وقت مستقطع

علي ميرزا
تجاوزات الشبكة.. وردع مفقود
في مباريات الكرة الطائرة، بات من المألوف أن نشهد بعض المناوشات والحركات الاستفزازية المتعمدة عند الشبكة، تصدر عن بعض اللاعبين تجاه خصومهم، في مشهد يتكرر بأشكال مختلفة، وبنية واضحة تستهدف إثارة الطرف الآخر.
هذه السلوكيات لا تحدث عفويا، بل تنفذ عن سابق إصرار وترصد، وأمام أعين الجماهير، واللافت أنها تمر أحيانا دون أي رادع من الطاقم التحكيمي، رغم أن قانون اللعبة يصنفها بوضوح ضمن مظلة «سوء السلوك»، ويستوجب معاقبة مرتكبيها بشكل حازم.
إن ما يزيد الأمر سوءا أن هذه التصرفات لا تعكس فقط غياب الروح الرياضية، بل تعبر عن انحدار واضح في الالتزام بأخلاقيات المنافسة. فبدلا من أن تكون الرياضة ميدانا لتجسيد القيم النبيلة كالتسامح، والاحترام، والتعاون، تحولت بعض المشاهد إلى استعراض عضلات، تزرع من خلالها بذور العداء والكراهية داخل الملعب.
الخطير في الأمر أن هذه السلوكيات بدأت تتسلل إلى مباريات الفئات العمرية، وهو مؤشر مقلق جدا، إذ إن الناشئة يتأثرون بسلوك من يسبقهم، ويعيدون إنتاجه دون وعي بمخاطره، ولعل الاشتباكات اليدوية والتوترات التي شهدتها إحدى مباريات هذه الفئات مؤخرا، تعد مثالا حيا على انتقال هذه العدوى السلوكية إلى قاعدة اللعبة، في مشهد يهدد مستقبلها بأكمله.
ولذلك، فإن المسؤولية لا تقع فقط على اللاعبين، بل تمتد إلى الأجهزة الإدارية والفنية التي يفترض بها أن تضبط سلوك عناصرها وتربيهم على احترام المنافس والقانون. ومع ذلك، فإن الجزء الأكبر من المسؤولية يبقى على عاتق حكام المباريات، فهم العين الراصدة داخل الملعب، وامتناعهم عن اتخاذ قرارات حازمة تجاه المتجاوزين يفتح الباب أمام التمادي والتطاول، فالقانون واضح وصريح، وما يحتاجه الحكام فقط هو الشجاعة في التطبيق، من أجل الوصول بالمباراة إلى بر الأمان، وضمان أجواء تنافسية نظيفة وآمنة.
إن الرياضة ليست مجرد لعبة أو صراع على النقاط، بل هي منظومة أخلاقية متكاملة، تنهض بالمجتمع قبل أن ترفع الكؤوس، وإذا ما فقدت هذه المنظومة توازنها، فإن الملاعب ستتحول إلى ساحات للفوضى، ويخسر الجميع: اللاعب، والمشاهد، واللعبة نفسها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك