زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
بطل أولمبي أم لولومبي
قال شاعر بلغ سن اليأس:
إني امرؤ مولع بالحسن اتبعه/ لا حظ لي منه إلا لذة النظر
استذكر بيت الشعر هذا مع كل دورة للألعاب الأولمبية، التي نتعامل معها بالحكمة السودانية «شهر ما عندك فيه نفقة لا تَعِد أيامه»، وكما هو واضح من هذا النص فلا معنى لأن تعد أيام الشهر ما لم تكن تتوقع راتبا او علاوة أو عائدا ماليا في ختامه، أعني أن دورنا في الأولمبياد يقتصر على «الفُرجة» رغم ان المعلقين الرياضيين العرب يفسدون علينا متعة الفرجة بكلامهم الركيك عن فعاليات لا يفهمون عنها شيئا، لأنهم ينتمون الى بلدان تعتقد أن الله لم يخلق رياضة سوى كرة القدم، فتنفق عليها المليارات، وتظل تنهزم في كل منازلة وتهتف «انهزمنا بشرف وحكام المباريات كانوا خونة وعملاء لإسرائيل»، أتذكر هنا المعلق الرياضي العربي خلال مباراة للمكسيك ضد البرازيل حين نقلت الكاميرا ما بدا ملاسنة حادة بين الحكم البلجيكي ولاعب مكسيكي، فقال المعلق ما معناه: ما شاء الله، إما الحكم يتكلم اللغة المكسيكية وإما اللاعب يتكلم اللغة البلجيكية (المكسيكيون يتكلمون الاسبانية والبلجيك يتكلمون الألمانية والهولندية والفرنسية). وقد سبق لي أن اقترحت أكثر من مرة عبر وسائل الإعلام، أن تقوم الدول العربية بتنظيم دورات «لولوية». يكون فيها المنتصر هو الأكثر قدرة على الحركات اللولوة، وبداهة فإن العرب سيكتسحون تلك الدورات. حتى نجوى فؤاد ستحرز ميدالية ذهبية من دون حاجة إلى منشطات، فما بالك بدينا وفيفي عبدو وأليسا وهيفا وبقية فتيات الفياغرا الفضائيات؟ يعني تخيل لو كانت هناك دورة ألعاب لولوية منذ بداية القرن العشرين: نجوى فؤاد وحدها كانت ستستأجر مجمع تسوق بأكمله لحفظ ميدالياتها الذهبية، فقد ظلت -عيني باردة- ترقص أي «تتلولو» منذ حفل افتتاح قناة السويس أمام الخديوي إسماعيل والخواجة فرديناند دي ليسبس. وقد أصيب العالم العربي بصدمة عندما أدت نجوى فريضة الحج قبل نحو 30 عاما وأعلنت اعتزالها الرقص؟
هل تصدقون أن مدرسة وادي سيدنا الثانوية التي كنت طالبا فيها كانت تنظم دورة العاب قوى سنوية طوال الفترة من ديسمبر الى نهاية فبراير؟ كانت هناك كافة منافسات ألعاب القوى والسباحة والغطس ورمي الجلة والقرص والرمح والتنس وكرة اليد، والجري لمسافات متعددة الطول وسباق الضاحية (الماراثون). وكانت بالمدرسة خمس وحدات سكنية (تسمى في السودان داخليات)، وكان كل طالب يحمل بطاقة عليها أسماء كافة الألعاب ومطالبا بإحراز أكبر قدر من النقاط لوحدته السكنية. ولن أنسى أبدا أنني أحرزت عدة نقاط لمجموعتي في سباق الضاحية الذي كان يتطلب الجري لعدة أميال، فلأنني كنت فاشلا في جميع أنواع الرياضة لأنني «تعقدت» منها لأن بحسبان أن لها صلة بعلم الرياضيات الذي توقف تعاملي معه عند «جدول عشرة»، كنت أدرك ان فوزي بالمركز الأخير في سباق الضاحية ليس واردا لأنني لو أكملت السباق، فإن زملائي سيذكرون محاسني «إن وُجدت»، أو سيتم نقلي الى مستشفى على أحسن الفروض، وسجلت اسمي من ثم ضمن قائمة المشاركين في السباق، وكانت العادة ان يتم نقل المتنافسين الى نقطة البداية في قرية بعيدة بسيارة شحن كبيرة، ولم أصعد الى العربة بل «زوغت» وتسللت الى شجيرات على بعد نحو أقل من كيلومتر واحد من نقطة نهاية السباق، وكمنت هناك، وعندما رأيت اول مجموعة من المتنافسين تقترب من محل اختبائي انطلقت صوب نقطة النهاية.. ويا للسعادة جاء ترتيبي.. خلوها مستورة، فالمهم أنني «أكملت» السباق، وسجلت بضع نقاط لصالح داخليتي، (جاء ترتيبي الـ27 من بين اثنين وأربعين متسابقا، وكسبت لمجموعتي بضع نقاط. وأملي في ذلك وقتها أن لي أجر من اجتهد ولم يكن الصواب حليفه تماما).
وعلى مدى السنوات الأربع التي قضيتها في المرحلة الثانوية كان يفوز بسباق الضاحية طالب اسمه عثمان وكان في الوقت نفسه أفضل حارس مرمى في تاريخ المدرسة، ولا أذكر أنني رأيته خارج حجرات الدراسة إلا والسيجارة في فمه، مما أكد لي أن القول إن التدخين يضر بالرئة مجرد «إشاعة».
إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك