العدد : ١٧١٣٦ - الجمعة ٢١ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٢ شعبان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٣٦ - الجمعة ٢١ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٢ شعبان ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

جناية ترامب على أمريكا

هناك‭ ‬مفارقة‭ ‬قد‭ ‬تبدو‭ ‬غريبة‭ ‬فيما‭ ‬يفعله‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬ترامب‭ ‬بالعالم‭ ‬اليوم‭.‬

حين‭ ‬تولى‭ ‬ترامب‭ ‬السلطة‭ ‬وشرع‭ ‬فورا‭ ‬في‭ ‬اعلان‭ ‬مواقفه‭ ‬وسياساته‭ ‬المعروفة‭ ‬كان‭ ‬هدفه‭ ‬الأكبر‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬هو‭ ‬جعل‭ ‬أمريكا‭ ‬‮«‬عظيمة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‮»‬،‭ ‬وبناء‭ ‬امبراطورية‭ ‬امريكية‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬مقاديره‭ ‬وتفرض‭ ‬ما‭ ‬تريد‭.‬

المفارقة‭ ‬ان‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬ترامب‭ ‬سيأتي‭ ‬بنتائج‭ ‬عكسية‭ ‬تماما‭ ‬لما‭ ‬يريد‭ ‬ويتصور‭ ‬انه‭ ‬سيحققه‭. ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬يدمر‭ ‬مكانة‭ ‬وقوة‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬سيكون‭ ‬على‭ ‬الأرجح‭ ‬بداية‭ ‬النهاية‭ ‬للهيمنة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬ان‭ ‬يضع‭ ‬نهاية‭ ‬للعصر‭ ‬الأمريكي‭.‬

لنتأمل‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬ترامب‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬وماذا‭ ‬يعنيه‭ ‬بالضبط‭ ‬بالنسبة‭ ‬لأمريكا‭.‬

ترامب‭ ‬دشن‭ ‬عهدا‭ ‬جديدا‭ ‬من‭ ‬التوسع‭ ‬الاستعماري‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بخططه‭ ‬المعلنة‭ ‬لمحو‭ ‬دول‭ ‬وضمها‭ ‬لأمريكا‭ ‬مثل‭ ‬كندا‭ ‬وتهديده‭ ‬بالاستيلاء‭ ‬على‭ ‬قناة‭ ‬بنما‭ ‬وجرينلاند،‭ ‬ثم‭ ‬مخطط‭ ‬احتلال‭ ‬أمريكا‭ ‬لغزة‭ ‬وطرد‭ ‬كل‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

وترامب‭ ‬يريد‭ ‬تدمير‭ ‬منظمات‭ ‬إنسانية‭ ‬عالمية‭ ‬كبرى‭ ‬بانسحابه‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬والاونروا،‭ ‬ومعاقبة‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬بما‭ ‬تمثله‭ ‬بالنسبة‭ ‬للعالم‭ ‬ولحقوق‭ ‬الانسان‭.‬

وترامب‭ ‬دمر‭ ‬مؤسسات‭ ‬أمريكية‭ ‬تعمل‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬طويلة‭ ‬وتقدم‭ ‬وجها‭ ‬إنسانيا‭ ‬لأمريكا‭ ‬وخصوصا‭ ‬وكالة‭ ‬التنمية‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تقدم‭ ‬معونات‭ ‬لعدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الدول‭.‬

وترامب‭ ‬قدم‭ ‬أمريكا‭ ‬للعالم‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬انها‭ ‬بكل‭ ‬قوتها‭ ‬وامكانياتها‭ ‬تحت‭ ‬تصرف‭ ‬أبشع‭ ‬مشروع‭ ‬عنصري‭ ‬توسعي‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬هو‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني،‭ ‬وعلى‭ ‬انها‭ ‬ليست‭ ‬سوى‭ ‬أداة‭ ‬بيد‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لتحقيق‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬بكامله‭.‬

وترامب‭ ‬يريد‭ ‬ان‭ ‬يعاقب‭ ‬اقتصاديا‭ ‬وسياسيا‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬دولة‭ ‬حليفة‭ ‬إذا‭ ‬هي‭ ‬لم‭ ‬ترضخ‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬يريد‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬نقاش‭.‬

هذا‭ ‬بعض‭ ‬مما‭ ‬فعله‭ ‬ترامب‭ ‬حتى‭ ‬اليوم،‭ ‬وهو‭ ‬يضيف‭ ‬اليه‭ ‬جديدا‭ ‬كل‭ ‬يوم‭.‬

الآن‭ ‬لنتأمل‭ ‬ماذا‭ ‬يعني‭ ‬هذا‭ ‬بالنسبة‭ ‬للعالم‭ ‬ومكانة‭ ‬أمريكا‭ ‬العالمية‭.‬

يعني‭ ‬ما‭ ‬يلي‭:‬

1‭ - ‬ترامب‭ ‬يقدم‭ ‬أمريكا‭ ‬للعالم‭ ‬كقوة‭ ‬همجية‭ ‬بلا‭ ‬اخلاق‭ ‬ولا‭ ‬قيم‭ ‬إنسانية‭ ‬ولا‭ ‬تكن‭ ‬احتراما‭ ‬لأي‭ ‬انسان‭ ‬ولأي‭ ‬دولة‭.‬

2‭ - ‬ترامب‭ ‬يقدم‭ ‬امريكا‭ ‬للعالم‭ ‬كقوة‭ ‬مارقة‭ ‬خارجة‭ ‬عن‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬ولا‭ ‬تعرف‭ ‬للعدالة‭ ‬معنى‭ ‬ومستعدة‭ ‬لتدمير‭ ‬كل‭ ‬مؤسسات‭ ‬العدالة‭ ‬الدولية‭..‬

3‭ - ‬ترامب‭ ‬يقدم‭ ‬أمريكا‭ ‬للعالم‭ ‬كقوة‭ ‬تريد‭ ‬اغراق‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬الفوضى‭ ‬والعنف‭ ‬والصراعات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنتهي‭ ‬ولا‭ ‬يعنيها‭ ‬سلام‭ ‬او‭ ‬استقرار‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬ولا‭ ‬اي‭ ‬تسويات‭ ‬سلمية‭ ‬عادلة‭.‬

4‭ - ‬ترامب‭ ‬يقود‭ ‬أمريكا‭ ‬الى‭ ‬خسارة‭ ‬كل‭ ‬حلفائها‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وبالأخص‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬والدول‭ ‬العربية‭.‬

5‭ - ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬يقود‭ ‬ترامب‭ ‬امريكا‭ ‬الى‭ ‬وضع‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يثق‭ ‬فيها‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يراهن‭ ‬احد‭ ‬عليها‭ ‬وعلى‭ ‬دورها‭.‬

باختصار‭ ‬ترامب‭ ‬بما‭ ‬يفعل‭ ‬يجني‭ ‬على‭ ‬أمريكا‭ ‬وعلى‭ ‬دورها‭ ‬العالمي‭.‬

بالطبع‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬ترامب‭ ‬فهو‭ ‬يتصور‭ ‬ان‭ ‬بمقدوره‭ ‬ان‭ ‬يفعل‭ ‬ما‭ ‬يشاء‭ ‬ويحقق‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يريد‭ ‬بالقوة‭ ‬والبطش‭ ‬والتهديد‭ ‬ولا‭ ‬يعنيه‭ ‬موقف‭ ‬أحد‭ ‬أو‭ ‬رأي‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬والعالم‭.‬

لكن‭ ‬ترامب‭ ‬ينسى‭ ‬امرا‭ ‬أساسيا‭. ‬ينسى‭ ‬ان‭ ‬أمريكا‭ ‬ليست‭ ‬وحدها‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬في‭ ‬العالم‭ ‬قوى‭ ‬عظمى‭ ‬لديها‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬لتحديه‭. ‬وينسى‭ ‬ان‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬يستهدفها‭ ‬لديها‭ ‬أيضا‭ ‬مصادر‭ ‬للقوة‭ ‬وسوف‭ ‬تدافع‭ ‬عن‭ ‬مصالحها‭. ‬ينسى‭ ‬ان‭ ‬العالم‭ ‬ليس‭ ‬مستعدا‭ ‬لهدم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬بناه‭ ‬من‭ ‬منظمات‭ ‬انسانية‭ ‬دولية‭ ‬ومؤسسات‭ ‬حقوقية‭ ‬ومبادئ‭ ‬وقيم‭ ‬وقانون‭ ‬دولي‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬المنظمات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬غير‭ ‬فعالة‭.‬

للحديث‭ ‬بقية‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا