في 15 مارس 2025، أطلقت البحرين بنجاح إلى الفضاء القمر الصناعي «المنذر»، كأول قمر صناعي بحريني بالكامل على متن صاروخ فالكون 9 من قاعدة فاندنبرغ في كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، «المنذر» هو قمر صناعي نانوي يزن حوالي 3.2 كجم، تم تصميمه وتطويره بأيدٍ بحرينية ويضم أربع حمولات تقنية رئيسية: حمولة الكاميرا الفضائية المتوسطة الدقة لالتقاط صور لمملكة البحرين ومياهها الإقليمية للدراسات البيئية والزراعية ورصد التغيرات العمرانية والمراقبة الساحلية، وحمولة الذكاء الاصطناعي حيث يُعد «المنذر» الأول من نوعه في المنطقة الذي يُحلل الصور الفضائية مباشرة باستخدام الذكاء الاصطناعي مما يُحسّن كفاءة الاتصال بين القمر والمحطة الأرضية، وحمولة الأمن السيبراني الفضائي التي تعزز حماية الاتصالات الفضائية الخاصة بالبحرين وتفتح المجال للمشاركة في مشاريع فضائية دولية، وحمولة نظام الاتصال اللاسلكي لهواة الراديو الذي سيبث رسالة وطنية بصوت جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه باللغتين العربية والإنجليزية موجهة إلى أكثر من ثلاثة ملايين هاوٍ مسجل في الجمعية الدولية لهواة اللاسلكي.
هذا الإنجاز يُبرز التزام البحرين بتعزيز قدراتها في مجال تقنيات الفضاء وتوطين هذه التقنيات مما يفتح آفاقا جديدة للتنمية والابتكار في المملكة، وامتلاك قمر صناعي بتقنيات حديثة يُدخل البحرين نادي الفضاء النخبوي ويفتح لمستقبلها أبوابا هائلة من الإمكانيات، وبهذا الإنجاز أصبحت البحرين مستقلة وغير معتمدة على جهات خارجية للحصول على صور فضائية أو بيانات بيئية، كما يُمكن استخدام القمر الصناعي لمراقبة الحدود البحرية للمملكة ورصد التغيرات الجغرافية وحتى التنبؤ بالكوارث الطبيعية، كذلك «المنذر» سوف يُسهم في الأمن السيبراني والاتصالات المشفرة لمملكة البحرين ولمراقبة الملاحة البحرية والجوية بدقة وجودة عالية خصوصاً في رصد السفن والطائرات في المياه الإقليمية.
ومن مميزات القمر الصناعي البحريني «المنذر» أنه يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل الصور الفضائية مباشرة دون الحاجة إلى إرسالها للأرض مما يُقلل وقت الاستجابة في الحالات الطارئة.
الاستثمار في الفضاء يعني فرصا اقتصادية جديدة في مجال التكنولوجيا والبيانات والاتصالات، ويُعد حافزا لتشجيع الشباب البحريني على الدخول في مجالات الهندسة الفضائية وتطوير تطبيقات معتمدة على الأقمار الصناعية، كما أن امتلاك قمر صناعي يرفع اسم ومكانة البحرين عالمياً ويفتح أبواب التعاون مع وكالات فضائية مثل NASA وESA وحتى الشركات الخاصة مثل SpaceX، ودخول البحرين عالم الفضاء ليس مجرد خطوة تقنية بل هي استثمار في المستقبل يضعها في مقدمة الدول الذكية التي تعتمد على التكنولوجيا لبناء مستقبل أكثر استدامة وقوة، حيث أن اقتصاد الفضاء ينمو بسرعة خيالية وتدفع الدول مبالغ طائلة في هذا المجال فالسوق العالمي لصناعة الفضاء يُقدّر بأكثر من 450 مليار دولار حالياً ومتوقع يتجاوز تريليون دولار بحلول 2040، والشركات مثل SpaceX، Blue Origin، وNASA تضخ مليارات الدولارات في هذا المجال لإيمانها التام بأهميته للمستقبل وانعكاس إيجابياته على كل المجالات.
امتلاك قمر صناعي يقلل الاعتماد على الآخرين، فعملية شراء بيانات فضائية تُكلف الدول عشرات الملايين وامتلاك قمر صناعي خاص يجمع هذه البيانات بشكل مجاني وبخصوصية تامة وحرية تامة يُعد استثمارا مُربحا في الحصول على البيانات التي تدعم قطاع الزراعة والنقل والاتصالات والأمن وتغير المناخ والتغيرات الجغرافية والتخطيط العمراني والبحث العلمي والابتكار والتقنية والتكنولوجيا بمختلف جوانبها، بمعنى آخر جميع قطاعات الدولة سوف تستفيد من ذلك بالإضافة إلى كونه يُعد بوابة للاستقلال الاقتصادي والتقني، والدول التي تستثمر في الفضاء تكون بيئة جاذبة لشركات التقنية الكبرى ويفتح لها فرص بحث وتطوير مع كبرى الجامعات والوكالات الفضائية، والتأخر في دخول سباق عالم الفضاء يفوت علينا فرصا اقتصادية هائلة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك