توجد كثير من الأدوات التي يمكن للمعلم والقائد التربوي استخدامها من أجل معالجة المشكلات التي تعترضهما في البيئة التعليمية سواء في الصف أو داخل أروقة المدرسة، وتطوير الممارسة التعليمية، ومن أهم هذه الأدوات البحث الإجرائي، لما لهذا النوع من الوسائل قدرة كبيرة على علاج المشكلات وتطوير الممارسة بشكل سريع ودقيق.
ويعرف البحث الإجرائي بأنه أحد أنواع البحوث الذي يقوم فيه أحد العاملين في المؤسسة التعليمية عن طريق دمج المعرفة التطبيقية بالمعرفة التنظيمية، من أجل إيجاد حل لمشكلة محددة أو تطوير ممارسة يقوم فيها المعلم أو القائد التربوي عن طريق مجموعة الخطوات التطبيقية وفي النهاية يتأمل الباحث في الإجراءات التي سار بها، أو الخطوات المستقبلية، وهي عملية لا تتوقف.
وتنبع أهمية هذا النوع من البحوث في التطوير المهني للمعلم أو القائد التربوي، النقد الذاتي عن طريق التأمل الذي يمارسه المعلم أو القائد التربوي في ممارساته بالعملية التعليمية، حتى يكون قادرًا على فهم المشكلة من جميع جوانبها، مما يساعده على إيجاد الحلول، وتطوير إجراءات تتناسب مع الفئة التي تعاني منها أو المشكلة ككل، وبالتالي تساعد على بناء الباحث الممارس.
ويتميز هذا النوع من البحوث بكونه يدرس الواقع والمشكلة التي يعاني منها المعلم أو القائد التربوي في المؤسسة التي يعمل فيها، ويعتمد إجراءات موثوقة من أجل حلها، ويتأمل في هذه الإجراءات بشكل متتابع، ويتشارك المعلم أو القائد التربوي مع زملائه وقيادته من أجل الإلمام بكل الجوانب التي تحيط بهذه المشكلة، وهي عملية لا تنتهي، حيث يعمل الباحث الممارس على خطوات أخرى من أجل تطوير العمل، والاستفادة مما انتهجه من خطوات في حل مشكلات متشابهة وتطوير إجراءاته، كما بإمكانه تغيير الإجراءات التي وضعها وفق ممارسة التأمل في هذه الخطوات والنتائج.
وهناك كثير من التجارب الناجحة التي استخدم البحث الإجرائي فيها من أجل تطوير بعض الممارسات، فقد استخدم بعض المعلمين البحوث الإجرائية من أجل حل بعض المشكلات مثل ضعف القراءة أو الكتابة، أو تطوير بعض الممارسات، مثل طرائق تدريس الرياضيات، أو العلوم، أو اللغة العربية، أو الإنجليزية وغيرها من المواد والتخصصات.
ويمكن تطبيق هذا النوع من البحوث في المجال التعليمي أو التربوي مثل المشكلات التي تتناول استراتيجيات التدريس وطرائقه إضافة إلى المسائل المتعلقة بأدوات التقييم وتحصيل الطلبة، وفي المجال النفسي عن طريق إيجاد حلول لبعض المشكلات التي يعاني منها الطلبة مثل الخجل والانطواء، وفي المجال الاجتماعي عن طريق إيجاد حلول للمشكلات المتعلقة بالعلاقة بين الطلاب والعلاقة بين المعلمين والطلاب أو بين المعلمين أنفسهم، والمجال المادي من مرافق وأجهزة ووسائل تعليمية.
وتحكم هذا النوع من البحوث مجموعة من الأخلاقيات، ومنها تقديم المعلم أفضل الممارسات والتجارب للطلبة من أجل حل المشكلات التي تعترضهم، وقد يفشل المعلم أثناء تطبيق مجموعة من الإجراءات، ولكن بإمكانه أن يتأمل في خطواته، ويطور منها، أو يعدلها، أو يقوم بخطوات أخرى بهدف حل المشكلة، ويتأمل في إجراءاته في النهاية، ويطور خطوات جديدة.
إن نشر الوعي بهذا النوع من البحوث يسهم في خلق بيئة تعليمية داعمة لمختلف أطراف العملية التعليمية التعلمية.
{ أستاذ الدراسات التربوية المساعد في جامعة البحرين
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك