العدد : ١٧١٦٤ - الجمعة ٢١ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ رمضان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٦٤ - الجمعة ٢١ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ رمضان ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

رسائل المناورات البحرية الروسية - الصينية - الإيرانية

بقلم: د. أشرف محمد كشك {

الثلاثاء ١٨ مارس ٢٠٢٥ - 02:00

المناورات‭ ‬العسكرية‭ ‬تتجاوز‭ ‬كونها‭ ‬تدريبات‭ ‬عسكرية‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬القوات‭ ‬المختلفة‭ ‬للدول‭ ‬بهدف‭ ‬التكامل‭ ‬بين‭ ‬تلك‭ ‬القوات،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬استعراض‭ ‬للقوة‭ ‬ورسالة‭ ‬ردع‭ ‬للأطراف‭ ‬المعادية‭ ‬بألا‭ ‬تقوم‭ ‬بفعل‭ ‬عدائي‭ ‬تجاه‭ ‬تلك‭ ‬الدول،‭ ‬وربما‭ ‬تحمل‭ ‬المناورات‭ ‬في‭ ‬طياتها‭ ‬أيضاً‭ ‬رسائل‭ ‬سياسية،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬تجيء‭ ‬أهمية‭ ‬المناورات‭ ‬البحرية‭ ‬المشتركة‭ ‬‮«‬حزام‭ ‬الأمان‭ ‬2025‮»‬‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬في‭ ‬العاشر‭ ‬من‭ ‬مارس‭ ‬2025‭ ‬بين‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬وإيران‭ ‬في‭ ‬ميناء‭ ‬جابهار‭ ‬جنوب‭ ‬شرق‭ ‬إيران،‭ ‬فما‭ ‬هي‭ ‬الرسائل‭ ‬التي‭ ‬تحملها‭ ‬تلك‭ ‬المناورات‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬التوقيت؟

بداية‭ ‬ينبغي‭ ‬التأكيد‭ ‬أنها‭ ‬المرة‭ ‬الخامسة‭ ‬التي‭ ‬تجرى‭ ‬فيها‭ ‬مناورات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬ووفقاً‭ ‬للمصادر‭ ‬تتضمن‭ ‬تلك‭ ‬المناورات‭ ‬ضرب‭ ‬أهداف‭ ‬بحرية‭ ‬وعمليات‭ ‬صعود‭ ‬وتفتيش‭ ‬وسيطرة‭ ‬على‭ ‬الأضرار‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬عمليات‭ ‬البحث‭ ‬والإنقاذ‭ ‬المشتركة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سفن‭ ‬وفرقاطات‭ ‬للدول‭ ‬الثلاث‭ ‬بلغت‭ ‬15‭ ‬سفينة‭ ‬حربية‭ ‬وسفن‭ ‬دعم‭ ‬وقوارب‭ ‬قتالية‭ ‬وطائرات‭ ‬مروحية،‭ ‬وقد‭ ‬يبدو‭ ‬للبعض‭ ‬أنها‭ ‬تمرينات‭ ‬بحرية‭ ‬نمطية‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬منطقة‭ ‬شمال‭ ‬المحيط‭ ‬الهندي‭ ‬حيوية‭ ‬للأمن‭ ‬البحري‭ ‬للأطراف‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬التمرينات،‭ ‬كما‭ ‬جاءت‭ ‬تلك‭ ‬المناورات‭ ‬في‭ ‬توقيت‭ ‬مهم‭ ‬للغاية‭ ‬بين‭ ‬أطراف‭ ‬ثلاثة‭ ‬تشهد‭ ‬علاقاتها‭ ‬توتراً‭ ‬ملحوظاً‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬إذ‭ ‬يلاحظ‭ ‬التصعيد‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬الأمريكي‭ ‬تجاه‭ ‬إيران،‭ ‬إما‭ ‬التفاوض‭ ‬وإما‭ ‬خيارات‭ ‬أخرى‭ ‬للحيلولة‭ ‬دون‭ ‬حصول‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تقارير‭ ‬تفيد‭ ‬بتراكم‭ ‬المخزون‭ ‬من‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المخصب‭ ‬لدى‭ ‬إيران‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬اقترابها‭ ‬فعلياً‭ ‬من‭ ‬النسب‭ ‬اللازمة‭ ‬لتحويل‭ ‬تلك‭ ‬البرامج‭ ‬السلمية‭ ‬للأغراض‭ ‬العسكرية،‭ ‬ودخول‭ ‬روسيا‭ ‬على‭ ‬خط‭ ‬التفاعل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إبداء‭ ‬الاستعداد‭ ‬لممارسة‭ ‬دور‭ ‬الوساطة‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإيران‭ ‬بشأن‭ ‬المسألة‭ ‬النووية‭ ‬وتأكيد‭ ‬ضرورة‭ ‬حلها‭ ‬سلمياً‭ ‬تزامناً‭ ‬مع‭ ‬محادثات‭ ‬أمريكية‭-‬روسية،‭ ‬وأمريكية‭-‬أوكرانية‭ ‬حول‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬مع‭ ‬تصعيد‭ ‬ميداني‭ ‬واضح،‭ ‬وعلى‭ ‬صعيد‭ ‬متصل‭ ‬لا‭ ‬تتسم‭ ‬العلاقات‭ ‬الأمريكية‭-‬الصينية‭ ‬بالهدوء‭ ‬بعد‭ ‬قرار‭ ‬الرئيس‭ ‬دونالد‭ ‬ترمب‭ ‬فرض‭ ‬رسوم‭ ‬تجارية‭ ‬بنسبة‭ ‬25%‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬واردات‭ ‬الصلب‭ ‬والألمنيوم‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬دون‭ ‬استثناءات‭ ‬أو‭ ‬إعفاءات،‭ ‬حيث‭ ‬ردت‭ ‬الصين‭ ‬بفرض‭ ‬تعريفة‭ ‬جمركية‭ ‬مماثلة‭ ‬بنسبة‭ ‬15%‭ ‬على‭ ‬الفحم‭ ‬والغاز‭ ‬المسال،‭ ‬و10%‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬ومعدات‭ ‬الزراعة‭ ‬المستوردة‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

‭ ‬وعودا‭ ‬على‭ ‬بدء،‭ ‬ففي‭ ‬تقديري‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬المناورات‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬طياتها‭ ‬رسائل‭ ‬أمنية،‭ ‬إذ‭ ‬لطالما‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬اتهامات‭ ‬غربية‭ ‬لإيران‭ ‬بتزويد‭ ‬روسيا‭ ‬طائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار‮«‬‭ ‬درونز‮»‬‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬ضد‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬المجالين‭ ‬الأمني‭ ‬والعسكري‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬وإيران‭ ‬ضمن‭ ‬اتفاق‭ ‬التعاون‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الذي‭ ‬يمتد‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬25‭ ‬عاماً‭ ‬متضمناً‭ ‬مجالات‭ ‬عديدة،‭ ‬بما‭ ‬يعنيه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬المناورات‭ ‬تعد‭ ‬استكمالاً‭ ‬للتعاون‭ ‬الأمني‭ ‬بين‭ ‬تلك‭ ‬الدول،‭ ‬وكذلك‭ ‬رسائل‭ ‬سياسية،‭ ‬فالدول‭ ‬الثلاث‭ ‬لديها‭ ‬قضايا‭ ‬خلافية‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن،‭ ‬أخذاً‭ ‬بالاعتبار‭ ‬أن‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬لن‭ ‬تبلغ‭ ‬حد‭ ‬الشراكة،‭ ‬فهناك‭ ‬سقف‭ ‬للمناورة‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬المجال‭ ‬البحري‭ ‬الذي‭ ‬توليه‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭ ‬أهمية‭ ‬بالغة،‭ ‬فإيران‭ ‬دولة‭ ‬بحرية‭ ‬وتولي‭ ‬تطوير‭ ‬موانئها‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬سيطرتها‭ ‬على‭ ‬مضيق‭ ‬هرمز‭ ‬ذاته‭ ‬تعد‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬نفوذها‭ ‬الإقليمي،‭ ‬وهناك‭ ‬توجيهات‭ ‬مستمرة‭ ‬بتطوير‭ ‬القدرات‭ ‬البحرية،‭ ‬أما‭ ‬الصين‭ ‬التي‭ ‬نأت‭ ‬بنفسها‭ ‬طويلاً‭ ‬عن‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬فأضحت‭ ‬أحد‭ ‬الأطراف‭ ‬التي‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تهديدات‭ ‬الأمن‭ ‬البحري‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة،‭ ‬ففي‭ ‬أعقاب‭ ‬تصاعد‭ ‬الهجمات‭ ‬الحوثية‭ ‬على‭ ‬السفن‭ ‬التجارية‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر،‭ ‬أعلنت‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2024‭ ‬إرسال‭ ‬الأسطول‭ (‬46‭) ‬ويضم‭ ‬مدمرة‭ ‬صواريخ‭ ‬وفرقاطة‭ ‬صواريخ‭ ‬وسفينة‭ ‬إمداد‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬700‭ ‬ضابط‭ ‬وجندي،‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬عشرات‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬القوات‭ ‬الخاصة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬مروحيتين‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬الأسطول،‭ ‬أما‭ ‬روسيا‭ ‬فقد‭ ‬قامت‭ ‬بتوقيع‭ ‬اتفاق‭ ‬لإقامة‭ ‬قاعدة‭ ‬بحرية‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2025،‭ ‬تلك‭ ‬المؤشرات‭ ‬تعني‭ ‬أن‭ ‬النفوذ‭ ‬البحري‭ ‬للدول‭ ‬الثلاث‭ ‬يزداد‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإقليمي،‭ ‬ولكن‭ ‬المسألة‭ ‬ليست‭ ‬عملية‭ ‬حسابية،‭ ‬بمعنى‭ ‬أنه‭ ‬كم‭ ‬لدى‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭ ‬من‭ ‬قطع‭ ‬بحرية؟‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬السياق‭ ‬الجيواستراتيجي‭ ‬ودلالات‭ ‬ذلك‭ ‬بالنسبة‭ ‬للجهود‭ ‬الدولية‭ ‬بشأن‭ ‬أمن‭ ‬الملاحة‭ ‬البحرية‭ ‬عموماً‭.‬

ومع‭ ‬أهمية‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬فإن‭ ‬التساؤل‭ ‬الذي‭ ‬يفرض‭ ‬ذاته‭: ‬ما‭ ‬هي‭ ‬حدود‭ ‬المناورة‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تعكسها‭ ‬التقاء‭ ‬إرادات‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭ ‬لإجراء‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬المناورات‭ ‬ولو‭ ‬بشكل‭ ‬سنوي‭ ‬متواتر‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬القوة‭ ‬الأمريكية؟‭ ‬تساؤل‭ ‬له‭ ‬وجاهته‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬رد‭ ‬الفعل‭ ‬الأولي‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬دونالد‭ ‬ترمب‭ ‬بشأن‭ ‬تلك‭ ‬المناورات‭ ‬حيث‭ ‬قال‭: ‬‮«‬إنه‭ ‬غير‭ ‬قلق‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬بشأن‭ ‬المناورات‭ ‬العسكرية‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬وإيران‮»‬،‭ ‬تصريح‭ ‬ذو‭ ‬دلالة‭ ‬ولا‭ ‬يعكس‭ ‬فقط‭ ‬حجم‭ ‬القوة‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬مضامين‭ ‬علاقات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بالدول‭ ‬الثلاث‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬واقعي،‭ ‬فمهما‭ ‬بلغت‭ ‬درجة‭ ‬التقارب‭ ‬الروسي‭-‬الإيراني،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬علاقات‭ ‬روسيا‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والتي‭ ‬تشهد‭ ‬تحسناً‭ ‬ملحوظاً‭ ‬منذ‭ ‬مجيء‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬سدة‭ ‬الحكم‭ ‬مجدداً،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬مصلحة‭ ‬روسيا‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬إيران‭ ‬قوة‭ ‬نووية،‭ ‬وكان‭ ‬واضحاً‭ ‬عدم‭ ‬معارضة‭ ‬روسيا‭ ‬غير‭ ‬ذي‭ ‬مرة‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬جراء‭ ‬برامجها‭ ‬النووية،‭ ‬أما‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬فبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬حجم‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬والعكس‭ ‬فإنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬مصلحة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬انهيار‭ ‬اقتصاد‭ ‬الصين،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬علاقات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬والتي‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬المد‭ ‬والجزر،‭ ‬ولكنها‭ ‬لن‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬المواجهة‭ ‬العسكرية‭.‬

ومع‭ ‬أهمية‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬وحتى‭ ‬بافتراض‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬المناورات‭ ‬هي‭ ‬عملية‭ ‬روتينية‭ ‬تجري‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬بانتظام‭ ‬فإن‭ ‬القراءة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لسياسات‭ ‬الأطراف‭ ‬الثلاثة‭ (‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬وإيران‭) ‬أنها‭ ‬تسعى‭ ‬لنفوذ‭ ‬إقليمي،‭ ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬للصين‭ ‬هو‭ ‬تنفيذ‭ ‬متطلبات‭ ‬مبادرة‭ ‬الحزام‭ ‬والطريق،‭ ‬فإن‭ ‬لروسيا‭ ‬أهدافا‭ ‬بتوطيد‭ ‬تواجدها‭ ‬في‭ ‬نقاط‭ ‬ارتكاز‭ ‬مفصلية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬فقدت‭ ‬وجودها‭ ‬البحري‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬أما‭ ‬إيران‭ ‬فإنها‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬تأثرت‭ ‬بالتطورات‭ ‬الإقليمية‭ ‬وخاصة‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬الجماعات‭ ‬دون‭ ‬الدول‭ ‬فإن‭ ‬الأمن‭ ‬البحري‭ ‬يظل‭ ‬مجالاً‭ ‬آخر‭ ‬للنفوذ‭.‬

‭ ‬ومجمل‭ ‬القول‭ ‬أمران،‭ ‬الأول‭: ‬أن‭ ‬المنافع‭ ‬المتبادلة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تحدد‭ ‬طبيعة‭ ‬العلاقات‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬شراكات‭ ‬أم‭ ‬تحالفات،‭ ‬والثاني‭: ‬أن‭ ‬الشراكات‭ ‬لا‭ ‬تبنى‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬زمني‭ ‬بسيط‭ ‬ولكنها‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬سنوات‭ ‬ولا‭ ‬يشترط‭ ‬بالضرورة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عسكرية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تغير‭ ‬مفهوم‭ ‬الأمن‭ ‬وتداخل‭ ‬مستوياته‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مسبوق،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬الثابت‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬التقارب‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬ورقة‭ ‬تفاوضية‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ولكن‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬جذري‭ ‬في‭ ‬المشهدين‭ ‬الإقليمي‭ ‬والعالمي‭. ‬

‭ ‬

‭  ‬{ مدير‭ ‬برنامج‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية‭ ‬بمركز‭ ‬‮«‬دراسات‮»‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا