يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
أوان إظهار القوة العربية
حديث الرئيس الأمريكي ترامب عن خطة لاحتلال أمريكا لغزة وتهجير كل أهلها إلى الخارج يمثل خطرا وجوديا على كل الدول العربية.
الخطر ليس أن ترامب سوف يتمكن من تنفيذ هذا المخطط، فهو لن يستطيع. لن يستطيع احتلال غزة ولا تهجير الفلسطينيين من أرضهم ووطنهم.
الخطر يتمثل فيما يكشف عنه إعلان هذه الخطة، وما رافقها من مواقف أخرى أعلنها ترامب، عن نوايا استعمارية عدوانية أظهرها الرئيس الأمريكي تجاه كل الدول العربية، ومن احتقار لكرامة كل إنسان عربي واستعداده لأن يفعل أي شيء يمكن ولا يمكن تصوره من أجل تنفيذ أفكاره، حتى لو وصل الأمر إلى احتلال بلد عربي.
الخطر أن ترامب أظهر استعداده لوضع كل قدرات وإمكانيات الولايات المتحدة تحت تصرف الكيان الإسرائيلي من أجل العمل على تنفيذ المشروع الصهيوني بالكامل في المنطقة العربية بأبعاده المعروفة.
في مواجهة هذا الخطر الوجودي أصبح من العبث مجرد الاكتفاء بالحديث عن انتهاك ترامب للقانون الدولي وحقوق الشعوب والدول، أو عن قيم العدالة والإنسانية وحتى الأخلاقية. ترامب رجل لا يعرف للقانون قيمة ولا للعدالة أو حتى الإنسانية معنى ولا يكن ذرة احترام أو تقدير للعرب. هذا رجل لا يعرف إلا شريعة الغاب ويتصور أن بمقدوره أن يفرض على العالم كله ما يريد بالقوة والعنف.
في مواجهة هذا الخطر الوجودي من العبث الاكتفاء بمجر التعبير عن الرفض العربي لمخططات ترامب والكيان الإسرائيلي، وإعادة تأكيد المواقف العربية المعروفة.
المطلوب اليوم من العرب يتعدى هذا بكثير جدا.
المطلوب أولا أن يتحدث العرب اليوم بصوت واحد.. أن يعلنوا موقفا عربيا موحدا يقطع الطريق على أي محاولة للزعم بوجود أي خلافات عربية حول هذه التطورات الخطيرة.
لهذا من المهم فعلا عقد قمة عربية طارئة هذه الأيام تعلن للعالم هذا الموقف الموحد من مخططات ترامب والكيان الإسرائيلي، والأهم من هذا أن تؤكد للعالم أن الدول العربية عازمة على التصدي بحزم لهذه المخططات ولن تسمح بأن تمر أبدا.
والمطلوب ثانيا أن يأخذ العرب زمام المبادرة في كل ما يتعلق بغزة والقضية الفلسطينية. الدول العربية هي التي يجب أن تقرر كل ما يتعلق بإعمار غزة ومن يحكم غزة. ليس من حق إسرائيل ولا أمريكا تقرير هذا الأمر. لقد أبادوا غزة وليس من حقهم أن يقرروا مصيرها ولا مصير الشعب الفلسطيني. المطلب العربي الأساسي يجب أن يكون إنهاء الاحتلال الإسرائيلي بلا قيد ولا شرط، ومحاكمة كل المجرمين الذين أبادوا غزة.
الأهم من كل هذا أنه آن الأوان لإظهار القوة العربية.
الدول العربية ليست ضعيفة وليست قليلة الحيلة، ولديها من القدرات والإمكانيات الكفيلة بردع هؤلاء الاستعماريين من أمثال ترامب، وردع الكيان الصهيوني.
الدول العربية تمتلك مصادر قوة هائلة في مواجهة أمريكا وإسرائيل.. مصادر قوة اقتصادية وعسكرية وسياسية العالم كله يعلم بها.
الدول العربية مطالبة اليوم بإظهار قوتها هذه.. مطالبة بإعلان جماعي بأنها لن تتردد في استخدام مصادر قوتها هذه دفاعا عن الدول العربية والقضايا العربية ولإحباط أي مخططات مثل تلك التي أعلنها ترامب، أو يعلنها الكيان الإسرائيلي.
ترامب يتعامل في عالم السياسة بمنطق رجل الأعمال الانتهازي الجشع. اللحظة التي يتأكد فيها ترامب بأن مصالح أمريكا مع الدول العربية ستكون مهددة فعلا وأن الدول العربية جادة في الدفاع عن المصالح العربية باستخدام مصادر القوة لديها، سوف يتراجع وسوف يكف عن هذا الاستهداف الاستعماري للدول العربية.
ترامب يجب أن يفهم أن العلاقات الاستراتيجية مع كثير من الدول العربية ليست أمرا مسلما به، وأنها ترتب التزامات متبادلة إن لم يتم احترامها فلا حاجة عربية لها.
نحن في مفترق طرق، إما أن تظهر الدول العربية قوتها وتدافع عن نفسها، وإما أن يجتاحنا طوفان استعماري همجي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك