتوترات‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬إحدى‭ ‬مباريات‭ ‬هذه‭ ‬الفئات‭ ‬مؤخرا،‭ ‬تعد‭ ‬مثالا‭ ‬حيا‭ ‬على‭ ‬انتقال‭ ‬هذه‭ ‬العدوى‭ ‬السلوكية‭ ‬إلى‭ ‬قاعدة‭ ‬اللعبة،‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬يهدد‭ ‬مستقبلها‭ ‬بأكمله‭.‬

ولذلك،‭ ‬فإن‭ ‬المسؤولية‭ ‬لا‭ ‬تقع‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬اللاعبين،‭ ‬بل‭ ‬تمتد‭ ‬إلى‭ ‬الأجهزة‭ ‬الإدارية‭ ‬والفنية‭ ‬التي‭ ‬يفترض‭ ‬بها‭ ‬أن‭ ‬تضبط‭ ‬سلوك‭ ‬عناصرها‭ ‬وتربيهم‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬المنافس‭ ‬والقانون‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬المسؤولية‭ ‬يبقى‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬حكام‭ ‬المباريات،‭ ‬فهم‭ ‬العين‭ ‬الراصدة‭ ‬داخل‭ ‬الملعب،‭ ‬وامتناعهم‭ ‬عن‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬حازمة‭ ‬تجاه‭ ‬المتجاوزين‭ ‬يفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬التمادي‭ ‬والتطاول،‭ ‬فالقانون‭ ‬واضح‭ ‬وصريح،‭ ‬وما‭ ‬يحتاجه‭ ‬الحكام‭ ‬فقط‭ ‬هو‭ ‬الشجاعة‭ ‬في‭ ‬التطبيق،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوصول‭ ‬بالمباراة‭ ‬إلى‭ ‬بر‭ ‬الأمان،‭ ‬وضمان‭ ‬أجواء‭ ‬تنافسية‭ ‬نظيفة‭ ‬وآمنة‭.‬

إن‭ ‬الرياضة‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬لعبة‭ ‬أو‭ ‬صراع‭ ‬على‭ ‬النقاط،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬منظومة‭ ‬أخلاقية‭ ‬متكاملة،‭ ‬تنهض‭ ‬بالمجتمع‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬ترفع‭ ‬الكؤوس،‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬فقدت‭ ‬هذه‭ ‬المنظومة‭ ‬توازنها،‭ ‬فإن‭ ‬الملاعب‭ ‬ستتحول‭ ‬إلى‭ ‬ساحات‭ ‬للفوضى،‭ ‬ويخسر‭ ‬الجميع‭: ‬اللاعب،‭ ‬والمشاهد،‭ ‬واللعبة‭ ‬نفسها‭.‬

إقرأ أيضا لـ"علي ميرزا"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا