العدد : ١٧١٨٣ - الأربعاء ٠٩ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٨٣ - الأربعاء ٠٩ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ شوّال ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الميزانية العامة الجديدة بين البُعدين الاقتصادي والاجتماعي

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الاثنين ٠٧ أبريل ٢٠٢٥ - 02:00

تأتي‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬التي‭ ‬صادق‭ ‬عليها‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬بموجب‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ ‬11‭ ‬لسنة‭ ‬2025‭ ‬لاعتمادها‭ ‬للعامين‭ ‬2025‭ ‬و2026،‭ ‬بعد‭ ‬موافقة‭ ‬مجلسي‭ ‬الشورى‭ ‬والنواب؛‭ ‬ضمن‭ ‬إطار‭ ‬‮«‬رؤية‭ ‬البحرين‭ ‬الاقتصادية‭ ‬2030‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬برامج‭ ‬خطة‭ ‬التعافي‭ ‬الاقتصادي‭ ‬2022‭-‬2026،‭ ‬بما‭ ‬يعزز‭ ‬مسار‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬مع‭ ‬ضمان‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬المالي‭.‬

وكان‭ ‬العنوان‭ ‬الأبرز‭ ‬لهذه‭ ‬الميزانية‭ ‬هو‭ ‬المواطن‭ ‬أولاً،‭ ‬وجاء‭ ‬إقرارها‭ ‬بعد‭ ‬مناقشات‭ ‬مستفيضة‭ ‬بين‭ ‬السلطتين‭ ‬التشريعية‭ ‬والتنفيذية‭ ‬بدأت‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬2024،‭ ‬واستمرت‭ ‬حتى‭ ‬مارس‭ ‬2025،‭ ‬وجاء‭ ‬هذا‭ ‬الإقرار‭ ‬معبرا‭ ‬عن‭ ‬توافق‭ ‬السلطتين‭ ‬على‭ ‬المبادئ‭ ‬الحاكمة‭ ‬لبنود‭ ‬الميزانية‭ ‬وتفصيلاتها،‭ ‬وشملت‭ ‬هذه‭ ‬المبادئ‭ ‬عدم‭ ‬رفع‭ ‬نسبة‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة،‭ ‬وإضافة‭ ‬الزيادة‭ ‬السنوية‭ ‬للمتقاعدين‭ ‬بالإبقاء‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬علاوة‭ ‬تحسين‭ ‬المعيشة‭ ‬للمتقاعدين‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إضافتها‭ ‬في‭ ‬ميزانية‭ ‬2023‭ ‬و2024،‭ ‬ورفع‭ ‬مبلغ‭ ‬علاوة‭ ‬تحسين‭ ‬المعيشة‭ ‬للمتقاعدين‭ ‬في‭ ‬الميزانية‭ ‬الجديدة‭. ‬فيما‭ ‬شهدت‭ ‬أيضا‭ ‬تخصيص‭ ‬أضخم‭ ‬موازنة‭ ‬للدعم‭ ‬الحكومي‭ ‬المباشر،‭ ‬بلغت‭ ‬نحو‭ ‬1.6‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬بحريني،‭ ‬بزيادة‭ ‬بلغت‭ ‬58%‭ ‬عن‭ ‬الميزانية‭ ‬السابقة‭ ‬2023‭ ‬و2024،‭ ‬والتي‭ ‬كان‭ ‬مبلغ‭ ‬الدعم‭ ‬فيها‭ ‬قرابة‭ ‬المليار‭ ‬دينار‭.‬

وفي‭ ‬هذه‭ ‬الميزانية،‭ ‬حظي‭ ‬قطاع‭ ‬الإسكان‭ ‬بأكبر‭ ‬تمويل‭ ‬في‭ ‬تاريخه،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تخصيص‭ ‬800‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬منها‭ ‬396‭.‬3‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬لعام‭ ‬2025،‭ ‬و399‭.‬9‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬لعام‭ ‬2026؛‭ ‬بهدف‭ ‬تعزيز‭ ‬الخدمات‭ ‬الإسكانية‭ ‬للمواطنين،‭ ‬وتقليص‭ ‬قوائم‭ ‬الانتظار،‭ ‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬فورية‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الخدمة‭ ‬الإسكانية‭. ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬الشراكة‭ ‬مع‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬وتخفيف‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬بنود‭ ‬الإنفاق‭ ‬في‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة،‭ ‬تساهم‭ ‬الميزانية‭ ‬بمبلغ‭ ‬160‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬التمويل،‭ ‬بينما‭ ‬يسهم‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬برنامج‭ ‬الدعم‭ ‬الخليجي،‭ ‬وبنك‭ ‬الإسكان‭ ‬بـ‭ ‬636‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭. ‬ويأتي‭ ‬هذا‭ ‬التمويل‭ ‬الضخم‭ ‬لتمكين‭ ‬‮«‬وزارة‭ ‬الإسكان‭ ‬والتخطيط‭ ‬العمراني‮»‬،‭ ‬من‭ ‬تنفيذ‭ ‬3754‭ ‬وحدة‭ ‬سكنية‭ ‬في‭ ‬مدن‭ (‬سلمان،‭ ‬والحد،‭ ‬وسترة،‭ ‬وخليفة‭)‬،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬المحرق،‭ ‬وأعمال‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬والخدمات‭ ‬ذات‭ ‬الأولوية‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬الإسكانية‭. ‬كما‭ ‬يدعم‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬حقوق‭ ‬تطوير‭ ‬الأراضي‮»‬،‭ ‬عبر‭ ‬تنفيذ‭ ‬11‭ ‬مشروعًا‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المحافظات،‭ ‬بإجمالي‭ ‬4123‭ ‬وحدة‭ ‬قابلة‭ ‬للزيادة‭. ‬وفي‭ ‬سياق‭ ‬تعزيز‭ ‬الخدمات‭ ‬الإسكانية‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬الحكومة،‭ ‬خصصت‭ ‬الميزانية‭ ‬107‭ ‬ملايين‭ ‬دينار‭ ‬لعلاوة‭ ‬الإسكان،‭ ‬و8‭ ‬ملايين‭ ‬دينار‭ ‬لتخفيض‭ ‬الأقساط‭ ‬الإسكانية،‭ ‬بما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬جودة‭ ‬الحياة‭ ‬للمواطنين،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الاستقرار‭ ‬السكني‭.‬

وارتباطًا‭ ‬بالتطوير‭ ‬العمراني‭ ‬والتوسع‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬يأتي‭ ‬الإنفاق‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬واستدامة‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬حيث‭ ‬خصصت‭ ‬له‭ ‬الميزانية‭ ‬364‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬بزيادة‭ ‬بلغت‭ ‬96%‭ ‬عن‭ ‬ميزانية‭ ‬2023‭ ‬و2024،‭ ‬ويأتي‭ ‬ذلك‭ ‬لتنفيذ‭ ‬ثمانية‭ ‬مشاريع‭ ‬استراتيجية،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬الجسر‭ ‬الرابع‭ ‬الرابط‭ ‬بين‭ ‬المحرق‭ ‬والمنامة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬توسعة‭ ‬وتطوير‭ ‬شوارع‭ ‬رئيسية،‭ ‬بما‭ ‬يكفل‭ ‬سهولة‭ ‬الحركة‭ ‬المرورية،‭ ‬ومشروعات‭ ‬الصرف‭ ‬الصحي،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬هدف‭ ‬100%‭ ‬اتصال‭ ‬العقارات‭ ‬بشبكة‭ ‬الصرف‭ ‬الصحي،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬مشروعات‭ ‬البلديات‭ ‬والزراعة‭ ‬في‭ ‬إنشاء،‭ ‬وإعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬الحدائق‭ ‬والمماشي‭ ‬والسواحل‭ ‬العامة‭ ‬والأسواق،‭ ‬كما‭ ‬يشمل‭ ‬تطوير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬المباني‭ ‬التعليمية‭ ‬بعدد‭ ‬5‭ ‬مدارس‭ ‬و4‭ ‬مبان‭ ‬أكاديمية،‭ ‬وصيانة‭ ‬80‭ ‬مدرسة‭ ‬والتوسع‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الدمج‭ ‬بعدد‭ ‬13‭ ‬صفا‭ ‬إضافيا‭.‬

ولم‭ ‬يكن‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬برامج‭ ‬الإسكان‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الذي‭ ‬يتواكب‭ ‬مع‭ ‬المبادرة‭ ‬الملكية‭ ‬الأخيرة‭ ‬لتنفيذ‭ ‬50‭ ‬ألف‭ ‬وحدة‭ ‬سكانية‭ ‬في‭ ‬أقصر‭ ‬مدة‭ ‬ممكنة،‭ ‬هو‭ ‬الوحيد‭ ‬في‭ ‬برامج‭ ‬الحماية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬تتكفل‭ ‬بها‭ ‬الحكومة،‭ ‬فضمن‭ ‬بنود‭ ‬الدعم‭ ‬الحكومي‭ ‬المباشر‭ ‬جاءت‭ ‬الميزانية‭ ‬الجديدة‭ ‬بمبادرة‭ ‬جديدة،‭ ‬هي‭ ‬استحداث‭ ‬حساب‭ ‬خاص،‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ ‬‮«‬حساب‭ ‬المواطن‮»‬،‭ ‬خصصت‭ ‬له‭ ‬312‭.‬6‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬للسنة‭ ‬الأولى،‭ ‬و311‭.‬6‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬للسنة‭ ‬الثانية،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬إعطاء‭ ‬الحكومة‭ ‬المرونة‭ ‬الكافية‭ ‬للتدخل‭ ‬الطارئ‭ ‬دعمًا‭ ‬للمواطن‭ ‬البحريني‭. ‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬زادت‭ ‬مخصصات‭ ‬علاوة‭ ‬تحسين‭ ‬مستوى‭ ‬المعيشة‭ ‬زيادة‭ ‬كبيرة‭ ‬بقيمة‭ ‬241‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬عن‭ ‬2023‭ ‬و2024،‭ ‬ليبلغ‭ ‬إجمالي‭ ‬المبالغ‭ ‬المرصودة‭ ‬لهذا‭ ‬البند‭ ‬596‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬وفي‭ ‬باب‭ ‬الدعم‭ ‬المباشر‭ -‬فضلاً‭ ‬عما‭ ‬ذكرناه‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬علاوة‭ ‬السكن‭- ‬وفرت‭ ‬الميزانية‭ ‬32‭.‬4‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬لدعم‭ ‬الإعانات‭ ‬الغذائية،‭ ‬وفي‭ ‬حال‭ ‬تعديل‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬المدعومة‭ ‬أثناء‭ ‬دورة‭ ‬الميزانية‭ ‬يتم‭ ‬دعم‭ ‬ذوي‭ ‬الدخل‭ ‬المحدود‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬بمبلغ‭ ‬نقدي‭ ‬مباشر،‭ ‬كما‭ ‬خصصت‭ ‬الميزانية‭ ‬44‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬للضمان‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬و45‭.‬4‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬للصندوق‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الوطني‭.‬

وفي‭ ‬مجال‭ ‬التعليم،‭ ‬اتجهت‭ ‬الميزانية‭ ‬لدعم‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬بالكفاءات‭ ‬البحرينية،‭ ‬وتطوير‭ ‬المناهج‭ ‬الدراسية،‭ ‬والتوسع‭ ‬في‭ ‬الخدمات‭ ‬التعليمية،‭ ‬ومواصلة‭ ‬تنفيذ‭ ‬مشاريع‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬التي‭ ‬تشمل‭ ‬إنشاء‭ ‬مدارس‭ ‬جديدة‭ ‬تخدم‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬الإسكانية‭ ‬الجديدة،‭ ‬وتطوير‭ ‬وإعادة‭ ‬افتتاح‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المدارس‭ ‬التاريخية،‭ ‬وإنشاء‭ ‬مباني‭ ‬أكاديمية‭ ‬في‭ ‬المدارس،‭ ‬وخصصت‭ ‬الميزانية‭ ‬60‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬لدعم‭ ‬جامعة‭ ‬البحرين،‭ ‬و9‭.‬5‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬لكلية‭ ‬البحرين‭ ‬للمعلمين‭ ‬لزيادة‭ ‬طاقتها‭ ‬الاستيعابية‭ ‬بنسبة‭ ‬20%،‭ ‬دعمًا‭ ‬للميدان‭ ‬التربوي‭ ‬بكفاءات‭ ‬بحرينية،‭ ‬هذا‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تخصيص‭ ‬38‭.‬6‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬لبوليتيكنيك‭ ‬البحرين،‭ ‬وفي‭ ‬قطاع‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬استهدفت‭ ‬الميزانية‭ ‬تحسين‭ ‬جودة‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬للمواطنين‭ ‬والمقيمين،‭ ‬بتمويل‭ ‬وبرامج‭ ‬ومشاريع‭ ‬القطاع‭ ‬الصحي‭ ‬بـ‭ ‬688‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬بحريني‭.‬

وفيما‭ ‬أكدت‭ ‬رؤية‭ ‬البحرين‭ ‬الاقتصادية‭ ‬2030،‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬توفير‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬واعدة‭ ‬للمواطنين،‭ ‬وضمنت‭ ‬خطة‭ ‬التعافي‭ ‬الاقتصادي‭ ‬هذا‭ ‬الهدف،‭ ‬فإن‭ ‬مشاريع‭ ‬وبرامج‭ ‬‮«‬وزارة‭ ‬العمل‮»‬،‭ ‬للميزانية‭ ‬الجديدة‭ ‬2025‭ ‬و2026،‭ ‬تسعى‭ ‬لتوظيف‭ ‬25‭ ‬ألف‭ ‬بحريني‭ ‬سنويًا‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬8‭ ‬آلاف‭ ‬داخلين‭ ‬جدد‭ ‬لسوق‭ ‬العمل،‭ ‬وإنشاء‭ ‬فرق‭ ‬تسويق‭ ‬لرفد‭ ‬بنك‭ ‬الشواغر‭ ‬بوظائف‭ ‬نوعية،‭ ‬لاستمرار‭ ‬توفير‭ ‬الوظائف‭ ‬الملائمة‭ ‬للباحثين‭ ‬عن‭ ‬عمل،‭ ‬وإنشاء‭ ‬منصة‭ ‬لتوفير‭ ‬فرص‭ ‬الترقي‭ ‬للعمالة‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬تسهل‭ ‬الراغبين‭ ‬في‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬بما‭ ‬يفسح‭ ‬المجال‭ ‬لغيرهم‭ ‬لشغل‭ ‬الشواغر‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬أظهرت‭ ‬معدلات‭ ‬أجور‭ ‬البحرينيين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ -‬وهي‭ ‬مدعومة‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭- ‬ارتفاعًا‭ ‬بمعدل‭ ‬124%‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2005‭ ‬و2024،‭ ‬من‭ ‬متوسط‭ ‬381‭ ‬دينارا‭ ‬إلى‭ ‬متوسط‭ ‬853‭ ‬دينارا‭ ‬شهريًا،‭ ‬كما‭ ‬تضمنت‭ ‬برامج‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬تدريب‭ ‬15‭ ‬ألف‭ ‬بحريني‭ ‬سنويًا،‭ ‬وإطلاق‭ ‬منصة‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬التدريب‭ ‬في‭ ‬2026،‭ ‬فيما‭ ‬تؤكد‭ ‬مكان‭ ‬المواطن‭ ‬البحريني‭ ‬كخيار‭ ‬أفضل‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬وتدعم‭ ‬توظيف‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬كما‭ ‬تدعم‭ ‬توظيف‭ ‬المعاقين‭ ‬فيه،‭ ‬وتستمر‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الحوافز‭ ‬والدعم‭ ‬للقطاع‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬البحرنة،‭ ‬فيما‭ ‬يتجه‭ ‬صندوق‭ ‬العمل‭ ‬تمكين‭ ‬في‭ ‬2025‭ ‬و2026‭ ‬إلى‭ ‬تخصيص‭ ‬280‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬لتمويل‭ ‬برامج‭ ‬فرص‭ ‬التوظيف‭ ‬والتطور‭ ‬الوظيفي‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬50‭ ‬ألف‭ ‬بحريني‭ ‬سنويًا؛‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التطوير‭ ‬الوظيفي‭ ‬37‭ ‬ألفا،‭ ‬عبر‭ ‬برامج‭ ‬زيادة‭ ‬الأجور،‭ ‬وتوظيف‭ ‬القيادات،‭ ‬والشهادات‭ ‬الاحترافية،‭ ‬والتدريب‭ ‬المتخصص،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬استهداف‭ ‬تطوير‭ ‬9‭ ‬آلاف‭ ‬مؤسسة‭ ‬قطاع‭ ‬خاص‭. ‬

وعلى‭ ‬طريق‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬ولأن‭ ‬ثروة‭ ‬البلاد‭ ‬النفطية‭ ‬في‭ ‬رؤية‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬ليست‭ ‬حكرًا‭ ‬على‭ ‬الجيل‭ ‬الحالي؛‭ ‬فأنشأ‭ ‬من‭ ‬إيراداتها‭ ‬مخصص‭ ‬حساب‭ ‬احتياطي‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭ ‬في‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬للدولة،‭ ‬فقد‭ ‬خصصت‭ ‬له‭ ‬الميزانية‭ ‬الجديدة‭ ‬37‭.‬2‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭.‬

وحظي‭ ‬الإنفاق‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بأولوية‭ ‬في‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة،‭ ‬بهدف‭ ‬تمكين‭ ‬المواطن‭ ‬البحريني‭ ‬من‭ ‬العيش‭ ‬بمستوى‭ ‬حياة‭ ‬كريمة،‭ ‬برغم‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إليه‭ ‬هذا‭ ‬الإنفاق‭ ‬من‭ ‬عجز‭ ‬في‭ ‬الميزانية،‭ ‬فبينما‭ ‬تقدر‭ ‬الإيرادات‭ ‬العامة‭ ‬الإجمالية‭ ‬للميزانية‭ ‬بنحو‭ ‬6‭.‬4‭ ‬مليارات‭ ‬دينار‭ ‬بحريني،‭ ‬تقدر‭ ‬المصروفات‭ ‬الإجمالية‭ ‬بنحو‭ ‬8‭.‬9‭ ‬مليارات‭ ‬دينار،‭ ‬أغلبها‭ ‬مصروفات‭ ‬متكررة‭ (‬نحو‭ ‬8.4‭ ‬مليارات‭ ‬دينار‭)‬،‭ ‬فيما‭ ‬تقدر‭ ‬مصروفات‭ ‬المشاريع‭ ‬بـ‭ ‬550‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬ليكون‭ ‬العجز‭ ‬المقدر‭ ‬في‭ ‬الميزانية‭ ‬نحو‭ ‬2‭.‬5‭ ‬مليار‭ ‬دينار،‭ ‬ويغطى‭ ‬هذا‭ ‬العجز‭ ‬بالاقتراض‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬والصناديق‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬رفع‭ ‬سقف‭ ‬الدين‭ ‬العام‭.‬

وخلال‭ ‬المناقشات‭ ‬مع‭ ‬مجلس‭ ‬النواب،‭ ‬قدمت‭ ‬الحكومة‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬الهادفة‭ ‬إلى‭ ‬تقليص‭ ‬العجز‭ ‬في‭ ‬الميزانية،‭ ‬شملت‭ ‬تعديل‭ ‬أسعار‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬على‭ ‬الشركات‭ ‬والمصانع،‭ ‬وتحرير‭ ‬أسعار‭ ‬الوقود‭ ‬والكهرباء،‭ ‬واستحداث‭ ‬رسوم‭ ‬على‭ ‬الانبعاثات‭ ‬الكربونية‭ ‬للمصانع‭. ‬كما‭ ‬تضمنت‭ ‬زيادة‭ ‬إيرادات‭ ‬ضريبة‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة،‭ ‬ورفع‭ ‬الضرائب‭ ‬الانتقائية‭ ‬على‭ ‬الأغذية‭ ‬غير‭ ‬الصحية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬استحداث‭ ‬رسوم‭ ‬لدعم‭ ‬استدامة‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬كما‭ ‬شملت‭ ‬الإجراءات‭ ‬أيضًا‭ ‬تطبيق‭ ‬نظام‭ ‬الضمان‭ ‬الصحي،‭ ‬مترافقًا‭ ‬مع‭ ‬فرض‭ ‬رسوم‭ ‬على‭ ‬التأمين‭ ‬الصحي‭ ‬والصرف‭ ‬الصحي،‭ ‬مع‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬المساس‭ ‬بالسكن‭ ‬الأول‭ ‬للمواطن،‭ ‬حفاظًا‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬معيشته‭.‬

ويأتي‭ ‬العجز‭ ‬المُقدر‭ ‬في‭ ‬الميزانية‭ ‬نتيجة‭ ‬تقدير‭ ‬سعر‭ ‬برميل‭ ‬النفط‭ ‬عند‭ ‬60‭ ‬دولارا‭ ‬للبرميل،‭ ‬وهو‭ ‬سعر‭ ‬متحفظ،‭ ‬فيما‭ ‬تشير‭ ‬آفاق‭ ‬السوق‭ ‬النفطية‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬الاضطرابات‭ ‬الجيوسياسية،‭ ‬وارتفاع‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬النفط؛‭ ‬إلى‭ ‬إمكانية‭ ‬أن‭ ‬يرتفع‭ ‬هذا‭ ‬السعر،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تقليل‭ ‬العجز،‭ ‬فيما‭ ‬تضمنت‭ ‬مبادئ‭ ‬الميزانية‭ ‬لخفض‭ ‬الإنفاق‭ ‬دون‭ ‬المساس‭ ‬بأولوية‭ ‬المواطن،‭ ‬خفض‭ ‬المصروفات‭ ‬التشغيلية‭ ‬في‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭. ‬

ويستهدف‭ ‬برنامج‭ ‬رفع‭ ‬كفاءة‭ ‬المصروفات‭ ‬المتكررة‭ ‬بالوزارات‭ ‬والجهات‭ ‬الحكومية،‭ ‬خفضها‭ ‬بنسبة‭ ‬5%‭ ‬كحد‭ ‬أدنى،‭ ‬وتعزيز‭ ‬كفاءة‭ ‬ميزانية‭ ‬المشاريع،‭ ‬وضبط‭ ‬المصروفات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالقوى‭ ‬العاملة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬كفاءة‭ ‬وعدالة‭ ‬الدعم‭ ‬الحكومي‭ ‬المباشر‭ ‬لمستحقيه‭ ‬من‭ ‬المواطنين،‭ ‬ومساهمة‭ ‬الشركات‭ ‬العامة‭ ‬المملوكة‭ ‬للحكومة،‭ ‬ومراجعة‭ ‬السلع‭ ‬والخدمات‭ ‬المقدمة‭ ‬للشركات،‭ ‬ومبادرات‭ ‬تنمية‭ ‬الإيرادات‭ ‬الحكومية،‭ ‬ومؤداها‭ ‬تقليل‭ ‬الاقتراض،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬خفض‭ ‬فوائد‭ ‬الدين‭ ‬العام‭ ‬المقدرة‭ ‬بنحو‭ ‬25%‭ ‬من‭ ‬نفقات‭ ‬الميزانية‭.‬

وتُبرز‭ ‬الميزانية‭ ‬الجديدة‭ ‬مدى‭ ‬التقدم‭ ‬الذي‭ ‬أحرزته‭ ‬المملكة‭ ‬في‭ ‬تنويع‭ ‬اقتصادها،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬هذا‭ ‬الاقتصاد‭ ‬اقتصادا‭ ‬ريعيا،‭ ‬فلم‭ ‬تعد‭ ‬الإيرادات‭ ‬النفطية‭ ‬هي‭ ‬المهيمنة‭ ‬على‭ ‬إيرادات‭ ‬الميزانية،‭ ‬حيث‭ ‬قدرت‭ ‬الإيرادات‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭ ‬لعام‭ ‬2025‭ ‬بمبلغ‭ ‬1‭.‬4‭ ‬مليار‭ ‬دينار،‭ ‬ومثلها‭ ‬تقريبًا‭ ‬للإيرادات‭ ‬النفطية‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2026‭ ‬زاد‭ ‬وزن‭ ‬الإيرادات‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭ ‬ليبلغ‭ ‬1‭.‬8‭ ‬مليار‭ ‬دينار،‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬1‭.‬6‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬للإيرادات‭ ‬النفطية،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬تسير‭ ‬بمنهاج‭ ‬واضح‭ ‬على‭ ‬خطى‭ ‬النمو‭ ‬المستدام‭ ‬غير‭ ‬المرتكز‭ ‬على‭ ‬الإيرادات‭ ‬النفطية‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬جاءت‭ ‬الميزانية‭ ‬الجديدة‭ ‬تحقق‭ ‬رضا‭ ‬المواطن‭ ‬البحريني،‭ ‬وتعزز‭ ‬حصوله‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬كريمة،‭ ‬مع‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬تحميله‭ ‬تكاليف‭ ‬إضافية‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬تركيزها‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬قواعد‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية‭ ‬الثلاث‭: ‬التعليم،‭ ‬والصحة،‭ ‬والدخل،‭ ‬جاءت‭ ‬متوازنة،‭ ‬حيث‭ ‬اعتمدت‭ ‬بنسبة‭ ‬50%‭ ‬على‭ ‬الإيرادات‭ ‬غير‭ ‬النفطية،‭ ‬مقابل‭ ‬نسبة‭ ‬مماثلة‭ ‬للإيرادات‭ ‬النفطية،‭ ‬مما‭ ‬يعزز‭ ‬جهود‭ ‬المملكة‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭.‬‮ ‬‭ ‬

ورغم‭ ‬التحديات،‭ ‬لم‭ ‬تلجأ‭ ‬الميزانية‭ ‬إلى‭ ‬إجراءات‭ ‬اقتصادية‭ ‬قاسية‭ ‬بغية‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬الإيرادات‭ ‬والمصروفات،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬البعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬هو‭ ‬الأبرز‭ ‬أثناء‭ ‬إعدادها‭ ‬وإقرارها‭. ‬فيما‭ ‬يقتضي‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستمرارية‭ ‬والاستدامة‭ ‬لهذا‭ ‬النهج‭ ‬تعاونًا‭ ‬وثيقًا‭ ‬بين‭ ‬أضلاع‭ ‬التنمية‭ ‬الثلاثة‭: ‬الحكومة،‭ ‬والقطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬والمجتمع‭ ‬المدني؛‭ ‬لجهة‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬العجز‭ ‬وتقليصه‭ ‬إلى‭ ‬أدنى‭ ‬الحدود‭ ‬الممكنة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا