العدد : ١٧١٥٤ - الثلاثاء ١١ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ رمضان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٥٤ - الثلاثاء ١١ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ رمضان ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تداعيات وقف إسرائيل المساعدات الإنسانية على غزة.. رؤية غربية

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الثلاثاء ١١ مارس ٢٠٢٥ - 02:00

مع‭ ‬انتهاء‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬اتفاق‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬المؤقت‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬42‭ ‬يومًا،‭ ‬فرض‭ ‬ائتلاف‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو،‭ ‬المتطرف‭ ‬مطالب‭ ‬جديدة،‭ ‬تقضي‭ ‬بالإبقاء‭ ‬على‭ ‬شروط‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى،‭ ‬مما‭ ‬حال‭ ‬دون‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬وفقًا‭ ‬لما‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليه‭ ‬مسبقًا‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬أعاد‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬فرض‭ ‬الحظر‭ ‬على‭ ‬تدفق‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬مليوني‭ ‬فلسطيني‭ ‬يعانون‭ ‬أوضاعًا‭ ‬إنسانية‭ ‬حرجة‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬أشارت‭ ‬إيزابيل‭ ‬كيرشنر،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تصرفات‭ ‬إسرائيل‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬إرغام‭ ‬حماس‭ ‬على‭ ‬قبول‭ ‬تمديدات‭ ‬مؤقتة‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار؛‭ ‬فقد‭ ‬رأى‭ ‬عثمان‭ ‬مقبل،‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإنسانية،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬انتهاكًا‭ ‬صارخًا‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ -‬اتفاقية‭ ‬جنيف‭ ‬الرابعة‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭- ‬لكنها‭ ‬أيضًا‭ ‬عمل‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬اللاإنسانية،‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬الذين‭ ‬عانوا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيرهم‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭.‬

وحذرت‭ ‬وكالات‭ ‬الإغاثة‭ ‬الدولية‭ ‬من‭ ‬التداعيات‭ ‬الكارثية‭ ‬على‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وأكد‭ ‬المجلس‭ ‬النرويجي‭ ‬للاجئين،‭ ‬أن‭ ‬الإجراءات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ستؤدي‭ ‬إلى‭ ‬عواقب‭ ‬مدمرة،‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬مليوني‭ ‬فلسطيني‭ ‬يعانون‭ ‬بالفعل‭ ‬من‭ ‬المجاعة‭ ‬والحرمان‭ ‬الشديد‭. ‬ووصف‭ ‬جيم‭ ‬كلاركين،‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬أوكسفام‭ ‬الخيرية،‭ ‬هذا‭ ‬التصعيد‭ ‬بأنه‭ ‬انتهاك‭ ‬جسيم‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬معتبرًا‭ ‬أنه‭ ‬يرتقي‭ ‬إلى‭ ‬عقاب‭ ‬جماعي‭ ‬بحق‭ ‬سكان‭ ‬يعانون‭ ‬بالفعل‭ ‬أوضاعًا‭ ‬مأساوية‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تأكيد‭ ‬وكالات‭ ‬الإغاثة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬والدول‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬رفضها‭ ‬تصرفات‭ ‬إسرائيل؛‭ ‬فمن‭ ‬الواضح‭ ‬انتهاج‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬الصمت،‭ ‬أو‭ ‬رفضها‭ ‬إدانة‭ ‬هذا‭ ‬الانتهاك‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي؛‭ ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬عدم‭ ‬استعدادها‭ ‬للتدخل‭ ‬لدعم‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬للمدنيين‭ ‬ضد‭ ‬تواطؤهم‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬وتتوقع‭ ‬الوكالات‭ ‬الغربية‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬تأثير‭ ‬إعادة‭ ‬فرض‭ ‬إسرائيل‭ ‬حظرا‭ ‬على‭ ‬تدفقات‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬إلى‭ ‬غزة،‭ ‬كارثيا‭. ‬وأشار‭ ‬مكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لتنسيق‭ ‬الشؤون‭ ‬الإنسانية،‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬876‭ ‬ألف‭ ‬مدني‭ ‬فلسطيني‭ -‬معظمهم‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭- ‬ما‭ ‬زالوا‭ ‬يواجهون‭ ‬حالة‭ ‬طوارئ‭ ‬تتعلق‭ ‬بالأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬مع‭ ‬مواجهة‭ ‬345‭.‬000‭ ‬شخص‭ ‬آخرين‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬الكارثي‭. ‬وقدرت‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية،‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬14‭ ‬ألف‭ ‬فلسطيني‭ -‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬4500‭ ‬طفل‭- ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬الإجلاء‭ ‬الطبي‭. ‬

من‭ ‬جانبها،‭ ‬حذرت‭ ‬أنجيليتا‭ ‬كاريدا،‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬النرويجي‭ ‬للاجئين‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬قيود‭ ‬تفرضها‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬المساعدات‭ ‬ستدفع‭ ‬المدنيين‭ ‬إلى‭ ‬حافة‭ ‬الانهيار،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الظروف‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬يواجهونها‭ ‬بالفعل،‭ ‬حيث‭ ‬نفدت‭ ‬الإمدادات‭ ‬الغذائية،‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬المستشفيات‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬العمل،‭ ‬ولا‭ ‬بمقدورهم‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬مياه‭ ‬الشرب‭ ‬النظيفة‭. ‬وحذرت‭ ‬اللجنة‭ ‬الدولية‭ ‬للصليب‭ ‬الأحمر،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬تراجع‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬إنجازه‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬الأسابيع‭ ‬الستة‭ ‬الماضية‭ ‬يهدد‭ ‬بدفع‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬اليأس‭ ‬ثانية‭.‬

ووفقا‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الخبراء،‭ ‬فإن‭ ‬إعادة‭ ‬فرض‭ ‬الحصار‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬يمثّل‭ ‬انتهاكاً‭ ‬خطيراً‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وجريمة‭ ‬حرب‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬ووثق‭ ‬مقبل،‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وقف‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬تتعمد‭ ‬تجويع‭ ‬السكان‭ ‬الذين‭ ‬دفعتهم‭ ‬بالفعل‭ ‬إلى‭ ‬حافة‭ ‬المجاعة،‭ ‬مضيفا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬تتجاوز‭ ‬القسوة؛‭ ‬لأنها‭ ‬مدروسة‭ ‬ومنهجية‭ ‬وتنتهك‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭. ‬وبشكل‭ ‬خاص،‭ ‬استشهد‭ ‬بالمادة‭ (‬23‭) ‬من‭ ‬اتفاقية‭ ‬جنيف‭ ‬الرابعة،‭ ‬التي‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬المرور‭ ‬الحر‭ ‬لجميع‭ ‬شحنات‭ ‬الإمدادات‭ ‬الطبية‭ ‬والمستشفيات،‭ ‬والمواد‭ ‬الغذائية‭ ‬الأساسية،‭ ‬والملابس‭ ‬بأسرع‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭. ‬كما‭ ‬تنص‭ ‬المادة‭ (‬11‭) ‬من‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الدولية‭ ‬لعام‭ ‬1966بشأن‭ ‬الحقوق‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافية،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الموقعين‭ ‬يعترفون‭ ‬بحق‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬معيشي‭ ‬لائق؛‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الغذاء‭ ‬الكافي‭ ‬والملابس‭ ‬والسكن،‭ ‬والتحسين‭ ‬المستمر‭ ‬لظروف‭ ‬المعيشة‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أكد‭ ‬المجلس‭ ‬النرويجي‭ ‬للاجئين،‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬ملزمة‭ ‬قانونًا‭ ‬بالالتزام‭ ‬بالمادة‭ (‬59‭) ‬من‭ ‬اتفاقية‭ ‬جنيف‭ ‬الرابعة،‭ ‬التي‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬القوة‭ ‬المحتلة‭ ‬لمنطقة‭ ‬ما،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬توافق‭ ‬على‭ ‬خطط‭ ‬الإغاثة‭ ‬للسكان‭ ‬المدنيين‭ ‬الذين‭ ‬يرزحون‭ ‬تحت‭ ‬الاحتلال،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬السماح‭ ‬بالمرور‭ ‬الحر‭ ‬لهذه‭ ‬الشحنات،‭ ‬وضمان‭ ‬تأمينها‭. ‬وأشار‭ ‬كينيث‭ ‬روث،‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬هيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل،‭ ‬بصفتها‭ ‬قوة‭ ‬احتلال،‭ ‬تتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬مطلقة‭ ‬في‭ ‬ضمان‭ ‬تسليم‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية؛‭ ‬لكنه‭ ‬أكد‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬أنها‭ ‬مستمرة‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬استراتيجية‭ ‬التجويع،‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬حكومتها‭ ‬وجيشها‭ ‬يرتكبان‭ ‬جريمة‭ ‬حرب‭. ‬

من‭ ‬جانبها،‭ ‬اعتبرت‭ ‬منظمة‭ ‬أطباء‭ ‬بلا‭ ‬حدود،‭ ‬أن‭ ‬إعادة‭ ‬فرض‭ ‬إسرائيل‭ ‬الحصار‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬كوسيلة‭ ‬للضغط‭ ‬على‭ ‬حماس‭ ‬لقبول‭ ‬مطالب‭ ‬جديدة‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ -‬لا‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬التفاوض‭ ‬عليه‭ ‬سابقًا‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭- ‬يُعد‭ ‬أمرًا‭ ‬غير‭ ‬مقبول،‭ ‬وفاضحًا‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬واجهت‭ ‬الهدنة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬ستة‭ ‬أسابيع‭ ‬صمدت‭. ‬لكن،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬المضي‭ ‬قدمًا‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬التالية‭ ‬من‭ ‬المفاوضات‭ ‬والتي‭ ‬تتضمن‭ ‬انسحاب‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬من‭ ‬غزة،‭ ‬والالتزام‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬نار‭ ‬دائم؛‭ ‬طالب‭ ‬نتنياهو،‭ ‬بتمديد‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬المؤقت‭ ‬مدة‭ ‬سبعة‭ ‬أسابيع،‭ ‬مع‭ ‬مطالبة‭ ‬إسرائيل‭ ‬لحماس‭ ‬بإطلاق‭ ‬سراح‭ ‬نصف‭ ‬الرهائن‭ ‬الأحياء‭ ‬المتبقين‭. ‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬تساءل‭ ‬آرون‭ ‬ميلر،‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬كارنيغي‭ ‬للسلام‭ ‬الدولي،‭ ‬عن‭ ‬إمكانية‭ ‬قبول‭ ‬حماس‭ ‬لهذه‭ ‬المطالب‭ ‬دون‭ ‬تقديم‭ ‬التزامات‭ ‬متبادلة،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قادتها‭ ‬لن‭ ‬يوافقوا‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬جميع‭ ‬الرهائن‭ ‬دون‭ ‬ضمانات‭ ‬واضحة‭ ‬بشأن‭ ‬انسحاب‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والإعلان‭ ‬الرسمي‭ ‬عن‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬سيمنحها‭ ‬هذه‭ ‬الضمانات،‭ ‬فإن‭ ‬فرص‭ ‬صمود‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬تضاءلت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الأخيرة‭.‬

بدوره،‭ ‬كتب‭ ‬وكيل‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للشؤون‭ ‬الإنسانية،‭ ‬توم‭ ‬فليتشر،‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬واضح،‭ ‬بشأن‭ ‬واجب‭ ‬إسرائيل‭ ‬السماح‭ ‬لوكالات‭ ‬الإغاثة‭ ‬بتسليم‭ ‬الإمدادات‭ ‬الضرورية‭ ‬إلى‭ ‬غزة‭. ‬وأشار‭ ‬مقبل،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يعرقل‭ ‬فيه‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الأعمال‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وتقوم‭ ‬حكومته‭ ‬بتجريمها‭ ‬في‭ ‬الكنيست،‭ ‬فإن‭ ‬إدارة‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬تجمد‭ ‬التمويل‭ ‬الحاسم‭ ‬لها،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬كير‭ ‬ستارمر،‭ ‬البريطانية‭ ‬تخفض‭ ‬ميزانية‭ ‬مساعداتها،‭ ‬لدعم‭ ‬العمل‭ ‬الإنساني‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬حتى‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬زيادة‭ ‬إنفاقها‭ ‬الوطني‭ ‬على‭ ‬الشؤون‭ ‬الدفاعية‭.‬

وإلى‭ ‬جانب‭ ‬التزام‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬المحدود‭ ‬بالمساعدات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬تجاهلت‭ ‬هذه‭ ‬الحكومات‭ ‬أيضًا‭ ‬نداءات‭ ‬المراقبين‭ ‬للمجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬بـالتحرك‭ ‬الفوري،‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬لما‭ ‬وصفوه‭ ‬بـالتعذيب‭ ‬الجماعي،‭ ‬الذي‭ ‬تمارسه‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بـ‭ ‬واشنطن،‭ ‬ذكرت‭ ‬كارا‭ ‬آنا،‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬أسوشيتد‭ ‬برس،‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب،‭ ‬لم‭ ‬تصدر‭ ‬بيانًا،‭ ‬بشأن‭ ‬مطالب‭ ‬إسرائيل‭ ‬الجديدة‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬أو‭ ‬قطع‭ ‬المساعدات‭ ‬عن‭ ‬غزة‭. ‬وأضاف‭ ‬جوليان‭ ‬بورجر،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬الجارديان،‭ ‬أن‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬رفض‭ ‬تأكيد‭ ‬وجود‭ ‬مطالب‭ ‬جديدة‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬اقترحها‭ ‬ويتكوف‭. ‬وتتجلى‭ ‬هذه‭ ‬النيات‭ ‬في‭ ‬لجوء‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬ماركو‭ ‬روبيو،‭ ‬إلى‭ ‬سلطات‭ ‬الطوارئ،‭ ‬لتجاوز‭ ‬موافقة‭ ‬الكونجرس‭ ‬على‭ ‬صفقة‭ ‬أسلحة‭ ‬بقيمة‭ ‬4‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬مصحوبة‭ ‬ببيان‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬الجمهوريين،‭ ‬سيواصلون‭ ‬استخدام‭ ‬كل‭ ‬الأدوات‭ ‬المتاحة‭ ‬للوفاء‭ ‬بالتزام‭ ‬أمريكا‭ ‬الطويل‭ ‬الأمد‭ ‬بأمن‭ ‬إسرائيل‭.‬

من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬فشل‭ ‬القادة‭ ‬الأوروبيون‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬موقف‭ ‬حاسم‭ ‬لدعم‭ ‬القانون‭ ‬الإنساني‭ ‬الدولي‭. ‬وأعرب‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬البريطاني‭ ‬ديفيد‭ ‬لامي،‭ ‬عن‭ ‬قلقه،‭ ‬إزاء‭ ‬تصرفات‭ ‬إسرائيل،‭ ‬لكنه‭ ‬تجنب‭ ‬إدانتها‭. ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬أدان‭ ‬أعضاء‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬حماس‭ ‬لرفضها‭ ‬قبول‭ ‬المطالب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الجديدة،‭ ‬مكتفين‭ ‬بالزعم،‭ ‬أن‭ ‬قطع‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬لا‭ ‬يؤدي‭ ‬إلا‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬المعاناة‭ ‬الإنسانية‭ ‬للفلسطينيين‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬حذرت‭ ‬كاثلين‭ ‬تشابمان،‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬بلان‭ ‬إنترناشيونال،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الآلاف‭ ‬قد‭ ‬يموتون‭ ‬من‭ ‬الجوع‭ ‬والأمراض‭ ‬المرتبطة‭ ‬به‭ ‬وحدها،‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬عدم‭ ‬استئناف‭ ‬تدفق‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬المتفق‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬اتفاقية‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭. ‬وحثت‭ ‬كاريدا،‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬الدولية‭ ‬على‭ ‬بذل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬وسعها‭ ‬لضمان‭ ‬استئناف‭ ‬وصولها‭ ‬إلى‭ ‬غزة‭. ‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬يشير‭ ‬المراقبون‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ردود‭ ‬أفعال‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الفاضحة‭ ‬والمتواصلة‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬والتي‭ ‬ترقى‭ ‬إلى‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬غزة؛‭ ‬تظهر‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬لا‭ ‬تهتم‭ ‬بدعم‭ ‬القانون‭ ‬الإنساني‭ ‬الدولي،‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬إسرائيل‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬ترتكب‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الانتهاكات‭.‬

ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬رأى‭ ‬ميلر،‭ ‬أن‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬الهش‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬بات‭ ‬في‭ ‬خطر‭ ‬جسيم،‭ ‬مع‭ ‬اقتراب‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬استئناف‭ ‬حربها‭ ‬وعنفها‭ ‬الجماعي‭ ‬ضد‭ ‬المنطقة،‭ ‬وهو‭ ‬العنف‭ ‬الذي‭ ‬ستكون‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬متواطئة‭ ‬فيه‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر،‭ ‬تمامًا‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬متواطئة‭ ‬في‭ ‬المعاناة‭ ‬الجماعية‭ ‬لملايين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا