العدد : ١٧١٦٤ - الجمعة ٢١ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ رمضان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٦٤ - الجمعة ٢١ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ رمضان ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تداعيات حملة إيلون ماسك على الهيئات الأمريكية

بقلم: د. جيمس زغبي {

الخميس ٢٠ مارس ٢٠٢٥ - 02:00

لقد‭ ‬شهدت‭ ‬الأيام‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬تطورات‭ ‬تثير‭ ‬القلق‭. ‬فقد‭ ‬أعاد‭ ‬إيلون‭ ‬ماسك‭ ‬على‭ ‬موقع‭ ‬X‭ (‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يُعرف‭ ‬سابقًا‭ ‬باسم‭ ‬تويتر‭) ‬نشر‭ ‬هجوم‭ ‬كاذب‭ ‬وخطير‭ ‬يتجنى‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬اثنتي‭ ‬عشرة‭ ‬هيئة‭ ‬أمريكية‭ ‬تلقت‭ ‬منحًا‭ ‬من‭ ‬الوكالة‭ ‬الأمريكية‭ ‬للتنمية‭ ‬الدولية‭ ‬أو‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬العقد‭ ‬الماضي‭.‬

كانت‭ ‬التدوينة‭ ‬الأصلية‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬المجموعات‭ ‬باعتبارها‭ ‬‮«‬مرتبطة‭ ‬بالإرهاب‮»‬‭. ‬وجاء‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬تدوينة‭ ‬ماسك‭ ‬ما‭ ‬يلي‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭: ‬‮«‬كما‭ ‬قال‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الناس،‭ ‬لماذا‭ ‬ندفع‭ ‬للمنظمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬وبعض‭ ‬البلدان‭ ‬لكي‭ ‬تكرهنا‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬تام‭ ‬للقيام‭ ‬بذلك‭ ‬مجانًا؟‮»‬

يبدو‭ ‬أن‭ ‬المجموعات‭ ‬المدرجة‭ ‬في‭ ‬المنشور‭ ‬الأصلي‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬تجميعها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬فرد‭ ‬لديه‭ ‬تحيز‭ ‬معادٍ‭ ‬للعرب‭ ‬أو‭ ‬المسلمين،‭ ‬كما‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬قام‭ ‬بفحص‭ ‬قائمة‭ ‬المستفيدين‭ ‬من‭ ‬المنح‭ ‬واستخرج‭ ‬الكيانات‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬عرب‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬مسلم‮»‬‭ ‬في‭ ‬اسمها‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بأعمال‭ ‬وأنشطة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

لا‭ ‬أعرف‭ ‬كل‭ ‬المجموعات،‭ ‬ولكن‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬أعرفها‭ ‬ــ‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬منظمة‭ ‬أنيرا‭ ‬الأمريكية‭ ‬لمساعدة‭ ‬اللاجئين‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى‭ (‬ANERA‭)‬ــ‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬طليعة‭ ‬المنظمات‭ ‬التي‭ ‬قدمت‭ ‬الدعم‭ ‬المنقذ‭ ‬للحياة‭ ‬للاجئين‭ ‬أو‭ ‬ضحايا‭ ‬الحرب‭ ‬أو‭ ‬الكوارث‭ ‬الطبيعية‭.‬

وقد‭ ‬عملت‭ ‬هذه‭ ‬المنظمة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬علاقات‭ ‬أفضل‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والمجتمعات‭ ‬المتضررة‭ ‬المحتاجة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬تتميز‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المنظمات‭ ‬بسجل‭ ‬مشرف‭ ‬ومثير‭ ‬للإعجاب‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬هذه‭ ‬الخدمات‭.‬

وكان‭ ‬الأمر‭ ‬الأكثر‭ ‬إثارة‭ ‬للقلق‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬منظمتي،‭ ‬أي‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي،‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬القائمة‭ ‬ــ‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬خاطئ‭ ‬تماما‭ ‬وخطير‭ ‬وغير‭ ‬مسؤول‭.‬

وإليكم‭ ‬الحقائق‭: ‬لقد‭ ‬حصل‭ ‬المعهد‭ ‬على‭ ‬منحة‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2018‭ (‬أثناء‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬الأولى‭) ‬لإنشاء‭ ‬شراكات‭ ‬بين‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬المنتخبين‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬عربي‭ ‬والموظفين‭ ‬العموميين‭ ‬مع‭ ‬المسؤولين‭ ‬المنتخبين‭ ‬المحليين‭ ‬في‭ ‬تونس‭.‬

لقد‭ ‬تأسس‭ ‬المعهد‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1985،‭ ‬وله‭ ‬تاريخ‭ ‬مشرف‭ ‬في‭ ‬تشجيع‭ ‬العرب‭ ‬الأمريكيين‭ ‬على‭ ‬الترشح‭ ‬لتولي‭ ‬مناصب‭ ‬محلية‭. ‬ومع‭ ‬تقدم‭ ‬عملنا،‭ ‬أدركنا‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬القادة‭ ‬الشباب‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لهم‭ ‬قط‭ ‬زيارة‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬أو‭ ‬أنهم‭ ‬زاروا‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬ينحدر‭ ‬منها‭ ‬آباؤهم‭ ‬وأمهاتهم‭ ‬فقط‭.‬

لقد‭ ‬كنت‭ ‬أتمنى‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬أن‭ ‬أقوم‭ ‬بإنشاء‭ ‬برنامج‭ ‬يمنحهم‭ ‬الفرصة‭ ‬للتعرف‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬وتعميق‭ ‬فهمه‭ ‬لهذه‭ ‬المنطقة‭ ‬وشعوبها،‭ ‬ومشاركة‭ ‬تجاربهم‭ ‬وما‭ ‬تعلموه‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬مع‭ ‬نظرائهم‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.‬

كانت‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولية‭ ‬من‭ ‬البرنامج‭ ‬ناجحة‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬توسيعه‭ ‬ليشمل‭ ‬كلا‭ ‬من‭ ‬المغرب‭ ‬ثم‭ ‬الأردن‭. ‬وكان‭ ‬من‭ ‬الممتع‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬هؤلاء‭ ‬الشباب‭ ‬المشاركين‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬والأمريكيين‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬عربي‭ ‬يعملون‭ ‬بشكل‭ ‬تعاوني،‭ ‬ويناقشون‭ ‬مشاكل‭ ‬الحكم‭ ‬البلدي‭ ‬والإجراءات‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬الخدمات‭ ‬المقدمة‭ ‬للناخبين‭.‬

لقد‭ ‬عملوا‭ ‬معًا‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الديمقراطية‭ ‬المحلية‭ ‬وإيجاد‭ ‬حلول‭ ‬لتحسين‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬للناس‭ ‬مثل‭ ‬جمع‭ ‬القمامة‭ ‬وإنشاء‭ ‬مراكز‭ ‬تكنولوجية‭ ‬مجتمعية‭ ‬وتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬للأسر‭ ‬التي‭ ‬لديها‭ ‬أطفال‭ ‬معاقون،‭ ‬علما‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬قد‭ ‬انتهى‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023‭.‬

إذا‭ ‬عمد‭ ‬شخص‭ ‬يعادي‭ ‬العرب‭ ‬أو‭ ‬المسلمين‭ ‬بربط‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬الرامية‭ ‬لخدمة‭ ‬الناس‭ ‬بالإرهاب‭ ‬فذلك‭ ‬أمر‭ ‬خاطئ‭ ‬ويصعب‭ ‬فهمه‭. ‬وإذا‭ ‬قام‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬بمكانة‭ ‬السيد‭ ‬ماسك‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الإدارة‭ ‬بتضخيم‭ ‬هذه‭ ‬الرسالة‭ ‬فذلك‭ ‬أيضا‭ ‬أمر‭ ‬خطير‭ ‬وغير‭ ‬مسؤول‭.‬

وبقدر‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬حريصة‭ ‬على‭ ‬إشراك‭ ‬الجميع،‭ ‬فإن‭ ‬بلدنا‭ ‬لديه‭ ‬أيضًا‭ ‬تاريخ‭ ‬من‭ ‬الكراهية‭ ‬والعنف،‭ ‬والذي‭ ‬تم‭ ‬توجيهه‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬متناسب‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة‭ ‬ضد‭ ‬العرب‭ ‬الأمريكيين‭ ‬وأنصار‭ ‬ومؤيدي‭ ‬الحقوق‭ ‬الفلسطينية‭.‬

بعد‭ ‬مقتل‭ ‬أحد‭ ‬موظفين‭ ‬سابقين‭ ‬في‭ ‬لجنة‭ ‬مكافحة‭ ‬التمييز‭ ‬الأمريكية‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1985،‭ ‬طُلب‭ ‬مني‭ ‬الإدلاء‭ ‬بشهادتي‭ ‬أمام‭ ‬لجنة‭ ‬الحقوق‭ ‬المدنية‭ ‬الأمريكية‭ ‬والكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬بشأن‭ ‬الكراهية‭ ‬والعنف‭ ‬الموجهين‭ ‬ضد‭ ‬مجتمعي‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي‭.‬

في‭ ‬الشهادة‭ ‬التي‭ ‬أدليت‭ ‬بها،‭ ‬لاحظت‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬البيئة‭ ‬التي‭ ‬نشأت‭ ‬فيها‭ ‬جرائم‭ ‬الكراهية‭ ‬ضد‭ ‬الأمريكيين‭ ‬العرب‭ ‬كانت‭ ‬مدعومة‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يعتبروننا‭ ‬إرهابيين‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬مؤيدي‭ ‬الإرهاب‭ (‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بعض‭ ‬الجماعات‭ ‬المؤيدة‭ ‬لإسرائيل‭) ‬ــ‭ ‬وقد‭ ‬حفزت‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬على‭ ‬ممارسة‭ ‬العنف‭ ‬ضدنا‭. ‬وأنا‭ ‬أعلم‭ ‬هذا‭ ‬شخصيا‭ ‬من‭ ‬التهديدات‭ ‬بالقتل‭ ‬التي‭ ‬تلقيتها‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬السنين‭.‬

وخلال‭ ‬العقدين‭ ‬الماضيين‭ ‬فقط،‭ ‬صدرت‭ ‬أربعة‭ ‬أحكام‭ ‬بالإدانة‭ ‬ضد‭ ‬أفراد‭ ‬لتهديدهم‭ ‬حياتي‭ ‬وحياة‭ ‬عائلتي‭ ‬وموظفي‭ ‬المعهد،‭ ‬وغالبًا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬مصحوبة‭ ‬باتهامات‭ ‬بالإرهاب‭ ‬أو‭ ‬دعم‭ ‬الإرهاب‭.‬

لذا‭ ‬فإنني‭ ‬أتعامل‭ ‬مع‭ ‬الأمر‭ ‬بجدية‭ ‬عندما‭ ‬يتهم‭ ‬شخص‭ ‬قوي‭ ‬مثل‭ ‬إيلون‭ ‬ماسك‭ ‬معهدي‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مسؤول‭ ‬بدعم‭ ‬الإرهاب‭. ‬والأمر‭ ‬الأكثر‭ ‬إثارة‭ ‬للقلق‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬منشوره‭ ‬شاهده‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬مليون‭ ‬شخص،‭ ‬ولا‭ ‬يتطلب‭ ‬الأمر‭ ‬سوى‭ ‬فرد‭ ‬مختل‭ ‬عقليًا‭ ‬للرد‭ ‬بالعنف‭ ‬واستهدافنا‭.‬

لقد‭ ‬حذرنا‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬تحريض‭ ‬ماسك،‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬يتلاشى‭ ‬هذا‭ ‬التحريض،‭ ‬غير‭ ‬أنني‭ ‬لا‭ ‬أتفق‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الرأي‭. ‬ففي‭ ‬النهاية،‭ ‬فإن‭ ‬أفضل‭ ‬وسيلة‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬أنفسنا‭ ‬هي‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬حجم‭ ‬خطأ‭ ‬إيلون‭ ‬ماسك‭ ‬والخطر‭ ‬الذي‭ ‬تشكله‭ ‬كلماته‭ ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬تحفز‭ ‬على‭ ‬استهدافنا‭.‬

 

{ رئيس‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا