العدد : ١٧١٢٢ - الجمعة ٠٧ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ شعبان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٢٢ - الجمعة ٠٧ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ شعبان ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تداعيات حظر إسرائيل لأنشطة «الأونروا» على الفلسطينيين

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الخميس ٠٦ فبراير ٢٠٢٥ - 02:00

خلال‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬15‭ ‬شهرًا‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬سجلت‭ ‬‮«‬لجنة‭ ‬الإنقاذ‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬التأثير‭ ‬الكارثي‭ ‬جراء‭ ‬الحملة‭ ‬العسكرية‭ ‬المتواصلة‭ ‬التي‭ ‬شنتها‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وما‭ ‬فرضته‭ ‬من‭ ‬قيود‭ ‬متعمدة‭ ‬على‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬المقدمة‭ ‬لملايين‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬الذين‭ ‬يعتمدون‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬على‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬العاجلة‭. ‬ووثقت‭ ‬‮«‬اللجنة‭ ‬الدولية‭ ‬للصليب‭ ‬الأحمر‮»‬،‭ ‬معاناة‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬‮«‬نقص‭ ‬حاد‭ ‬في‭ ‬الغذاء،‭ ‬والمياه‭ ‬النظيفة،‭ ‬والإمدادات‭ ‬الطبية‭ ‬والمأوى‮»‬،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حالة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭ ‬للبنية‭ ‬التحتية،‭ ‬مع‭ ‬فرض‭ ‬‮«‬قيود‭ ‬شديدة‭ ‬على‭ ‬إدخال‭ ‬الضروريات‭ ‬الإنسانية‭ ‬الأساسية‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬المؤقت‭ ‬بين‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬و«حماس‮»‬،‭ ‬سمح‭ ‬بتسليم‭ ‬المساعدات‭ ‬التي‭ ‬تشتد‭ ‬الحاجة‭ ‬إليها‭ ‬لدخول‭ ‬القطاع،‭ ‬مع‭ ‬عودة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬376‭.‬000‭ ‬نازح‭ ‬إلى‭ ‬شمال‭ ‬غزة‭ ‬خلال‭ ‬الأسبوع‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬يناير‭ ‬2025‭ ‬وحده؛‭ ‬حذرت‭ ‬‮«‬ديبمالا‭ ‬ماهلا‮»‬،‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬كير‮»‬‭ ‬للإغاثة،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الجوع‭ ‬والمرض‭ ‬لا‭ ‬يختفيان‭ ‬بمجرد‭ ‬إسكات‭ ‬البنادق‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الوضع،‭ ‬فإن‭ ‬قرار‭ ‬الكنيست‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بحظر‭ ‬عمليات‭ ‬‮«‬وكالة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لغوث‭ ‬وتشغيل‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين‮»‬‭ (‬الأونروا‭)‬،‭ ‬اعتبارًا‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬يناير‭ ‬2025،‭ ‬يقوض‭ ‬بشدة‭ ‬الجهود‭ ‬الدولية‭ ‬لتقديم‭ ‬المساعدة‭ ‬للمدنيين‭ ‬المحاصرين‭. ‬ولم‭ ‬تقتصر‭ ‬مهمة‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬على‭ ‬تسليم‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬ثلثي‭ ‬إجمالي‭ ‬المساعدات‭ ‬الغذائية‭ ‬الموزعة‭ ‬داخل‭ ‬غزة‭ ‬أثناء‭ ‬الحرب،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬توفير‭ ‬المأوى‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬مدني‭ ‬فلسطيني،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬‮«‬ديفيد‭ ‬ماكوفسكي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬واشنطن‭ ‬لسياسة‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى‮»‬،‭ ‬أقر‭ ‬بأنها‭ ‬تُعد‭ ‬‮«‬المزود‭ ‬الإنساني‭ ‬الرائد‮»‬،‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬حيث‭ ‬تدير‭ ‬19‭ ‬مخيمًا‭ ‬للاجئين،‭ ‬وتوظف‭ ‬3‭.‬700‭ ‬عامل،‭ ‬وتشغل‭ ‬المستشفيات‭ ‬والعيادات‭ ‬الصحية،‭ ‬وتدير‭ ‬96‭ ‬مدرسة‭ ‬تضم‭ ‬حوالي‭ ‬47.000‭ ‬طفل،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬المساعدة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬150‭.‬000‭ ‬شخص‭.‬

ورغم‭ ‬تسجيل‭ ‬‮«‬فرناز‭ ‬فاسيحي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬إقرار‭ ‬‮«‬كبار‭ ‬مسؤولي‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وكل‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ -‬باستثناء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬‭- ‬بأن‭ ‬تصرفات‭ ‬إسرائيل‭ ‬تشكل‭ ‬‮«‬انتهاكًا‭ ‬لالتزاماتها‭ ‬بموجب‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة»؛‭ ‬فإن‭ ‬دعم‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬المستمر‭ ‬لإسرائيل‭ ‬يعني‭ ‬تمتع‭ ‬حكومة‭ ‬‮«‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬بالقدرة‭ ‬على‭ ‬تقييد‭ ‬الخدمات‭ ‬الإنسانية‭ ‬المتاحة‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المساعدات‭ ‬المنقذة‭ ‬للحياة‭ ‬في‭ ‬غزة؛‭ ‬لكن‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التعليم‭ ‬والرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬والخدمات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬والأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬الأخرى‭.‬

وعليه،‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬باتريك‭ ‬وينتور‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬التشريع‭ ‬الذي‭ ‬أقره‭ ‬الكنيست‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2024،‭ ‬والذي‭ ‬دخل‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬في‭ ‬30‭ ‬يناير‭ ‬2025،‭ ‬سيحظر‭ ‬عمليات‭ ‬‮«‬الأونروا‮»‬،‭ ‬داخل‭ ‬الأراضي‭ ‬التي‭ ‬تحتلها‭ ‬إسرائيل‭ ‬عسكريًا،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬حظر‭ ‬أي‭ ‬اتصال‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والوكالة‭. ‬وفي‭ ‬المستقبل‭ ‬القريب‭ ‬لن‭ ‬يتطلب‭ ‬هذا‭ ‬إغلاق‭ ‬مقرها‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬سيترك‭ ‬أسطولها‭ ‬المكون‭ ‬من‭ ‬7000‭ ‬شاحنة‭ ‬إمدادات‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬بشأن‭ ‬إمكانية‭ ‬دخولها‭ ‬غزة،‭ ‬وتوزيع‭ ‬الإمدادات‭ ‬الإنسانية‭ ‬العاجلة‭.‬

‭ ‬وأضاف‭ ‬‮«‬وينتور‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬حال‭ ‬نفذت‭ ‬إسرائيل‭ ‬تهديداتها‭ ‬ضدها،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬‮«‬سيكون‭ ‬بمثابة‭ ‬أول‭ ‬إبعاد‭ ‬قسري‭ ‬لوكالة‭ ‬أممية‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬عضو‭ ‬بالأمم‭ ‬المتحدة‮»‬‭. ‬وخلال‭ ‬حديثه‭ ‬أمام‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬الأمن‮»‬،‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬28‭ ‬يناير،‭ ‬ندد‭ ‬‮«‬فيليب‭ ‬لازاريني‮»‬،‭ ‬المفوض‭ ‬العام‭ ‬للأونروا‭ ‬بـ«الاعتداء‭ ‬المستمر‮»‬،‭ ‬على‭ ‬الوكالة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إسرائيل،‭ ‬والتي‭ ‬اتهمها‭ ‬بـ«تعريضها‭ ‬أي‭ ‬احتمال‭ ‬للسلام‭ ‬والأمن‭ ‬للخطر‭ ‬عمدًا‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬اعترض‭ ‬على‭ ‬قرارها‭ ‬المناهض‭ ‬للوكالة‭ ‬قائلاً‭: ‬إنه‭ ‬‮«‬يسخر‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬ويفرض‭ ‬قيودًا‭ ‬هائلة‮»‬‭ ‬على‭ ‬تسليم‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬غزة،‭ ‬ولكن‭ ‬إلى‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬الأخرى‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬حرجة‮»‬‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬أيّد‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬‮«‬أنطونيو‭ ‬غوتيريش‮»‬،‭ ‬تصريحات‭ ‬‮«‬لازاريني‮»‬،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬الأونروا‭ ‬تمثل‭ ‬‮«‬الوسيلة‭ ‬الرئيسية‭ ‬لتقديم‭ ‬المساعدة‭ ‬الأساسية‭ ‬للاجئين‭ ‬الفلسطينيين‮»‬،‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬‮«‬بدائل‮»‬‭ ‬لها‭ ‬أمام‭ ‬التعسف‭ ‬الإسرائيلي‭. ‬كما‭ ‬حظيت‭ ‬الوكالة‭ ‬بدعم‭ ‬‮«‬جيمس‭ ‬كاريوكي‮»‬،‭ ‬نائب‭ ‬المندوب‭ ‬البريطاني‭ ‬لدى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬الذي‭ ‬أشاد‭ ‬بـ«العمل‭ ‬الحيوي‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬تؤديه‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬والتعليم‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬باعتبارهما‭ ‬من‭ ‬‮«‬أهم‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الأساسية‮»‬‭. ‬وشدد‭ ‬‮«‬نيكولاس‭ ‬دي‭ ‬ريفيير‮»‬،‭ ‬الممثل‭ ‬الدائم‭ ‬لفرنسا‭ ‬لدى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬ما‭ ‬من‭ ‬بديل‭ ‬ذي‭ ‬مصداقية‭ ‬لها،‭ ‬مضيفًا‭ ‬‮«‬أنها‭ ‬تقدم‭ ‬خدمات‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬بكلفة‭ ‬أدنى‭ ‬بثلاثة‭ ‬أضعاف‭ ‬من‭ ‬وكالات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الأخرى‮»‬‭.‬

وكما‭ ‬حدث‭ ‬طوال‭ ‬فترة‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬واحتلالها‭ ‬لغزة،‭ ‬تم‭ ‬تجاهل‭ ‬اعتراضات‭ ‬كبار‭ ‬مسؤولي‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وأعضاء‭ ‬آخرين‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي؛‭ ‬بسبب‭ ‬تعنت‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬‭ ‬المستمر‭ ‬تجاه‭ ‬حماية‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني‭. ‬وكانت‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬أكبر‭ ‬جهة‭ ‬مانحة‭ ‬للأونروا،‭ ‬إذ‭ ‬موّلت‭ ‬ثلث‭ ‬ميزانيتها‭ ‬السنوية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬جمدت‭ ‬تمويلها‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2024‭ ‬استجابةً‭ ‬لاتهامات‭ ‬إسرائيل‭ ‬المزعومة‭ ‬ضدها‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬الغربيين‭ ‬أكدوا‭ ‬لاحقًا،‭ ‬أهمية‭ ‬دور‭ ‬‮«‬الأونروا‮»‬‭ ‬وأعادوا‭ ‬تمويلها،‭ ‬ومن‭ ‬بينهم‭ ‬مفوض‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬لإدارة‭ ‬الأزمات،‭ ‬‮«‬يانيز‭ ‬لينارتشيتش‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬أوضح‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2024،‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لم‭ ‬تقدم‭ ‬أي‭ ‬دليل‭ ‬يدعم‭ ‬مزاعمها،‭ ‬وأن‭ ‬قيادة‭ ‬الوكالة‭ ‬‮«‬اتخذت‭ ‬إجراءات‭ ‬مناسبة‭ ‬وفورية‭ ‬وفعالة»؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬لم‭ ‬تحذُ‭ ‬حذوهم‭. ‬ولا‭ ‬يُتوقع‭ ‬أن‭ ‬توافق‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الأمر‭ ‬التنفيذي‭ ‬الذي‭ ‬وقّعه‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬توليه‭ ‬المنصب،‭ ‬والذي‭ ‬علّق‭ ‬فعليًا‭ ‬معظم‭ ‬المساعدات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الخارجية‭ -‬باستثناء‭ ‬إسرائيل‭- ‬مدة‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬90‭ ‬يومًا،‭ ‬مما‭ ‬أجبر‭ ‬منظمات،‭ ‬مثل‭ ‬المفوضية‭ ‬السامية‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لشؤون‭ ‬اللاجئين‭ (‬UNHCR‭) ‬على‭ ‬تقليص‭ ‬عملياتها‭ ‬الإنسانية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭.‬

وفي‭ ‬‮«‬الأمم‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬أعربت‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬دعمها‭ ‬الكامل‭ ‬لحظر‭ ‬إسرائيل‭ ‬المفروض‭ ‬على‭ ‬الأونروا،‭ ‬معتبرة‭ ‬أن‭ ‬مصداقيتها‭ ‬محل‭ ‬شك؛‭ ‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬تزعم‭ ‬أنه‭ ‬روابط‭ ‬تربط‭ ‬بين‭ ‬موظفيها‭ ‬وحركة‭ ‬حماس‭. ‬ووصفت‭ ‬القائمة‭ ‬بأعمال‭ ‬الممثل‭ ‬الدائم‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لدى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬‮«‬دوروثي‭ ‬شيا‮»‬،‭ ‬شهادة‭ ‬المفوض‭ ‬العام‭ ‬للأونروا،‭ ‬‮«‬فيليب‭ ‬لازاريني‮»‬،‭ ‬‮«‬مبالغ‭ ‬فيها‮»‬،‭ ‬بشأن‭ ‬تأثيرات‭ ‬الحظر‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬العمليات‭ ‬الإنسانية‭.‬

وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬تصريحات‭ ‬‮«‬إليز‭ ‬ستيفانيك‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬اختارها‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬لمنصب‭ ‬سفيرة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬لدى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬حول‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬‮«‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تخصص‭ ‬أي‭ ‬أموال‭ ‬من‭ ‬أموال‭ ‬دافعي‭ ‬الضرائب‭ ‬الأمريكيين‮»‬‭ ‬لمنظمات‭ ‬تزعم‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬على‭ ‬صلة‭ ‬بالإرهاب‮»‬،‭ ‬فلا‭ ‬عجب‭ ‬أن‭ ‬‮«‬شيا‮»‬،‭ ‬أكدت‭ ‬دعم‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬الكامل‭ ‬لما‭ ‬وصفته‭ ‬بـ«القرار‭ ‬السيادي‮»‬‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بقطع‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬وكالات‭ ‬الإغاثة‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬المساعدات‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتداعيات‭ ‬حظر‭ ‬إسرائيل‭ ‬المفروض‭ ‬على‭ ‬‮«‬الأونروا‮»‬،‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة؛‭ ‬فقد‭ ‬لاحظ‭ ‬‮«‬ماكوفسكي‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬الحكم‭ ‬المدني،‭ ‬‮«‬تعمل‭ ‬أكثر‭ ‬كدولة‭ ‬فعلية‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬وكالة‭ ‬تابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬المزود‭ ‬الرئيسي‭ ‬للخدمات‭ ‬التعليمية‭ ‬والصحية‮»‬‭ ‬قبل‭ ‬الحرب،‭ ‬و«كانت‭ ‬العمود‭ ‬الفقري‭ ‬لتوزيع‭ ‬الغذاء‮»‬،‭ ‬في‭ ‬ملاجئها‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الخمسة‭ ‬عشر‭ ‬الماضية‭. ‬ورغم‭ ‬إشارة‭ ‬‮«‬ماكوفسكي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬توزيع‭ ‬الغذاء‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬قد‭ ‬يتم‭ ‬‮«‬بإدارة‭ ‬برنامج‭ ‬الأغذية‭ ‬العالمي‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‮»‬‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك؛‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬أوضح‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬بديلا‭ ‬لها‭. ‬وحذر‭ ‬‮«‬سام‭ ‬روز‮»‬،‭ ‬نائب‭ ‬مدير‭ ‬شؤون‭ ‬الوكالة‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬من‭ ‬‮«‬فجوة‭ ‬ضخمة‮»‬‭ ‬في‭ ‬تسليم‭ ‬المساعدات؛‭ ‬بسبب‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬أي‭ ‬منظمة‭ ‬أخرى‭ ‬تمتلك‭ ‬الحجم‭ ‬والقدرة‭ ‬للقيام‭ ‬بأعمالنا‮»‬‭.‬

أما‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬ماكوفسكي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬توقع‭ ‬إسرائيل‭ ‬أن‭ ‬تنتقل‭ ‬إدارة‭ ‬خدمات‭ ‬الأونروا‭ ‬‮«‬آليًا‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬دائرة‮»‬‭ ‬اختصاصات‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬لكن‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬مساعدة‭ ‬أو‭ ‬دعم‭ ‬إضافي‭. ‬وبالتالي،‭ ‬حذرت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬،‭ ‬من‭ ‬المخاطر‭ ‬الكبيرة‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬حيث‭ ‬سيترك‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬جميع‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يعتمدون‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬دون‭ ‬خدمات‭ ‬تمامًا‮»‬‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬تجاهل‭ ‬ما‭ ‬صرح‭ ‬به‭ ‬ممثل‭ ‬إسرائيل‭ ‬لدى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬حكومته‭ ‬ستقوم‭ ‬‮«‬بإنهاء‮»‬‭ ‬اتصالاتها‭ ‬مع‭ ‬‮«‬الأونروا‮»‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬مع‭ ‬‮«‬أي‭ ‬شخص‭ ‬يعمل‭ ‬نيابة‭ ‬عنها‮»‬‭. ‬وعلق‭ ‬‮«‬ماكوفسكي‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬سيمنعها‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬تمامًا؛‭ ‬نظرًا‭ ‬لأن‭ ‬تجديد‭ ‬تأشيرات‭ ‬موظفيها،‭ ‬وتقييد‭ ‬حركة‭ ‬مركباتها،‭ ‬واتفاقياتها‭ ‬الجمركية‭ ‬والمتعلقة‭ ‬باستيراد‭ ‬الأدوية‭ ‬والسلع‭ ‬الغذائية؛‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الاتصال‭ ‬مع‭ ‬الهيئات‭ ‬الحكومية‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬وبالتالي،‭ ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬لازاريني‮»‬،‭ ‬أمام‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي،‭ ‬أن‭ ‬منظمته‭ ‬‮«‬مصممة‮»‬‭ ‬على‭ ‬‮«‬البقاء‭ ‬وتقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬حتى‭ ‬يصبح‭ ‬ذلك‭ ‬مستحيلًا»؛‭ ‬فإن‭ ‬واقع‭ ‬قطع‭ ‬إسرائيل،‭ ‬الاتصال‭ ‬مع‭ ‬موظفيها‭ ‬وشركائها،‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬المساعدات‭ ‬العاجلة،‭ ‬والخدمات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬ستكون‭ ‬محدودة‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭.‬

واختتم‭ ‬‮«‬ماكوفسكي‮»‬‭ ‬تعليقاته،‭ ‬بالإقرار‭ ‬بأن‭ ‬قوانين‭ ‬الحظر‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬الأونروا،‭ ‬وجميع‭ ‬الوكالات‭ ‬التابعة‭ ‬لها؛‭ ‬‮«‬ستكون‭ ‬لها‭ ‬عواقب‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى‮»‬‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭. ‬ورغم‭ ‬دعوته‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والفاعلين‭ ‬الإقليميين‮»‬‭ ‬لسد‭ ‬‮«‬الفراغ‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬سيخلفه‭ ‬قرار‭ ‬الحظر،‭ ‬فإن‭ ‬سياسات‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ -‬لا‭ ‬سيما‭ ‬داخل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ - ‬تعكس‭ ‬عدم‭ ‬اكتراثها‭ ‬بالاحتياجات‭ ‬الإنسانية‭ ‬العاجلة‭ ‬للفلسطينيين‭. ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬تقديم‭ ‬دعم‭ ‬مستدام‭ ‬للخدمات‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬تبدو‭ ‬ولايته‭ ‬الثانية‭ ‬مصحوبة‭ ‬بحملة‭ ‬متسارعة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ائتلاف‭ ‬نتنياهو‭ ‬المتطرف‭ ‬لضم‭ ‬جميع‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا