العدد : ١٧١٥٢ - الأحد ٠٩ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ رمضان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٥٢ - الأحد ٠٩ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ رمضان ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

التميز الخليجي في العطاء الإنساني

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

السبت ٠٨ مارس ٢٠٢٥ - 02:00

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬هي‭ ‬دول‭ ‬نامية،‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬مواردها‭ ‬لصناعة‭ ‬تقدمها،‭ ‬وتقليص‭ ‬الفجوة‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تميزت‭ ‬مقارنة‭ ‬بغيرها‭ ‬من‭ ‬المجموعات‭ ‬الدولية‭ ‬بعطائها‭ ‬الإنساني،‭ ‬وهو‭ ‬العطاء‭ ‬الممتد‭ ‬من‭ ‬مساعدات‭ ‬التنمية‭ ‬إلى‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وقد‭ ‬أسست‭ ‬كل‭ ‬منها‭ ‬هيئة‭ ‬معنية‭ ‬لهذا‭ ‬الغرض،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬جهد‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭.‬

ومع‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬الإنساني،‭ ‬اتسمت‭ ‬المساعدات‭ ‬الخليجية‭ ‬بعدم‭ ‬مشروطيتها،‭ ‬خلافًا‭ ‬للدول‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬المساعدات‭ ‬كأداة‭ ‬ضغط‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬سياستها‭ ‬الخارجية‭. ‬ومنذ‭ ‬ستينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬مع‭ ‬إطلاق‭ ‬‮«‬مؤتمر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للتجارة‭ ‬والتنمية‮»‬،‭ ‬دعوته‭ ‬للدول‭ ‬الغنية‭ ‬لتخصيص‭ ‬1%‭  ‬من‭ ‬ناتجها‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬للمساعدات،‭ ‬التزمت‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬بهذا‭ ‬النهج،‭ ‬لتكون‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬القلائل‭ ‬الذين‭ ‬استجابوا‭ ‬لهذا‭ ‬النداء‭ ‬بفاعلية‭.‬

ومع‭ ‬تنامي‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬عدة‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬فلسطين،‭ ‬والسودان،‭ ‬ولبنان،‭ ‬وسوريا،‭ ‬واليمن؛‭ ‬استضافت‭ ‬الرياض‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬الماضي‭ ‬‮«‬منتدى‭ ‬الرياض‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني‮»‬،‭ ‬بمشاركة‭ ‬وزراء،‭ ‬وخبراء،‭ ‬ومسؤولين‭ ‬أمميين،‭ ‬لبحث‭ ‬أوضاع‭ ‬الفئات‭ ‬الأكثر‭ ‬تضررًا‭ ‬من‭ ‬الأزمات‭ ‬والكوارث‭ ‬التي‭ ‬عمقت‭ ‬التحديات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وشكل‭ ‬هذا‭ ‬الاجتماع‭ ‬النسخة‭ ‬الرابعة‭ ‬للمنتدى،‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬علامة‭ ‬بارزة‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬العمل‭ ‬الإنساني‭. ‬ومع‭ ‬وجود‭ ‬عراقيل‭ ‬سياسية‭ ‬تعطل‭ ‬انسياب‭ ‬هذه‭ ‬المساعدات،‭ ‬اتخذت‭ ‬هذه‭ ‬النسخة‭ ‬عنوانًا‭ ‬لها‭ ‬هو‭ ‬‮«‬استكشاف‭ ‬مستقبل‭ ‬الاستجابة‭ ‬الإنسانية‮»‬،‭ ‬وجاء‭ ‬انعقادها‭ ‬تزامنًا‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬عِقد‭ ‬على‭ ‬تأسيس‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬الملك‭ ‬سلمان‭ ‬للإغاثة‭ ‬والأعمال‭ ‬الإنسانية‮»‬،‭ ‬‮«‬وبعد‭ ‬احتفال‭ ‬المملكة‭ ‬بيوم‭ ‬التأسيس‮»‬‭.‬

ونظرًا‭ ‬لأن‭ ‬السعودية‭ ‬تأتي‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬العطاء‭ ‬الإنساني،‭ ‬بإسهامها‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬3000‭ ‬مشروع‭ ‬إنساني‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬دولة‭ ‬حول‭ ‬العالم؛‭ ‬فقد‭ ‬أرسل‭ ‬المركز‭ ‬مساعداته‭ ‬لـ‭ ‬106‭ ‬دول،‭ ‬خلال‭ ‬العِقد‭ ‬الماضي،‭ ‬بتكلفة‭ ‬تجاوزت‭ ‬7‭.‬3‭ ‬مليارات‭ ‬دولار،‭ ‬نفذ‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬3355‭ ‬مشروعًا‭ ‬إنمائيًا،‭ ‬وعقد‭ ‬شراكات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬عمله‭ ‬مع‭ ‬211‭ ‬منظمة‭ ‬أممية‭ ‬ودولية‭ ‬ومحلية‭. ‬وخلال‭ ‬العقود‭ ‬الخمسة‭ ‬الماضية،‭ ‬تجاوز‭ ‬حجم‭ ‬العطاء‭ ‬السعودي‭ ‬133‭.‬8‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬وغدا‭ ‬المركز‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬المراكز‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬تنفذ‭ ‬المشاريع‭ ‬التطوعية‭ ‬الخارجية،‭ ‬حيث‭ ‬نفذ‭ ‬876‭ ‬مشروعًا‭ ‬في‭ ‬52‭ ‬دولة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬المشاركة‭ ‬الفاعلة‭ ‬مع‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬التوجهات‭ ‬الإنسانية‭ ‬العالمية،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬استحداث‭ ‬آليات‭ ‬وصول‭ ‬خلاقة،‭ ‬وتحقيق‭ ‬أثر‭ ‬قوي‭ ‬ومستدام‭.  ‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬شهد‭ ‬افتتاح‭ ‬المنتدى،‭ ‬توقيع‭ ‬المركز‭ ‬اتفاقيات‭ ‬مع‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‮»‬،‭ ‬للمبادرة‭ ‬العالمية‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬شلل‭ ‬الأطفال‭ ‬بقيمة‭ ‬500‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬ومع‭ ‬‮«‬اليونيسيف‮»‬،‭ ‬بقيمة‭ ‬200‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬ومع‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬البنك‭ ‬الإسلامي‭ ‬للتنمية‮»‬‭ ‬لدعم‭ ‬صندوق‭ ‬العيش‭ ‬والمعيشة‭ (‬المرحلة‭ ‬الثانية‭) ‬لأكبر‭ ‬مبادرة‭ ‬تنموية‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بقيمة‭ ‬100‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬لتمويل‭ ‬مشاريع‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬البنك‭ ‬الإسلامي‭ ‬للتنمية‭. ‬وفيما‭ ‬تتعاون‭ ‬المملكة‭ ‬مع‭ ‬برنامج‭ ‬الغذاء‭ ‬العالمي‭ ‬منذ‭ ‬عقود،‭ ‬فقد‭ ‬قدمت‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬برنامج‭ ‬التمور‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬ألف‭ ‬طن‭ ‬جرى‭ ‬توزيعها‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬دولة‭.‬

وفي‭ ‬مجال‭ ‬العطاء‭ ‬الإنساني‭ ‬أيضًا،‭ ‬تعد‭ ‬السعودية‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬استقبالًا‭ ‬للاجئين،‭ ‬حيث‭ ‬توفر‭ ‬لهم‭ ‬فرص‭ ‬التعليم‭ ‬والعلاج‭ ‬مجانًا،‭ ‬وتحرص‭ ‬على‭ ‬إدماجهم‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وإتاحة‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬لهم‭. ‬ومنذ‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬أخذ‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬الملك‭ ‬سلمان‭ ‬للإغاثة‭ ‬والأعمال‭ ‬الإنسانية‮»‬‭ ‬في‭ ‬تسيير‭ ‬خطوط‭ ‬إغاثة‭ ‬جوية‭ ‬وبحرية،‭ ‬وتعاون‭ ‬مع‭ ‬الأردن‭ ‬في‭ ‬كسر‭ ‬إغلاق‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للمعابر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عمليات‭ ‬إسقاط‭ ‬جوي‭ ‬للمساعدات‭. ‬وحتى‭ ‬أغسطس‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬بلغت‭ ‬قيمة‭ ‬هذه‭ ‬المساعدات‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬185‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬كما‭ ‬قدم‭ ‬دعمًا‭ ‬ماليًا‭ ‬لعلاج‭ ‬مرضى‭ ‬السرطان‭ ‬من‭ ‬أهالي‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬الأردن‭.‬

وانطلاقًا‭ ‬من‭ ‬التزام‭ ‬المملكة‭ ‬المستمر‭ ‬بتقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬الدولية،‭ ‬تبنى‭ ‬المركز‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬‮«‬البرنامج‭ ‬السعودي‭ ‬لنزع‭ ‬الألغام‮»‬،‭ ‬و«مراكز‭ ‬الأطراف‭ ‬الصناعية‮»‬،‭ ‬و«مشروع‭ ‬إعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬وإدماج‭ ‬الأطفال‭ ‬المرتبطين‭ ‬سابقًا‭ ‬بالنزاع‭ ‬المسلح‮»‬‭. ‬كما‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬بارز‭ ‬في‭ ‬أحداث‭ ‬زلزال‭ ‬تركيا،‭ ‬وسوريا،‭ ‬حيث‭ ‬دشن‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬سمع‭ ‬السعودية‮»‬‭ ‬التطوعي‭ ‬في‭ ‬تركيا،‭ ‬للتأهيل‭ ‬السمعي‭ ‬وزراعة‭ ‬القوقعة‭ ‬للمتضررين،‭ ‬ليصبح‭ ‬أكبر‭ ‬حدث‭ ‬إنساني‭ ‬تطوعي‭ ‬لزراعة‭ ‬القوقعة‭ ‬والتأهيل‭ ‬السمعي‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬وفي‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬أقرت‭ ‬‮«‬الأمم‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬مبادرة‭ ‬السعودية‭ ‬باعتبار‭ ‬يوم‭ ‬24‭ ‬نوفمبر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬يومًا‭ ‬عالميًا‭ ‬للتوائم‭ ‬الملتصقة،‭ ‬وبمناسبته‭ ‬تستعد‭ ‬الرياض‭ ‬في‭ ‬2025‭ ‬لعقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬دولي‭ ‬احتفاءً‭ ‬بمرور‭ ‬30‭ ‬عامًا‭ ‬على‭ ‬بدء‭ ‬البرنامج‭ ‬السعودي‭ ‬للتوائم‭ ‬الملتصقة‭.‬

ومنذ‭ ‬نشأتها‭ ‬في‭ ‬1971،‭ ‬برزت‭ ‬‮«‬الإمارات‮»‬،‭ ‬كنموذج‭ ‬للعطاء‭ ‬الإنساني،‭ ‬وأسست‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬‮«‬صندوق‭ ‬أبوظبي‭ ‬للتنمية»؛‭ ‬ليكون‭ ‬عونًا‭ ‬للأشقاء‭ ‬والأصدقاء‭ ‬بالإسهام‭ ‬في‭ ‬مشروعاتهم‭ ‬التنموية،‭ ‬وفي‭ ‬1992‭ ‬كان‭ ‬إنشاء‭ ‬‮«‬مؤسسة‭ ‬زايد‭ ‬للأعمال‭ ‬الخيرية‭ ‬والإنسانية‮»‬،‭ ‬لتكون‭ ‬ذراعًا‭ ‬ممتدة‭ ‬في‭ ‬ساحات‭ ‬العطاء‭ ‬الإنساني‭. ‬ومنذ‭ ‬قيام‭ ‬الدولة‭ ‬حتى‭ ‬وفاة‭ ‬الشيخ‭ ‬‮«‬زايد‭ ‬بن‭ ‬سلطان‮»‬‭ ‬‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬‭ ‬بلغت‭ ‬قيمة‭ ‬المساعدات‭ ‬التنموية‭ ‬والإنسانية‭ ‬التي‭ ‬قدمتها‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬90‭.‬5‭ ‬مليار‭ ‬درهم،‭ ‬توجهت‭ ‬لـ‭ ‬117‭ ‬دولة‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬فيما‭ ‬تعهد‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‮»‬،‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬بالحفاظ‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النهج،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬الخارجية‭ ‬لبلاده‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬مسيراتها‭ ‬والتزاماتها‭ ‬الأخلاقية‭ ‬تجاه‭ ‬الشعوب‭ ‬الأقل‭ ‬حظًا،‭ ‬ولا‭ ‬ترتبط‭ ‬بدين،‭ ‬أو‭ ‬عرق،‭ ‬أو‭ ‬لون،‭ ‬أو‭ ‬الاختلاف‭ ‬السياسي‭. ‬

وحتى‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬بلغت‭ ‬قيمة‭ ‬المساعدات‭ ‬الإماراتية‭ ‬الخارجية‭ ‬نحو‭ ‬320‭ ‬مليار‭ ‬درهم،‭ ‬استفادت‭ ‬منها‭ ‬201‭ ‬دولة،‭ ‬ومنذ‭ ‬بداية‭ ‬2021‭ ‬وحتى‭ ‬أغسطس‭ ‬2022‭ ‬‭ ‬حيث‭ ‬الاحتفال‭ ‬باليوم‭ ‬العالمي‭ ‬للعطاء‭ ‬الإنساني‭ ‬‭ ‬بلغت‭ ‬قيمتها‭ ‬نحو‭ ‬13‭ ‬مليار‭ ‬درهم،‭ ‬ومنذ‭ ‬1971‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬العالم‭ ‬الماضي‭ ‬تخطت‭ ‬قيمة‭ ‬مساعداتها‭ ‬الخارجية‭ ‬الـ360‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭. ‬وفي‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬أطلقت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬لمد‭ ‬يد‭ ‬العون‭ ‬للأشقاء‭ ‬والأصدقاء،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬عونك‭ ‬يا‭ ‬يمن‭ ‬في‭ ‬2015،‭ ‬لأجلك‭ ‬يا‭ ‬صومال‭ ‬في‭ ‬2017،‭ ‬وأطفال‭ ‬ونساء‭ ‬الروهنجا‭ ‬في‭ ‬2019،‭ ‬ودعم‭ ‬اللاجئين‭ ‬والنازحين‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وإفريقيا‭ ‬في‭ ‬2022،‭ ‬وجسور‭ ‬الخير‭ ‬في‭ ‬2023‭ ‬لدعم‭ ‬المتضررين‭ ‬من‭ ‬الزلزال‭ ‬في‭ ‬تركيا‭ ‬وسوريا،‭ ‬‮«‬تراحم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬منذ‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‮»‬‭.‬

ودلالة‭ ‬على‭ ‬تميزها‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الإنساني‭ ‬تم‭ ‬اختيار‭ ‬‮«‬الكويت‮»‬‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2014،‭ ‬‮«‬مركزًا‭ ‬للعمل‭ ‬الإنساني‮»‬،‭ ‬وتسمية‭ ‬أمير‭ ‬البلاد‭ ‬الراحل‭ ‬الشيخ‭ ‬‮«‬صباح‭ ‬الأحمد‮»‬،‭ ‬قائدًا‭ ‬للعمل‭ ‬الإنساني،‭ ‬فيما‭ ‬التزمت‭ ‬نهجها‭ ‬المعهود‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬العمل‭ ‬الإنساني‭ ‬العالمي،‭ ‬بموجب‭ ‬قيم‭ ‬إنسانية‭ ‬خالصة،‭ ‬مترفعة‭ ‬عن‭ ‬سياسات‭ ‬الاستقطاب‭ ‬والمحاور،‭ ‬وهو‭ ‬النهج‭ ‬الذي‭ ‬أسسته‭ ‬منذ‭ ‬استقلالها‭ ‬وانضمامها‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وامتدت‭ ‬مساعداتها‭ ‬لجميع‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬صراعات،‭ ‬أو‭ ‬كوارث‭ ‬طبيعية‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬وتلك‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬التنمية‭ ‬فيها،‭ ‬لاسيما‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬الصندوق‭ ‬الكويتي‭ ‬للتنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العربية‮»‬،‭ ‬ومنظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني،‭ ‬وتوجهت‭ ‬هذه‭ ‬المساعدات‭ ‬للجميع‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تمييز‭ ‬أو‭ ‬تفرقة‭ ‬بسبب‭ ‬الدين،‭ ‬أو‭ ‬الجنس،‭ ‬أو‭ ‬العرق‭. ‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬تعد‭ ‬الكويت‭ ‬أكبر‭ ‬الداعمين‭ ‬لمفوضية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لشؤون‭ ‬اللاجئين‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإقليمي،‭ ‬وتبلغ‭ ‬نسبة‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والتنموية‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1‭.‬3%‭ ‬من‭ ‬ناتجها‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ (‬يبلغ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬160‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬سنويًا‭)‬،‭ ‬متجاوزًا‭ ‬النسبة‭ ‬المقررة‭ ‬دوليًا‭ ‬البالغة‭ ‬0‭.‬7%،‭ ‬فيما‭ ‬تخصص‭ ‬10%‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المساعدات‭ ‬لدعم‭ ‬منظمات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬ويعد‭ ‬هذا‭ ‬التمويل‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬التمويلات‭ ‬التي‭ ‬يقدمها‭ ‬بلد‭ ‬واحد‭.‬

وفي‭ ‬مجال‭ ‬العطاء‭ ‬الإنساني‭ ‬تتميز‭ ‬‮«‬قطر‮»‬،‭ ‬بالفاعلية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الاستجابة‭ ‬للأزمات‭ ‬والكوارث‭ ‬الإنسانية،‭ ‬ودعم‭ ‬وتعزيز‭ ‬الشراكة‭ ‬مع‭ ‬الجهات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬ومؤسسات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لتنسيق‭ ‬العمل‭ ‬الإنساني‭. ‬ويقف‭ ‬‮«‬صندوق‭ ‬قطر‭ ‬للتنمية‮»‬،‭ ‬و‮«‬جمعية‭ ‬قطر‭ ‬الخيرية‮»‬،‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬المؤسسات‭ ‬القطرية‭ ‬المقدمة‭ ‬للمساعدات‭ ‬التنموية‭ ‬والإنسانية‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬وحده‭ ‬قدم‭ ‬‮«‬الصندوق‮»‬،‭ ‬منحًا‭ ‬بقيمة‭ ‬500‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬وحظي‭ ‬قطاع‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬65‭ ‬دولة‭ ‬خلال‭ ‬العِقد‭ ‬الماضي‭ ‬بدعم‭ ‬قطري‭ ‬بلغ‭ ‬نحو‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭. ‬وفي‭ ‬الدورة‭ ‬77‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أطلق‭ ‬الصندوق‭ ‬بمبادرة‭ ‬قطرية،‭ ‬‮«‬دعم‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬النزاع»؛‭ ‬بهدف‭ ‬توفير‭ ‬الموارد‭ ‬اللازمة‭ ‬لهذا‭ ‬الدعم،‭ ‬فيما‭ ‬نشط‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬للمتضررين‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬والسودان،‭ ‬وسوريا،‭ ‬وبلغ‭ ‬حجم‭ ‬المساعدات‭ ‬التي‭ ‬قدمتها‭ ‬‮«‬جمعية‭ ‬قطر‭ ‬الخيرية‮»‬،‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس‭ ‬الأخيرة‭ ‬نحو‭ ‬2‭.‬4‭ ‬مليار‭ ‬ريال‭ ‬قطري،‭ ‬استفاد‭ ‬منها‭ ‬قرابة‭ ‬51‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭.‬

وتقود‭ ‬‮«‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للأعمال‭ ‬الخيرية‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬أنشئت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1996،‭ ‬جهود‭ ‬‮«‬سلطنة‭ ‬عُمان‮»‬،‭ ‬في‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والتنموية،‭ ‬وفي‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬وجيزة‭ ‬غدا‭ ‬دورها‭ ‬بارزًا،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬المحلي،‭ ‬لكن‭ ‬إقليميًا‭ ‬ودوليًا،‭ ‬وتنفذ‭ ‬‮«‬الهيئة‮»‬،‭ ‬برنامج‭ ‬الإغاثة‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬بتمويل‭ ‬حكومي،‭ ‬حيث‭ ‬تقدم‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬والأدوية‭ ‬والمستلزمات‭ ‬الطبية‭ ‬والإيوائية‭ ‬للمتضررين‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬الكوارث‭ ‬والنزاعات،‭ ‬ونشطت‭ ‬بوجه‭ ‬خاص‭ ‬في‭ ‬فلسطين،‭ ‬واليمن‭.‬

وتمتلك‭ ‬‮«‬البحرين‮»‬،‭ ‬رغم‭ ‬ضيق‭ ‬مواردها‭ ‬رصيدا‭ ‬وافرا‭ ‬من‭ ‬العطاء‭ ‬الإنساني،‭ ‬وحتى‭ ‬تاريخ‭ ‬الاحتفال‭ ‬باليوم‭ ‬العالمي‭ ‬للعمل‭ ‬الخيري‭ ‬في‭ ‬5‭ ‬سبتمبر‭ ‬2021،‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬المؤسسة‭ ‬الملكية‭ ‬للأعمال‭ ‬الإنسانية‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬قامت‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬40‭ ‬مبادرة‭ ‬لإغاثة‭ ‬المتضررين‭ ‬من‭ ‬الكوارث‭ ‬الطبيعية‭ ‬والأزمات،‭ ‬شملت‭ ‬منح‭ ‬تبرعات‭ ‬وهبات‭ ‬ومساعدات‭ ‬إغاثة‭ ‬غذائية‭ ‬ودوائية،‭ ‬وإقامة‭ ‬مشاريع‭ ‬تنموية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬إسهامها‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬جهود‭ ‬الإغاثة،‭ ‬وعمليات‭ ‬الإجلاء‭ ‬من‭ ‬أفغانستان،‭ ‬ومبادرات‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬للعمل‭ ‬الإنساني‭ ‬الدولي،‭ ‬وإطلاق‭ ‬جائزة‭ ‬عيسى‭ ‬للخدمة‭ ‬الإنسانية‭.‬

ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬حصلت‭ ‬المملكة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬على‭ ‬المركز‭ ‬الأول‭ ‬عربيًا‭ ‬و12‭ ‬عالميًا‭ ‬في‭ ‬مؤشر‭ ‬العطاء‭ ‬الدولي،‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مؤسسة‭ (‬كاف‭) ‬العالمية‭ ‬بلندن،‭ ‬وحصد‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬جائزة‭ ‬الريادة‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬رعاية‭ ‬الأيتام‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي‭ ‬في‭ ‬2017،‭ ‬وبمبادرة‭ ‬من‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬‮«‬ناصر‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‮»‬،‭ ‬منسق‭ ‬الملك‭ ‬للأعمال‭ ‬الإنسانية،‭ ‬تم‭ ‬تدشين‭ ‬لجنة‭ ‬العمل‭ ‬الخيري‭ ‬المشترك‭ ‬لدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬ككيان‭ ‬تنسيقي‭ ‬يعظم‭ ‬جهودها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬العطاء‭ ‬الإنساني‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬مثّل‭ ‬العطاء‭ ‬الإنساني‭ ‬لدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬أحد‭ ‬أبعاد‭ ‬القيم‭ ‬النبيلة‭ ‬التي‭ ‬تتبناها‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬نشر‭ ‬الإخاء‭ ‬الإنساني،‭ ‬والمحبة‭ ‬والسلام،‭ ‬وتقديم‭ ‬العون‭ ‬لمن‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إليه،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬جنسه،‭ ‬أو‭ ‬عقيدته،‭ ‬أو‭ ‬مذهبه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬ويبرز‭ ‬هذا‭ ‬التميز‭ ‬مظهرًا‭ ‬لقوتها‭ ‬الناعمة،‭ ‬برغم‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬الأغنى‭ ‬بين‭ ‬المجموعات‭ ‬العالمية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا