العدد : ١٧١٦٤ - الجمعة ٢١ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ رمضان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٦٤ - الجمعة ٢١ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ رمضان ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مخاوف أوروبية من سياسات ترامب تجاه أوكرانيا

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الخميس ٢٠ مارس ٢٠٢٥ - 02:00

أسفر‭ ‬اللقاء‭ ‬العاصف‭ ‬بين‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬ونظيره‭ ‬الأوكراني‭ ‬‮«‬فولوديمير‭ ‬زيلينسكي‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬عُقد‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬في‭ ‬28‭ ‬فبراير‭ ‬2025،‭ ‬عن‭ ‬تداعيات‭ ‬مأساوية‭ ‬تعكس‭ ‬آثار‭ ‬الصراع‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬منذ‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭. ‬ووفقًا‭ ‬لخبراء‭ ‬وأكاديميين‭ ‬وسياسيين‭ ‬غربيين؛‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬اللقاء‭ ‬‮«‬سيترك‭ ‬تأثيرًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬ديناميكيات‭ ‬الأمن‭ ‬الأوروبي‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬بات‭ ‬جليًا‭ ‬أن‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬كضامن‭ ‬رئيسي‭ ‬لأمنها‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬خيارًا‭ ‬موثوقًا‭.‬

ووصفت‭ ‬‮«‬سوزان‭ ‬جلاسر‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬نيويوركر‮»‬،‭ ‬المواجهة‭ ‬‮«‬غير‭ ‬العادية‮»‬‭ ‬بين‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬و«زيلينسكي‮»‬،‭ ‬بأنها‭ ‬تمثل‭ ‬‮«‬تحولًا‭ ‬واضحا‮»‬،‭ ‬في‭ ‬استراتيجية‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬تجاه‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ومنافساتها‭ ‬التاريخية‭ ‬مع‭ ‬روسيا،‭ ‬حيث‭ ‬شهد‭ ‬اللقاء‭ ‬اتهام‭ ‬‮«‬جيه‭ ‬دي‭ ‬فانس‮»‬،‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬لزيلينسكي‭ ‬بعدم‭ ‬احترام‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فيما‭ ‬اتهم‭ ‬ترامب‭ ‬الأوكرانيين‭ ‬بـ«المقامرة‭ ‬بملايين‭ ‬الأرواح‮»‬،‭ ‬لرفضهم‭ ‬تقديم‭ ‬تنازلات‭ ‬لروسيا‭ ‬لإنهاء‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية،‭ ‬فيما‭ ‬كان‭ ‬أبرز‭ ‬مظاهر‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬قرار‭ ‬ترامب‭ ‬بتعليق‭ ‬جميع‭ ‬المساعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬لأوكرانيا،‭ ‬ووقف‭ ‬التعاون‭ ‬الاستخباراتي،‭ ‬وطرحه‭ ‬إمكانية‭ ‬عدم‭ ‬نجاة‭ ‬أوكرانيا‭ ‬من‭ ‬الحرب،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬استمرار‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭.‬

وعلى‭ ‬نطاق‭ ‬أوسع،‭ ‬رأى‭ ‬المعلقون‭ ‬الغربيون‭ ‬في‭ ‬تصريحات‭ ‬ترامب‭ ‬وإجراءاته‭ ‬تجاه‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬‮«‬دليلًا‭ ‬قاطعًا‮»‬،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أوروبا‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬السياسي،‭ ‬والدبلوماسي،‭ ‬والاقتصادي،‭ ‬والأمني‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بين‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬،‭ ‬و«روسيا‮»‬‭. ‬وأوضح‭ ‬‮«‬باستيان‭ ‬جيجريتش‮»‬،‭ ‬و«بين‭ ‬شراير‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الدولي‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬أرسل‭ ‬رسالة‭ ‬واضحة‭ ‬مفادها‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لن‭ ‬يدعم‭ ‬الأمن‭ ‬الأوروبي‭ ‬بعد‭ ‬الآن‮»‬‭. ‬من‭ ‬جانبه،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬مايكل‭ ‬ويت‮»‬،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬كينجز‭ ‬كوليدج‭ ‬لندن‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الإدارة‭ ‬الجمهورية‭ ‬أظهرت‭ ‬‮«‬أولوية‭ ‬المصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬التحالفات‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬أوروبا‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬بإمكانها‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الحماية‭ ‬الأمريكية‭. ‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬شركاء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬فإن‭ ‬التحول‭ ‬في‭ ‬علاقاتها‭ ‬الدفاعية‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬مع‭ ‬حلفائها‭ ‬الأوروبيين‭ ‬الأقدم‭ ‬والأكثر‭ ‬ازدهارًا‭ ‬يثير‭ ‬تساؤلات‭ ‬متزايدة‭ ‬بشأن‭ ‬التزامها‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬بأمنهم‭. ‬ومع‭ ‬تركيز‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬المُعلن‭ ‬على‭ ‬المصالح‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬لأمريكا‭ ‬قبل‭ ‬أي‭ ‬اعتبار‭ ‬آخر،‭ ‬فقد‭ ‬بات‭ ‬يُنظر‭ ‬إليها‭ ‬كشريك‭ ‬وحليف‭ ‬يفتقر‭ ‬إلى‭ ‬الموثوقية‭.‬

ورغم‭ ‬اصطفاف‭ ‬معظم‭ ‬الدول‭ ‬غير‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬‮«‬حلف‭ ‬الناتو‮»‬،‭ ‬خلف‭ ‬القضية‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬وتجديد‭ ‬التزاماتها‭ ‬بالدعم‭ ‬طويل‭ ‬الأمد؛‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬شون‭ ‬موناجان‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬القادة‭ ‬الأوروبيين‭ ‬في‭ ‬‮«‬مساندة‭ ‬أوكرانيا‮»‬،‭ ‬و‮«‬استرضاء‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬و«التصدي‭ ‬لبوتين»؛‭ ‬يتطلب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬اجتماعات‭ ‬أزمة‭ ‬وتصريحات‭ ‬حماسية‭. ‬لهذا‭ ‬السبب،‭ ‬بدأت‭ ‬فكرة‭ ‬حقبة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬الأمني‭ ‬الأوروبي‭ ‬تكتسب‭ ‬زخمًا‭ ‬بين‭ ‬المحللين‭ ‬وصانعي‭ ‬السياسات‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يظل‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الواقع،‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬التاريخ‭ ‬الطويل‭ ‬للمحاولات‭ ‬الفاشلة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أمن‭ ‬مشترك‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬ذات‭ ‬احتياجات‭ ‬وإمكانات‭ ‬مالية‭ ‬متفاوتة‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬عودة‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2025،‭ ‬أثارت‭ ‬توقعات‭ ‬بعودة‭ ‬التوتر‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وحلفائها‭ ‬الأوروبيين،‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمسؤوليات‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬القارة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إصراره‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬إنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬يتطلب‭ ‬تسوية‭ ‬تفاوضية‭ ‬مع‭ ‬موسكو؛‭ ‬فإن‭ ‬المؤتمر‭ ‬الصحفي‭ ‬العلني‭ ‬مع‭ ‬زيلينسكي‭ ‬فاجأ‭ ‬المراقبين‭ ‬الأوروبيين‭ ‬بمستويات‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬التوتر‭. ‬وأكدت‭ ‬‮«‬جوديث‭ ‬جوف‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الخلافات‭ ‬في‭ ‬القمم‭ ‬أمر‭ ‬شائع‮»‬،‭ ‬حتى‭ ‬بين‭ ‬الحلفاء،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬‮«‬النادر‭ ‬للغاية‮»‬‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تتجلى‭ ‬هذه‭ ‬الخلافات‮»‬‭ ‬بين‭ ‬زيلينسكي‭ ‬ومضيفيه‭ ‬‮«‬أمام‭ ‬الكاميرات‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬الدرامية‮»‬‭. ‬

ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬وجّه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المحللين‭ ‬انتقادات‭ ‬لتصرفات‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬و«فانس‮»‬،‭ ‬وكبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬تجاه‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬معتبرين‭ ‬أنها‭ ‬تعكس‭ ‬تغييرًا‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭. ‬واتهم‭ ‬‮«‬جيجريتش‮»‬،‭ ‬و«شراير‮»‬،‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بـ«التراجع‭ ‬عن‭ ‬مواقف‭ ‬رئيسية‭ ‬خدمة‭ ‬لمصالح‭ ‬روسيا؛‭ ‬بهدف‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‮»‬،‭ ‬مشيرين‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬تم‭ ‬‮«‬دون‭ ‬مراعاة‭ ‬كافية‭ ‬للأمن‭ ‬الأوروبي‮»‬‭. ‬وأكدت‭ ‬‮«‬كاثرين‭ ‬سبنسر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأطلسي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬مساعي‭ ‬ترامب‭ ‬لإجراء‭ ‬إعادة‭ ‬ضبط‭ ‬جذري‭ ‬للعلاقات‭ ‬مع‭ ‬موسكو‭ ‬أضعفت‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬التحالف‭ ‬عبر‭ ‬الأطلسي‭ ‬بشكل‭ ‬خطير‮»‬‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الأعضاء‭ ‬الأوروبيين‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ (‬الناتو‭)‬،‭ ‬الذين‭ ‬تكبدوا‭ ‬العبء‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬المادي،‭ ‬والمالي‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬منذ‭ ‬فبراير‭ ‬2022‭ -‬بتكلفة‭ ‬بلغت‭ ‬138‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬120‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬إضافية،‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ119‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬قدمتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ - ‬أشار‭ ‬‮«‬موناجان‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الرقم‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬‮«‬غير‭ ‬كافٍ‭ ‬لتلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬أوكرانيا‮»‬،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أوروبا‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬القدرة‭ ‬المالية‭ ‬والصناعية‮»‬‭ ‬لمواصلة‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬من‭ ‬الدعم‭. ‬

في‭ ‬المقابل،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬لورانس‭ ‬فريدمان‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬كينجز‭ ‬كوليدج‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أيًا‭ ‬من‮»‬‭ ‬تصرفات‭ ‬ترامب‭ ‬منذ‭ ‬عودته‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬‮«‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يفاجئ‭ ‬قادة‭ ‬الناتو،‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬إعلانه‭ ‬قبيل‭ ‬عودته‭ ‬عن‭ ‬رغبته‭ ‬في‭ ‬‮«‬إصلاح‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬روسيا‮»‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬رفضه‭ ‬‮«‬لاستغلال‭ ‬أوروبا‭ ‬لبلاده‮»‬،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬القارة‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتوقع‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬إنقاذها‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬الأزمات‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬ستيفن‭ ‬والت‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬عداء‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬تجاه‭ ‬حلفاء‭ ‬بلاده‭ ‬الأوروبيين‭ ‬أصبح‭ ‬جليًا،‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬فيه‭ ‬‮«‬يشجع‭ ‬علنًا‭ ‬القوى‭ ‬غير‭ ‬الليبرالية‭ ‬داخل‭ ‬أوروبا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‮»‬‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬جيجريتش‮»‬،‭ ‬و«شراير‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬النقاشات‭ ‬حول‭ ‬إمكانية‭ ‬‮«‬إصلاح‮»‬‭ ‬العلاقة‭ ‬عبر‭ ‬الأطلسي‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأربع‭ ‬المقبلة‭ ‬ليست‭ ‬سوى‭ ‬‮«‬إلهاءات‮»‬‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭ ‬الأساسي،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬صناع‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬‮«‬يتوقفوا‭ ‬عن‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬خيارات‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬ويحولوا‭ ‬اهتمامهم‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬خياراتهم‭ ‬الخاصة‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يستلزم‭ ‬‮«‬تعزيز‭ ‬القدرة‭ ‬الدفاعية‭ ‬الأوروبية‮»‬،‭ ‬بحيث‭ ‬تصبح‭ ‬القارة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬نفسها‭ ‬تمامًا‭ ‬في‭ ‬المسائل‭ ‬الأمنية‭ ‬والدفاعية‭. ‬

ولتحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف،‭ ‬يجب‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬البريطاني،‭ ‬‮«‬كير‭ ‬ستارمر‮»‬،‭ ‬لرفض‭ ‬ترامب‭ ‬دعم‭ ‬زيلينسكي،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إنشاء‭ ‬‮«‬تحالف‭ ‬الراغبين‮»‬‭ ‬في‭ ‬إنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬وهي‭ ‬المبادرة،‭ ‬التي‭ ‬أُعلنها‭ ‬خلال‭ ‬قمة‭ ‬لندن‭ ‬2025‭ ‬حول‭ ‬أوكرانيا‭ ‬في‭ ‬2‭ ‬مارس‭ ‬2025،‭ ‬بمشاركة‭ ‬دول‭ ‬أوروبية‭ ‬أخرى،‭ ‬مثل‭ ‬فرنسا،‭ ‬وألمانيا،‭ ‬وإيطاليا،‭ ‬وإسبانيا،‭ ‬بهدف‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬أوكرانيا‭ ‬اقتصاديًا‭ ‬وعسكريًا‭. ‬كما‭ ‬أعلنت‭ ‬رئيسة‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية،‭ ‬‮«‬أورسولا‭ ‬فون‭ ‬دير‭ ‬لاين‮»‬،‭ ‬خطة‭ ‬خمسية‭ ‬جديدة‭ ‬لتمويل‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الدفاعية‭ ‬الضخمة‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬جمع‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬660‭ ‬مليار‭ ‬جنيه‭ ‬إسترليني‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بناء‭ ‬ما‭ ‬أسمته‭ ‬أوروبا‭ ‬‮«‬الآمنة‮»‬‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬قادمة‭. ‬

وعليه،‭ ‬تساءل‭ ‬المعلقون‭ ‬الغربيون‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬‮«‬حلف‭ ‬الناتو‮»‬،‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬استقلالية‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬ديناميكيات‭ ‬الأمن‭ ‬والدفاع‭ ‬الإقليمية‭ ‬الخاصة‭ ‬بها،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬واشنطن‭. ‬وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬ألف‭ ‬جندي‭ ‬أمريكي‭ ‬منتشرين‭ ‬حاليًا‭ ‬في‭ ‬قواعد‭ ‬دول‭ ‬الحلف؛‭ ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬ألكسندر‭ ‬بوريلكوف‮»‬،‭ ‬و«جونترام‭ ‬وولف‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬‮«‬بروغل‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬نشر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬جندي‭ ‬أوروبي‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬القواعد،‭ ‬لتحل‭ ‬محل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بالكامل‭ ‬في‭ ‬الأمور‭ ‬الدفاعية،‭ ‬بتكلفة‭ ‬مقدارها‭ ‬250‭ ‬مليار‭ ‬يورو‭ ‬تقريبا‭. ‬

‭  ‬ووفقًا‭ ‬لـ«موناجان‮»‬،‭ ‬ففي‭ ‬‮«‬حال‭ ‬رفع‭ ‬كل‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬ميزانيات‭ ‬الإنفاق‭ ‬الدفاعي‭ ‬بمعدل‭ ‬2-3%‭ ‬من‭ ‬ناتجه‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬القادمة‭ ‬للتحالف‭ ‬في‭ ‬يونيو،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬سيضمن‭ ‬جمع‭ ‬200‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬إضافية‭. ‬وإذا‭ ‬وافق‭ ‬قادة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬على‭ ‬إعفاء‭ ‬الإنفاق‭ ‬الدفاعي‭ ‬من‭ ‬قيود‭ ‬الميزانية‭ ‬الحالية،‭ ‬فقد‭ ‬يصل‭ ‬حجم‭ ‬استثماراتهم‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الدفاعية‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬العِقد‭ ‬المقبل‭.‬

في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬جاستن‭ ‬برونك‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للخدمات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬الجيوش‭ ‬الأوروبية‭ ‬تعتمد‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬مجالات،‭ ‬مثل‭ ‬الاتصالات،‭ ‬والحرب‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬وإعادة‭ ‬الإمداد‭ ‬بالذخائر‭. ‬ووثق‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬ستوكهولم‭ ‬الدولي‭ ‬لأبحاث‭ ‬السلام‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬استحوذت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2019‭ ‬و2023‭ ‬على‭ ‬55%‭ ‬من‭ ‬واردات‭ ‬القارة‭ ‬الدفاعية،‭ ‬بزيادة‭ ‬قدرها‭ ‬20%‭ ‬عن‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس‭ ‬السابقة‭. ‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬شدد‭ ‬‮«‬جيجريتش‮»‬،‭ ‬و«شراير‮»‬،‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬رغم‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬قدمته‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تعويضه‭ ‬بالكامل،‭ ‬فإن‭ ‬الكثير‭ ‬يمكن‭ ‬تعويضه‮»‬،‭ ‬مؤكدين‭ ‬أن‭ ‬الإنفاق‭ ‬الدفاعي‭ ‬الأوروبي‭ ‬المقبل‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يُوجَّه‭ ‬نحو‭ ‬‮«‬سد‭ ‬الفجوات‭ ‬في‭ ‬القدرات‭ ‬الأساسية،‭ ‬وتقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬التكنولوجي‭ ‬الحاسم‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬مجالات،‭ ‬مثل‭ ‬المراقبة‭ ‬والاستطلاع،‭ ‬والاستخبارات‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬والاتصالات‭ ‬عبر‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية،‭ ‬وأنظمة‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬والصاروخي‭ ‬المتكاملة‭. ‬وأكدت‭ ‬‮«‬سيلفيا‭ ‬فايفر‮»‬،‭ ‬و«لوسي‭ ‬فيشر‮»‬،‭ ‬و‮«‬ريتشارد‭ ‬ميلن‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬فاينانشال‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬‮«‬تشعر‭ ‬بالندم‭ ‬بعد‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬شراء‭ ‬الأسلحة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬مما‭ ‬جعلها‭ ‬تعتمد‭ ‬عليها‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‮»‬‭.‬

وإلى‭ ‬جانب‭ ‬هذه‭ ‬الاعتبارات‭ ‬المادية،‭ ‬يواجه‭ ‬سعي‭ ‬أوروبا‭ ‬نحو‭ ‬استقلال‭ ‬أكبر‭ ‬عن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬المسائل‭ ‬الأمنية،‭ ‬تحديات‭ ‬تتعلق‭ ‬بالتعاون‭ ‬المستقبلي‭. ‬ويرى‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬الأسلحة‭ ‬الأمريكية‭ ‬المباعة‭ ‬لأوروبا‭ ‬قد‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يُعرف‭ ‬بـ«مفتاح‭ ‬القتل‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يتيح‭ ‬لواشنطن‭ ‬تعطيل‭ ‬الأنظمة‭ ‬العسكرية‭ ‬الأوروبية‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬اتخذت‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬قرارًا‭ ‬بذلك‭. ‬فرغم‭ ‬أنها‭ ‬تبيع‭ ‬الأسلحة‭ ‬لحلفائها‭ ‬الأوروبيين،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تصدر‭ ‬تقنيات‭ ‬تصنيعها،‭ ‬مما‭ ‬يُبقيهم‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬ضعف‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭. ‬

وأشار‭ ‬‮«‬لوك‭ ‬ماكجي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تآكل‭ ‬الثقة‭ ‬عبر‭ ‬الأطلسي‮»‬‭ - ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬ترامب‭ - ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تبادل‭ ‬استخباراتي‭ ‬محدود‭ ‬ومقيّد‭ ‬بين‭ ‬أوروبا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬بدأت‭ ‬بالفعل‭ ‬‮«‬تقليل‭ ‬حجم‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬التي‭ ‬تشاركها‭ ‬مع‭ ‬واشنطن‮»‬،‭ ‬خشية‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬ترامب‭ ‬بنقلها‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬المسؤولين‭ ‬الروس‭ ‬خلال‭ ‬مكالماته‭ ‬الهاتفية،‭ ‬أو‭ ‬لقاءاته‭ ‬المباشرة‭ ‬معهم‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬الاعتبارات،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬جيجريتش‮»‬،‭ ‬و«شراير‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الحكومات‭ ‬الأوروبية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تستثمر‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬رادع‭ ‬استراتيجي‭ ‬خاص‭ ‬بها‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬‮«‬مظلة‭ ‬نووية‭ ‬أوروبية‭ ‬بقيادة‭ ‬فرنسية‭ ‬وبريطانية‮»‬،‭ ‬واعتبرا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬سيتطلب‭ ‬‮«‬زيادة‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬الرؤوس‭ ‬الحربية‭ ‬النووية‭ ‬في‭ ‬القارة‮»‬،‭ ‬وبناء‭ ‬‮«‬ترسانات‭ ‬هجومية‭ ‬تقليدية‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬ودول‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬نووية‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬‮«‬استثمارات‭ ‬ضخمة‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬صواريخ‭ ‬باليستية‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى،‭ ‬وصواريخ‭ ‬أسرع‭ ‬من‭ ‬الصوت‮»‬‭. ‬ووصف‭ ‬‮«‬ويت‮»‬،‭ ‬عرض‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬‮«‬إيمانويل‭ ‬ماكرون‮»‬،‭ ‬بـ«توسيع‮»‬‭ ‬‮«‬المظلة‭ ‬النووية‭ ‬لباريس‭ ‬لتشمل‭ ‬ألمانيا‭ ‬وبقية‭ ‬أوروبا‭ ‬باعتباره‭ ‬‮«‬الحل‭ ‬الأكثر‭ ‬قابلية‭ ‬للتطبيق‮»‬،‭ ‬لتعويض‭ ‬فقدان‭ ‬الردع‭ ‬النووي‭ ‬الأمريكي‭ ‬لأعضاء‭ ‬الناتو‭. ‬وأكدت‭ ‬‮«‬جوف‮»‬،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬النجاح‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المسعى‭ ‬يتطلب‭ ‬وحدة‭ ‬أوروبية‭ ‬مستدامة‮»‬‭. ‬ومن‭ ‬جانبها،‭ ‬تأمل‭ ‬‮«‬أجاثي‭ ‬ديماريس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬للعلاقات‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬في‭ ‬ضرورة‭ ‬تخطي‭ ‬القارة‭ ‬لهذه‭ ‬الفترة‭ ‬‮«‬المضطربة‮»‬،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬‮«‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الهدوء‭ ‬والبقاء‭ ‬متحدين‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬الأولويات‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‮»‬‭. ‬

ورغم‭ ‬ذلك،‭ ‬أصر‭ ‬‮«‬جيجريتش‮»‬،‭ ‬و«شراير‮»‬،‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تظل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬بقيادة‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬حليفًا‭ ‬موثوقًا،‭ ‬واستمرت‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬تسوية‭ ‬سلمية‭ ‬للحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬التي‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬روسيا؛‭ ‬فإن‭ ‬أوروبا‭ ‬ستكون‭ ‬عرضة‭ ‬للخطر‭ ‬عسكريًا‭ ‬عدة‭ ‬سنوات‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬امتداد‭ ‬الشراكات‭ ‬التاريخية‭ ‬لواشنطن‭ ‬عبر‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬بات‭ ‬التراجع‭ ‬السريع‭ ‬في‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحلفائها‭ ‬الأوروبيين‭ ‬واضحًا‭ ‬لدرجة‭ ‬دفعتهم‭ ‬إلى‭ ‬تبني‭ ‬مسار‭ ‬استراتيجي‭ ‬ودفاعي‭ ‬مستقل،‭ ‬ويشكل‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬مؤشرًا‭ ‬على‭ ‬التأثير‭ ‬الأوسع‭ ‬المحتمل‭ ‬لسياسات‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬يبدو‭ ‬واضحًا‭ ‬التشابه‭ ‬بين‭ ‬سياسات‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الحالية،‭ ‬التي‭ ‬تبدو‭ ‬وكأنها‭ ‬خاضعة‭ ‬للمطالب‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬رغم‭ ‬تعارضها‭ ‬مع‭ ‬مصالح‭ ‬ورغبات‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية،‭ ‬ودعمها‭ ‬المتواصل‭ ‬لتدمير‭ ‬غزة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬حملة‭ ‬إسرائيل‭ ‬لضم‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭ ‬بالكامل،‭ ‬رغم‭ ‬احتجاجات‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭. ‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬تهديدات‭ ‬ترامب‭ ‬بوقف‭ ‬المساعدات‭ ‬لمصر‭ ‬والأردن‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬رفضهما‭ ‬تهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬بالقوة،‭ ‬يتجلى‭ ‬استعداد‭ ‬إدارته‭ ‬لتجاهل‭ ‬الشراكات‭ ‬التاريخية‭ ‬لصالح‭ ‬دعم‭ ‬مطامع‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المتطرفة،‭ ‬رغم‭ ‬انتهاكها‭ ‬الصريح‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬ومبادئ‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬تجاه‭ ‬نوايا‭ ‬واشنطن‭ ‬ستظل‭ ‬سمة‭ ‬ثابتة‭ ‬في‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬شركائها‭ ‬سنوات‭ ‬مقبلة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا