العدد : ١٧٢١٣ - الجمعة ٠٩ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢١٣ - الجمعة ٠٩ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

رمضان شـهـر الخير والبركة ولكن!

بقلم: د. نبيل العسومي

الأحد ٠٢ مارس ٢٠٢٥ - 02:00

هلَّ‭ ‬علينا‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬بأجوائه‭ ‬الروحانية‭ ‬فهو‭ ‬شهر‭ ‬الخير‭ ‬والبركة‭ ‬شهر‭ ‬التوبة‭ ‬والمغفرة‭ ‬شهر‭ ‬التقرب‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬طلبا‭ ‬لرضوانه‭ ‬ومغفرته،‭ ‬شهر‭ ‬فيه‭ ‬ليلة‭ ‬خير‭ ‬من‭ ‬ألف‭ ‬شهر‭ ‬وهي‭ ‬ليلة‭ ‬القدر‭ ‬المباركة‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬الذي‭ ‬أنزل‭ ‬فيه‭ ‬القرآن‭ ‬على‭ ‬النبي‭ ‬المصطفى‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬شهر‭ ‬أوله‭ ‬رحمة‭ ‬وأوسطه‭ ‬مغفرة‭ ‬وآخره‭ ‬عتق‭ ‬من‭ ‬النار‭ ‬شهر‭ ‬فيه‭ ‬ركن‭ ‬من‭ ‬أركان‭ ‬الإسلام‭ ‬الخمسة‭ ‬وهو‭  ‬ركن‭ ‬الصيام‭ ‬الذي‭ ‬فرضه‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬المسلمين،‭  ‬ولذلك‭ ‬يستعد‭ ‬المسلمون‭ ‬في‭ ‬مشارق‭ ‬الأرض‭ ‬ومغاربها‭ ‬لهذا‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬روحيا‭ ‬واقتصاديا‭ ‬واجتماعيا‭ ‬روحيا‭ ‬تزداد‭ ‬فيه‭ ‬العبادة‭ ‬بالإكثار‭ ‬من‭ ‬الصلاة‭ ‬وتلاوة‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬أداء‭  ‬الصلوات‭ ‬في‭ ‬المساجد‭ ‬وفي‭ ‬أوقاتها‭ ‬ولذلك‭ ‬نرى‭ ‬المساجد‭ ‬تعج‭ ‬بالمصلين‭ ‬خصوصا‭ ‬صلاة‭ ‬العشاء‭ ‬والتراويح‭ ‬وصلاة‭ ‬الجمعة‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬الأوقاف‭ ‬السنية‭ ‬تفتح‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المساجد‭ ‬وتحولها‭ ‬إلى‭ ‬جوامع‭ ‬لصلاة‭ ‬الجمعة‭ ‬واقتصاديا‭ ‬تبدأ‭ ‬الأسر‭  ‬بتوفير‭ ‬متطلبات‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬مبكر‭ ‬ولذلك‭ ‬نرى‭ ‬الناس‭ ‬تتهافت‭ ‬على‭ ‬الأسواق‭ ‬ومتاجر‭ ‬بيع‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬المرتبطة‭ ‬برمضان،‭ ‬اجتماعيا‭ ‬يزداد‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬الأهل‭ ‬والأسر‭ ‬والأصدقاء‭ ‬وتزداد‭ ‬فيه‭ ‬الصدقات‭ ‬والمساعدات‭ ‬وإخراج‭ ‬الزكاة‭ ‬وتقديمها‭ ‬للمحتاجين‭.‬

وشهر‭ ‬رمضان‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬شهر‭ ‬المصالحة‭ ‬وتصفية‭ ‬النفوس‭ ‬والتعاون‭ ‬والمحبة‭ ‬حيث‭ ‬تجتمع‭ ‬الأسرة‭ ‬بكامل‭ ‬أفرادها‭ ‬كبارا‭ ‬وصغارا‭ ‬رجالا‭ ‬ونساء‭ ‬يوميا‭ ‬وعلى‭ ‬مدار‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬حول‭ ‬المائدة‭ ‬الرمضانية‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬المدفع‭ ‬وأذان‭ ‬المغرب‭ ‬لتناول‭ ‬وجبة‭ ‬الإفطار‭ ‬في‭ ‬أجواء‭ ‬عائلية‭ ‬سعيدة‭ ‬تسودها‭ ‬الألفة‭ ‬والمحبة‭ ‬كانت‭ ‬الأسرة‭ ‬تفتقدها‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬العادية‭ ‬بسبب‭ ‬المشاغل‭ ‬وظروف‭ ‬الحياة‭ ‬وظروف‭ ‬العمل‭.‬

وطوال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬تفتح‭ ‬المجالس‭ ‬الرمضانية‭ ‬أبوابها‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مناطق‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬والقرى‭ ‬لاستقبال‭ ‬زوارها‭ ‬وتبادل‭ ‬الزيارات‭ ‬بين‭ ‬الأهالي‭ ‬والأصدقاء‭ ‬والمعارف‭ ‬وتبادل‭ ‬الأحاديث‭ ‬حول‭ ‬مختلف‭ ‬جوانب‭ ‬الحياة‭ ‬لتتحول‭ ‬المجالس‭ ‬الرمضانية‭ ‬ملتقى‭ ‬للتشاور‭ ‬والحوار‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬تنتهي‭ ‬بالغبقات‭ ‬والأطباق‭ ‬الرمضانية‭.‬

بالرغم‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأجواء‭ ‬الروحانية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬الحلوة‭ ‬والجميلة‭ ‬المرتبطة‭ ‬بهذا‭ ‬الشهر‭ ‬الفضل‭ ‬إلا‭ ‬إنه‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬الشديد‭ ‬توجد‭ ‬بعض‭ ‬السلوكيات‭ ‬السلبية‭ ‬مرتبطة‭ ‬أيضا‭ ‬بهذا‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬رغم‭ ‬التحذيرات‭ ‬والتنبيهات‭ ‬منها‭ ‬كلما‭ ‬يقترب‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭  ‬يزداد‭ ‬الاستهلاك‭ ‬غير‭ ‬المبرر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬الأسر‭ ‬تضطر‭ ‬إلى‭ ‬الاقتراض‭ ‬لشراء‭ ‬حاجاتها‭ ‬الرمضانية‭ ‬بشكل‭ ‬يفوق‭ ‬احتياجات‭ ‬الأسرة‭ ‬وخصوصا‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬حيث‭ ‬تتفنن‭ ‬ربات‭ ‬البيوت‭ ‬طوال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬الأطعمة‭ ‬والأطباق‭ ‬الرمضانية‭ ‬بمختلف‭ ‬أنواعها‭ ‬وأشكالها‭ ‬وبكميات‭ ‬كبيرة‭ ‬تفوق‭ ‬حاجة‭ ‬العائلة‭ ‬فترى‭ ‬ربة‭ ‬البيت‭ ‬والخدم‭ ‬منشغلين‭ ‬في‭ ‬المطابخ‭ ‬طوال‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬الأصناف‭ ‬المختلفة‭ ‬من‭ ‬الأطعمة‭ ‬التي‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬حاجة‭ ‬الأسرة‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬يكون‭ ‬طريق‭ ‬هذه‭ ‬الأطعمة‭ ‬إلى‭ ‬براميل‭ ‬القمامة‭ ‬أجلكم‭ ‬الله‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬شركات‭ ‬جمع‭ ‬القمامة‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬على‭ ‬نوبتين‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬نوبة‭ ‬واحدة‭ ‬لجمع‭ ‬المخلفات‭ ‬وبذلك‭  ‬تكون‭ ‬الخسارة‭ ‬خسارتين‭ ‬خسارة‭ ‬مال‭ ‬وخسارة‭ ‬جهد‭ ‬ووقت‭.‬

السلبية‭ ‬الثانية‭ ‬المرتبطة‭ ‬برمضان‭ ‬التأخير‭ ‬في‭ ‬إنجاز‭ ‬معاملات‭ ‬الناس‭ ‬وقلة‭ ‬الإنتاجية‭ ‬بذريعة‭ ‬الصيام‭.‬

السلبية‭ ‬الثالثة‭ ‬أن‭ ‬البعض يحول‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬إلى‭ ‬موسم‭ ‬للخمول‭ ‬والكسل‭ ‬والسهر‭ ‬والنوم‭ ‬من‭ ‬الفجر‭ ‬إلى‭ ‬وقت‭ ‬الإفطار‭.‬

لذلك‭ ‬نتمنى‭ ‬أن‭ ‬نعدل‭ ‬علاقتنا‭ ‬برمضان‭ ‬بتصحيح‭ ‬أسلوبنا‭ ‬وسلوكياتنا‭ ‬المرتبطة‭ ‬بهذا‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الظواهر‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬برمضان‭ ‬أصلا‭ ‬ليكون‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬كما‭ ‬ذكرنا‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬شهراً‭ ‬للعبادة‭ ‬والتقرب‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالي‭ ‬طلبا‭ ‬لرحمته‭ ‬والإكثار‭ ‬من‭ ‬ذكر‭ ‬الله‭ ‬والصلوات‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬رمضان‭ ‬موسما‭ ‬للكسل‭ ‬والخمول‭ ‬والاقتراض‭ ‬والإسراف‭ ‬في‭ ‬الاستهلاك‭ ‬والضغط‭ ‬على‭ ‬رب‭ ‬الأسرة‭ ‬المضغوط‭ ‬أصلا‭ ‬بسبب‭ ‬الغلاء‭ ‬وارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬ومحدودية‭ ‬الدخل‭ ‬ومبارك‭ ‬عليكم‭ ‬الشهر‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا