العدد : ١٧١٧٤ - الاثنين ٣١ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٧٤ - الاثنين ٣١ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ شوّال ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

سياسات ترامب تجاه الفلسطينيين.. بين التطهير العرقي وقمع الحريات

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الخميس ٢٧ مارس ٢٠٢٥ - 02:00

 

منذ‭ ‬توليه‭ ‬الرئاسة،‭ ‬عمل‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬على‭ ‬نزع‭ ‬الطابع‭ ‬الإنساني‭ ‬عن‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬حيث‭ ‬طرح‭ ‬مرارًا‭ ‬مقترحات‭ ‬لترحيل‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬قسرًا‭ ‬من‭ ‬غزة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬وصفته‭ ‬‮«‬الأمم‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬و«منظمات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‮»‬،‭ ‬والخبراء،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬تطهير‭ ‬عرقي‮»‬،‭ ‬لذلك،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مفاجئًا‭ ‬أن‭ ‬يعتبر‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬فلسطيني‮»‬،‭ ‬بمثابة‭ ‬إهانة‭ ‬يوجهها‭ ‬لخصومه‭ ‬السياسيين‭. ‬

وفي‭ ‬12‭ ‬مارس‭ ‬2025،‭ ‬خلال‭ ‬مؤتمر‭ ‬صحفي‭ ‬في‭ ‬المكتب‭ ‬البيضاوي،‭ ‬ادعى‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تشاك‭ ‬شومر‮»‬،‭ ‬زعيم‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ،‭ ‬‮«‬أصبح‭ ‬فلسطينيا‮»‬،‭ ‬بعدما‭ ‬‮«‬كان‭ ‬يهوديًا‮»‬،‭ ‬وهذه‭ ‬التصريحات‭ ‬تندرج‭ ‬ضمن‭ ‬خطاب‭ ‬تمييزي‭ ‬يستخدمه‭ ‬ضد‭ ‬معارضيه،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬ضد‭ ‬‮«‬شومر‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬آخرين‭ ‬محاولا‭ ‬تشويه‭ ‬سمعتهم‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬ربطهم‭ ‬بالفلسطينيين‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬لائق‭.‬

وبشكل‭ ‬واضح،‭ ‬ظهرت‭ ‬هذه‭ ‬اللغة‭ ‬التحريضية‭ ‬في‭ ‬سياساته‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬وصفه‭ ‬‮«‬إيثان‭ ‬ماير‭-‬ريتش‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المركز‭ ‬العربي‭ ‬واشنطن‭ ‬دي‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬بـ«حملة‭ ‬القمع‮»‬،‭ ‬ضد‭ ‬النشاط‭ ‬المؤيد‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬الأكاديمية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬والتي‭ ‬تزايدت‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭ ‬منذ‭ ‬عودته‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬ومن‭ ‬أبرز‭ ‬الأمثلة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬تعرض‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الطلاب‭ ‬المتظاهرين‭ ‬المؤيدين‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬كولومبيا‮»‬،‭ ‬للطرد‭ ‬والتعليق‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مسؤولي‭ ‬الجامعة‭ ‬تحت‭ ‬ضغط‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭. ‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬سعي‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬لترويج‭ ‬اتهامات‭ ‬لا‭ ‬أساس‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬الصحة‭ ‬بمعاداة‭ ‬السامية،‭ ‬كذريعة‭ ‬لقمع‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الداعمة‭ ‬لحقوق‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬والمُعارِضة‭ ‬لحرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬عرقلة‭ ‬وصول‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬إلى‭ ‬القطاع؛‭ ‬ندد‭ ‬‮«‬برايان‭ ‬هاوس‮»‬،‭ ‬المحامي‭ ‬في‭ ‬‮«‬الاتحاد‭ ‬الأمريكي‭ ‬للحريات‭ ‬المدنية‮»‬،‭ ‬بما‭ ‬وصفه‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬محاولة‭ ‬مباشرة‭ ‬لوأد‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‮»‬،‭ ‬معتبرًا‭ ‬ذلك‭ ‬انتهاكًا‭ ‬للقيم‭ ‬التي‭ ‬تزعم‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الالتزام‭ ‬بها،‭ ‬كما‭ ‬أثار‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬تصاعد‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬والعنف‭ ‬ضد‭ ‬الأصوات‭ ‬المعارضة‭ ‬لسياسات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

وقد‭ ‬قوبلت‭ ‬محاولات‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬لاستخدام‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬فلسطيني‮»‬،‭ ‬كإهانة‭ ‬للأمريكيين‭ ‬المعارضين‭ ‬لسياساته‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بإدانة‭ ‬واسعة،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وصف‭ ‬‮«‬شومر‮»‬،‭ ‬بـ«الفلسطيني‮»‬،‭ ‬خلال‭ ‬استقباله‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإيرلندي،‭ ‬‮«‬مايكل‭ ‬مارتن‮»‬،‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬هذه‭ ‬الواقعة‭ ‬استثناءً،‭ ‬بل‭ ‬جاءت‭ ‬ضمن‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬التصريحات‭ ‬المسيئة‭ ‬التي‭ ‬استهدفت‭ ‬معارضيه‭.‬

وأشار‭ ‬‮«‬أندرو‭ ‬فاينبرغ‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الإندبندنت‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ترامب،‭ ‬أثناء‭ ‬رده‭ ‬على‭ ‬سؤال‭ ‬حول‭ ‬التخفيضات‭ ‬الضريبية،‭ ‬انتقل‭ ‬بشكل‭ ‬مفاجئ‭ ‬إلى‭ ‬انتقاد‭ ‬أعضاء‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬في‭ ‬الكونجرس‭ ‬لعدم‭ ‬وقوفهم‭ ‬والتصفيق‭ ‬له‭ ‬خلال‭ ‬خطاب‭ ‬حالة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الذي‭ ‬ألقاه‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭. ‬وبعد‭ ‬ذلك،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬مبرر‭ ‬واضح،‭ ‬وصف‭ ‬‮«‬شومر‮»‬،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬فلسطيني‮»‬،‭ ‬مضيفًا‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يهوديًا،‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬فلسطينيًا‮»‬‭.‬

ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬شومر‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬وُلد‭ ‬وعاش‭ ‬معظم‭ ‬حياته‭ ‬في‭ ‬نيويورك،‭ ‬كان‭ ‬دائمًا‭ ‬مدافعًا‭ ‬قويًا‭ ‬عن‭ ‬إسرائيل‭. ‬وعلق‭ ‬‮«‬فاينبرغ‮»‬‭ ‬على‭ ‬تصريحات‭ ‬ترامب،‭ ‬معتبرًا‭ ‬أنها‭ ‬محاولة‭ ‬‮«‬لإعادة‭ ‬تعريف‮»‬‭ ‬العِرق‭ ‬الفلسطيني‭ ‬كإهانة،‭ ‬وهو‭ ‬نهج‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬استخدمه‭ ‬في‭ ‬مناسبات‭ ‬سابقة‭. ‬ففي‭ ‬يوليو‭ ‬2024،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬رفض‭ ‬‮«‬شومر‮»‬،‭ ‬مصافحة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬‮«‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬حينها‭ ‬متهمًا‭ ‬بارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬لم‭ ‬يكتفِ‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬بوصفه‭ ‬بـ‮«‬الفلسطيني‮»‬،‭ ‬بل‭ ‬زعم‭ ‬أيضًا‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬عضو‭ ‬فخور‭ ‬في‭ ‬حماس‮»‬،‭ ‬خلال‭ ‬تجمع‭ ‬انتخابي‭ ‬رئاسي‭. ‬

وفي‭ ‬فبراير‭ ‬2025،‭ ‬وبعد‭ ‬عودته‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬كتب‭ ‬على‭ ‬منصته‭ ‬الاجتماعية‭ ‬‮«‬تروث‭ ‬سوشيال‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬مثل‭ ‬شومر،‭ ‬‮«‬سيحظون‭ ‬بفرصة‭ ‬للسعادة‭ ‬والأمان‭ ‬والحرية‮»‬،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬خطته‭ ‬للمنطقة،‭ ‬وهي‭ ‬التصريحات‭ ‬التي‭ ‬لاقت‭ ‬انتقادات‭ ‬واسعة‭. ‬ووصف‭ ‬‮«‬ستيف‭ ‬بينين‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬إم‭ ‬إس‭ ‬إن‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات،‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬خطاب‭ ‬قبيح‭ ‬ومسيء‭ ‬حتى‭ ‬بمعايير‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هجومه‭ ‬على‭ ‬‮«‬شومر‮»‬،‭ ‬يزداد‭ ‬حدة،‭ ‬وإساءة‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭. ‬وأدان‭ ‬‮«‬نهاد‭ ‬عوض‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬العلاقات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الإسلامية‮»‬،‭ ‬‮«‬كير‮»‬،‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬باعتبارها‭ ‬‮«‬ازدراءً‭ ‬وإهانة‭ ‬للفلسطينيين‮»‬،‭ ‬وطالبه‭ ‬بالاعتذار‭ ‬للشعبين‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والأمريكي‭ ‬عن‭ ‬تحريضه‭ ‬على‭ ‬العنف‭.‬

ومن‭ ‬اللافت‭ ‬للنظر‭ ‬أن‭ ‬شخصيات‭ ‬يهودية‭ ‬بارزة‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬أعربت‭ ‬عن‭ ‬رفضها‭ ‬الشديد‭ ‬لتصريحات‭ ‬ترامب‭. ‬ووصفت‭ ‬‮«‬هالي‭ ‬سويفر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الديمقراطي‭ ‬اليهودي‭ ‬الأمريكي‮»‬،‭ ‬كلماته‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬بغيضة‮»‬،‭ ‬متهمة‭ ‬الإدارة‭ ‬الجمهورية‭ ‬بـ«تعزيز‭ ‬نظريات‭ ‬المؤامرة‭ ‬المعادية‭ ‬للسامية‮»‬،‭ ‬و«تعريض‭ ‬اليهود‭ ‬الأمريكيين‭ ‬للخطر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحالفها‭ ‬مع‭ ‬المتطرفين‭ ‬اليمينيين،‭ ‬كما‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬آمي‭ ‬سبيتالنيك‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬اليهودي‭ ‬للشؤون‭ ‬العامة‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تعليقاته‭ ‬بشأن‭ ‬‮«‬شومر‮»‬،‭ ‬تعكس‭ ‬‮«‬رواية‭ ‬أوسع‮»‬،‭ ‬سعى‭ ‬الرئيس‭ ‬إلى‭ ‬ترسيخها،‭ ‬حيث‭ ‬يصنّف‭ ‬اليهود‭ ‬بين‭ ‬‮«‬صالحين‮»‬‭ ‬يدعمون‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬ويصوتون‭ ‬لها،‭ ‬و«سيئين‮»‬‭ ‬يعارضون‭ ‬الدمار‭ ‬الذي‭ ‬لحق‭ ‬بالفلسطينيين‭. ‬

وقد‭ ‬تجلى‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬التصعيدي‭ ‬لإدارة‭ ‬ترامب،‭ ‬الذي‭ ‬أعاق‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬حماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سياساتها‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬ماير‭-‬ريتش‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬جعل‭ ‬‮«‬قمع‭ ‬النشاط‭ ‬المؤيد‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬أولوية‮»‬،‭ ‬عبر‭ ‬حملة‭ ‬مكثفة‭ ‬شملت‭ ‬الترهيب‭ ‬والاعتقالات‭ ‬ومحاولات‭ ‬الترحيل‭. ‬

ومع‭ ‬تصاعد‭ ‬احتجاجات‭ ‬الطلاب‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الجامعات‭ ‬والكليات‭ ‬الأمريكية‭ ‬خلال‭ ‬صيف‭ ‬2024،‭ ‬والتي‭ ‬عبّرت‭ ‬عن‭ ‬تعاطفها‭ ‬مع‭ ‬الضحايا‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬نتيجة‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬واحتلالها‭ ‬البري‭ ‬لغزة،‭ ‬تعهّد‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬باتباع‭ ‬سياسة‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬التسامح‭ ‬مطلقًا‮»‬‭ ‬تجاهها،‭ ‬واصفًا‭ ‬المظاهرات‭ ‬المناهضة‭ ‬للحرب‭ ‬بأنها‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬‮«‬ثورة‭ ‬راديكالية‮»‬‭. ‬وخلال‭ ‬لقاء‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المانحين‭ ‬الجمهوريين‭ -‬ومعظمهم‭ ‬من‭ ‬اليهود‭ - ‬في‭ ‬27‭ ‬مايو‭ ‬2024،‭ ‬أعلن‭ ‬عزمه‭ ‬قمع‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬المؤيدة‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬الأمريكية‭ ‬إذا‭ ‬عاد‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬كما‭ ‬وعد‭ ‬بإعادة‭ ‬الحركة‭ ‬الاحتجاجية‭ ‬الداعمة‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬قبل‭ ‬25‭ ‬أو‭ ‬30‭ ‬عامًا‮»‬،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬قدّموا‭ ‬الدعم‭ ‬اللازم‭ ‬له‭ ‬للتغلب‭ ‬على‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬نوفمبر‭ ‬الرئاسية‭.‬

ومنذ‭ ‬عودته‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬بدأ‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬تهديداته‭. ‬وفي‭ ‬29‭ ‬يناير‭ ‬2025،‭ ‬أصدر‭ ‬‮«‬أمرًا‭ ‬تنفيذيًا‮»‬،‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬‮«‬خطوات‭ ‬قوية‭ ‬وغير‭ ‬مسبوقة‮»‬،‭ ‬لمواجهة‭ ‬انتشار‭ ‬معاداة‭ ‬السامية‭ ‬في‭ ‬‮«‬جامعاتنا‭ ‬وشوارعنا‮»‬،‭ ‬ويشمل‭ ‬تعريفًا‭ ‬شاملاً‭ ‬لها‭ ‬يتضمن‭ ‬انتقاد‭ ‬إسرائيل،‭ ‬كما‭ ‬يتيح‭ ‬ترحيل‭ ‬الأجانب،‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬الطلاب،‭ ‬الذين‭ ‬يشاركون‭ ‬في‭ ‬احتجاجات‭ ‬مؤيدة‭ ‬لفلسطين‭ ‬أو‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭. ‬وفي‭ ‬3‭ ‬فبراير،‭ ‬أعلنت‭ ‬‮«‬وزارة‭ ‬العدل‮»‬،‭ ‬تشكيل‭ ‬فرقة‭ ‬عمل‭ ‬متعددة‭ ‬الوكالات‭ ‬لمكافحة‭ ‬المضايقات‭ ‬المعادية‭ ‬للسامية‭ ‬في‭ ‬‮«‬المدارس‭ ‬والحرم‭ ‬الجامعي‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬7‭ ‬أكتوبر،‭ ‬أعلنت‭ ‬المدعية‭ ‬العامة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬‮«‬بام‭ ‬بوندي‮»‬،‭ ‬تأسيس‭ ‬فريق‭ ‬عمل‭ ‬مشترك‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬مكافحة‭ ‬تمويل‭ ‬الإرهاب،‭ ‬والجرائم‭ ‬المعادية‭ ‬للسامية،‭ ‬وانتهاكات‭ ‬الحقوق‭ ‬المدنية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬ماير‭-‬ريتش‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الطلاب‭ ‬المتظاهرين‭ ‬الذين‭ ‬تم‭ ‬استهدافهم‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬كانوا‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬منتقدي‭ ‬السياسات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬والتي‭ ‬تدعم‭ ‬سياسات‭ ‬إسرائيل‭ ‬المتطرفة‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬هؤلاء،‭ ‬كان‭ ‬‮«‬محمود‭ ‬خليل‮»‬،‭ ‬طالب‭ ‬الدراسات‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬كولومبيا،‭ ‬الذي‭ ‬اعتُقل‭ ‬في‭ ‬8‭ ‬مارس‭ ‬2025،‭ ‬بأمر‭ ‬من‭ ‬‮«‬وزارة‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬ألغت‭ ‬إقامته‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬قانونية،‭ ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬احتجازه‭ ‬في‭ ‬نيويورك،‭ ‬تم‭ ‬نقله‭ ‬إلى‭ ‬ولاية‭ ‬لويزيانا،‭ ‬التي‭ ‬تبعد‭ ‬نحو1400‭ ‬ميل‭. ‬وأوضحت‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬سكاي‭ ‬نيوز‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لم‭ ‬تُوجّه‭ ‬إليه‭ ‬أي‭ ‬تهمة‮»‬،‭ ‬بينما‭ ‬صرّح‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬‮«‬ماركو‭ ‬روبيو‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬وجود‭ ‬الطلاب‭ ‬المتظاهرين‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قد‭ ‬يحمل‭ ‬‮«‬عواقب‭ ‬وخيمة‮»‬،‭ ‬على‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يحدد‭ ‬ماهية‭ ‬هذه‭ ‬العواقب‭ ‬بشكل‭ ‬دقيق‭.‬

من‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬تفاخر‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬احتجاز‭ ‬‮«‬خليل‮»‬،‭ ‬ومحاولة‭ ‬ترحيله‭ ‬كان‭ ‬‮«‬الأول‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬العديد‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬القادمة‮»‬،‭ ‬موجّهًا‭ ‬اتهامات‭ -‬دون‭ ‬أي‭ ‬دليل‭ - ‬للمتظاهرين‭ ‬المؤيدين‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬بأنهم‭ ‬‮«‬مؤيدون‭ ‬للإرهاب،‭ ‬ومعادون‭ ‬للسامية،‭ ‬ومعادون‭ ‬لأمريكا‮»‬،‭ ‬و«محرضون‭ ‬مدفوعون‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬حكومات‭ ‬أجنبية‮»‬‭.‬

‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬وسّع‭ ‬نطاق‭ ‬قمع‭ ‬الأصوات‭ ‬الطلابية‭ ‬والأكاديمية‭ ‬المعارضة،‭ ‬متجاوزًا‭ ‬حدود‭ ‬السياسة‭ ‬الحكومية،‭ ‬حيث‭ ‬طالب‭ ‬‮«‬كل‭ ‬كلية‭ ‬وجامعة‮»‬،‭ ‬بالامتثال‭ ‬لإجراءات‭ ‬قد‭ ‬تشمل‭ ‬‮«‬طرد،‭ ‬أو‭ ‬احتجاز‭ ‬الطلاب‭ ‬المؤيدين‭ ‬للفلسطينيين‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬هذا‭ ‬التوجه،‭ ‬أوقفت‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬كولومبيا‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2025‭ ‬أو‭ ‬طردت‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬الطلاب‭ ‬الذين‭ ‬عبّروا‭ ‬عن‭ ‬دعمهم‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬يُرجَّح‭ ‬أنها‭ ‬جاءت‭ ‬تحت‭ ‬ضغط‭ ‬إدارته،‭ ‬التي‭ ‬حجبت‭ ‬400‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬التمويل‭ ‬الفيدرالي‭ ‬عن‭ ‬الجامعة‭.‬

وأشار‭ ‬‮«‬جيمس‭ ‬ماثيوز‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬سكاي‭ ‬نيوز‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قضية‭ ‬‮«‬خليل‮»‬،‭ ‬أصبحت‭ ‬الآن‭ ‬‮«‬اختبارًا‭ ‬للتسامح‭ ‬الأمريكي‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الناشط‭ ‬الطلابي‭ ‬المؤيد‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬يمثل‭ ‬‮«‬المقياس‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬ستضع‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬دساتير‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬‮«‬نهاية‮»‬‭ ‬للحق‭ ‬في‭ ‬حرية‭ ‬التعبير،‭ ‬مضيفًا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬مصير‮»‬‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الطلاب‭ ‬الآخرين‭ ‬الذين‭ ‬انضموا‭ ‬إلى‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬إدانتهم‭ ‬للسياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬سيعتمد‭ ‬الآن‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬نتيجة‭ ‬قضية‭ ‬خليل‭.‬

‭ ‬وبالتوازي‭ ‬مع‭ ‬سياسة‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬لقمع‭ ‬النشاط‭ ‬المؤيد‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬تتزايد‭ ‬جهود‭ ‬‮«‬الكونجرس‮»‬‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭. ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬طالبت‭ ‬‮«‬لجنة‭ ‬التعليم‭ ‬والقوى‭ ‬العاملة‮»‬،‭ ‬في‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬النواب‮»‬،‭ ‬إدارة‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬كولومبيا‮»‬،‭ ‬بتقديم‭ ‬السجلات‭ ‬التأديبية‭ ‬للطلاب‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬المظاهرات‭ ‬المؤيدة‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬مهددةً‭ ‬بفرض‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الخسائر‭ ‬في‭ ‬التمويل‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬الامتثال،‭ ‬وهو‭ ‬الإجراء‭ ‬الذي‭ ‬استنكرته‭ ‬المحامية‭ ‬‮«‬إيمي‭ ‬جرير‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬دراتيل‭ ‬ولويس‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬‮«‬خليل‮»‬،‭ ‬معتبرةً‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬استغلال‭ ‬‮«‬لتهديدات‭ ‬مزعومة‭ ‬بمعاداة‭ ‬السامية‭ ‬لمهاجمة‭ ‬الأفكار‭ ‬التي‭ ‬يعارضها‭ ‬الجمهوريون‭ ‬‮«‬أيديولوجيًا‮»‬،‭ ‬بل‭ ‬يشكل‭ ‬أيضًا‭ ‬‮«‬سابقة‭ ‬خطيرة‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬تقوّض‭ ‬‮«‬الحرية‭ ‬الأكاديمية‭ ‬وخصوصية‭ ‬الطلاب‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

وعليه،‭ ‬خلص‭ ‬‮«‬ماير‭-‬ريتش‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الهجوم‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬تشنه‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬النشاط‭ ‬المؤيد‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬‮«‬يخلق‭ ‬سابقة‭ ‬خطيرة‭ ‬تهدد‭ ‬الحريات‭ ‬المدنية‭ ‬المحمية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬‭. ‬وعندما‭ ‬يُقترن‭ ‬ذلك‭ ‬بالخطاب‭ ‬التحريضي‭ ‬الذي‭ ‬يتبناه‭ ‬ترامب،‭ ‬مثل‭ ‬محاولة‭ ‬استخدام‭ ‬صفة‭ ‬‮«‬مؤيد‭ ‬للفلسطينيين‮»‬،‭ ‬كإهانة‭ ‬موجهة‭ ‬ضد‭ ‬خصومه‭ ‬السياسيين،‭ ‬فإنه‭ ‬يكشف‭ ‬بوضوح‭ ‬‮«‬الدوافع‭ ‬الأيديولوجية‮»‬،‭ ‬وراء‭ ‬محاولات‭ ‬نزع‭ ‬الصفة‭ ‬الإنسانية‭ ‬عن‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وتهميش‭ ‬حقوقهم‭ ‬ضمن‭ ‬قرارات‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا