العدد : ١٧١٢٦ - الثلاثاء ١١ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٢ شعبان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٢٦ - الثلاثاء ١١ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٢ شعبان ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

أوان إظهار القوة العربية

حديث‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬ترامب‭ ‬عن‭ ‬خطة‭ ‬لاحتلال‭ ‬أمريكا‭ ‬لغزة‭ ‬وتهجير‭ ‬كل‭ ‬أهلها‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬يمثل‭ ‬خطرا‭ ‬وجوديا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.‬

الخطر‭ ‬ليس‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬سوف‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذا‭ ‬المخطط،‭ ‬فهو‭ ‬لن‭ ‬يستطيع‭. ‬لن‭ ‬يستطيع‭ ‬احتلال‭ ‬غزة‭ ‬ولا‭ ‬تهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬أرضهم‭ ‬ووطنهم‭.‬

الخطر‭ ‬يتمثل‭ ‬فيما‭ ‬يكشف‭ ‬عنه‭ ‬إعلان‭ ‬هذه‭ ‬الخطة،‭ ‬وما‭ ‬رافقها‭ ‬من‭ ‬مواقف‭ ‬أخرى‭ ‬أعلنها‭ ‬ترامب،‭ ‬عن‭ ‬نوايا‭ ‬استعمارية‭ ‬عدوانية‭ ‬أظهرها‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬تجاه‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬ومن‭ ‬احتقار‭ ‬لكرامة‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬عربي‭ ‬واستعداده‭ ‬لأن‭ ‬يفعل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬يمكن‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬تصوره‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تنفيذ‭ ‬أفكاره،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬وصل‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬احتلال‭ ‬بلد‭ ‬عربي‭.‬

الخطر‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬أظهر‭ ‬استعداده‭ ‬لوضع‭ ‬كل‭ ‬قدرات‭ ‬وإمكانيات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تحت‭ ‬تصرف‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬بالكامل‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬بأبعاده‭ ‬المعروفة‭.‬

في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬الخطر‭ ‬الوجودي‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬العبث‭ ‬مجرد‭ ‬الاكتفاء‭ ‬بالحديث‭ ‬عن‭ ‬انتهاك‭ ‬ترامب‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬وحقوق‭ ‬الشعوب‭ ‬والدول،‭ ‬أو‭ ‬عن‭ ‬قيم‭ ‬العدالة‭ ‬والإنسانية‭ ‬وحتى‭ ‬الأخلاقية‭. ‬ترامب‭ ‬رجل‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬للقانون‭ ‬قيمة‭ ‬ولا‭ ‬للعدالة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الإنسانية‭ ‬معنى‭ ‬ولا‭ ‬يكن‭ ‬ذرة‭ ‬احترام‭ ‬أو‭ ‬تقدير‭ ‬للعرب‭. ‬هذا‭ ‬رجل‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬إلا‭ ‬شريعة‭ ‬الغاب‭ ‬ويتصور‭ ‬أن‭ ‬بمقدوره‭ ‬أن‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬ما‭ ‬يريد‭ ‬بالقوة‭ ‬والعنف‭.‬

في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬الخطر‭ ‬الوجودي‭ ‬من‭ ‬العبث‭ ‬الاكتفاء‭ ‬بمجر‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الرفض‭ ‬العربي‭ ‬لمخططات‭ ‬ترامب‭ ‬والكيان‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وإعادة‭ ‬تأكيد‭ ‬المواقف‭ ‬العربية‭ ‬المعروفة‭.‬

المطلوب‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬يتعدى‭ ‬هذا‭ ‬بكثير‭ ‬جدا‭.‬

المطلوب‭ ‬أولا‭ ‬أن‭ ‬يتحدث‭ ‬العرب‭ ‬اليوم‭ ‬بصوت‭ ‬واحد‭.. ‬أن‭ ‬يعلنوا‭ ‬موقفا‭ ‬عربيا‭ ‬موحدا‭ ‬يقطع‭ ‬الطريق‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬محاولة‭ ‬للزعم‭ ‬بوجود‭ ‬أي‭ ‬خلافات‭ ‬عربية‭ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬الخطيرة‭.‬

لهذا‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬فعلا‭ ‬عقد‭ ‬قمة‭ ‬عربية‭ ‬طارئة‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬تعلن‭ ‬للعالم‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬الموحد‭ ‬من‭ ‬مخططات‭ ‬ترامب‭ ‬والكيان‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬تؤكد‭ ‬للعالم‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬عازمة‭ ‬على‭ ‬التصدي‭ ‬بحزم‭ ‬لهذه‭ ‬المخططات‭ ‬ولن‭ ‬تسمح‭ ‬بأن‭ ‬تمر‭ ‬أبدا‭.‬

والمطلوب‭ ‬ثانيا‭ ‬أن‭ ‬يأخذ‭ ‬العرب‭ ‬زمام‭ ‬المبادرة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بغزة‭ ‬والقضية‭ ‬الفلسطينية‭. ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تقرر‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بإعمار‭ ‬غزة‭ ‬ومن‭ ‬يحكم‭ ‬غزة‭. ‬ليس‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬إسرائيل‭ ‬ولا‭ ‬أمريكا‭ ‬تقرير‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭. ‬لقد‭ ‬أبادوا‭ ‬غزة‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬حقهم‭ ‬أن‭ ‬يقرروا‭ ‬مصيرها‭ ‬ولا‭ ‬مصير‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭. ‬المطلب‭ ‬العربي‭ ‬الأساسي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬إنهاء‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بلا‭ ‬قيد‭ ‬ولا‭ ‬شرط،‭ ‬ومحاكمة‭ ‬كل‭ ‬المجرمين‭ ‬الذين‭ ‬أبادوا‭ ‬غزة‭.‬

الأهم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬أنه‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬لإظهار‭ ‬القوة‭ ‬العربية‭.‬

الدول‭ ‬العربية‭ ‬ليست‭ ‬ضعيفة‭ ‬وليست‭ ‬قليلة‭ ‬الحيلة،‭ ‬ولديها‭ ‬من‭ ‬القدرات‭ ‬والإمكانيات‭ ‬الكفيلة‭ ‬بردع‭ ‬هؤلاء‭ ‬الاستعماريين‭ ‬من‭ ‬أمثال‭ ‬ترامب،‭ ‬وردع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭.‬

الدول‭ ‬العربية‭ ‬تمتلك‭ ‬مصادر‭ ‬قوة‭ ‬هائلة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬أمريكا‭ ‬وإسرائيل‭.. ‬مصادر‭ ‬قوة‭ ‬اقتصادية‭ ‬وعسكرية‭ ‬وسياسية‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬يعلم‭ ‬بها‭.‬

الدول‭ ‬العربية‭ ‬مطالبة‭ ‬اليوم‭ ‬بإظهار‭ ‬قوتها‭ ‬هذه‭.. ‬مطالبة‭ ‬بإعلان‭ ‬جماعي‭ ‬بأنها‭ ‬لن‭ ‬تتردد‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬مصادر‭ ‬قوتها‭ ‬هذه‭ ‬دفاعا‭ ‬عن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والقضايا‭ ‬العربية‭ ‬ولإحباط‭ ‬أي‭ ‬مخططات‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬أعلنها‭ ‬ترامب،‭ ‬أو‭ ‬يعلنها‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

ترامب‭ ‬يتعامل‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬السياسة‭ ‬بمنطق‭ ‬رجل‭ ‬الأعمال‭ ‬الانتهازي‭ ‬الجشع‭. ‬اللحظة‭ ‬التي‭ ‬يتأكد‭ ‬فيها‭ ‬ترامب‭ ‬بأن‭ ‬مصالح‭ ‬أمريكا‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬ستكون‭ ‬مهددة‭ ‬فعلا‭ ‬وأن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬جادة‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬المصالح‭ ‬العربية‭ ‬باستخدام‭ ‬مصادر‭ ‬القوة‭ ‬لديها،‭ ‬سوف‭ ‬يتراجع‭ ‬وسوف‭ ‬يكف‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الاستهداف‭ ‬الاستعماري‭ ‬للدول‭ ‬العربية‭.‬

ترامب‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يفهم‭ ‬أن‭ ‬العلاقات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬مع‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬ليست‭ ‬أمرا‭ ‬مسلما‭ ‬به،‭ ‬وأنها‭ ‬ترتب‭ ‬التزامات‭ ‬متبادلة‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬احترامها‭ ‬فلا‭ ‬حاجة‭ ‬عربية‭ ‬لها‭.‬

نحن‭ ‬في‭ ‬مفترق‭ ‬طرق،‭ ‬إما‭ ‬أن‭ ‬تظهر‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬قوتها‭ ‬وتدافع‭ ‬عن‭ ‬نفسها،‭ ‬وإما‭ ‬أن‭ ‬يجتاحنا‭ ‬طوفان‭ ‬استعماري‭ ‬همجي‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا