اختتمت القمة العربية التي احتضنتها العاصمة العراقية بغداد في دورتها 34 حيث غاب عنها أغلب القادة العرب في ظل الأحداث والتحركات التي يشهدها الشرق الأوسط والتي تشير إلى أن المنطقة قادمة على تغيرات كبيرة بعد تغير الأوضاع والتحالفات وتراجع نفوذ بعض القوى وخصوصا النفوذ الإيراني بعد سقوط نظام بشار الأسد وتعرض حزب الله في لبنان لانتكاسات كبيرة.
انعقدت القمة العربية بحضور عدد محدود جدا من القادة لا يتجاوز عددهم الخمسة وهي اقل نسبة في تاريخ القمم العربية، ما أثر سلبا على القرارات التي خرجت بها القمة، حيث لم تكن في مستوى الطموحات التي عقدت عليها أو في مستوى التحديات التي تواجه المنطقة في ظل الهجمة الصهيونية الغاشمة على قطاع غزة، وذلك راجع لعدة أسباب منها تصادف جولة الرئيس الأمريكية دونالد ترامب الخليجية مع انعقاد القمة وانشغال القادة في الإعداد لهذه الجولة التاريخية التي أثمرت نتائج أعطت دفعة قوية للعلاقات الخليجية الأمريكية في ظل التصريحات الإيجابية التي أدلى بها الرئيس ترامب خلال الزيارة والتي منها الموافقة على رفع العقوبات عن سوريا والتي انهكت الاقتصاد السوري وأثرت سلبا على الشعب العربي السوري.
من جانب اخر، انعكست زيارة إسماعيل قاآني قائد فيلق القدس لبغداد قبل أيام قليلة من انعقاد القمة على الأجواء، ما أعطى رسالة سلبية تؤكد التأثير الإيراني في القرار السياسي السيادي العراقي وإن إيران لا تزال تتحكم في القرار السياسي للعراق رغم محاولات رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني تأكيد انفتاح العراق على محيطه العربي والخليجي إلا أن تلك المحاولات لم تقنع عددا من القادة العرب لحضور القمة.
ومن الأسباب الأخرى التي حالت دون حضور العديد من القادة العرب تأثير الفصائل المسلحة في العراق على القرار السياسي التي دعت إلى عدم استقبال بعض القادة العرب وخصوصا الرئيس السوري أحمد الشرع وما تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي كانت تدعو إلى رفض انعقاد القمة في العراق، وكذلك قرار المحكمة الاتحادية العراقية إلغاء اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبدالله مع دولة الكويت، ولذلك كان من الواضح أن القمة لن تكون في مستويات التحديات التي تواجهها المنطقة العربية وإن قراراتها وتوصياتها لن تلبي أولويات العرب الوطنية وعليه فقط خرجت القمة بقرارات وتوصيات صيغت بأسلوب إنشائي وظهرت كتوصيات شكلية سيكون مكانها مخازن ورفوف جامعة الدول العربية ومصيرها النسيان.
ومن ابرز الملفات التي ناقشتها القمة العربية ملف الحرب على غزة في ظل تواصل الغارات الإسرائيلية الهمجية على قطاع غزة وما يتعرض له أخوتنا الفلسطينيون من حصار ظالم ومنع المساعدات الغذائية والإنسانية والأدوية عن القطاع وهدم المدارس والمستشفيات وتدمير البنية التحية رغم هشاشتها وقتل وقمع وتخريب وتهديم والتنديد بمحاولات إسرائيل تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة.
وفي ضوء ذلك كانت هناك دعوة للمجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه ما يجري في غزة عبر الضغط على الكيان الصهيوني لوقف حرب الإبادة التي تشنها على غزة، ودعم المرحلة الانتقالية في سوريا بمساندة القيادة الجديدة في سوريا لتثبيت النظام وتعزيز العلاقة بين مختلف مكونات المجتمع السوري وفتح صفحة جديدة مع العرب لتعود سوريا إلى حضنها العربي بعد تراجع النفود الإيراني في القطر السوري.
كذلك اكدت قرارات القمة ضرورة دعم لبنان للحفاظ على أمنه واستقراره ووحدة أراضيه وحماية حدوده المعترف بها دوليا ودعم اليمن للحفاظ على سيادته ووحدته ودعم الجهود التي تبذل لإنهاء حالة الحرب التي يعيشها اليمن منذ أكثر من عشر سنوات لوضع حد لمعاناة الشعب اليمني الشقيق من خلال إيجاد الحلول عبر الحوار الداخلي تشارك فيه مختلف القوى الفاعلة على الساحة السياسية اليمنية، وأيضا الدعوة إلى إيجاد حل سياسي للصراع في السودان للمحافظة على سيادة ووحدة التراب السوداني ودعم ليبيا لحل الأزمة عبر الحوار الوطني الشامل تشارك فيه جميع الأطراف لتحقيق طموحات الشعب الليبي في الأمن والاستقرار بعد سنوات من الخلافات والصراعات.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك