العدد : ١٧١٢٠ - الأربعاء ٠٥ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٦ شعبان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٢٠ - الأربعاء ٠٥ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٦ شعبان ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

اتجاهات استثمار الطاقة في ولاية ترامب الثانية

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الأربعاء ٠٥ فبراير ٢٠٢٥ - 02:00

في‭ ‬أولى‭ ‬خطواته‭ ‬الرئاسية‭ ‬وقع‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الأوامر‭ ‬التنفيذية،‭ ‬شملت‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬اتفاقية‭ ‬باريس‭ ‬للمناخ‭ ‬لعام‭ ‬2015‭ ‬للمرة‭ ‬الثانية‭ (‬الأولى‭ ‬في‭ ‬ولايته‭ ‬السابقة‭)‬،‭ ‬وفيما‭ ‬يفتح‭ ‬هذا‭ ‬الباب‭ ‬لانسحاب‭ ‬دول‭ ‬صناعية‭ ‬أخرى،‭ ‬برغم‭ ‬أنها‭ ‬الملوث‭ ‬الأكبر‭ ‬للبيئة،‭ ‬فإنه‭ ‬يُصادر‭ ‬الجهود‭ ‬الدولية‭ ‬المبذولة‭ ‬في‭ ‬عقود‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الاحترار‭ ‬المناخي،‭ ‬وإنقاذ‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬مخاطره،‭ ‬التي‭ ‬أخذت‭ ‬تتجلى‭ ‬مظاهرها‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬الأنحاء‭.‬

ويعكس‭ ‬هذا‭ ‬الانسحاب‭ ‬اعتقاد‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬أن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬المخاطر‭ ‬المناخية‭ ‬مغالى‭ ‬فيه‭ ‬وأنه‭ ‬‮«‬خدعة‭ ‬كبرى‮»‬‭. ‬وفيما‭ ‬تعد‭ ‬شركات‭ ‬النفط‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬الأعمدة‭ ‬الرئيسية‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وحققت‭ ‬خلال‭ ‬سنوات‭ ‬قليلة‭ ‬صعودا‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬والغاز،‭ ‬حتى‭ ‬صارت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أكبر‭ ‬منتج‭ ‬عالمي‭ ‬لهما،‭ ‬وكانت‭ ‬قد‭ ‬أخذت‭ ‬تتحوط‭ ‬في‭ ‬استثماراتها‭ ‬بسبب‭ ‬الضغوط‭ ‬المناخية؛‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الانسحاب‭ ‬يفتح‭ ‬الطريق‭ ‬أمامها‭ ‬لزيادة‭ ‬استثماراتها‭ ‬داخليا‭ ‬وخارجيا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري،‭ ‬خاصة‭ ‬النفط‭ ‬والغاز،‭ ‬فيما‭ ‬انتقدت‭ ‬الصين،‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬سياسات‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭.‬

واقترن‭ ‬إعلانه،‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬اتفاقية‭ ‬باريس‭ ‬بإعلانه‭ ‬حالة‭ ‬الطوارئ‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الوطني،‭ ‬والعدول‭ ‬عن‭ ‬تدابير‭ ‬مناخية‭ ‬اتخذها‭ ‬سلفه،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬التمويل‭ ‬الممنوح‭ ‬لمصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬واقتناء‭ ‬مركبات‭ ‬كهربائية،‭ ‬وخلال‭ ‬خطاب‭ ‬القسم‭ ‬قال‭: ‬‮«‬سوف‭ ‬أعلن‭ ‬عن‭ ‬حالة‭ ‬طوارئ‭ ‬وطنية،‭ ‬وسوف‭ ‬نحفر‭ ‬ونحفر‭ ‬يا‭ ‬أحبائي‮»‬؛‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الاستكشاف‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ،‭ ‬الإنتاج‭ ‬والتصدير‭. ‬وعليه،‭ ‬قد‭ ‬ينعكس‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬في‭ ‬سياسة‭ ‬العقوبات‭ ‬الأمريكية‭ ‬تجاه‭ ‬إيران،‭ ‬وروسيا،‭ ‬وفنزويلا،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬إعلان‭ ‬حالة‭ ‬الطوارئ‭ ‬في‭ ‬الطاقة،‭ ‬يُظهر‭ ‬نيته‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الطاقة‭ ‬الأحفورية،‭ ‬ومعاقبة‭ ‬المبادرات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالطاقة‭ ‬المتجددة‭. ‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬أوقف‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬‭ ‬إصدار‭ ‬تصاريح‭ ‬جديدة‭ ‬لتصدير‭ ‬الغاز‭ ‬المسال؛‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تضرر‭ ‬سمعة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬كمورد‭ ‬موثوق‭ ‬للطاقة،‭ ‬وتأثر‭ ‬إمدادات‭ ‬الغاز‭ ‬لحلفاء‭ ‬واشنطن؛‭ ‬يسعى‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬هيمنة‭ ‬أمريكية‭ ‬على‭ ‬سوق‭ ‬الطاقة،‭ ‬حيث‭ ‬ألغى‭ ‬قرار‭ ‬التجميد‭ ‬الذي‭ ‬فرضه‭ ‬سلفه،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء‭ ‬وحده‭ ‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬لاستعادة‭ ‬ثقة‭ ‬المشترين‭ ‬الدوليين‭ ‬للغاز‭ ‬الأمريكي‭. ‬وعليه،‭ ‬يتجه‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬إلغاء‭ ‬الضرائب‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬الميثان،‭ ‬وتخفيف‭ ‬القيود‭ ‬البيروقراطية‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي،‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬الاستثمارات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭. ‬وتأتي‭ ‬هذه‭ ‬الخطوات‭ ‬ضمن‭ ‬خطته‭ ‬لخفض‭ ‬التضخم،‭ ‬إذ‭ ‬يسهم‭ ‬تعزيز‭ ‬الإنتاج‭ ‬في‭ ‬خفض‭ ‬أسعار‭ ‬الكهرباء،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تقليل‭ ‬تكاليف‭ ‬السلع‭ ‬المختلفة،‭ ‬ولذلك‭ ‬وجه‭ ‬برفع‭ ‬جميع‭ ‬القيود‭ ‬التي‭ ‬تعيق‭ ‬الاستثمار‭ ‬والإنتاج‭.‬

وتخالف‭ ‬سياسة‭ ‬ترامب‭ ‬هذه‭ ‬اتجاه‭ ‬استثمار‭ ‬الطاقة‭ ‬الذي‭ ‬ساد‭ ‬من‭ ‬2015‭ ‬حتى‭ ‬2024،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬العالم‭ ‬قد‭ ‬أخذ‭ ‬يستثمر‭ ‬في‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬ما‭ ‬يستثمره‭ ‬في‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭ (‬في‭ ‬2015‭ ‬كانت‭ ‬استثمارات‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬نحو‭ ‬1,3‭ ‬تريليون‭ ‬دولار،‭ ‬مقابل‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬للطاقة‭ ‬النظيفة،‭ ‬وفي‭ ‬2024‭ ‬بلغت‭ ‬استثمارات‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬نحو‭ ‬تريليون‭ ‬دولار،‭ ‬مقابل‭ ‬نحو‭ ‬1,9‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬للطاقة‭ ‬النظيفة‭ ‬طبقًا‭ ‬لوكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الدولية‭)‬،‭ ‬وكان‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬الكهروضوئية‭ ‬قد‭ ‬تجاوز‭ ‬جميع‭ ‬مصادر‭ ‬توليد‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة‭ ‬الأخرى‭ ‬مجتمعة،‭ ‬وأدى‭ ‬دمج‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬وتطوير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬القائمة‭ ‬إلى‭ ‬تعافي‭ ‬الإنفاق‭ ‬على‭ ‬الشبكات‭ ‬والتخزين‭. ‬

من‭ ‬جانبها،‭ ‬قدرت‭ ‬‮«‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬تجاوز‭ ‬الاستثمار‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬الطاقة‭ ‬3‭ ‬تريليونات‭ ‬دولار‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬استأثرت‭ ‬فيها‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة‭ ‬بـ2‭ ‬تريليون‭ ‬دولار،‭ ‬وقد‭ ‬تسارعت‭ ‬وتيرة‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬واستأثرت‭ ‬‮«‬الصين‮»‬،‭ ‬بأكبر‭ ‬حصة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الاستثمارات‭ ‬في‭ ‬2024،‭ ‬بما‭ ‬يقدر‭ ‬بنحو‭ ‬675‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬نحو‭ ‬370‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬لأوروبا،‭ ‬و315‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬فيما‭ ‬توقع‭ ‬تقرير‭ ‬‮«‬الوكالة‮»‬،‭ ‬زيادة‭ ‬الاستثمارات‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التنقيب‭ ‬عن‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬بنسبة‭ ‬7%‭ ‬في‭ ‬2024،‭ ‬إلى‭ ‬570‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬بعد‭ ‬ارتفاع‭ ‬مماثل‭ ‬في‭ ‬2023،‭ ‬وقادت‭ ‬شركات‭ ‬النفط‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وآسيا‭ ‬معظم‭ ‬الاستثمارات‭.‬

وفيما‭ ‬يأتي‭ ‬توجه‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬ضمن‭ ‬سياسته‭ ‬‮«‬أمريكا‭ ‬أولاً‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مسعاه‭ ‬لهيمنة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬سوق‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمي،‭ ‬كأكبر‭ ‬منتج‭ ‬ومصدر‭ ‬للنفط‭ ‬والغاز‭ ‬الطبيعي؛‭ ‬فإنه‭ ‬حفز‭ ‬شركات‭ ‬النفط‭ ‬على‭ ‬ولوج‭ ‬فرص‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬التنقيب‭ ‬والاستكشاف‭ ‬والإنتاج‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الغنية‭ ‬بالاحتمالات‭ ‬الواعدة‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬بلغت‭ ‬استثمارات‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬173‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬وهيمن‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬على‭ ‬غالبية‭ ‬الإنفاق،‭ ‬حتى‭ ‬ان‭ ‬كل‭ ‬دولار‭ ‬ينفق‭ ‬فيه‭ ‬قابله‭ ‬20‭ ‬سنتا‭ ‬فقط‭ ‬للطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬وتتزايد‭ ‬فرص‭ ‬هذا‭ ‬الاستثمار‭ ‬مع‭ ‬زيادة‭ ‬الطلب‭ ‬والنمو‭ ‬السكاني‭ ‬والتوسع‭ ‬الصناعي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬

وقد‭ ‬قدرت‭ ‬‮«‬وحدة‭ ‬أبحاث‭ ‬الطاقة‮»‬،‭ ‬بواشنطن،‭ ‬ارتفاع‭ ‬الإنفاق‭ ‬الاستثماري‭ ‬في‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسطـ‭ ‬إلى‭ ‬متوسط‭ ‬200‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬سنويًا‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬2026‭ ‬‭ ‬2030،‭ ‬وكان‭ ‬متوسطها‭ ‬السنوي‭ ‬143‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬بين‭ ‬2021‭ ‬‭ ‬2023،‭ ‬ويسيطر‭ ‬الإنفاق‭ ‬على‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬على‭ ‬غالبية‭ ‬استثمارات‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬6‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬منتجي‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬في‭ ‬العالم‭: ‬السعودية‭ ‬والعراق‭ ‬والإمارات‭ ‬وإيران‭ ‬وقطر‭ ‬والكويت‭.‬

وتتسع‭ ‬فرص‭ ‬الاستثمار‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬الغاز‭ ‬بصورة‭ ‬متسارعة‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬المقبلة‭ ‬برغم‭ ‬الضغوط‭ ‬المناخية،‭ ‬ويبلغ‭ ‬حجم‭ ‬الاستثمار‭ ‬المقدر‭ ‬نحو‭ ‬9‭ ‬تريليونات‭ ‬بحلول‭ ‬2050،‭ ‬ويستحوذ‭ ‬فيه‭ ‬قطاع‭ ‬المنبع‭ (‬الاستكشاف‭ ‬والإنتاج‭)‬،‭ ‬على‭ ‬النسبة‭ ‬الكبرى‭ ‬من‭ ‬استثمارات‭ ‬الغاز‭ ‬العالمية‭ ‬المتوقعة‭ ‬حتى‭ ‬منتصف‭ ‬القرن،‭ ‬بما‭ ‬يعادل‭ ‬8,2‭ ‬تريليونات‭ ‬دولار،‭ ‬فيما‭ ‬حفزت‭ ‬تداعيات‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬التقييم‭ ‬العالمي‭ ‬لأمن‭ ‬الطاقة،‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬أولوية‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬مشروعات‭ ‬النفط‭ ‬والغاز،‭ ‬وبعد‭ ‬نقص‭ ‬مزمن‭ ‬ارتفعت‭ ‬استثمارات‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬المنبع‭ ‬بنسبة‭ ‬22%‭ ‬إلى‭ ‬520‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬مدفوعة‭ ‬بارتفاع‭ ‬أرباح‭ ‬الشركات‭ ‬النفطية‭ ‬بصورة‭ ‬قياسية‭. ‬

وكان‭ ‬توسع‭ ‬الاستثمارات‭ ‬أيضًا‭ ‬نتيجة‭ ‬تزايد‭ ‬الطلب‭ ‬العالمي،‭ ‬الذي‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬5,4‭ ‬تريليونات‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬بحلول‭ ‬2050،‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ4‭ ‬تريليونات‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬في‭ ‬2022،‭ ‬في‭ ‬مقابله‭ ‬يرتفع‭ ‬الإنتاج‭ ‬العالمي‭ ‬بنسبة‭ ‬33%‭ ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬5,3‭ ‬تريليونات‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬بحلول‭ ‬2050،‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ4‭ ‬تريليونات‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬في‭ ‬2022،‭ ‬فيما‭ ‬تبلغ‭ ‬استثمارات‭ ‬الغاز‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬استخراج‭ ‬الأصول‭ ‬التقليدية،‭ (‬أي‭ ‬غير‭ ‬الصخرية‭) ‬5,3‭ ‬تريليونات‭ ‬دولار‭ ‬بحلول‭ ‬2050،‭ ‬وغير‭ ‬التقليدية‭ ‬2,8‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭. ‬

وبحلول‭ ‬2050‭ ‬يحتاج‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬إلى‭ ‬استثمارات‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬استكشاف‭ ‬وإنتاج‭ ‬الغاز‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬1,1‭ ‬تريليون‭ ‬دولار،‭ ‬لزيادة‭ ‬إنتاجه‭ ‬إلى‭ ‬1,2‭ ‬تريليون‭ ‬متر‭ ‬مكعب،‭ ‬وتستحوذ‭ ‬إيران،‭ ‬وقطر،‭ ‬والسعودية،‭ ‬والإمارات‭ ‬على‭ ‬87%‭ ‬من‭ ‬استثمارات‭ ‬المنبع‭ ‬المطلوبة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الغاز‭ ‬حتى‭ ‬2050،‭ ‬فيما‭ ‬تبرز‭ ‬مصر‭ ‬والجزائر‭ ‬في‭ ‬خريطة‭ ‬الاستثمارات‭ ‬المرتقبة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الغاز‭ ‬حتى‭ ‬2050‭.‬

وفيما‭ ‬تعد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أهم‭ ‬دولة‭ ‬مستثمرة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬النفط‭ ‬والغاز،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬عدد‭ ‬المشاريع‭ ‬بعدد‭ ‬85‭ ‬مشروعا،‭ ‬مثلت‭ ‬نحو‭ ‬14%‭ ‬من‭ ‬الإجمالي،‭ ‬فإن‭ ‬سياسة‭ ‬ترامب‭ ‬تحفز‭ ‬الشركات‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬توسيع‭ ‬استثماراتها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭. ‬وكشف‭ ‬تقرير‭ ‬‮«‬المؤسسة‭ ‬العربية‭ ‬لضمان‭ ‬الاستثمار‭ ‬وائتمان‭ ‬الصادرات‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬شرعت‭ ‬في‭ ‬610‭ ‬مشروعات‭ ‬بكلفة‭ ‬استثمارية‭ ‬إجمالية‭ ‬بلغت‭ ‬نحو‭ ‬406‭ ‬مليارات‭ ‬دولار،‭ ‬نفذتها‭ ‬356‭ ‬شركة‭ ‬أجنبية‭ ‬وعربية‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬2003‭ ‬‭ ‬2024،‭ ‬وتركزت‭ ‬مشاريع‭ ‬الاستثمار‭ ‬الأجنبي‭ ‬المباشر‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬جغرافيًا‭ ‬في‭ ‬الإمارات،‭ ‬ومصر،‭ ‬والعراق،‭ ‬والسعودية،‭ ‬وقطر،‭ ‬واستحوذت‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الخمس‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬64%‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬المشاريع،‭ ‬و71%‭ ‬من‭ ‬الكلفة‭ ‬الاستثمارية،‭ ‬و68,2%‭ ‬من‭ ‬الوظائف‭ ‬الجديدة،‭ ‬وتتسع‭ ‬هذه‭ ‬الفرص‭ ‬مع‭ ‬استحواذ‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬41,3‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الاحتياطي‭ ‬العالمي‭ ‬النفطي‭ ‬المؤكد،‭ ‬بكمية‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬704‭ ‬مليارات‭ ‬برميل،‭ ‬واستحواذها‭ ‬على‭ ‬نسبة‭ ‬26,8%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الاحتياطي‭ ‬العالمي‭ ‬المؤكد‭ ‬في‭ ‬الغاز‭ ‬بـ‭ ‬58‭ ‬تريليون‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭.‬

ويتيح‭ ‬فائض‭ ‬موازنات‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬فرصًا‭ ‬للحكومات‭ ‬لضخ‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الاستثمارات‭ ‬لقطاع‭ ‬النفط‭ ‬والغاز،‭ ‬فيما‭ ‬تتجه‭ ‬شركات‭ ‬النفط‭ ‬الوطنية‭ ‬الخليجية‭ ‬إلى‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬استثماراتها‭ ‬الخارجية،‭ ‬حيث‭ ‬أعلنت‭ ‬قطر‭ ‬للطاقة‭ ‬مثلاً‭ ‬انضمامها‭ ‬إلى‭ ‬تحالف‭ ‬التنقيب‭ ‬عن‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬وتستثمر‭ ‬السعودية‭ ‬بكثافة‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬طاقتها‭ ‬الإنتاجية‭ ‬النفطية،‭ ‬بمقدار‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭ ‬ليصل‭ ‬الإنتاج‭ ‬إلى‭ ‬13‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭ ‬بحلول‭ ‬2027،‭ ‬وقدرت‭ ‬‮«‬أوبك‮»‬،‭ ‬احتياجات‭ ‬صناعة‭ ‬النفط‭ ‬العالمية‭ ‬إلى‭ ‬استثمارات‭ ‬بقيمة‭ ‬14‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬بحلول‭ ‬2045،‭ ‬لتأمين‭ ‬إمدادات‭ ‬كافية‭ ‬تلبي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬العالمية،‭ ‬مع‭ ‬توقعاتها‭ ‬بأن‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬سيستمر‭ ‬في‭ ‬الارتفاع‭ ‬عالميًا‭ ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬116‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬مع‭ ‬حرص‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬تظل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬المكانة‭ ‬التي‭ ‬بلغتها،‭ ‬كأكبر‭ ‬منتج‭ ‬عالمي‭ ‬للنفط‭ ‬والغاز؛‭ ‬فإنه‭ ‬يسعى‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬إلى‭ ‬هيمنة‭ ‬أمريكية‭ ‬على‭ ‬سوق‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬العالمي،‭ ‬كأكبر‭ ‬مصدر‭ ‬موثوق،‭ ‬ولهذا‭ ‬فهو‭ ‬يدفع‭ ‬بقوة‭ ‬الاستثمارات‭ ‬في‭ ‬الحفر‭ ‬والتنقيب‭ ‬والإنتاج‭ ‬والتصدير،‭ ‬مع‭ ‬عودة‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬في‭ ‬أجزاء‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬العالم‭. ‬

وفيما‭ ‬يعزز‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬مكانة‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬الطاقة‭ ‬التقليدية،‭ ‬فإنه‭ ‬يعزز‭ ‬أيضًا‭ ‬تنافسيتها،‭ ‬حيث‭ ‬يظل‭ ‬الإنتاج‭ ‬فيها‭ ‬هو‭ ‬الأقل‭ ‬كلفة،‭ ‬ما‭ ‬يشكل‭ ‬دافعًا‭ ‬لزيادة‭ ‬تدفق‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬المباشرة‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬استثمارات‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬خليجيًا‭ ‬بُعد‭ ‬آخر،‭ ‬هو‭ ‬زيادة‭ ‬نصيبها‭ ‬في‭ ‬مزيج‭ ‬الطاقة،‭ ‬حتى‭ ‬تحول‭ ‬كميات‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬من‭ ‬الاستهلاك‭ ‬المحلي‭ ‬إلى‭ ‬التصدير‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا