يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
من يتحمل تكلفة إعادة إعمار غزة؟
الأمم المتحدة قدرت أن إعادة إعمار غزة سوف تكلف أكثر من 53 مليار دولار، وذلك وفق التقييم المرحلي السريع لأضرار واحتياجات قطاع غزة، منها 20 مليار دولار في السنوات الثلاث الأولى.
جهات أخرى، ومنها مثلا دراسة لمؤسسة راند البحثية الأمريكية قدرت أن تكاليف إعادة الإعمار بأكثر من هذا، إذ قدرت أنها ستكلف أكثر من 80 مليار دولار، وأن إزالة الأنقاض وحدها ستكلف ما يزيد على 700 مليون دولار. الدراسة بنت هذا التقرير على أساس الدراسات التفصيلية عن حجم الدمار والاحتياجات الفعلية لإعادة الاعمار. وذكرت مثلا أن الحرب خلّفت 42 مليون طن من الأنقاض، وهو ما يكفي لملء ما يزيد على 1.3 مليون شاحنة، وأن أكثر من 70% من مساكن غزة تضررت بين تدمير كلي وجزئي، إلى جانب المستشفيات والمرافق الأخرى والمصانع والورش والشركات. كما أدت إلى دمار اجتماعي كانت محصلته تمزيق الأسر وهو ما خلّف أكثر من 17 ألف طفل يتيم.
السؤال المهم هنا: من يجب ان يتحمل هذه التكاليف لإعادة إعمار غزة؟
الرئيس الأمريكي ترامب ورئيس وزراء الكيان الإسرائيلي نتنياهو قالا أكثر من مرة إن دول الخليج الغنية هي التي يجب أن تدفع هذه التكاليف.
كثيرون في الغرب يتحدثون بمنطق أنه من البديهي أن الدول العربية ودول الخليج بالذات هي التي يجب أن تتحمل تكاليف إعادة الإعمار.
البعض يتحدث عن تنظيم حملة تبرعات دولية عبر مؤتمر او غيره لجمع التبرعات لإعادة الاعمار.
حقيقة الأمر أن إسرائيل وأمريكا والدول الأوروبية التي دعمت الكيان الإسرائيلي في حرب الابادة في غزة هي التي يجب أن تتحمل تكاليف إعادة الإعمار. قانونيا وسياسيا وأخلاقيا هي التي يجب أن تفعل ذلك.
المبرر الوحيد الذي يتم تقديمه لتبرير تحمل دول الخليج تكلفة إعادة الإعمار هو أنها «لديها الكثير من الأموال» كما يقول ترامب. وهذا في حد ذاته ليس مبررا مقبولا.
إسرائيل هي التي يجب أن تتحمل التكلفة الأساسية ومعها أمريكا والدول الأوروبية، وأسباب ذلك كثيرة جدا.
بداية، وفق القانون الدولي إسرائيل قوة احتلال لغزة. وقوة الاحتلال بحكم القانون الدولي يجب ألا تدخل أي تغيير على الأوضاع في الأراضي المحتلة، ناهيك عن إلحاق الدمار بها وهي التي يجب أن تتحمل إعمار أي شيء تغيره أو تدمره.
وكل هذا الدمار الشامل لقطاع غزة هي جرائم حرب وابادة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي عن عمد وكي يجعل القطاع «غير قابل للحياة» كما يقول الإسرائيليون باستمرار.
المحكمة الجنائية الدولية أمرت باعتقال رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي ووزير دفاعه على اعتبار أنهما ارتكبا جرائم حرب وإبادة. وعشرات التقارير الدولية أدانت إسرائيل بارتكاب جرائم حرب وإبادة في غزة. من أكبر هذه الجرائم هذا التدمير الشامل للمساكن والمباني والمنشآت والمستشفيات والبنية التحتية.. الخ، والتي لا يمكن إعادة إعمارها إلا بهذه التكاليف الهائلة.
الأمر القانوني والسياسي والأخلاقي أن هؤلاء المجرمين الإسرائيليين الذين ارتكبوا هذه الجرائم هم الذين يجب أن يتحملوا تكلفة إعادة إعمارها.
أمريكا والدول الأوروبية شريكة في ارتكاب هذه الجرائم بالسلاح والمال والدعم السياسي. وبالتالي هي أيضا يجب أن تتحمل مسؤولية إعادة الإعمار.
العجيب أن البعض في أمريكا والدول الأوروبية يقولون إنه لا يمكن استخدام أموال دافعي الضرائب من أجل هذه المهمة. لكنهم ينسون أن أموال دافعي الضرائب عندهم هي بالذات التي استخدموها لتمويل المشاركة في ارتكاب هذه الجرائم ودعم الاحتلال الإسرائيلي.
الدول العربية يجب ألا تتردد في طرح هذه القضية، أي المطالبة بأن تتحمل إسرائيل وأمريكا والدول الأوروبية تكاليف إعادة إعمار غزة. هذا حق قانوني في المقام الأول بعيدا حتى عن الاعتبارات السياسية والأخلاقية.
وبمقدور الدول العربية اللجوء إلى محكمة العدل الدولية وأن تطلب منها إصدار رأي قانوني دولي حول من الذي يجب أن يتحمل هذه التكاليف؟.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك