العدد : ١٧٢٣١ - الثلاثاء ٢٧ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٩ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٣١ - الثلاثاء ٢٧ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٩ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

قراءة في قرارات القمة العربية في بغداد

بقلم: د. نبيل العسومي

الأحد ٢٥ مايو ٢٠٢٥ - 02:00

اختتمت‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬احتضنتها‭ ‬العاصمة‭ ‬العراقية‭ ‬بغداد‭ ‬في‭ ‬دورتها‭ ‬34‭ ‬حيث‭ ‬غاب‭ ‬عنها‭ ‬أغلب‭ ‬القادة‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الأحداث‭ ‬والتحركات‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والتي‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المنطقة‭ ‬قادمة‭ ‬على‭ ‬تغيرات‭ ‬كبيرة‭ ‬بعد‭ ‬تغير‭ ‬الأوضاع‭ ‬والتحالفات‭ ‬وتراجع‭ ‬نفوذ‭ ‬بعض‭ ‬القوى‭ ‬وخصوصا‭ ‬النفوذ‭ ‬الإيراني‭ ‬بعد‭ ‬سقوط‭ ‬نظام‭ ‬بشار‭ ‬الأسد‭ ‬وتعرض‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬لانتكاسات‭ ‬كبيرة‭.‬

انعقدت‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭  ‬بحضور‭ ‬عدد‭ ‬محدود‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬عددهم‭ ‬الخمسة‭ ‬وهي‭ ‬اقل‭ ‬نسبة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬القمم‭ ‬العربية،‭ ‬ما‭ ‬أثر‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬خرجت‭ ‬بها‭ ‬القمة،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬الطموحات‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬عليها‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الهجمة‭ ‬الصهيونية‭ ‬الغاشمة‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬وذلك‭ ‬راجع‭ ‬لعدة‭ ‬أسباب‭ ‬منها‭ ‬تصادف‭ ‬جولة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكية‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬الخليجية‭ ‬مع‭ ‬انعقاد‭ ‬القمة‭ ‬وانشغال‭ ‬القادة‭ ‬في‭ ‬الإعداد‭ ‬لهذه‭ ‬الجولة‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬أثمرت‭ ‬نتائج‭ ‬أعطت‭ ‬دفعة‭ ‬قوية‭ ‬للعلاقات‭ ‬الخليجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التصريحات‭ ‬الإيجابية‭ ‬التي‭ ‬أدلى‭ ‬بها‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬خلال‭ ‬الزيارة‭ ‬والتي‭ ‬منها‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬رفع‭ ‬العقوبات‭ ‬عن‭ ‬سوريا‭ ‬والتي‭ ‬انهكت‭ ‬الاقتصاد‭ ‬السوري‭ ‬وأثرت‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬السوري‭.‬

من‭ ‬جانب‭ ‬اخر،‭ ‬انعكست‭ ‬زيارة‭ ‬إسماعيل‭ ‬قاآني‭ ‬قائد‭ ‬فيلق‭ ‬القدس‭ ‬لبغداد‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬انعقاد‭ ‬القمة‭ ‬على‭ ‬الأجواء،‭ ‬ما‭ ‬أعطى‭ ‬رسالة‭ ‬سلبية‭ ‬تؤكد‭ ‬التأثير‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬القرار‭ ‬السياسي‭ ‬السيادي‭ ‬العراقي‭ ‬وإن‭ ‬إيران‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬القرار‭ ‬السياسي‭ ‬للعراق‭ ‬رغم‭ ‬محاولات‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬العراقي‭ ‬محمد‭ ‬شياع‭ ‬السوداني‭ ‬تأكيد‭ ‬انفتاح‭ ‬العراق‭ ‬على‭ ‬محيطه‭ ‬العربي‭ ‬والخليجي‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬المحاولات‭ ‬لم‭ ‬تقنع‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬العرب‭ ‬لحضور‭ ‬القمة‭.‬

ومن‭ ‬الأسباب‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬حالت‭ ‬دون‭ ‬حضور‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬العرب‭ ‬تأثير‭ ‬الفصائل‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬على‭ ‬القرار‭ ‬السياسي‭ ‬التي‭ ‬دعت‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬استقبال‭ ‬بعض‭ ‬القادة‭ ‬العرب‭ ‬وخصوصا‭ ‬الرئيس‭ ‬السوري‭ ‬أحمد‭ ‬الشرع‭ ‬وما‭ ‬تم‭ ‬تداوله‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬التي‭  ‬كانت‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬رفض‭ ‬انعقاد‭ ‬القمة‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬وكذلك‭ ‬قرار‭ ‬المحكمة‭ ‬الاتحادية‭ ‬العراقية‭ ‬إلغاء‭ ‬اتفاقية‭ ‬تنظيم‭ ‬الملاحة‭ ‬في‭ ‬خور‭ ‬عبدالله‭ ‬مع‭ ‬دولة‭ ‬الكويت،‭ ‬ولذلك‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬القمة‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬مستويات‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬وإن‭ ‬قراراتها‭ ‬وتوصياتها‭ ‬لن‭ ‬تلبي‭ ‬أولويات‭ ‬العرب‭ ‬الوطنية‭ ‬وعليه‭ ‬فقط‭ ‬خرجت‭ ‬القمة‭ ‬بقرارات‭ ‬وتوصيات‭ ‬صيغت‭ ‬بأسلوب‭ ‬إنشائي‭ ‬وظهرت‭ ‬كتوصيات‭ ‬شكلية‭ ‬سيكون‭ ‬مكانها‭ ‬مخازن‭ ‬ورفوف‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬ومصيرها‭ ‬النسيان‭.‬

ومن‭ ‬ابرز‭ ‬الملفات‭ ‬التي‭ ‬ناقشتها‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬ملف‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تواصل‭ ‬الغارات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الهمجية‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬وما‭ ‬يتعرض‭ ‬له‭ ‬أخوتنا‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬من‭ ‬حصار‭ ‬ظالم‭ ‬ومنع‭ ‬المساعدات‭ ‬الغذائية‭ ‬والإنسانية‭ ‬والأدوية‭ ‬عن‭ ‬القطاع‭ ‬وهدم‭ ‬المدارس‭ ‬والمستشفيات‭ ‬وتدمير‭ ‬البنية‭ ‬التحية‭ ‬رغم‭ ‬هشاشتها‭ ‬وقتل‭ ‬وقمع‭ ‬وتخريب‭ ‬وتهديم‭ ‬والتنديد‭ ‬بمحاولات‭ ‬إسرائيل‭ ‬تهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬دعوة‭ ‬للمجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬لتحمل‭ ‬مسؤولياته‭ ‬القانونية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬تجاه‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬عبر‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬لوقف‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬تشنها‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬ودعم‭ ‬المرحلة‭ ‬الانتقالية‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬بمساندة‭ ‬القيادة‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬لتثبيت‭ ‬النظام‭ ‬وتعزيز‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬مكونات‭ ‬المجتمع‭ ‬السوري‭ ‬وفتح‭ ‬صفحة‭ ‬جديدة‭ ‬مع‭ ‬العرب‭ ‬لتعود‭ ‬سوريا‭ ‬إلى‭ ‬حضنها‭ ‬العربي‭ ‬بعد‭ ‬تراجع‭ ‬النفود‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬القطر‭ ‬السوري‭.‬

كذلك‭ ‬اكدت‭ ‬قرارات‭ ‬القمة‭  ‬ضرورة‭ ‬دعم‭ ‬لبنان‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬أمنه‭ ‬واستقراره‭ ‬ووحدة‭ ‬أراضيه‭ ‬وحماية‭ ‬حدوده‭ ‬المعترف‭ ‬بها‭ ‬دوليا‭ ‬ودعم‭ ‬اليمن‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬سيادته‭ ‬ووحدته‭ ‬ودعم‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬تبذل‭ ‬لإنهاء‭ ‬حالة‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬اليمن‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬لمعاناة‭ ‬الشعب‭ ‬اليمني‭ ‬الشقيق‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إيجاد‭ ‬الحلول‭ ‬عبر‭ ‬الحوار‭ ‬الداخلي‭ ‬تشارك‭ ‬فيه‭ ‬مختلف‭ ‬القوى‭ ‬الفاعلة‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية‭ ‬اليمنية،‭ ‬وأيضا‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬إيجاد‭ ‬حل‭ ‬سياسي‭ ‬للصراع‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬للمحافظة‭ ‬على‭ ‬سيادة‭ ‬ووحدة‭ ‬التراب‭ ‬السوداني‭ ‬ودعم‭ ‬ليبيا‭ ‬لحل‭ ‬الأزمة‭ ‬عبر‭ ‬الحوار‭ ‬الوطني‭ ‬الشامل‭ ‬تشارك‭ ‬فيه‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬لتحقيق‭ ‬طموحات‭ ‬الشعب‭ ‬الليبي‭ ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الخلافات‭ ‬والصراعات‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا