لقد شهدت الأيام القليلة الماضية تطورات تثير القلق. فقد أعاد إيلون ماسك على موقع X (الذي كان يُعرف سابقًا باسم تويتر) نشر هجوم كاذب وخطير يتجنى فيه على أكثر من اثنتي عشرة هيئة أمريكية تلقت منحًا من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أو وزارة الخارجية على مدى العقد الماضي.
كانت التدوينة الأصلية تشير إلى المجموعات باعتبارها «مرتبطة بالإرهاب». وجاء في إعادة تدوينة ماسك ما يلي على وجه الخصوص: «كما قال كثير من الناس، لماذا ندفع للمنظمات الإرهابية وبعض البلدان لكي تكرهنا عندما تكون على استعداد تام للقيام بذلك مجانًا؟»
يبدو أن المجموعات المدرجة في المنشور الأصلي قد تم تجميعها من قبل فرد لديه تحيز معادٍ للعرب أو المسلمين، كما يبدو أنه قام بفحص قائمة المستفيدين من المنح واستخرج الكيانات التي تحمل كلمة «عرب» أو «مسلم» في اسمها أو تلك التي قامت بأعمال وأنشطة في منطقة الشرق الأوسط.
لا أعرف كل المجموعات، ولكن تلك التي أعرفها ــ على سبيل المثال، منظمة أنيرا الأمريكية لمساعدة اللاجئين في الشرق الأدنى (ANERA)ــ كانت في طليعة المنظمات التي قدمت الدعم المنقذ للحياة للاجئين أو ضحايا الحرب أو الكوارث الطبيعية.
وقد عملت هذه المنظمة من هذا المنطلق على بناء علاقات أفضل بين الولايات المتحدة والمجتمعات المتضررة المحتاجة في مختلف أنحاء منطقة الشرق الأوسط. تتميز العديد من هذه المنظمات بسجل مشرف ومثير للإعجاب في تقديم هذه الخدمات.
وكان الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لي هو أن منظمتي، أي المعهد العربي الأمريكي، كانت على القائمة ــ وهو أمر خاطئ تماما وخطير وغير مسؤول.
وإليكم الحقائق: لقد حصل المعهد على منحة من وزارة الخارجية في عام 2018 (أثناء إدارة ترامب الأولى) لإنشاء شراكات بين المسؤولين الأمريكيين المنتخبين من أصل عربي والموظفين العموميين مع المسؤولين المنتخبين المحليين في تونس.
لقد تأسس المعهد في عام 1985، وله تاريخ مشرف في تشجيع العرب الأمريكيين على الترشح لتولي مناصب محلية. ومع تقدم عملنا، أدركنا أن العديد من هؤلاء القادة الشباب لم يسبق لهم قط زيارة منطقة الشرق الأوسط، أو أنهم زاروا البلدان التي ينحدر منها آباؤهم وأمهاتهم فقط.
لقد كنت أتمنى منذ فترة طويلة أن أقوم بإنشاء برنامج يمنحهم الفرصة للتعرف على العالم العربي وتعميق فهمه لهذه المنطقة وشعوبها، ومشاركة تجاربهم وما تعلموه في الحياة السياسية الأمريكية مع نظرائهم في الدول العربية.
كانت المرحلة الأولية من البرنامج ناجحة إلى الحد الذي دفع وزارة الخارجية إلى دعم توسيعه ليشمل كلا من المغرب ثم الأردن. وكان من الممتع أن نرى هؤلاء الشباب المشاركين من العرب والأمريكيين من أصل عربي يعملون بشكل تعاوني، ويناقشون مشاكل الحكم البلدي والإجراءات الرامية إلى تحسين الخدمات المقدمة للناخبين.
لقد عملوا معًا في بناء الديمقراطية المحلية وإيجاد حلول لتحسين الحياة اليومية للناس مثل جمع القمامة وإنشاء مراكز تكنولوجية مجتمعية وتقديم الدعم للأسر التي لديها أطفال معاقون، علما بأن هذا البرنامج قد انتهى في عام 2023.
إذا عمد شخص يعادي العرب أو المسلمين بربط هذه الجهود الرامية لخدمة الناس بالإرهاب فذلك أمر خاطئ ويصعب فهمه. وإذا قام شخص ما بمكانة السيد ماسك في هذه الإدارة بتضخيم هذه الرسالة فذلك أيضا أمر خطير وغير مسؤول.
وبقدر ما يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تكون حريصة على إشراك الجميع، فإن بلدنا لديه أيضًا تاريخ من الكراهية والعنف، والذي تم توجيهه بشكل غير متناسب في العقود الأخيرة ضد العرب الأمريكيين وأنصار ومؤيدي الحقوق الفلسطينية.
بعد مقتل أحد موظفين سابقين في لجنة مكافحة التمييز الأمريكية العربية في عام 1985، طُلب مني الإدلاء بشهادتي أمام لجنة الحقوق المدنية الأمريكية والكونجرس الأمريكي بشأن الكراهية والعنف الموجهين ضد مجتمعي العربي الأمريكي.
في الشهادة التي أدليت بها، لاحظت كيف أن البيئة التي نشأت فيها جرائم الكراهية ضد الأمريكيين العرب كانت مدعومة من قِبَل أولئك الذين يعتبروننا إرهابيين أو من مؤيدي الإرهاب (بما في ذلك بعض الجماعات المؤيدة لإسرائيل) ــ وقد حفزت بعض هذه الجماعات على ممارسة العنف ضدنا. وأنا أعلم هذا شخصيا من التهديدات بالقتل التي تلقيتها على مر السنين.
وخلال العقدين الماضيين فقط، صدرت أربعة أحكام بالإدانة ضد أفراد لتهديدهم حياتي وحياة عائلتي وموظفي المعهد، وغالبًا ما كانت مصحوبة باتهامات بالإرهاب أو دعم الإرهاب.
لذا فإنني أتعامل مع الأمر بجدية عندما يتهم شخص قوي مثل إيلون ماسك معهدي بشكل غير مسؤول بدعم الإرهاب. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن منشوره شاهده ما يقرب من 20 مليون شخص، ولا يتطلب الأمر سوى فرد مختل عقليًا للرد بالعنف واستهدافنا.
لقد حذرنا البعض من الرد على تحريض ماسك، على أمل أن يتلاشى هذا التحريض، غير أنني لا أتفق مع هذا الرأي. ففي النهاية، فإن أفضل وسيلة للدفاع عن أنفسنا هي الإشارة إلى حجم خطأ إيلون ماسك والخطر الذي تشكله كلماته والتي قد تحفز على استهدافنا.
{ رئيس المعهد العربي الأمريكي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك