العدد : ١٧١٢٠ - الأربعاء ٠٥ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٦ شعبان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٢٠ - الأربعاء ٠٥ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٦ شعبان ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مشروع التهجير.. تصفية للقضية الفلسطينية بغطاء أمريكي

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الثلاثاء ٠٤ فبراير ٢٠٢٥ - 02:00

في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يتذكر‭ ‬فيه‭ ‬العالم‭ ‬الذكرى‭ ‬‮«‬الثمانين‮»‬،‭ ‬لمحرقة‭ ‬الهولوكوست،‭ ‬التي‭ ‬ارتكبها‭ ‬النازيون،‭ ‬اقترح‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬حملة‭ ‬تهجير‭ ‬قسرية‭ ‬وتطهير‭ ‬عرقي‭ ‬ضد‭ ‬السكان‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬خطة‭ ‬لإجبارهم‭ ‬على‭ ‬الرحيل؛‭ ‬إما‭ ‬إلى‭ ‬الأردن‭ ‬أو‭ ‬إلى‭ ‬مصر،‭ ‬مما‭ ‬يمهد‭ ‬الطريق‭ ‬للسيطرة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الكاملة،‭ ‬والاستيطان‭ ‬غير‭ ‬القانوني‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬أراضيهم‭. ‬وبعد‭ ‬مرور‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬أسبوع‭ ‬على‭ ‬عودته،‭ ‬أكد‭ ‬نواياه‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬طموحات‭ ‬التحالف‭ ‬المتطرف،‭ ‬بقيادة‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬لضم‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وإنكار‭ ‬وجود‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة،‭ ‬ومواصلة‭ ‬حرب‭ ‬وتدمير‭ ‬واحتلال‭ ‬غزة‭.‬

وعلى‭ ‬مدار‭ ‬الـ15‭ ‬شهرًا‭ ‬الماضية‭ ‬من‭ ‬تدمير‭ ‬غزة‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬إسرائيل،‭ ‬حيث‭ ‬قُتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬47‭ ‬ألف‭ ‬فلسطيني‭ ‬وشرد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬90%‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬المدنيين؛‭ ‬واصل‭ ‬الخبراء‭ ‬الغربيون‭ ‬والمنظمات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والدولية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬الأمم‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬البحث‭ ‬في‭ ‬سبل‭ ‬إعادة‭ ‬إعمارها‭ ‬بعد‭ ‬الحرب،‭ ‬وهي‭ ‬العملية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تستغرق‭ ‬عقودًا‭ ‬وتحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مليارات‭ ‬الدولارات،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬برز‭ ‬سؤال‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬تسوية‭ ‬سياسية‭ ‬تضمن‭ ‬نشوء‭ ‬حكم‭ ‬مدني‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الاعتبارات‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬شيئًا‭ ‬لدونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬الذي‭ ‬بعد‭ ‬تقويضه‭ ‬للهدنة‭ ‬الهشة‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحماس،‭ ‬أعلن‭ ‬صراحة‭ ‬دعمه‭ ‬لتهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬غزة،‭ ‬كوسيلة‭ ‬لـ«الاستيلاء‮»‬‭ ‬على‭ ‬الأراضي،‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تمكين‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬فرض‭ ‬سيطرتها‭ ‬الدائمة‭ ‬عليها‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية‭ ‬حاولت‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬جدية‭ ‬اقتراحه،‭ ‬حيث‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬أليس‭ ‬كودي‮»‬،‭ ‬و«جون‭ ‬دونيسون‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬‮«‬لديه‭ ‬تاريخ‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬التحدث‭ ‬بشكل‭ ‬عفوي‭ ‬وطرح‭ ‬أفكار‭ ‬لا‭ ‬تنتهي‭ ‬إلى‭ ‬نتائج‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬أدان‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأكاديميين‭ ‬والخبراء‭ ‬فكرة‭ ‬تهجير‭ ‬ملايين‭ ‬المدنيين‭ ‬قسرًا‭ ‬من‭ ‬أراضيهم‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬ها‭ ‬هيلير‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للخدمات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء‭ ‬يعتبر‭ ‬‮«‬تطهيرا‭ ‬عرقيا‮»‬،‭ ‬وبالتالي،‭ ‬سيجعل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬متواطئة‭ ‬مباشرة‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب،‭ ‬وجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭.‬

وفي‭ ‬26‭ ‬يناير،‭ ‬وعلى‭ ‬متن‭ ‬طائرة‭ ‬الرئاسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬‮«‬إير‭ ‬فورس‭ ‬وان‮»‬،‭ ‬وصف‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬حالة‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬بعد‭ ‬15‭ ‬شهرًا‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬والتدمير‭ ‬والاعتداءات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬بأنها‭ ‬باتت‭ ‬‮«‬موقعا‭ ‬ضخما‭ ‬لأعمال‭ ‬الهدم‮»‬،‭ ‬مضيفا،‭ ‬اقترح‭ ‬أن‭ ‬‮«‬نقوم‭ ‬بإخلاء‭ ‬هذا‭ ‬المكان‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬ربما‭ ‬مليون‭ ‬ونصف‭ ‬المليون‭ ‬فلسطيني‮»‬،‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬محاصرين،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬تحدث‭ ‬بالفعل‭ ‬مع‭ ‬ملك‭ ‬الأردن،‭ ‬وأخبره‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬يحب‮»‬‭ ‬أن‭ ‬تستقبل‭ ‬بلاده،‭ ‬وكذلك‭ ‬مصر‭ ‬‮«‬مزيدًا‮»‬‭ ‬من‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬غزة،‭ ‬وتحدث‭ ‬عن‭ ‬إمكانية‭ ‬القيام‭ ‬بهذا‭ ‬الترحيل‭ ‬القسري‭ ‬للفلسطينيين؛‭ ‬إما‭ ‬‮«‬مؤقتًا‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬طويل‭ ‬الأجل‮»‬،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬أي‭ ‬تفاصيل‭ ‬بشأن‭ ‬معايير‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭. ‬

وقد‭ ‬قوبلت‭ ‬تصريحات‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬بإدانة‭ ‬فورية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬خبراء‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬والأكاديميين،‭ ‬والمتخصصين‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬المنطقة،‭ ‬الذين‭ ‬شبّهوا‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات،‭ ‬بنوايا‭ ‬ارتكاب‭ ‬جريمة‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وهي‭ ‬جريمة‭ ‬حرب،‭ ‬وجريمة‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬وفقًا‭ ‬للاتفاقيات‭ ‬الدولية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬النظام‭ ‬الأساسي‭ ‬لمحكمة‭ ‬روما،‭ ‬وميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬واتفاقية‭ ‬جنيف‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬أثار‭ ‬‮«‬عمر‭ ‬شاكر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬هيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش‮»‬،‭ ‬مسألة‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الإبعاد‭ ‬القسري‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬أراضيهم‭ ‬‮«‬على‭ ‬نطاق‭ ‬أوسع‭ ‬مما‭ ‬رأيناه‭ ‬حتى‭ ‬الآن‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬وصف‭ ‬‮«‬عمر‭ ‬شاتز‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬باريس‭ ‬للعلوم‭ ‬السياسية‮»‬،‭ ‬تعليقات‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬دعوة‭ ‬إلى‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‮»‬‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬مضيفًا،‭ ‬‮«‬نحن‭ ‬نشهد‭ ‬استمرارًا‭ ‬طبيعيا‭ ‬وخطيرًا‭ ‬للغاية‭ ‬لدعوات‭ ‬التهجير‭ ‬غير‭ ‬الإنسانية،‭ ‬والإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬رأيناها‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الأصوات‭ ‬تطرفًا‭ ‬داخل‭ ‬إسرائيل‮»‬‭.‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬للدعم‭ ‬الذي‭ ‬أعلنه‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المتطرف‭ ‬‮«‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش‮»‬‭ ‬لاقتراح‭ ‬ترامب؛‭ ‬فقد‭ ‬اعتبر‭ ‬أن‭ ‬‮«‬التفكير‭ ‬خارج‭ ‬الصندوق‭ ‬وفرض‭ ‬حلول‭ ‬جديدة‮»‬‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬سيحقق‭ ‬‮«‬السلام‭ ‬والأمن‮»‬‭ ‬لإسرائيل‭. ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬ردّت‭ ‬المقررة‭ ‬الخاصة‭ ‬المعنية‭ ‬بحالة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة،‭ ‬‮«‬فرانشيسكا‭ ‬ألبانيزي‮»‬،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬‮«‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬ليس‭ ‬تفكيرًا‭ ‬خارج‭ ‬الصندوق،‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬تغليفه‭ ‬بها‮»‬،‭ ‬مشددة‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬غير‭ ‬قانوني،‭ ‬وغير‭ ‬أخلاقي،‭ ‬وغير‭ ‬مسؤول‮»‬‭ ‬في‭ ‬النهاية‭.‬

وفي‭ ‬‮«‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‮»‬،‭ ‬وصف‭ ‬أحد‭ ‬الأعضاء‭ ‬البارزين‭ ‬في‭ ‬لجنة‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬بمجلس‭ ‬النواب،‭ ‬‮«‬غريغوري‭ ‬ميكس‮»‬،‭ ‬فكرة‭ ‬‮«‬الطرد‭ ‬الجماعي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬غزة،‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬غير‭ ‬إنسانية‮»‬،‭ ‬و«سخيفة‮»‬،‭ ‬مؤكدا‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬يركز‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬‮«‬التنفيذ‭ ‬الكامل‭ ‬لاتفاق‭ ‬الهدنة‭ ‬الحالي،‭ ‬وعودة‭ ‬الرهائن،‭ ‬وإعادة‭ ‬إعمار‭ ‬غزة‮»‬‭. ‬كما‭ ‬أصدر‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬العلاقات‭ ‬الأمريكية‭-‬الإسلامية‮»‬،‭ ‬بيانًا‭ ‬وصف‭ ‬فيه‭ ‬‮«‬فكرة‮»‬‭ ‬ترامب‭ ‬بالتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬لغزة‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬أوهام‭ ‬خطيرة‭ ‬ومجنونة‮»‬،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الطريقة‭ ‬الوحيدة‭ ‬لتحقيق‭ ‬السلام‭ ‬العادل‭ ‬والدائم،‭ ‬هي‭ ‬إجبار‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬احتلالها‭ ‬وقمعها‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‮»‬‭.‬

وعلق‭ ‬‮«‬هيلير‮»‬،‭ ‬أيضًا‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬إذا‭ ‬تم‭ ‬إجبار‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬مغادرة‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬فلسطين‮»‬،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬فلن‭ ‬تسمح‭ ‬لهم‭ ‬بالعودة‮»‬،‭ ‬ومع‭ ‬الاقتراح‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬مبعوث‭ ‬ترامب‭ ‬للشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬‮«‬ستيف‭ ‬ويتكوف‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬يمكن‭ ‬نقلهم‭ ‬قسرًا‭ ‬من‭ ‬أراضيهم‭ ‬إلى‭ ‬إندونيسيا‭ ‬على‭ ‬مسافة‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬8600‭ ‬كيلومتر‭ ‬يجب‭ ‬النظر‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬مدى‭ ‬إصرار‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬المتعمد‭ ‬على‭ ‬نقل‭ ‬هؤلاء‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬فلسطين‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية‭ ‬ترددت‭ ‬في‭ ‬إدانة‭ ‬تصريحاته‭ ‬بشيء‭ ‬من‭ ‬القوة،‭ ‬ولم‭ ‬تحكم‭ ‬عليها‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬نية‭ ‬واضحة،‭ ‬قابلة‭ ‬للتنفيذ‭ ‬من‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض؛‭ ‬فقد‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬فيفيان‭ ‬يي‮»‬،‭ ‬و«زولان‭ ‬كانو‭-‬يونغز‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬من‭ ‬غير‭ ‬الواضح‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬تعليقات‭ ‬ترامب‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬سياسة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تجاه‭ ‬الفلسطينيين‮»‬،‭ ‬بينما‭ ‬تساءلت‭ ‬‮«‬فاينانشيال‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬‮«‬تقويض‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬سياسة‭ ‬واشنطن‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‮»‬،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تعتبرها‭ ‬اقتراحًا‭ ‬جادًا‭.‬

ويُظهر‭ ‬تقييم‭ ‬تصريحاته‭ ‬وأفعاله‭ -‬سواء‭ ‬قبل‭ ‬وصوله‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬أو‭ ‬بعده‭ - ‬أن‭ ‬خطابه‭ ‬الأخير‭ ‬ليس‭ ‬غريبا‭ ‬عن‭ ‬حكومة‭ ‬تبنّت‭ ‬نهجًا‭ ‬واضحًا‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬ضم‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالكامل،‭ ‬في‭ ‬تجاهل‭ ‬صارخ‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭. ‬وأعلنت‭ ‬السفيرة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لدى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬‮«‬إليز‭ ‬ستيفانيك‮»‬،‭ ‬تأييدها‭ ‬لضم‭ ‬إسرائيل‭ ‬للضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬مستندة‭ ‬إلى‭ ‬معتقدات‭ ‬دينية،‭ ‬معتبرة‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬منحها‭ ‬له‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬رفض‭ ‬السفير‭ ‬الأمريكي‭ ‬الجديد‭ ‬لدى‭ ‬إسرائيل،‭ ‬‮«‬مايك‭ ‬هاكابي‮»‬،‭ ‬وجود‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬‮«‬كانت‭ ‬لديهم‭ ‬فرصتهم‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬‭.‬

أما‭ ‬ترامب‭ ‬نفسه،‭ ‬الذي‭ ‬برر‭ ‬طرد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬غزة،‭ ‬استنادًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬كل‭ ‬شيء‭ ‬تقريبًا‭ ‬قد‭ ‬دُمّر‭ ‬والناس‭ ‬يموتون‭ ‬هناك‮»‬،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهل‭ ‬أيضا‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬اقترح‭ ‬مؤخرًا‭ ‬أن‭ ‬الموقع‭ ‬‮«‬الرائع‮»‬‭ ‬لغزة‭ ‬على‭ ‬الواجهة‭ ‬البحرية‭ ‬للبحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭ ‬سيكون‭ ‬موقعًا‭ ‬مثاليًا‭ ‬لمشروعات‭ ‬تطوير‭ ‬عقارية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ذكره‭ ‬مرارا‭ ‬صهره‭ ‬‮«‬جاريد‭ ‬كوشنر‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2024‭ ‬عن‭ ‬‮«‬القيمة‭ ‬الهائلة‮»‬‭ ‬لأراضي‭ ‬غزة،‭ ‬بعد‭ ‬تطويرها‭ ‬عقاريا،‭ ‬وعندما‭ ‬‮«‬تستولي‮»‬‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬النازحين‭.‬

وكدليل‭ ‬إضافي‭ ‬على‭ ‬نية‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬دعم‭ ‬أهداف‭ ‬إسرائيل‭ ‬الإقليمية،‭ ‬وجّه‭ ‬‮«‬البنتاجون‮»‬،‭ ‬باستئناف‭ ‬شحنات‭ ‬القنابل‭ ‬التي‭ ‬تزن‭ ‬ألفي‭ ‬رطل‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل،‭ ‬كما‭ ‬منح‭ ‬حكومة‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬إعفاءً‭ ‬من‭ ‬قرار‭ ‬تجميد‭ ‬المساعدات‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لمدة‭ ‬90‭ ‬يومًا‭. ‬وعندما‭ ‬سُئل‭ ‬لماذا‭ ‬بدأت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬هذه‭ ‬الأسلحة‭ ‬القاتلة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل،‭ ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬أنها‭ ‬ستستخدم‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬المدنية،‭ ‬أجاب‭ ‬ببساطة‭: ‬‮«‬لأنهم‭ ‬اشتروا‭ ‬هذه‭ ‬الأسلحة‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية،‭ ‬قد‭ ‬قللت‭ ‬من‭ ‬احتمال‭ ‬أن‭ ‬يجبر‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬دولًا‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الأردن‭ ‬ومصر،‭ ‬على‭ ‬قبول‭ ‬التهجير‭ ‬القسري‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬إلى‭ ‬أراضيهما،‭ ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬المحللون‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو،‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬مدمر‭ ‬على‭ ‬الاستقرار‭ ‬الإقليمي‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬حوالي‭ ‬9‭ ‬ملايين‭ ‬مهاجر‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬وتسجيل‭ ‬‮«‬الأمم‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬وجود‭ ‬2‭.‬4‭ ‬مليون‭ ‬لاجئ‭ ‬فلسطيني‭ ‬في‭ ‬الأردن؛‭ ‬حذر‭ ‬‮«‬هيلير‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬التهجير‭ ‬القسري‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬غزة،‭ ‬إلى‭ ‬هذين‭ ‬البلدين،‭ ‬ستكون‭ ‬‮«‬مزعزعة‭ ‬للاستقرار‮»‬،‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الداخلي‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإقليمي‭ ‬أيضًا‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬أكدت‭ ‬‮«‬سنام‭ ‬فاكيل‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬تهجير‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬أراضيهم،‭ ‬يمثل‭ ‬‮«‬خطًا‭ ‬أحمر‭ ‬أساسيًا‮»‬‭ ‬للدول‭ ‬العربية‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬جوزيف‭ ‬كراوس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬أسوشييتد‭ ‬برس‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬مصممة‭ ‬حقًا‭ ‬على‭ ‬تهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬غزة،‭ ‬وإرسالهم‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬المجاورة،‭ ‬فقد‭ ‬تبدأ‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬‮«‬الأدوات‭ ‬الاقتصادية‮»‬،‭ ‬مثل‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬المرتفعة‭ ‬لفرض‭ ‬ضغط‭ ‬مالي،‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬‮«‬مدمرًا‭ ‬اقتصاديًا‮»‬‭ ‬للأردن‭ ‬ومصر‭.‬

ويثير‭ ‬الاقتراح‭ ‬الذي‭ ‬طرحه‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬لإعادة‭ ‬توطين‭ ‬ملايين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬أخرى،‭ ‬جدلا‭ ‬واضحا‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬معاملة‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬بنفس‭ ‬الطريقة‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬المقبلة،‭ ‬مما‭ ‬يشكل‭ ‬انتهاكًا‭ ‬واضحًا‭ ‬للقانون‭ ‬الإنساني‭ ‬الدولي‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬تساءلت‭ ‬‮«‬فاكيل‮»‬،‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬بإمكان‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬وسيطًا‭ ‬وداعمًا‭ ‬لحق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬دولتهم‮»‬‭. ‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬فإن‭ ‬نوايا‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬يسيطر‭ ‬عليها‭ ‬الجمهوريون،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إنكارها،‭ ‬وهي‭ ‬دعم‭ ‬طموحات‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬السيطرة‭ ‬الكاملة‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وتهجير‭ ‬السكان‭ ‬المدنيين‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬فيها‭ ‬بالقوة‭. ‬وكما‭ ‬أشار‭ ‬الخبراء‭ ‬الغربيون،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬لا‭ ‬تشير‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬كونها‭ ‬خطابًا‭ ‬للتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬بل‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬نية‭ ‬محددة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬للسيطرة‭ ‬الكاملة‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬وجميع‭ ‬الأراضي‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬يحددها‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬بأنها‭ ‬أراضي‭ ‬فلسطينية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا