العدد : ١٧١٣٤ - الأربعاء ١٩ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٠ شعبان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٣٤ - الأربعاء ١٩ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٠ شعبان ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

بمناسبة ذكرى الميثاق الوطني..
98.4%.. يوم انطلاقة نهضة البحرين الحديثة

بقلم: نبيلة رجب

الأحد ١٦ فبراير ٢٠٢٥ - 02:00

في‭ ‬14‭ ‬فبراير‭ ‬2001،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬البحرينيون‭ ‬يشاركون‭ ‬في‭ ‬تصويت‭ ‬عادي،‭ ‬بل‭ ‬كانوا‭ ‬أمام‭ ‬لحظة‭ ‬مفصلية‭ ‬ستحدد‭ ‬شكل‭ ‬المستقبل‭ ‬لعقود‭. ‬جاء‭ ‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬بمبادرة‭ ‬من‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬ليضع‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬جديد‭ ‬نحو‭ ‬التحديث‭ ‬والانفتاح‭ ‬والمشاركة‭. ‬ما‭ ‬كان‭ ‬التصويت‭ ‬إجراء‭ ‬روتينيا،‭ ‬بل‭ ‬تعبيرا‭ ‬واضحا‭ ‬عن‭ ‬تطلع‭ ‬البحرينيين‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬مختلفة،‭ ‬وجاءت‭ ‬النتيجة‭ ‬ساحقة‭: ‬98‭.‬4%‭ ‬قالوا‭ ‬نعم‭.‬

منذ‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم،‭ ‬شهدت‭ ‬البحرين‭ ‬تحولات‭ ‬تدريجية‭ ‬مست‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭. ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬المتاحة‭ ‬اليوم‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬بنفس‭ ‬الاتساع‭ ‬سابقا،‭ ‬والتطور‭ ‬الذي‭ ‬تحقق‭ ‬جاء‭ ‬نتيجة‭ ‬جهود‭ ‬متراكمة‭ ‬وعمل‭ ‬مستمر‭. ‬المسار‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬سهلا،‭ ‬لكنه‭ ‬أثمر‭ ‬تغييرات‭ ‬واضحة‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬عدة‭.‬

إذا‭ ‬مررت‭ ‬بمعالم‭ ‬المنامة،‭ ‬فسترى‭ ‬كيف‭ ‬تغيرت‭ ‬ملامح‭ ‬الاقتصاد‭. ‬مرفأ‭ ‬البحرين‭ ‬المالي‭ ‬أصبح‭ ‬مركزا‭ ‬مصرفيا‭ ‬رئيسيا‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬المشاريع‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬انتقلت‭ ‬من‭ ‬فكرة‭ ‬إلى‭ ‬واقع،‭ ‬بفضل‭ ‬برامج‭ ‬مثل‭ ‬تمكين‭ ‬الذي‭ ‬ساعد‭ ‬آلاف‭ ‬البحرينيين‭ ‬على‭ ‬تأسيس‭ ‬أعمالهم‭ ‬أو‭ ‬إثراء‭ ‬مهاراتهم‭. ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬الاقتصاد‭ ‬قائما‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬وحده،‭ ‬بل‭ ‬امتد‭ ‬ليشمل‭ ‬قطاعات‭ ‬جديدة‭ ‬مثل‭ ‬التجارة‭ ‬والخدمات‭ ‬المالية‭ ‬والسياحة‭.‬

ورغم‭ ‬ذلك،‭ ‬يظل‭ ‬التحدي‭ ‬قائما‭. ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬يتغير‭ ‬بسرعة،‭ ‬ومتطلبات‭ ‬الوظائف‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭. ‬البعض‭ ‬يواجه‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬التعلم‭ ‬المستمر‭ ‬والتطوير‭ ‬الذاتي‭ ‬أمرا‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عنه‭.‬

ففي‭ ‬التعليم،‭ ‬شهدت‭ ‬البحرين‭ ‬توسعا‭ ‬كبيرا،‭ ‬مع‭ ‬افتتاح‭ ‬جامعات‭ ‬تقدم‭ ‬تخصصات‭ ‬متنوعة‭ ‬تواكب‭ ‬احتياجات‭ ‬السوق‭. ‬ليصبح،‭ ‬أمام‭ ‬الطلاب‭ ‬خيارات‭ ‬متعددة،‭ ‬سواء‭ ‬عبر‭ ‬الجامعات‭ ‬المحلية‭ ‬التي‭ ‬تطورت‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬برامج‭ ‬الابتعاث‭ ‬التي‭ ‬تتيح‭ ‬فرصا‭ ‬للدراسة‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬للطلبة‭ ‬المتميزين‭. ‬

التحولات‭ ‬العالمية‭ ‬تفرض‭ ‬واقعا‭ ‬مختلفا،‭ ‬فلم‭ ‬يعد‭ ‬التعليم‭ ‬وحده‭ ‬كافيا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ربطه‭ ‬بمهارات‭ ‬عملية‭ ‬تؤهل‭ ‬الشباب‭ ‬لسوق‭ ‬العمل‭ ‬الحديث‭. ‬ولذلك،‭ ‬جاءت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬لتكمل‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭ ‬وتوفر‭ ‬بيئة‭ ‬داعمة‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬الكفاءات‭ ‬الوطنية‭. ‬من‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬المبادرات‭ ‬الطيبة،‭ ‬برنامج‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬للمنح‭ ‬الدراسية‭ ‬العالمية،‭ ‬الذي‭ ‬يمنح‭ ‬الطلبة‭ ‬المجتهدين‭ ‬فرصا‭ ‬دراسية‭ ‬في‭ ‬جامعات‭ ‬عالمية‭ ‬مرموقة،‭ ‬مما‭ ‬يؤهلهم‭ ‬لاكتساب‭ ‬معارف‭ ‬وتجارب‭ ‬جديدة‭ ‬تعزز‭ ‬من‭ ‬مساهمتهم‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬الوطنية‭.‬

إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬هناك‭ ‬مبادرات‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬تنمية‭ ‬المهارات‭ ‬القيادية‭ ‬والتطبيقية،‭ ‬مثل‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬لامع‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يشرف‭ ‬عليه‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬ناصر‭ ‬بن‭ ‬حمد،‭ ‬ويهدف‭ ‬إلى‭ ‬إعداد‭ ‬الشباب‭ ‬البحريني‭ ‬للقيادة‭ ‬عبر‭ ‬برامج‭ ‬مكثفة‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬التدريب‭ ‬النظري‭ ‬والتجربة‭ ‬العملية،‭ ‬وهذا‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬يعزز‭ ‬من‭ ‬قدراتهم‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬المستقبل‭ ‬بثقة‭ ‬وكفاءة‭.‬

كما‭ ‬تأتي‭ ‬مبادرة‭ ‬‮«‬مهارات‭ ‬البحرين‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬يقودها‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬سلمان،‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الفلك‭ ‬لتسهم‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬برامج‭ ‬تعليمية‭ ‬تواكب‭ ‬التخصصات‭ ‬الأكثر‭ ‬طلبا،‭ ‬مما‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬تقليص‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬المخرجات‭ ‬التعليمية‭ ‬واحتياجات‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭.‬

الإسهامات‭ ‬السالفة‭ ‬ليست‭ ‬سوى‭ ‬نماذج‭ ‬لمشاريع‭ ‬مستمرة‭ ‬ترمي‭ ‬إلى‭ ‬تمكين‭ ‬الشباب‭ ‬وتعزيز‭ ‬جاهزيتهم‭ ‬لمتغيرات‭ ‬العصر،‭ ‬وهي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬رؤية‭ ‬أوسع‭ ‬تطمح‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬مستقبل‭ ‬أكثر‭ ‬استدامة‭ ‬وتقدما‭ ‬لبلدنا‭.‬

امتد‭ ‬النهوض‭ ‬ليشمل‭ ‬جوانب‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والتعليم،‭ ‬بل‭ ‬شمل‭ ‬المجتمع‭ ‬بأسره‭. ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬حاليا‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬صنع‭ ‬القرار،‭ ‬وتتولى‭ ‬أدوارا‭ ‬محورية‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬والاقتصاد،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬متاحا‭ ‬بنفس‭ ‬القوة‭ ‬قبل‭ ‬عقدين‭. ‬المبادرات‭ ‬الشبابية‭ ‬أعطت‭ ‬مساحة‭ ‬أوسع‭ ‬للإبداع،‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬البحرين‭ ‬بيئة‭ ‬أكثر‭ ‬ديناميكية‭ ‬وانفتاحا‭.‬

الحفاظ‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المكتسبات‭ ‬ليس‭ ‬مسؤولية‭ ‬جهة‭ ‬واحدة‭.  ‬ذلك‭ ‬ان‭ ‬التطور‭ ‬لا‭ ‬يحدث‭ ‬بقرارات‭ ‬حكومية‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬تفاعل‭ ‬بين‭ ‬الدولة‭ ‬والمجتمع،‭ ‬وبين‭ ‬المؤسسات‭ ‬والأفراد‭. ‬الجميع‭ ‬معني‭ ‬بالاستفادة‭ ‬من‭ ‬الفرص،‭ ‬وتحسين‭ ‬المهارات،‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬مستقبل‭ ‬يليق‭ ‬بالبحرين‭.‬

منذ‭ ‬عام‭ ‬2001،‭ ‬انطلقت‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬عند‭ ‬حدود‭ ‬الإنجاز،‭ ‬بل‭ ‬استمرت‭ ‬بروح‭ ‬التجديد‭ ‬والبناء‭. ‬ورغم‭ ‬ما‭ ‬تحقق‭ ‬من‭ ‬نجاحات،‭ ‬تظل‭ ‬هناك‭ ‬تحديات‭ ‬تستدعي‭ ‬اليقظة‭ ‬والعمل‭ ‬المستمر‭. ‬فالتحول‭ ‬الرقمي‭ ‬السريع‭ ‬يفرض‭ ‬متطلبات‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬والتدريب،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬وضرورات‭ ‬الاستدامة‭ ‬تحتم‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬أنماط‭ ‬الإنتاج‭ ‬والاستهلاك‭. ‬التنافسية‭ ‬العالمية‭ ‬المتزايدة‭ ‬تجعل‭ ‬الابتكار‭ ‬والإبداع‭ ‬ضرورة‭ ‬لا‭ ‬خياراً‭. ‬وفي‭ ‬خضم‭ ‬هذه‭ ‬التحديات،‭ ‬تستمر‭ ‬المسيرة‭ ‬بثبات‭ ‬نحو‭ ‬آفاق‭ ‬أوسع،‭ ‬مدفوعة‭ ‬برؤية‭ ‬واضحة‭ ‬وإرادة‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬التراجع‭. ‬يتشكل‭ ‬المستقبل‭ ‬بما‭ ‬يبذل‭ ‬من‭ ‬جهد‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن،‭ ‬والإصرار‭ ‬على‭ ‬تحويل‭ ‬الطموحات‭ ‬إلى‭ ‬إنجازات‭ ‬ملموسة،‭ ‬لتظل‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬موقعها‭ ‬الريادي،‭ ‬تواكب‭ ‬العصر‭ ‬وتصنع‭ ‬مستقبلها‭ ‬بثقة‭ ‬واقتدار‭.‬

 

rajabnabeela@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا