العدد : ١٧١٤٧ - الثلاثاء ٠٤ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٤ رمضان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٤٧ - الثلاثاء ٠٤ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٤ رمضان ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تداعيات العدوان الإسرائيلي على انهيار النظام الصحي في غزة

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الاثنين ٠٣ مارس ٢٠٢٥ - 02:00

تُشكّل‭ ‬المفاوضات‭ ‬المستمرة‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحماس‭ ‬بشأن‭ ‬تنفيذ‭ ‬اتفاق‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬التوصل‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2025‭ ‬خطوة‭ ‬أولية‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬طويلة‭ ‬ومكلفة‭ ‬لإصلاح‭ ‬وإعادة‭ ‬بناء‭ ‬غزة،‭ ‬والتي‭ ‬تقدر‭ ‬‮«‬الأمم‭ ‬المتحدة‮»‬‭ ‬استغراقها‭ ‬قرابة‭ ‬80‭ ‬عامًا،‭ ‬بكلفة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬50‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭. ‬

وأدت‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬تدمير‭ ‬90%‭ ‬من‭ ‬المنازل،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬المدارس،‭ ‬والمستشفيات،‭ ‬وأماكن‭ ‬العبادة،‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬الحيوية؛‭ ‬ما‭ ‬خلّف‭ ‬ملايين‭ ‬الأطنان‭ ‬من‭ ‬الأنقاض‭ ‬التي‭ ‬تستوجب‭ ‬تطهيرها‭ ‬من‭ ‬المتفجرات‭ ‬قبل‭ ‬إزالتها‭. ‬ولم‭ ‬يقتصر‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬نزوح‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬90%‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬المدنيين؛‭ ‬بل‭ ‬أدى‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وصفه‭ ‬‮«‬فولكر‭ ‬تورك‮»‬،‭ ‬مفوض‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬السامي‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬أمام‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬كارثة‭ ‬إنسانية‭ ‬تتكشف‭ ‬أمام‭ ‬أعين‭ ‬العالم‮»‬‭.‬

ومنذ‭ ‬دخول‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬يناير2025،‭ ‬تلقى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬مدني‭ ‬فلسطيني‭ ‬مساعدات‭ ‬إنسانية‭ ‬ضرورية‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬طعام،‭ ‬ومياه،‭ ‬وإمدادات‭ ‬طبية‭ ‬بالمقام‭ ‬الأول‭. ‬وأكد‭ ‬‮«‬شون‭ ‬كارول‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المؤسسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لإغاثة‭ ‬اللاجئين‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى‮»‬،‭ ‬‮«‬أنيرا‮»‬،‭ ‬حاجة‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬زيادة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬المساعدات‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬لكن‭ ‬أيضًا‭ ‬سيادتها‭ ‬الغذائية،‭ ‬وهياكل‭ ‬الحكم‭ ‬المحلي‭ ‬الجديدة‮»‬‭. ‬وأوضح‭ ‬‮«‬ماركو‭ ‬كيراك‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬كلية‭ ‬لندن‭ ‬للصحة‭ ‬والطب‭ ‬الاستوائي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬المراقبين‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬السياقات‭ ‬المروعة‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬غزة،‭ ‬يركزون‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المعاناة‭ ‬الفورية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استراتيجيات‭ ‬قصيرة‭ ‬الأجل؛‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬تجاهل‭ ‬أن‭ ‬الآثار‭ ‬السلبية‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬الصراعات‭ ‬المدمرة،‭ ‬لن‭ ‬تتوقف‭ ‬فجأة‭ ‬بانتهاء‭ ‬حالة‭ ‬الطوارئ‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬أصدر‭ ‬طبيبان‭ ‬بريطانيان‭ ‬عملا‭ ‬في‭ ‬مستشفيات‭ ‬غزة‭ ‬أثناء‭ ‬الحرب‭ ‬‭ ‬البروفيسور‭ ‬‮«‬غسان‭ ‬أبو‭ ‬ستة‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬عمل‭ ‬مع‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬أطباء‭ ‬بلا‭ ‬حدود‮»‬‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬الشفاء،‭ ‬والبروفيسور‭ ‬‮«‬نظام‭ ‬محمود‮»‬،‭ ‬المتطوع‭ ‬مع‭ ‬جمعية‭ ‬العون‭ ‬الطبي‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬‭ ‬تحذيرات‭ ‬بشأن‭ ‬العواقب‭ ‬الصحية؛‭ ‬الجسدية‭ ‬والنفسية‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد،‭ ‬التي‭ ‬ستؤثر‭ ‬على‭ ‬ملايين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬الأطفال،‭ ‬والتي‭ ‬ستخلفها‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭.‬

وخلال‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬استندت‭ ‬وكالات‭ ‬الأنباء‭ ‬الغربية‭ ‬إلى‭ ‬الحصيلة‭ ‬الرسمية‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬عند‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬أعداد‭ ‬الشهداء،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬وتيرة‭ ‬هذه‭ ‬التقارير‭ ‬تراجعت‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭. ‬وأثار‭ ‬هذا‭ ‬التراجع‭ ‬انتقاد‭ ‬المرشح‭ ‬الرئاسي‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬‮«‬رالف‭ ‬نادر‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬أدان‭ ‬‮«‬لامبالاة‮»‬‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربي،‭ ‬تجاه‭ ‬معاناة‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أنهم‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يُحرمون‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬حقهم‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬بل‭ ‬يُحرمون‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬الاحترام‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬توثيق‭ ‬وفياتهم‭ ‬بدقة‮»‬‭.‬

وتُشير‭ ‬تقديرات‭ ‬الأكاديميين‭ ‬والأطباء‭ ‬لمعدل‭ ‬الوفيات‭ ‬الحقيقي‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬القطاع،‭ ‬إلى‭ ‬رقم‭ ‬أعلى‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬الإفصاح‭ ‬عنها‭. ‬وأشارت‭ ‬‮«‬رشا‭ ‬الخطيب‮»‬،‭ ‬و«سليم‭ ‬يوسف‮»‬،‭ ‬و«مارتن‭ ‬ماكي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬نشرتها‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬لانسيت‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬من‭ ‬المنطقي‭ ‬أن‭ ‬نقدر‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬186‭ ‬ألف‭ ‬حالة‭ ‬وفاة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬أكثر‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭ ‬إلى‭ ‬يونيو‭ ‬2024،‭ ‬وهو‭ ‬أعلى‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الرقم‭ ‬37‭.‬396‭ ‬الذي‭ ‬أصدرته‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬بغزة‭. ‬وكما‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬يوسف‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬التقدير‭ ‬‮«‬المتحفظ‮»‬،‭ ‬استند‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬نسبة‭ ‬أربعة‭ ‬إلى‭ ‬واحد‮»‬،‭ ‬من‭ ‬الوفيات‭ ‬المبلغ‭ ‬عنها‭ ‬إلى‭ ‬الوفيات‭ ‬غير‭ ‬المباشرة‭ ‬المحتملة‭ ‬التي‭ ‬لوحظت‭ ‬في‭ ‬بؤر‭ ‬صراع‭ ‬أخرى‭ ‬بجميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬والتي‭ ‬شهدت‭ ‬استخدام‭ ‬النزوح‭ ‬الجماعي،‭ ‬والتجويع‭ ‬كأسلحة‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين،‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬وفي‭ ‬شهر2024،‭ ‬بعث‭ ‬45‭ ‬طبيبًا‭ ‬وممرضًا‭ ‬أمريكيًا‭ ‬عالجوا‭ ‬الجرحى‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬برسالة‭ ‬مشتركة‭ ‬إلى‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‭ ‬آنذاك‭ ‬‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬قدروا‭ ‬فيها‭ ‬أن‭ ‬العدد‭ ‬الحقيقي‭ ‬للشهداء‭ ‬حينها‭ ‬تجاوز‭ ‬92‭.‬000؛‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬4‭.‬2%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬سكان‭ ‬القطاع‭.‬

ومع‭ ‬أنه،‭ ‬لم‭ ‬يصدر‭ ‬تحديث‭ ‬رسمي‭ ‬لعدد‭ ‬الشهداء‭ ‬المحتمل‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬فإنه‭ ‬وفقًا‭ ‬لـ«نسبة‭ ‬أربعة‭ ‬إلى‭ ‬واحد‮»‬‭ ‬‭ ‬المذكورة‭ ‬سابقًا‭ ‬‭ ‬يُقدَّر‭ ‬عددهم‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬190‭ ‬ألفا،‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬450‭.‬000‭ ‬جريح،‭ ‬لكن‭ ‬عند‭ ‬الأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬الأعداد‭ ‬المتزايدة‭ ‬لمن‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬التغذية،‭ ‬والأمراض‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬التدمير‭ ‬المتعمد‭ ‬للبنية‭ ‬التحتية‭ ‬الحيوية‭ ‬‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أنظمة‭ ‬الصرف‭ ‬الصحي،‭ ‬وشبكات‭ ‬المياه‭ ‬النظيفة‭ ‬‭ ‬والحصار‭ ‬المفروض‭ ‬على‭ ‬تدفقات‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬لعدة‭ ‬أشهر؛‭ ‬وثّقت‭ ‬‮«‬الدراسة‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬جميع‭ ‬سكان‭ ‬غزة،‭ ‬باستثناء‭ ‬فئة‭ ‬قليلة،‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬المرض‭ ‬أو‭ ‬الإصابات‭ ‬أو‭ ‬كليهما‮»‬،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬تفشي‭ ‬الأوبئة‭ ‬وسط‭ ‬ظروف‭ ‬معيشية‭ ‬‮«‬مروعة‭ ‬للغاية‮»‬،‭ ‬للمدنيين‭ ‬النازحين‭ ‬الذين‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬التغذية‭.‬

وحذرت‭ ‬‮«‬الخطيب‮»‬،‭ ‬و«مكي‮»‬،‭ ‬و‮«‬يوسف‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬استمرار‭ ‬وقوع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الوفيات‭ ‬غير‭ ‬المباشرة‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬والسنوات‭ ‬القادمة»؛‭ ‬نظراً‭ ‬‮«‬للبنية‭ ‬التحتية‭ ‬المدمرة‭ ‬للرعاية‭ ‬الصحية،‭ ‬والنقص‭ ‬الشديد‭ ‬في‭ ‬الغذاء‭ ‬والمياه‭ ‬والمأوى‮»‬،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬قدرة‭ ‬السكان‭ ‬عن‭ ‬اللوذ‭ ‬إلى‭ ‬أماكن‭ ‬آمنة‮»‬،‭ ‬و«خسارة‭ ‬التمويل‭ ‬لوكالة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لإغاثة‭ ‬وتشغيل‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭ (‬أونروا‭)‬‮»‬‭. ‬وبالفعل،‭ ‬صدرت‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التحذيرات‭ ‬منذ‭ ‬الأسابيع‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الحرب‭. ‬وفي‭ ‬ديسمبر‭ ‬2023،‭ ‬حذرت‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬سكان‭ ‬غزة،‭ ‬يواجهون‭ ‬‮«‬مستويات‭ ‬كارثية‭ ‬من‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬خطر‭ ‬المجاعة،‭ ‬‮«‬الذي‭ ‬يتزايد‭ ‬كل‭ ‬يوم‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬تقطع‭ ‬إسرائيل‭ ‬عمدا‭ ‬تدفقات‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬إلى‭ ‬القطاع‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬تجاهل‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬للتحذيرات‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬المنظمات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والدولية،‭ ‬واصل‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬تنفيذ‭ ‬سياسات‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬معاناة‭ ‬هائلة‭ ‬لملايين‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين؛‭ ‬من‭ ‬نزوح،‭ ‬وسوء‭ ‬تغذية،‭ ‬وانتشار‭ ‬الأمراض،‭ ‬وهي‭ ‬الممارسات‭ ‬التي‭ ‬تتوافق‭ ‬مع‭ ‬تعريف‭ ‬‮«‬الإبادة‭ ‬الجماعية‮»‬،‭ ‬الوارد‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬‮«‬اتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لمنع‭ ‬ومعاقبة‭ ‬جريمة‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬فرض‭ ‬‮«‬ظروف‭ ‬معيشية‭ ‬محسوبة‭ ‬لإحداث‭ ‬التدمير‭ ‬المادي‭ ‬كليًا‭ ‬أو‭ ‬جزئيًا‮»‬‭ ‬لجماعة‭ ‬قومية،‭ ‬أو‭ ‬إثنية،‭ ‬أو‭ ‬عنصرية،‭ ‬أو‭ ‬دينية؛‭ ‬يُعد‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬‮«‬قتل‭ ‬أعضاء‭ ‬الجماعة‮»‬،‭ ‬و«إلحاق‭ ‬أذى‭ ‬جسدي،‭ ‬أو‭ ‬روحي‭ ‬خطير‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬ممارسات‭ ‬وثّقت‭ ‬تقارير‭ ‬عديدة‭ ‬ارتكاب‭ ‬إسرائيل‭ ‬لها‭.‬

وفي‭ ‬وقت‭ ‬سابق،‭ ‬أُشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تدمير‭ ‬النظام‭ ‬الصحي‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬بفعل‭ ‬القصف‭ ‬الإسرائيلي؛‭ ‬يشكل‭ ‬العقبة‭ ‬الأكثر‭ ‬إلحاحًا‭ ‬أمام‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬الطبية‭ ‬العاجلة‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬أبو‭ ‬ستة‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬حاجة‭ ‬13‭.‬000‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬القطاع‭ ‬إلى‭ ‬تدخل‭ ‬جراحي‭ ‬فوري‭ ‬بسبب‭ ‬الإصابات،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬‮«‬العدد‭ ‬الهائل‭ ‬من‭ ‬الإصابات‭ ‬المعقدة‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬علاج؛‭ ‬سوف‭ ‬يستهلك‭ ‬النظام‭ ‬الصحي‭ ‬لجيل‭ ‬كامل‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬يناير‭ ‬2025،‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬ريك‭ ‬بيبركورن‮»‬،‭ ‬ممثل‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬المستشفيات‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬ساحات‭ ‬معارك‮»‬،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬عمدت‭ ‬بشكل‭ ‬منهجي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬تفكيك‭ ‬القطاع‭ ‬الصحي،‭ ‬ودفعه‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬حافة‭ ‬الانهيار‮»‬،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬16‭ ‬مستشفى‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬36‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تعمل‭ ‬جزئيًا،‭ ‬مما‭ ‬يحدّ‭ ‬بشدة‭ ‬من‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬علاج‭ ‬الإصابات‭ ‬المعقدة‭ ‬والأمراض‭ ‬المزمنة‭.‬

وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تدمير‭ ‬المستشفيات‭ ‬والمراكز‭ ‬الصحية،‭ ‬تمت‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬العدد‭ ‬المتزايد‭ ‬من‭ ‬الوفيات‭ ‬والإصابات‭ ‬بين‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الطبي؛‭ ‬باعتبارها‭ ‬ذات‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬مستقبلا‭. ‬وقدر‭ ‬‮«‬محمود‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬‮«‬الوفيات‭ ‬غير‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬الصدمات‮»‬‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬قد‭ ‬يتجاوز‭ ‬186‭ ‬ألف‭ ‬حالة‭ ‬وفاة،‭ ‬وهو‭ ‬الرقم‭ ‬الذي‭ ‬حددته‭ ‬‮«‬الخطيب‮»‬،‭ ‬و«مكي‮»‬،‭ ‬و‮«‬يوسف‮»‬،‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬بقاء‭ ‬جراح‭ ‬أوعية‭ ‬دموية‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬القطاع،‭ ‬ومقتل‭ ‬جميع‭ ‬اختصاصيي‭ ‬أمراض‭ ‬السرطان‭. ‬واتفق‭ ‬‮«‬أبو‭ ‬ستة‮»‬،‭ ‬على‭ ‬‮«‬إبادة‮»‬‭ ‬بعض‭ ‬التخصصات‭ ‬الطبية‭ ‬جراء‭ ‬حملة‭ ‬القصف‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وأن‭ ‬التدريب‭ ‬اللازم‭ ‬المطلوب‭ ‬للأطباء‭ ‬الجدد،‭ ‬قد‭ ‬يستغرق‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬10‭ ‬سنوات،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ترك‭ ‬السكان‭ ‬معتمدين‭ ‬على‭ ‬المتطوعين‭ ‬الأجانب،‭ ‬أو‭ ‬المتدربين‭ ‬المجبرين‭ ‬على‭ ‬اكتساب‭ ‬الخبرة‭ ‬بسرعة‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬تسبب‭ ‬النزوح‭ ‬الجماعي‭ ‬للسكان‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬استحالة‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدة‭ ‬الطبية‭ ‬الضرورية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭. ‬وأشارت‭ ‬‮«‬شلبي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬معظم‭ ‬سكان‭ ‬القطاع‭ ‬كانوا‭ ‬لاجئين‮»‬‭ ‬قبل‭ ‬بدء‭ ‬الحرب،‭ ‬وأنه‭ ‬بحلول‭ ‬ديسمبر‭ ‬2023،‭ ‬كان‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬80%‭ ‬منهم‭ ‬قد‭ ‬فروا‭ ‬من‭ ‬منازلهم‭ ‬بسبب‭ ‬الهجمات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتضح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نمو‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬رفح‭ ‬من‭ ‬حوالي‭ ‬250‭ ‬ألف‭ ‬نسمة،‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬نسمة؛‭ ‬وبالتالي‭ ‬تركيز‭ ‬نصف‭ ‬السكان‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬داخل‭ ‬17%‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬مساحة‭ ‬غزة‭. ‬ووثق‭ ‬‮«‬يان‭ ‬إيجلاند‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬النرويجي‭ ‬للاجئين‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬القصف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬‮«‬جعل‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة‭ ‬المكتظة‭ ‬بالسكان‭ ‬غير‭ ‬صالحة‭ ‬للسكن‮»‬،‭ ‬ولكن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬‮«‬يكابدون‭ ‬معاناة‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬افتقادهم‭ ‬مكان‭ ‬آخر‭ ‬يذهبون‭ ‬إليه‮»‬‭. ‬

وكدليل‭ ‬على‭ ‬تأثير‭ ‬معدل‭ ‬النزوح‭ ‬المرتفع‭ ‬على‭ ‬معدل‭ ‬الوفيات‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الصراع؛‭ ‬استشهدت‭ ‬‮«‬شلبي‮»‬،‭ ‬ببلوغ‭ ‬نسبة‭ ‬الوفيات‭ ‬غير‭ ‬المباشرة‭ ‬إلى‭ ‬الوفيات‭ ‬المباشرة‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬في‭ ‬‮«‬سيراليون‮»‬،‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1991‭ ‬و2002‭ -‬والتي‭ ‬نزح‭ ‬خلالها‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬سكان‭ ‬البلاد‭ ‬‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬ستة‭ ‬عشر‭ ‬إلى‭ ‬واحد‮»‬‭. ‬

ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬أعرب‭ ‬‮«‬يوسف‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬مخاوفه‭ ‬‮«‬من‭ ‬احتمالية‭ ‬تسجيل‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬أعلى‭ ‬معدل‭ ‬وفيات‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬صراع‭ ‬بالتاريخ‭ ‬الحديث‮»‬،‭ ‬ويزيد‭ ‬من‭ ‬تفاقم‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة،‭ ‬تدمير‭ ‬نظام‭ ‬الصرف‭ ‬الصحي،‭ ‬وانعدام‭ ‬توفر‭ ‬مياه‭ ‬الشرب‭ ‬النظيفة‭. ‬وحذّر‭ ‬‮«‬أبو‭ ‬ستة‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬التهاب‭ ‬الكبد،‭ ‬وأمراض‭ ‬الإسهال،‭ ‬وأمراض‭ ‬الجهاز‭ ‬التنفسي،‭ ‬وشلل‭ ‬الأطفال،‭ ‬التي‭ ‬عاودت‭ ‬الظهور‭ ‬خلال‭ ‬الحرب؛‭ ‬ستظل‭ ‬مستمرة‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬الظروف‭ ‬الحالية،‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬منع‭ ‬انتشار‭ ‬الأمراض‭ ‬المعدية‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬احتوائها‭ ‬سيكون‭ ‬شبه‭ ‬مستحيل‮»‬‭.‬

وتُقدر‭ ‬‮«‬المفوضية‭ ‬السامية‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬حوالي‭ ‬70%‭ ‬من‭ ‬الشهداء‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال،‭ ‬وسط‭ ‬توقعات‭ ‬بمعاناة‭ ‬الأطفال‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬أشد‭ ‬التداعيات‭ ‬الصحية‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬للحرب‭. ‬وبُالرغم‭ ‬من‭ ‬تزايد‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬منذ‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬المؤقت؛‭ ‬فقد‭ ‬قدرت‭ ‬‮«‬الأمم‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2025،‭ ‬حاجة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬60‭.‬000‭ ‬طفل‭ ‬فلسطيني‭ ‬إلى‭ ‬علاج‭ ‬عاجل‭ ‬لسوء‭ ‬التغذية‭ ‬الحاد‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2026‭. ‬

من‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬تطرق‭ ‬‮«‬أبو‭ ‬ستة‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬مدى‭ ‬فداحة‭ ‬سوء‭ ‬مستوى‭ ‬التغذية،‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬منه‭ ‬أطفال‭ ‬غزة،‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬منهم‭ ‬‮«‬لن‭ ‬يتعافوا‭ ‬أبدًا‮»‬،‭ ‬مما‭ ‬تحملوه‭ ‬من‭ ‬آثار‭. ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬استشهد‭ ‬بدراسات‭ ‬أجريت‭ ‬على‭ ‬الناجين‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬التغذية‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬كدليل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬عانوا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الوضع،‭ ‬هم‭ ‬أكثر‭ ‬عرضة‭ ‬للإصابة‭ ‬بأمراض‭ ‬مزمنة‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬لاحق‭ ‬من‭ ‬حياتهم؛‭ ‬وبالتالي،‭ ‬فإن‭ ‬أطفال‭ ‬غزة‭ ‬‮«‬أكثر‭ ‬عُرضة‭ ‬للإصابة‭ ‬بمرض‭ ‬السكري،‭ ‬وارتفاع‭ ‬ضغط‭ ‬الدم‮»‬،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬لاحق‭ ‬من‭ ‬حياتهم‭.‬

ومع‭ ‬عدم‭ ‬إمكانية‭ ‬تحديد‭ ‬الخسائر‭ ‬الدقيقة‭ ‬في‭ ‬الأرواح،‭ ‬سواء‭ ‬المباشرة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬المباشرة،‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ضد‭ ‬غزة،‭ ‬أوضحت‭ ‬‮«‬الخطيب‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬انهيار‭ ‬أنظمة‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‮»‬،‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬انهيار‭ ‬أنظمة‭ ‬المعلومات‮»‬‭ ‬تباعًا‭. ‬ومع‭ ‬اعتبار‭ ‬إحصاءات‭ ‬الوفيات‭ ‬المباشرة‭ ‬‮«‬الرقم‭ ‬الأكثر‭ ‬أهمية‮»‬‭ ‬للتنبؤ‭ ‬بالخسائر‭ ‬البشرية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل؛‭ ‬فإن‭ ‬تراجع‭ ‬موثوقية‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬بمرور‭ ‬الوقت،‭ ‬يجعل‭ ‬تقدير‭ ‬الخسائر‭ ‬غير‭ ‬المباشرة‭ ‬أكثر‭ ‬صعوبة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إنكاره‭ ‬هو‭ ‬‮«‬القسوة‭ ‬البالغة‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬ملايين‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬والتي‭ ‬ترقى‭ ‬إلى‭ ‬ممارسة‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬بحقهم‭.‬

وعلى‭ ‬المدى‭ ‬القريب،‭ ‬تركز‭ ‬‮«‬وكالات‭ ‬الإغاثة‮»‬،‭ ‬و«المنظمات‭ ‬الإنسانية‮»‬،‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬الغذاء،‭ ‬والمياه،‭ ‬والدعم‭ ‬الطبي‭ ‬العاجل‭ ‬للمتضررين‭ ‬داخل‭ ‬غزة،‭ ‬باعتبار‭ ‬ذلك‭ ‬أولوية‭ ‬قصوى‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إغفال‭ ‬تحليلات‭ ‬الأطباء‭ ‬الذين‭ ‬شهدوا‭ ‬مباشرة‭ ‬التأثير‭ ‬الكارثي‭ ‬للحرب،‭ ‬وما‭ ‬يترتب‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬عواقب‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬إيجلاند‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أصحاب‭ ‬السلطة‭ ‬يمضون‭ ‬دون‭ ‬محاسبة‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬يواصل‭ ‬ملايين‭ ‬الأشخاص‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬دفع‭ ‬‮«‬ثمن‭ ‬باهظ‮»‬‭. ‬ورغم‭ ‬تأكيده‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إنهاء‭ ‬هذا‭ ‬الكابوس‭ ‬بيد‭ ‬أصحاب‭ ‬القرار‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬يبدو‭ ‬غير‭ ‬مرجح‭ ‬أن‭ ‬يجد‭ ‬آذانًا‭ ‬صاغية،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬إسرائيل،‭ ‬أو‭ ‬أوروبا،‭ ‬أو‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

ويتجلى‭ ‬مدى‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يصل‭ ‬إليه‭ ‬مؤيدو‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية؛‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬‮«‬أبو‭ ‬ستة‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬قدم‭ ‬أدلة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الشرطة‭ ‬البريطانية‮»‬،‭ ‬و«المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬حول‭ ‬استخدام‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للفوسفور‭ ‬الأبيض‭ ‬المميت‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬الألمانية‭ ‬فرضت‭ ‬حظرًا‭ ‬على‭ ‬دخوله‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬لمدة‭ ‬عام‭. ‬وكما‭ ‬أشار‭ ‬هو،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬السبب‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يدفع‭ ‬الألمان‭ ‬إلى‭ ‬منعي‭ ‬من‭ ‬السفر‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬هو‭ ‬الحيلولة‭ ‬دون‭ ‬وصولي‭ ‬إلى‭ ‬لاهاي‮»‬،‭ ‬لتقديم‭ ‬الأدلة‭ ‬على‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬ما‭ ‬يكشف‭ ‬اشتراكهم‭ ‬الكامل‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‮»‬‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا