العدد : ١٧١٧٤ - الاثنين ٣١ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٧٤ - الاثنين ٣١ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ شوّال ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

غموض إدارة ترامب في التعامل مع الملف النووي الإيراني

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الأربعاء ٢٦ مارس ٢٠٢٥ - 02:00

خلال‭ ‬الأسابيع‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬رئاسة‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬الثانية‭ ‬طغى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬على‭ ‬أبرز‭ ‬قراراته‭ ‬الخارجية‭. ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬ما‭ ‬وصفه‭ ‬‮«‬برايان‭ ‬كاتوليس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬بـ«عملية‭ ‬ارتجال‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬أيّد‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬مليوني‭ ‬فلسطيني‭ ‬لتسهيل‭ ‬إعادة‭ ‬إعمار‭ ‬غزة،‭ ‬باعتبارها‭ ‬‮«‬ريفييرا‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬واستفاد‭ ‬من‭ ‬موضع‭ ‬السعودية‭ ‬الصاعد،‭ ‬كوسيط‭ ‬في‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية‭ ‬لمحاولة‭ ‬التفاوض‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬المستعرة‭ ‬منذ‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا‭.‬

ومنذ‭ ‬يناير‭ ‬2025،‭ ‬أظهرت‭ ‬إدارته‭ ‬نهجًا‭ ‬أقل‭ ‬تشددًا‭ ‬في‭ ‬سياساتها‭ ‬تجاه‭ ‬إيران،‭ ‬وبرنامجها‭ ‬النووي‭. ‬وبينما‭ ‬اعتبر‭ ‬‮«‬كاتوليس‮»‬‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يزال‭ ‬التحدي‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الأكبر‭ ‬الذي‭ ‬تواجهه‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الإدارة‭ ‬الجمهورية‮»‬،‭ ‬تفتقر‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬بوصلة‭ ‬استراتيجية‭ ‬واضحة‮»‬،‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬القضية،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬إرسال‭ ‬‮«‬رسائل‭ ‬متضاربة‮»‬‭.‬

في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬يواصل‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬تقدمه‭. ‬وبينما‭ ‬كان‭ ‬‮«‬الاتفاق‭ ‬النووي‮»‬،‭ ‬المعروف‭ ‬بـ‮«‬خطة‭ ‬العمل‭ ‬الشاملة‭ ‬المشتركة‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬انسحب‭ ‬منه‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬في‭ ‬2018،‭ ‬يفرض‭ ‬قيودًا‭ ‬على‭ ‬تخصيب‭ ‬اليورانيوم‭ ‬عند‭ ‬مستوى‭ ‬3‭.‬67%،‭ ‬فإن‭ ‬أحدث‭ ‬تقارير‭ ‬‮«‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‮»‬‭ ‬تكشف‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬تمتلك‭ ‬نحو‭ ‬275‭ ‬كجم‭ ‬من‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المخصب‭ ‬بنسبة‭ ‬60%،‭ ‬وهي‭ ‬كمية‭ ‬تكفي‭ ‬لإنتاج‭ ‬ست‭ ‬قنابل‭ ‬نووية‭ ‬إذا‭ ‬وصلت‭ ‬نسبة‭ ‬التخصيب‭ ‬إلى‭ ‬90%‭. ‬ومع‭ ‬تصاعد‭ ‬خطر‭ ‬توجيه‭ ‬ضربة‭ ‬عسكرية‭ ‬إسرائيلية،‭ ‬أوضحت‭ ‬وسائل‭ ‬إعلام‭ ‬غربية‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬تكثف‭ ‬جهودها‭ ‬لتعزيز‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬أسلحة‭ ‬نووية‭.‬

وقبل‭ ‬عودته‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬كتب‭ ‬‮«‬جيمس‭ ‬ليندسي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬التزام‭ ‬ترامب‭ ‬بنهجه‭ ‬الثابت‭ ‬في‭ ‬خططه،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬يعتزم‭ ‬إعادة‭ ‬تفعيل‭ ‬حملة‭ ‬‮«‬الضغط‭ ‬الأقصى‮»‬،‭ ‬عبر‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لإجبار‭ ‬طهران‭ ‬على‭ ‬‮«‬الحد‭ ‬من‭ ‬برامجها‭ ‬النووية،‭ ‬والصواريخ‭ ‬الباليستية،‭ ‬وكبح‭ ‬دعمها‭ ‬لوكلائها‭ ‬المسلحين‮»‬‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم،‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬4‭ ‬فبراير‭ ‬2025‭ ‬أمرًا‭ ‬تنفيذيًا،‭ ‬بإعادة‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬‮«‬الضغط‭ ‬الأقصى‮»‬،‭ ‬مستهدفًا‭ ‬خفض‭ ‬صادراتها‭ ‬النفطية‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬الدولية‭ ‬إلى‭ ‬الصفر‭.‬

وأشار‭ ‬‮«‬ليندسي‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حملة‭ ‬‮«‬الضغط‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬ضيّقت‭ ‬الخناق‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الإيراني‮»‬،‭ ‬وزادت‭ ‬الضغوط‭ ‬المحلية‭ ‬والدولية‭ ‬على‭ ‬كبار‭ ‬مسؤوليها‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬أخفقت‮»‬‭ ‬في‭ ‬إجبارها‭ ‬على‭ ‬التفاوض‭ ‬على‭ ‬اتفاق‭ ‬نووي‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬موقف‭ ‬ضعف‭. ‬لذلك،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬كاتوليس‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬أبدى‭ ‬أيضًا‭ ‬رغبته‭ ‬في‭ ‬‮«‬استكشاف‭ ‬سبل‭ ‬لإجراء‭ ‬محادثات‭ ‬مع‭ ‬طهران‮»‬،‭ ‬بشأن‭ ‬الانتشار‭ ‬النووي‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬مستندًا‭ ‬إلى‭ ‬النهج‭ ‬التقليدي‭ ‬لترامب‭ ‬الذي‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬الإطراء‭ ‬والتهديدات‭ ‬الصريحة‭.‬

وخلال‭ ‬ولايته‭ ‬الثانية‭ ‬شدد‭ ‬مستشاره‭ ‬للأمن‭ ‬القومي،‭ ‬‮«‬مايك‭ ‬والتز‮»‬،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬جميع‭ ‬الخيارات‭ ‬مطروحة‮»‬،‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لن‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬مفاوضات‭ ‬مع‭ ‬طهران‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬توافق‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬‮«‬التخلي‭ ‬الكامل‭ ‬عن‭ ‬برنامجها‭ ‬ووقف‭ ‬ألاعيبها‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬مارس‭ ‬2025،‭ ‬أشار‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬وجود‭ ‬خيارين‭ ‬للتعامل‭ ‬معها‮»‬؛‭ ‬إما‭ ‬‮«‬التدخل‭ ‬العسكري‮»‬،‭ ‬وإما‭ ‬‮«‬إبرام‭ ‬صفقة‮»‬،‭ ‬مشددًا‭ ‬على‭ ‬عزمه‭ ‬‮«‬إتمام‭ ‬صفقة‭ ‬كبيرة‮»‬،‭ ‬لكنها‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬وفق‭ ‬شروط‭ ‬‮«‬خطة‭ ‬العمل‭ ‬الشاملة‭ ‬المشتركة‮»‬،‭ ‬معتبرًا‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬الصفقة‭ ‬قصيرة‭ ‬الأجل‮»‬‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬حاسمة‭ ‬بالشكل‭ ‬الكافي،‭ ‬ولا‭ ‬تلبّي‭ ‬تطلعات‭ ‬واشنطن‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬كاتوليس‮»‬‭ ‬أن‭ ‬إرسال‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬ترامب‮»‬‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬طهران‭ ‬تتضمن‭ ‬مقترحًا‭ ‬بإجراء‭ ‬مفاوضات‭ ‬حول‭ ‬مستقبل‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭ ‬عبر‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬‮«‬تحركات‭ ‬جيوسياسية‭ ‬أوسع‮»‬،‭ ‬و«قد‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬الديناميكيات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الإقليمية‮»‬‭. ‬وأوضح‭ ‬‮«‬باراك‭ ‬رافيد‮»‬،‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬أكسيوس‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الرسالة‭ ‬نُقلت‭ ‬إلى‭ ‬الإيرانيين‭ ‬عبر‭ ‬اجتماع‭ ‬‮«‬ستيف‭ ‬ويتكوف‮»‬،‭ ‬مبعوث‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬مع‭ ‬قادة‭ ‬إماراتيين،‭ ‬الذين‭ ‬بدورهم‭ ‬أوصلوها‭ ‬إلى‭ ‬طهران‭. ‬ووفقًا‭ ‬لترامب‭ ‬نفسه،‭ ‬عبّرت‭ ‬الرسالة‭ ‬عن‭ ‬‮«‬أمله‮»‬‭ ‬أن‭ ‬يوافق‭ ‬المسؤولون‭ ‬الإيرانيون‭ ‬على‭ ‬محادثات‭ ‬جديدة‭ ‬بشأن‭ ‬الاتفاق،‭ ‬محذرًا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬التدخل‭ ‬العسكري،‭ ‬إن‭ ‬حدث،‭ ‬سيكون‭ ‬كارثيًا‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬رفض‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬الإيراني‭ ‬‮«‬علي‭ ‬خامنئي‮»‬‭ ‬مقترح‭ ‬ترامب،‭ ‬ووصفه‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬خداع‮»‬،‭ ‬مؤكّدًا‭ ‬للإعلام‭ ‬الغربي‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬قررت‭ ‬طهران‭ ‬تطوير‭ ‬أسلحة‭ ‬نووية‭ ‬‮«‬فلن‭ ‬تتمكن‭ ‬أمريكا‭ ‬من‭ ‬إيقافنا‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬البعثة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الإيرانية‮»‬‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المفاوضات‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬‮«‬محل‭ ‬دراسة‮»‬،‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الهدف‭ ‬منها‭ ‬‮«‬معالجة‭ ‬المخاوف‭ ‬الغربية‭ ‬بشأن‭ ‬احتمال‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬ذا‭ ‬طابع‭ ‬عسكري‮»‬‭.‬

ورغم‭ ‬تأكيد‭ ‬‮«‬جوناثان‭ ‬لورد‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬الأمن‭ ‬الأمريكي‭ ‬الجديد‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬أعلن‭ ‬‮«‬بوضوح‮»‬‭ ‬عن‭ ‬رغبته‭ ‬في‭ ‬عقد‭ ‬اتفاق‭ ‬مع‭ ‬إيران؛‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬تجاهل‭ ‬العوامل‭ ‬العديدة‭ ‬داخل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الضغوط‭ ‬التي‭ ‬يمارسها‭ ‬حلفاؤها‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬على‭ ‬إدارته‭ ‬لدفعها‭ ‬نحو‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬ضد‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‭. ‬ورأى‭ ‬‮«‬جيسون‭ ‬برودسكي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬متحدون‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭ ‬النووية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬و«طهران‮»‬،‭ ‬‮«‬تتجهان‭ ‬حاليًا‭ ‬نحو‭ ‬المواجهة،‭ ‬وليس‭ ‬نحو‭ ‬حل‭ ‬دبلوماسي‮»‬،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأخيرة‭ ‬‮«‬لم‭ ‬تخفف‭ ‬بعد‭ ‬من‭ ‬موقفها‭ ‬بشأن‭ ‬ملفها‭ ‬النووي‮»‬‭. ‬وأكد‭ ‬‮«‬جوليان‭ ‬بورغر‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬‮«‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬تعهد‭ ‬‮«‬بإنهاء‭ ‬مهمة‮»‬‭ ‬تحييد‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬بدعم‭ ‬أمريكي،‭ ‬وأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬جرّ‮»‬‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬نحو‭ ‬توجيه‭ ‬ضربات‭ ‬مستقبلية‭ ‬ضد‭ ‬المواقع‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‭.‬

ومع‭ ‬إشارة‭ ‬‮«‬وكالات‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الأمريكية‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬قد‭ ‬تشنّ‭ ‬ضربة‭ ‬ضد‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬2025،‭ ‬تساءلت‭ ‬‮«‬أريان‭ ‬طباطبائي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬‮«‬راند‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬‮«‬كيفية‭ ‬تأثير‭ ‬الاستفزازات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬تصاعد‭ ‬التوترات‭ ‬داخل‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬بين‭ ‬معسكر‭ ‬‮«‬ضبط‭ ‬النفس‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬هم‭ ‬‮«‬أكثر‭ ‬ميلاً‮»‬‭ ‬لاستخدام‭ ‬القوة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬‮«‬الأيام‭ ‬الأولى‮»‬‭ ‬للإدارة‭ ‬الجديدة‭ ‬لم‭ ‬يتضح‭ ‬بعد‭ ‬‮«‬أي‭ ‬فريق‭ ‬سيحظى‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬النفوذ‭ ‬في‭ ‬العملية،‭ ‬ويتولى‭ ‬زمام‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‮»‬‭. ‬

وسبق‭ ‬أن‭ ‬وجّه‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬تهديدات‭ ‬مبطنة‭ ‬باستخدام‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬عدم‭ ‬موافقتها‭ ‬على‭ ‬التفاوض‭ ‬بشأن‭ ‬اتفاق‭ ‬نووي‭ ‬جديد،‭ ‬ففي‭ ‬7‭ ‬مارس‭ ‬صرّح‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬شيئًا‭ ‬ما‭ ‬سيحدث‭ ‬قريبًا‭ ‬جدًا‮»‬،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬رغم‭ ‬تفضيله‭ ‬‮«‬رؤية‭ ‬اتفاق‭ ‬سلام‮»‬،‭ ‬بديلًا‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الخيار‭ ‬العسكري‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬شدد‭ ‬على‭ ‬فعالية‭ ‬هذا‭ ‬الخيار،‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬‮«‬حل‭ ‬المشكلة‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الضغط،‭ ‬كتبت‭ ‬‮«‬إيف‭ ‬سامبسون‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬انقسام‭ ‬الداخل‭ ‬الإيراني‭ ‬بشأن‭ ‬إمكانية‭ ‬التفاوض‭ ‬مع‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬حول‭ ‬اتفاق‭ ‬نووي‭ ‬جديد،‭ ‬حيث‭ ‬يميل‭ ‬‮«‬القادة‭ ‬المعتدلون‭ ‬والإصلاحيون‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الخيار،‭ ‬بينما‭ ‬رفضه‭ ‬‮«‬خامنئي‮»‬،‭ ‬متسائلًا‭: ‬‮«‬عندما‭ ‬نعلم‭ ‬أنهم‭ ‬لن‭ ‬يحترموه،‭ ‬فما‭ ‬الفائدة‭ ‬من‭ ‬التفاوض؟‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬جون‭ ‬غامبريل‮»‬،‭ ‬و«ويل‭ ‬فايسرت‮»‬،‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬أسوشييتد‭ ‬برس‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬التراجع‭ ‬الكبير‮»‬‭ ‬في‭ ‬قيمة‭ ‬العملة‭ ‬الإيرانية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تفاقم‭ ‬البطالة،‭ ‬ونقص‭ ‬فرص‭ ‬العمل،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬الضربات‭ ‬التي‭ ‬تلقاها‭ ‬ما‭ ‬يُعرف‭ ‬بـ«محور‭ ‬المقاومة‮»‬،‭ ‬بفعل‭ ‬عمليات‭ ‬الاغتيال‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التي‭ ‬استهدفت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬قادته‭.‬

وإدراكًا‭ ‬لنهج‭ ‬ترامب‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬‮«‬التدخل‭ ‬بقوة‮»‬‭ ‬لإبرام‭ ‬صفقة‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة؛‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬أليكس‭ ‬فاتانكا‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الأسلوب‭ ‬‮«‬قد‭ ‬يكون‭ ‬فعالًا‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬أو‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية‮»‬،‭ ‬لكنه‭ ‬أقل‭ ‬احتمالًا‭ ‬للنجاح‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬خامنئي‮»‬‭ ‬يتعامل‭ ‬بحذر‭ ‬بالغ‭ ‬في‭ ‬رده‭ ‬على‭ ‬ترامب،‭ ‬تفاديًا‭ ‬لأي‭ ‬ضرر‭ ‬بصورته‭ ‬الشخصية،‭ ‬وسعيًا‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬مكانته‭ ‬كرمز‭ ‬بارز‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬‮«‬يتحدى‭ ‬الغطرسة‭ ‬الغربية‮»‬‭.‬

وتبرز‭ ‬ديناميكية‭ ‬أخرى‭ ‬مؤثرة،‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬التقارير‭ ‬التي‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬حصول‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬موافقة‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي،‭ ‬‮«‬فلاديمير‭ ‬بوتين‮»‬،‭ ‬للتوسط‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مفاوضات‭ ‬أمريكية‭-‬إيرانية‭ ‬مستقبلية‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬لورد‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬‮«‬التخلي‭ ‬فورًا‮»‬‭ ‬عن‭ ‬‮«‬سعيها‭ ‬غير‭ ‬الحكيم‮»‬،‭ ‬للتعاون‭ ‬مع‭ ‬موسكو‭ ‬بشأن‭ ‬اتفاق‭ ‬نووي‭ ‬إيراني‭ ‬جديد،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬روسيا‭ ‬قوضت‭ ‬المصالح‭ ‬الوطنية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دعم‭ ‬خصومها،‭ ‬ومساعدة‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬برنامجها‭ ‬الصاروخي‭ ‬الباليستي،‭ ‬وانتهاك‭ ‬العقوبات‭ ‬الدولية‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الإيراني‮»‬‭.‬

وكما‭ ‬رأت‭ ‬‮«‬سنام‭ ‬فاكيل‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬ترامب،‭ ‬خلال‭ ‬أول‭ ‬شهرين‭ ‬من‭ ‬ولايته‭ ‬الثانية،‭ ‬‮«‬كبح‭ ‬رغبة‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬ضرب‭ ‬المواقع‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية‮»‬،‭ ‬وأصدر‭ ‬أوامر‭ ‬تنفيذية‭ ‬‮«‬لخفض‭ ‬مبيعات‭ ‬النفط‭ ‬الإيراني‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الإدارة‭ ‬الجمهورية‭ ‬العائدة‭ ‬ستواصل‭ ‬جهودها‭ ‬‮«‬لاستكشاف‭ ‬مدى‭ ‬استعداد‭ ‬طهران‭ ‬للدخول‭ ‬في‭ ‬مفاوضات‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬المستقبل‮»‬‭.‬

ويبقى‭ ‬إرسال‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬إيران‭ ‬عبر‭ ‬الإمارات‭ ‬محاولة‭ ‬لإطلاق‭ ‬جولة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬المفاوضات‭ ‬بشأن‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني،‭ ‬وهي‭ ‬خطوة‭ ‬ربما‭ ‬رفضها‭ ‬خامنئي‭ ‬شخصيًا،‭ ‬لكن‭ ‬النظام‭ ‬عمومًا‭ ‬أظهر‭ ‬‮«‬بعض‭ ‬الانفتاح‭ ‬على‭ ‬المحادثات‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬حث‭ ‬‮«‬كاتوليس‮»‬‭ ‬المراقبين‭ ‬على‭ ‬‮«‬ترقب‭ ‬الأمر‭ ‬بعناية‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬لورد‮»‬‭ ‬أن‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬الاستعانة‭ ‬بدول‭ ‬غربية‭ ‬أخرى‭ ‬‮«‬لجعل‭ ‬حملة‭ ‬الضغط‭ ‬الأقصى‭ ‬جهدًا‭ ‬متعدد‭ ‬الأطراف‮»‬،‭ ‬بحيث‭ ‬يمكن‭ ‬مخاطبة‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬‮«‬موقع‭ ‬قوة‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬أثرت‭ ‬قرارات‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأخرى‭ ‬لترامب‭ ‬سلبًا‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وأدت‭ ‬إلى‭ ‬ضعف‭ ‬التعاون‭ ‬والثقة‭ ‬عبر‭ ‬الأطلسي،‭ ‬ما‭ ‬قلل‭ ‬من‭ ‬احتمالية‭ ‬دعم‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬لأي‭ ‬استراتيجية‭ ‬أمريكية‭ ‬ضد‭ ‬إيران،‭ ‬وخاصة‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬تدخل‭ ‬روسي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا