العدد : ١٧١٧٥ - الثلاثاء ٠١ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٧٥ - الثلاثاء ٠١ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ شوّال ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مع عودة العدوان الإسرائيلي.. ملاحظات وتساؤلات

بقلم: د. زياد بهاء الدين {

الأحد ٣٠ مارس ٢٠٢٥ - 02:00

لماذا‭ ‬عادت‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬قصف‭ ‬غزة‭ ‬وأهلها‭ ‬بهذا‭ ‬العنف‭ ‬وهذه‭ ‬الضراوة،‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬العالم‭ ‬يترقب‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬ثانية‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تسوية‭ ‬أكثر‭ ‬استقرارًا؟

المبرر‭ ‬الذي‭ ‬قدمته‭ ‬إسرائيل‭ ‬هو‭ ‬إخلال‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬بالتزامها‭ ‬بإطلاق‭ ‬سراح‭ ‬الأسرى‭ ‬وعدم‭ ‬احترام‭ ‬شروط‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭. ‬وهذا‭ ‬غير‭ ‬صحيح،‭ ‬لأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬عطّلت‭ ‬استمرار‭ ‬وتطوير‭ ‬المسار‭ ‬الدبلوماسي،‭ ‬وكان‭ ‬قرارها‭ ‬بوقف‭ ‬دخول‭ ‬الدعم‭ ‬الإنساني‭ ‬إلى‭ ‬غزة‭ ‬منذ‭ ‬أسبوعين‭ ‬إعلانًا‭ ‬صريحًا‭ ‬بأنها‭ ‬تنوى‭ ‬التصعيد‭ ‬لا‭ ‬التهدئة‭.‬

إذًا،‭ ‬فما‭ ‬سبب‭ ‬استئناف‭ ‬العدوان؟

الإجابة‭ ‬عندي‭ ‬واضحة‭ ‬وبسيطة‭.. ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬منتصرة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الجبهات،‭ ‬وقد‭ ‬وجدت‭ ‬في‭ ‬الظروف‭ ‬الراهنة‭ ‬ما‭ ‬يتيح‭ ‬لها‭ ‬ذلك‭.‬

والذي‭ ‬أقصده‭ ‬بجميع‭ ‬الجبهات‭ ‬أن‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لا‭ ‬يكفيه‭ ‬استرداد‭ ‬الأسرى،‭ ‬ولا‭ ‬تدمير‭ ‬غزة‭ ‬وقتل‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬وتشريد‭ ‬سكان‭ ‬القطاع،‭ ‬ولا‭ ‬ما‭ ‬أصاب‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬من‭ ‬خسائر‭ ‬فادحة‭ ‬في‭ ‬الأفراد‭ ‬والقيادات‭ ‬والمعدات‭. ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يكفي،‭ ‬لأنه‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬جبهات‭ ‬أخرى‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يكسبها‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يوقف‭ ‬العدوان‭:‬

أولها‭: ‬تحقيق‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يزعم‭ ‬أنه‭ ‬القضاء‭ ‬التام‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ (‬وهو‭ ‬معيار‭ ‬صعب‭ ‬التحقيق‭)‬،‭ ‬وثانيها‭: ‬تعطيل‭ ‬أي‭ ‬تحرك‭ ‬عربي‭ ‬أو‭ ‬دولي‭ ‬بديل‭ ‬عن‭ ‬خطة‭ ‬تهجير‭ ‬أهل‭ ‬غزة‭ ‬قسرًا‭ ‬أو‭ ‬طوعًا،‭ ‬وثالثها‭: ‬استعادة‭ ‬مكانة‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الغربي،‭ ‬الذى‭ ‬تأثر‭ ‬بمظاهرات‭ ‬وحركات‭ ‬التضامن‭ ‬في‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬طوال‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬ورابعها‭: ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬تماسك‭ ‬كتلته‭ ‬البرلمانية‭ ‬ودعم‭ ‬أحزاب‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬استشرافًا‭ ‬لأية‭ ‬انتخابات‭ ‬مقبلة‭. ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬المكاسب‭ ‬التي‭ ‬يسعى‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬إلى‭ ‬تحقيقها‭ ‬قبل‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬مفاوضات‭ ‬جديدة‭.‬

إذًا،‭ ‬لماذا‭ ‬التوقيت‭ ‬الراهن؟

هناك‭ ‬عدة‭ ‬أسباب‭ ‬متداخلة‭ ‬جعلت‭ ‬التحرك‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬يحدث‭ ‬الآن‭: ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬أن‭ ‬إعلان‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬وإدارته‭ ‬والكونجرس،‭ ‬الذي‭ ‬يسيطر‭ ‬عليه،‭ ‬انحيازهم‭ ‬التام‭ ‬للجانب‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬قد‭ ‬أزاح‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والاعتدال‭ ‬التي‭ ‬حاول‭ ‬الرئيس‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬وحكومته‭ ‬أن‭ ‬يظهرا‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬رئاسته‭.‬

‭ ‬كذلك‭ ‬فإن‭ ‬تغير‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وإلقاء‭ ‬المسؤولية‭ ‬العسكرية‭ ‬والتمويلية‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬ضمن‭ ‬لإسرائيل‭ ‬خروج‭ ‬الطرف‭ ‬الأوروبي‭ ‬من‭ ‬المشهد‭ ‬الشرق‭ ‬أوسطى،‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬وقوف‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬مع‭ ‬الحق‭ ‬الفلسطيني‭. ‬حتى‭ ‬المظاهرات‭ ‬والاحتجاجات‭ ‬الشبابية‭ ‬خفتت‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬بذات‭ ‬العنفوان‭ ‬والظهور‭ ‬الإعلامي‭.‬

يضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬نشرته‭ ‬الصحف‭ ‬الأجنبية‭ ‬من‭ ‬استغلال‭ ‬إسرائيل‭ ‬لهدنة‭ ‬الأسابيع‭ ‬الأخيرة‭ ‬لإعادة‭ ‬تسليح‭ ‬جيشها‭ ‬بالمعدات‭ ‬والذخيرة،‭ ‬التي‭ ‬سمحت‭ ‬بها‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الجديدة،‭ ‬وإعادة‭ ‬ترتيب‭ ‬قواتها‭ ‬وقياداتها‭.‬

‭ ‬وأخيرًا،‭ ‬فإن‭ ‬عدم‭ ‬استقامة‭ ‬الصف‭ ‬العربي‭ ‬كاملًا‭ ‬وبالقوة‭ ‬الكافية‭ ‬وراء‭ ‬موقف‭ ‬واحد‭ (‬ما‭ ‬عدا‭ ‬رفض‭ ‬التهجير‭ ‬الفلسطيني‭) ‬بعث‭ ‬رسالة‭ ‬واضحة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬عن‭ ‬حدود‭ ‬التضامن‭ ‬العربي‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وعدم‭ ‬تجاوزه‭ ‬للخطوط‭ ‬المتعارف‭ ‬عليها‭.‬

لكل‭ ‬ما‭ ‬سبق،‭ ‬فإن‭ ‬إسرائيل‭ ‬وجدت‭ ‬الوقت‭ ‬مناسبًا‭ ‬لاستئناف‭ ‬العدوان‭ ‬واستكمال‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬قد‭ ‬تحققت‭ ‬بعد،‭ ‬سواء‭ ‬ميدانيًا‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬أم‭ ‬سياسيًا‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية‭ ‬أم‭ ‬داخليًا‭ ‬لإعادة‭ ‬ضم‭ ‬المعسكر‭ ‬اليميني‭ ‬وراء‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالية‭. ‬وهذه‭ ‬‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ليست‭ ‬النهاية،‭ ‬بل‭ ‬بداية‭ ‬تصعيد‭ ‬جديد،‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يعلم‭ ‬إلى‭ ‬متى‭ ‬يستمر،‭ ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يضع‭ ‬له‭ ‬حدًا‭.‬

{ خبير‭ ‬قانوني‭ ‬واقتصادي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا