العدد : ١٧١٥٢ - الأحد ٠٩ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ رمضان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٥٢ - الأحد ٠٩ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ رمضان ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

توفير البيئة المحفزة لتعزيز إنتاجية الموظف

بقلم: د. زكريا الخنجي

الأحد ٠٩ مارس ٢٠٢٥ - 02:00

من‭ ‬الجزئيات‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬طرحها‭ ‬في‭ ‬دورة‭ ‬منظومة‭ (‬الذكاء‭ ‬الإداري‭) ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬العامة‭ ‬توفير‭ (‬البيئة‭ ‬المحفزة‭) ‬للموظف‭ ‬بهدف‭ ‬زيادة‭ ‬إنتاجيته‭ ‬وكذلك‭ ‬توفير‭ ‬السعادة‭ ‬الوظيفية‭ ‬في‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬يعمل‭ ‬فيه‭.‬

تُعرف‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬هي‭ ‬كل‭ ‬العناصر‭ ‬المحيطة‭ ‬بالموظف،‭ ‬والتي‮ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬أدائه‭ ‬الوظيفي‭ ‬وإنتاجيته‭ ‬في‭ ‬العمل‮ ‬يوميًا،‭ ‬وتشمل‭ ‬هذه‭ ‬العناصر‭ ‬ثقافة‭ ‬المؤسسة‭ ‬من‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬الموظفين،‭ ‬وأهداف‭ ‬المؤسسة‭ ‬ورسالتها‭. ‬وتجد‭ ‬الدراسات‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬وأن‭ ‬تعمل‭ ‬المؤسسة‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬جوانب‭ ‬بيئة‭ ‬العمل،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ما‭ ‬تُجهّز‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬أجهزة‭ ‬وأثاث،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الأجواء‭ ‬التي‭ ‬تُحيط‭ ‬بالموظف‭ ‬سواء‭ ‬سلبية‭ ‬أو‭ ‬إيجابية‭ ‬والتي‭ ‬تؤثر‭ ‬في‮ ‬الحالة‭ ‬النفسية‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬العمل والأداء‭ ‬الوظيفي‭.‬

وكذلك‭ ‬تجد‭ ‬الدراسات‭ ‬أن‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬مبادئ‭ ‬صحيحة‭ ‬تمنح‭ ‬الفرص‭ ‬للموظفين‭ ‬للنمو‭ ‬والتطور‭ ‬وظيفيًا،‭ ‬فهي‭ ‬تتيح‭ ‬لهم‭ ‬معرفة‭ ‬نقاط‭ ‬ضعفهم‭ ‬من‭ ‬مهارات‭ ‬أو‭ ‬معرفة‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تطويرها‭ ‬عبر‭ ‬الفرص‭ ‬التدريبية‭ ‬التي‭ ‬توفرها‭ ‬لهم‭ ‬المؤسسة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تواصلهم‭ ‬الفعّال‭ ‬مع‭ ‬زملائهم‭ ‬من‭ ‬فريق‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬غيره‭ ‬يمنحهم‭ ‬الفرصة‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬خبراتهم‭ ‬ومهاراتهم‭.‬

وربما‭ ‬هذا‭ ‬يعني‭ ‬بكل‭ ‬بساطة‭ ‬أنه‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬المؤسسة‭ ‬أن‭ ‬توفر‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬الإيجابية‮ ‬للموظف،‭ ‬وهي‭ ‬تلك‭ ‬البيئة‭ ‬التي‭ ‬تعني‭ ‬مكان‭ ‬العمل‭ ‬الذي‭ ‬يشعر‭ ‬فيه‭ ‬الموظف‭ ‬بالسلامة‭ ‬والأمان‭ ‬والرضا‭ ‬الوظيفي،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تدعمه‭ ‬وتحفزه‭ ‬دائمًا‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافه‭ ‬وبلوغ‭ ‬مستوى‭ ‬أعلى‭ ‬في‭ ‬التطور‭ ‬الوظيفي،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬بهدف‭ ‬تحقيق‭ ‬النمو‭ ‬والأرباح‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬يتحقق‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬توافرت‭ ‬للموظف‭ ‬كل‭ ‬العوامل‭ ‬الممكنة‭ ‬التي‭ ‬تحفزه‭ ‬على‭ ‬السعي‭ ‬لذلك،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يمكن‭ ‬تسمية‭ ‬هذه‭ ‬البيئة‭ ‬أيضًا‭ ‬ببيئة‭ ‬العمل‭ ‬الخلاقة‭ ‬للإنتاج‭ ‬والإبداع‭. ‬

حسنُ،‭ ‬كيف‭ ‬تستطيع‭ ‬المؤسسات‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬تلك‭ ‬البيئة‭ ‬المحفزة‭ ‬التي‭ ‬تسهم‭ ‬بصورة‭ ‬فعالة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬وتعزيز‭ ‬الإبداع‭ ‬والإنتاجية؟

وجدنا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأمور،‭ ‬ولكننا‭ ‬سنحاول‭ ‬أن‭ ‬نحصر‭ ‬نقاطنا‭ ‬في‭ ‬10‭ ‬أمور‭ ‬بقدر‭ ‬الإمكان،‭ ‬وهي‭ ‬كالتالي‭:‬

أولاً‭: ‬خطة‭ ‬استراتيجية‭ ‬للعمل‭ ‬واضحة؛‭ ‬أشرنا‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬أنه‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬للمؤسسة‭ ‬أيًا‭ ‬كانت‭ ‬خطة‭ ‬عمل‭ ‬واضحة،‭ ‬ذات‭ ‬أهداف‭ ‬ورؤية‭ ‬محددة‭ ‬يمكن‭ ‬للموظفين‭ ‬السعي‭ ‬لتحقيقها،‭ ‬وعليه‭ ‬فإن‭ ‬الخطة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬معروفة‭ ‬لجميع‭ ‬الموظفين،‭ ‬وحتى‭ ‬يتم‭ ‬ذلك‭ ‬فإنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تنتشر‭ ‬ثقافة‭ ‬عامة‭ ‬سواء‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬المحاضرات‭ ‬أو‭ ‬الاجتماعات‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬بعض‭ ‬الدورات‭ ‬التدريبية‭ ‬الداخلية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مناقشة‭ ‬الخطة‭ ‬وكيفية‭ ‬تحقيقها،‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬حتى‭ ‬يشعر‭ ‬الموظف‭ ‬أنه‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسة‭ ‬وكذلك‭ ‬فإن‭ ‬وجود‭ ‬خطة‭ ‬واضحة‭ ‬ومحددة‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬الشعور‭ ‬بالسعادة‭ ‬والأمان‭ ‬الوظيفي‭ ‬للجميع‭.‬

ثانيًا‭: ‬القيادة‭ ‬الإدارية‭ ‬المؤسسية؛‭ ‬من‭ ‬الضروريات‭ ‬القصوى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬للمؤسسة‭ ‬قيادة‭ ‬تتمتع‭ ‬بالذكاء‭ ‬الإداري،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يفهم‭ ‬هذا‭ ‬الإنسان‭ ‬الإداري‭ ‬أنه‭ ‬موظف‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬ومسؤول‭ ‬بحكم‭ ‬القوانين،‭ ‬ولكن‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬يُذكر‭ ‬الموظفين‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬فترة‭ ‬وأخرى‭ ‬أنه‭ ‬هو‭ ‬المسؤول‭ ‬وأن‭ ‬عليهم‭ ‬السمع‭ ‬والطاعة،‭ ‬ولكن‭ ‬يتحتم‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الإنسان‭ ‬الإداري‭ ‬أن‭ ‬يفهم‭ ‬ويدرك‭ ‬المعنى‭ ‬الحقيقي‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬مصطلح‭ (‬القيادة‭ ‬المسؤولة‭)‬،‭ ‬فهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لديه‭ ‬ميزان‭ ‬حساس‭ ‬يقيس‭ ‬به‭ ‬الواجبات‭ ‬والمسؤوليات‭ ‬والاهتمام‭ ‬وبشرية‭ ‬الناس‭ ‬وكل‭ ‬صغيرة‭ ‬وكبيرة،‭ ‬فالناس‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬ليسوا‭ ‬أقل‭ ‬منه‭ ‬ذكاء‭ ‬وقدرة،‭ ‬وإنما‭ ‬هو‭ ‬منصب‭ ‬وأنت‭ ‬مكلف‭ ‬بالمحافظة‭ ‬عليه‭.  ‬

ثالثًا‭: ‬إنشاء‭ ‬فريق‭ ‬وفرق‭ ‬عمل؛‭ ‬نحن‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬يؤمنون‭ ‬أن‭ ‬العمل‭ ‬المؤسسي‭ ‬لا‭ ‬يستقيم‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العمل‭ ‬بمنهجية‭ ‬فرق‭ ‬العمل،‭ ‬بمعنى‭ ‬العمل‭ ‬الجماعي،‭ ‬فالفردية‭ ‬غير‭ ‬مطلوبة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬المؤسسي‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬نتائج،‭ ‬فلا‭ ‬يوجد‭ ‬إنسان‭ ‬سوبر‭ ‬مان‭ ‬الذي‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬ينجز‭ ‬كل‭ ‬الأعمال‭ ‬وحده،‭ ‬فالعمل‭ ‬الجماعي‭ ‬يتمتع‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬الإيجابيات‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬السلبيات،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬كفة‭ ‬الإيجابيات‭ ‬ترجح‭ ‬كفة‭ ‬السلبيات‭.‬

رابعًا‭: ‬إعادة‭ ‬قراءة‭ ‬مفهوم‭ ‬الاتصال‭ ‬والتواصل؛‭ ‬جميعنا‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬عملية‭ ‬الاتصال‭ ‬والتواصل‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬العناصر‭ ‬التالية‭: ‬مرسل‭ ‬ومستقبل‭ ‬ورسالة‭ ‬وقناة،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬المفهوم‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بكثير،‭ ‬فقد‭ ‬تناولنا‭ ‬هذا‭ ‬المفهوم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الزاوية،‭ ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬نرغب‭ ‬في‭ ‬التكرار،‭ ‬ولكن‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مفهومًا‭ ‬أن‭ ‬عملية‭ ‬الاتصال‭ ‬والتواصل‭ ‬إن‭ ‬سارت‭ ‬بطريقة‭ ‬صحيحة‭ ‬فإن‭ ‬جميع‭ ‬من‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬سيكون‭ ‬سعيدًا،‭ ‬والعكس‭ ‬كذلك‭ ‬صحيح‭. ‬ومن‭ ‬الأمور‭ ‬المهمة‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالاتصال‭ ‬والتواصل‭ ‬موضوع‭ ‬التغذية‭ ‬الراجعة،‭ ‬فمن‭ ‬الضروري‭ ‬جدًا‭ ‬أن‭ ‬تصغى‭ ‬القيادة‭ ‬الإدارية‭ ‬للموظفين،‭ ‬ففي‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬فإنهم‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يضعوا‭ ‬النقاط‭ ‬على‭ ‬الحروف‭ ‬لأنهم‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬في‭ ‬الميدان‭ ‬ويعرفون‭ ‬مجريات‭ ‬الأمور‭.‬

خامسًا‭: ‬منح‭ ‬الفرص‭ ‬للتدريب‭ ‬والتطوير؛‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬إنسان‭ ‬لا‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬نفسه‭ ‬والارتقاء‭ ‬في‭ ‬السلم‭ ‬الوظيفي،‭ ‬ولكن‭ ‬بعض‭ ‬الموظفين‭ ‬يتسارعون‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬ويفرضون‭ ‬أنفسهم‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬أهدافهم،‭ ‬وبعض‭ ‬الموظفين‭ ‬الذين‭ ‬نطلق‭ ‬عليهم‭ ‬موظفين‭ ‬الظل،‭ ‬لا‭ ‬يحبذون‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الراحة،‭ ‬لذلك‭ ‬يحتاجون‭ ‬من‭ ‬قيادة‭ ‬المؤسسة‭ ‬أن‭ ‬تمنحهم‭ ‬الفرص‭ ‬الكثيرة‭ ‬وتدفعهم‭ ‬دفعًا‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الراحة‭ ‬إلى‭ ‬المناطق‭ ‬الأخرى،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬على‭ ‬المؤسسة‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬خطة‭ ‬لتدريب‭ ‬الموظفين‭ ‬جمعهم،‭ ‬وتمنحهم‭ ‬الفرص‭ ‬تلو‭ ‬الفرص‭ ‬الارتقاء‭ ‬والتدريب‭ ‬حتى‭ ‬تصقل‭ ‬قدراتهم‭ ‬ومهاراتهم‭ ‬وتزيل‭ ‬الصدأ‭ ‬على‭ ‬عقولهم‭.‬

سادسًا‭: ‬منح‭ ‬المزايا‭ ‬والمكافآت؛‭ ‬استكمالاً‭ ‬للنقطة‭ ‬السابقة،‭ ‬فإنه‭ ‬يمكن‭ ‬منح‭ ‬كل‭ ‬موظف‭ ‬يتجاوز‭ ‬ساعات‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬التدريب‭ ‬والتعلم‭ ‬الذاتي،‭ ‬بعض‭ ‬المزايا‭ ‬والمكافآت،‭ ‬وهذا‭ ‬ربما‭ ‬يشجع‭ ‬الموظفين‭ ‬الذي‭ ‬يخلدون‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الراحة،‭ ‬فالمكافآت‭ ‬المادية‭ ‬أو‭ ‬بعض‭ ‬المزايا‭ ‬اللوجستية‭ ‬ذات‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬الموظف،‭ ‬ولا‭ ‬نعني‭ ‬بالمزايا‭ ‬أن‭ ‬يمنح‭ ‬رئاسة‭ ‬قسم‭ ‬أو‭ ‬وحدة‭ ‬مثلاً،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬مزايا‭ ‬ربما‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬بعض‭ ‬الأمور‭ ‬الإدارية‭ ‬أو‭ ‬الإشرافية‭ ‬أو‭ ‬بعض‭ ‬فترات‭ ‬الراحة،‭ ‬ويمكن‭ ‬للقيادة‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأمور‭ ‬الأخرى‭.‬

سابعًا‭: ‬تشجيع‭ ‬الإبداع‭ ‬والابتكار؛‭ ‬فالمؤسسة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتغير‭ ‬وفق‭ ‬منهجية‭ ‬واضحة‭ ‬وثابتة‭ ‬فإنها‭ ‬ستبلغ‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬منطقة‭ ‬الانهيار،‭ ‬فكم‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬كانت‭ ‬عملاقة‭ ‬ذات‭ ‬يوم،‭ ‬ولكنها‭ ‬لأنها‭ ‬أقفلت‭ ‬باب‭ ‬التفكير‭ ‬والإبداع‭ ‬والابتكار‭ ‬انهارت‭ ‬وغادرت‭ ‬السوق‭ ‬والحياة‭. ‬لذلك‭ ‬فإنه‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬المؤسسة‭ ‬وقيادة‭ ‬المؤسسة‭ ‬أن‭ ‬تمنح‭ ‬الفرصة‭ ‬لجميع‭ ‬الموظفين‭ ‬أن‭ ‬يقوموا‭ ‬بعمليات‭ ‬التفكير‭ ‬والإبداع‭ ‬والابتكار،‭ ‬وتسجيل‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الأفكار‭ ‬والاستفادة‭ ‬منها‭ ‬بقدر‭ ‬الإمكان‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬الأعمال‭ ‬والعمليات،‭ ‬فربما‭ ‬ما‭ ‬يشاهده‭ ‬موظف‭ ‬بسيط‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لقائد‭ ‬المؤسسة‭ ‬أن‭ ‬يشاهده‭.‬

ثامنًا‭: ‬توفير‭ ‬البيئة‭ ‬المادية‭ ‬المناسبة؛‭ ‬فالأثاث‭ ‬والمساحات‭ ‬وألوان‭ ‬الجدار‭ ‬والإضاءة‭ ‬ونظافة‭ ‬المكان‭ ‬وتوفير‭ ‬المياه‭ ‬النقية‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الماديات‭ ‬ذات‭ ‬ضرورة‭ ‬للموظف،‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭ ‬تسهم‭ ‬بصورة‭ ‬إيجابية‭ ‬في‭ ‬تعديل‭ ‬نفسية‭ ‬الموظف‭ ‬ومزاجه،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬ينعكس‭ ‬إيجابيًا‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬إنتاجيته‭.‬

تاسعًا‭: ‬تنمية‭ ‬المهارات‭ ‬الاجتماعية؛‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬تكون‭ ‬المؤسسة‭ ‬مؤسسة‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬المشاعر‭ ‬الإنسانية،‭ ‬فالحياة‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تعد‭ ‬امتدادًا‭ ‬طبيعيًا‭ ‬للحياة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬للإنسان،‭ ‬فالبقاء‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬7‭ ‬ساعات‭ ‬يوميًا‭ ‬ينشأ‭ ‬علاقات‭ ‬إنسانية‭ ‬بين‭ ‬الموظفين‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬جميلة‭ ‬وهذا‭ ‬يؤثر‭ ‬إيجابيًا‭ ‬في‭ ‬الموظف،‭ ‬وربما‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬ذلك،‭ ‬لذلك‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬القيادة‭ ‬أن‭ ‬تراعي‭ ‬ظروف‭ ‬الموظف‭ ‬حتى‭ ‬ظروفه‭ ‬الاجتماعية‭ ‬أو‭ ‬المادية‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬النفسية،‭ ‬فإن‭ ‬كان‭ ‬يعاني‭ ‬بسبب‭ ‬أو‭ ‬بآخر‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تدرس‭ ‬حالته‭ ‬ونفسيته،‭ ‬فربما‭ ‬كان‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬راحة‭ ‬أو‭ ‬فترة‭ ‬نقاهة،‭ ‬أو‭ ‬خلاف‭ ‬ذلك،‭ ‬فيجب‭ ‬على‭ ‬القيادة‭ ‬والمؤسسة‭ ‬ألا‭ ‬تستهين‭ ‬بذلك‭.     ‬

عاشرًا‭: ‬الاهتمام‭ ‬بالثقافة‭ ‬المؤسسية؛‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬المؤسسة‭ ‬بتوفير‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬ذكر‭ ‬سابقًا‭ ‬وكل‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬نذكرها،‭ ‬ينبغي‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تنشر‭ ‬هذه‭ ‬الثقافة‭ ‬في‭ ‬أروقة‭ ‬المؤسسة،‭ ‬إذ‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬ثقافة‭ ‬المؤسسة‭ ‬بصورة‭ ‬كلية،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتمتع‭ ‬بها‭ ‬بعض‭ ‬الأفراد‭ ‬ولا‭ ‬يتمتع‭ ‬بها‭ ‬أفراد‭ ‬آخرون،‭ ‬فالجميع‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسة،‭ ‬يشارك‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬خططها‭ ‬وبالتالي‭ ‬يكون‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬الحل‭ ‬وتنفيذ‭ ‬تلك‭ ‬المخططات،‭ ‬فإن‭ ‬وجد‭ ‬أي‭ ‬خلل‭ ‬وفي‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬يقوم‭ ‬هو‭ ‬بتصحيحه‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬يتمكن‭ ‬فيمكنه‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬الخلل‭ ‬في‭ ‬الحال،‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الثقافة‭ ‬المطلوبة‭.‬

تشير‭ ‬دراسة‭ ‬بعنوان‭ (‬أهمية‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الإبداع‭ ‬الوظيفي‭) ‬للباحثة‭ ‬منى‭ ‬خالد‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المؤسسات‭ ‬والمنظمات‭ ‬الناجحة‭ ‬تجد‭ ‬أن‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬يؤهلها‭ ‬للصدارة‭ ‬وما‭ ‬يبقيها‭ ‬قوية‭ ‬هو‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تعتمد‭ ‬الاعتماد‭ ‬الكلي‭ ‬على‭ ‬الخبرة‭ ‬والكفاءة‭ ‬للموظف‭ ‬أو‭ ‬الإداري،‭ ‬وإنهاء‭ ‬المسؤوليات‭ ‬على‭ ‬أكمل‭ ‬وأتم‭ ‬وجه‭ ‬وبالشكل‭ ‬الصحيح‭ ‬والأمثل،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬تبحث‭ ‬طرقًا‭ ‬أخرى‭ ‬لتبقى‭ ‬في‭ ‬المقدمة‭ ‬وليزيد‭ ‬الحماس‭ ‬داخل‭ ‬بيئة‭ ‬العمل،‭ ‬لأنها‭ ‬تطمح‭ ‬إلى‭ ‬التقدم‭ ‬والتطور‭ ‬بالشكل‭ ‬الأعظم،‭ ‬لتتقدم‭ ‬بأفكارها‭ ‬وآرائها‭ ‬وأهدافها‭ ‬أمام‭ ‬نظائرها‭ ‬من‭ ‬المؤسسات،‭ ‬لتكون‭ ‬مبدعة‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬المجالات‭.‬

وقبل‭ ‬الختام‭ ‬يبقى‭ ‬السؤال‭ ‬الذهبي‭ ‬والأهم؛‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نصنع‭ ‬بيئة‭ ‬عمل‭ ‬محفزة‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬إنتاجية‭ ‬الموظف؟‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نجيب‭ ‬ببساطة‭ ‬ونقول‭ ‬إنها‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬أمور‭ ‬مهمة‭ ‬وهي‭: ‬خصائص‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬نفسها،‭ ‬الإدارة‭ ‬والقيادة،‭ ‬وكذلك‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬ننسى‭ ‬الموظف‭. ‬فللوصول‭ ‬إلى‭ ‬بيئة‭ ‬عمل‭ ‬مثالية‭ ‬وإيجابية‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬التكامل‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬العناصر‭ ‬الثلاثة‭ ‬عبر‭ ‬وصولها‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬متقدم‭ ‬ونموذجي‭ ‬في‭ ‬التطبيق،‭ ‬فخلاصة‭ ‬القول‭ ‬هنا‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬ضمان‭ ‬وجود‭ ‬بيئة‭ ‬عمل‭ ‬إيجابية‭ ‬مشجعة‭ ‬بكل‭ ‬عواملها‭ ‬التي‭ ‬ذكرناها‭ ‬سابقًا‭. ‬

 

Zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا