العدد : ١٧١٢٢ - الجمعة ٠٧ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ شعبان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٢٢ - الجمعة ٠٧ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ شعبان ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

ماذا ينتظر العرب؟!!

للأسف‭ ‬الشديد‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬يبدو‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الخطة‭ ‬التي‭ ‬طرحها‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬ترامب‭ ‬بتهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬مصر‭ ‬والأردن‭ ‬موقفا‭ ‬ضعيفا‭ ‬لا‭ ‬يرقى‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الخطر‭ ‬الذي‭ ‬تمثله‭ ‬هذه‭ ‬الخطة‭.‬

بداية،‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تدرك‭ ‬أبعاد‭ ‬الخطر‭ ‬الداهم‭ ‬الذي‭ ‬تمثله‭ ‬خطة‭ ‬ترامب‭.‬

وإذا‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬توضيح‭ ‬أو‭ ‬تذكير،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يطالب‭ ‬به‭ ‬ترامب‭ ‬من‭ ‬تهجير‭ ‬لكل‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬وما‭ ‬يمارسه‭ ‬من‭ ‬ضغوط‭ ‬ليس‭ ‬موقفا‭ ‬عشوائيا‭ ‬عابرا‭ ‬وإنما،‭ ‬وكما‭ ‬كشفت‭ ‬التقارير،‭ ‬خطة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬موضوعة‭ ‬أصلا‭ ‬وتبناها‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬وناقشها‭ ‬وأخذ‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬عاتقه‭ ‬مهمة‭ ‬الضغط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تنفيذها‭. ‬والهدف‭ ‬الرئيسي‭ ‬كما‭ ‬يعلم‭ ‬الجميع‭ ‬هو‭ ‬تصفية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬نهائيا‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬حق‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

وهذه‭ ‬الخطة‭ ‬لتهجير‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬خطة‭ ‬استراتيجية‭ ‬اكبر‭ ‬وأبعد‭ ‬يطلقون‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬وتشكيل‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬صفقة‭ ‬القرن‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬إعادة‭ ‬رسم‭ ‬خريطة‭ ‬المنطقة‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬أيا‭ ‬كان‭. ‬الكل‭ ‬يعلم‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الخطة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬جوهرها‭ ‬تمكين‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬تنفيذ‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬التوسعي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬وإخضاع‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬بما‭ ‬يعنيه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬تقسيم‭ ‬لدول‭ ‬عربية‭ ‬وإغراق‭ ‬المنطقة‭ ‬كلها‭ ‬في‭ ‬الضياع‭.‬

يعني‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬تهديد‭ ‬ترامب‭ ‬بتهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الى‭ ‬مصر‭ ‬والأردن‭ ‬ليس‭ ‬خطرا‭ ‬يهدد‭ ‬البلدين‭ ‬فقط،‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬خطرا‭ ‬بالتصفية‭ ‬النهائية‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وانما‭ ‬هو‭ ‬خطر‭ ‬يهدد‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬العربي‭ ‬برمته‭ ‬وكل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بلا‭ ‬استثناء‭. ‬ومن‭ ‬شأن‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذه‭ ‬الخطة‭ ‬إذا‭ ‬حدث‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬بداية‭ ‬لحقبة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬والدمار‭ ‬والضياع‭ ‬العربي‭.‬

نقول‭ ‬هذا‭ ‬عن‭ ‬خطر‭ ‬ما‭ ‬يطرحه‭ ‬ترامب‭ ‬لأنني‭ ‬لاحظت‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المعلقين‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬كتابات‭ ‬وتعليقات‭ ‬يقللون‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬ما‭ ‬يهدد‭ ‬به‭ ‬ترامب،‭ ‬ويرددون‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬كلام‭ ‬مرسل‭ ‬منفلت‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬المبالغة‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬خطره‭.. ‬وهكذا‭.‬

هذا‭ ‬كلام‭ ‬غير‭ ‬مسؤول‭ ‬وغير‭ ‬صحيح‭ ‬بالطبع،‭ ‬فهذا‭ ‬الرأي‭ ‬الغريب‭ ‬معناه‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬العرب‭ ‬أن‭ ‬يفعلوا‭ ‬شيئا‭ ‬وليست‭ ‬هناك‭ ‬مشكلة‭ ‬كبيرة‭ ‬أصلا‭.‬

يجب‭ ‬ألا‭ ‬ننسى‭ ‬أن‭ ‬الذي‭ ‬يوجه‭ ‬هذا‭ ‬التهديد‭ ‬بتهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬هو‭ ‬رئيس‭ ‬أمريكا‭ ‬أكبر‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وأن‭ ‬الأمر‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬برأي‭ ‬أو‭ ‬اقتراح‭ ‬عابر‭ ‬أو‭ ‬عفوي،‭ ‬وإنما‭ ‬بخطة‭ ‬استراتيجية‭ ‬كبرى‭ ‬أبعادها‭ ‬معروفة‭ ‬منذ‭ ‬سنين‭ ‬طويلة‭. ‬وترامب‭ ‬يتصور‭ ‬أنه‭ ‬بقوة‭ ‬بلاده‭ ‬وبعنجهيته‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يفعل‭ ‬ما‭ ‬يشاء‭ ‬وينفذ‭ ‬أي‭ ‬مخطط‭ ‬يريد‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭ ‬عموما‭.‬

ولأنهم‭ ‬يعتبرون‭ ‬أن‭ ‬التهجير‭ ‬هو‭ ‬جوهر‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬ويصرون‭ ‬عليه،‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬الاحتمالات‭ ‬واردة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تفعله‭ ‬أمريكا‭ ‬وإسرائيل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذا‭ ‬المخطط‭.‬

من‭ ‬الوارد‭ ‬مثلا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬صفقة‭ ‬الرهائن،‭ ‬أن‭ ‬تشن‭ ‬إسرائيل‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬شاملة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وبأبشع‭ ‬مما‭ ‬فعلت‭ ‬وارتكبت‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬15‭ ‬شهرا،‭ ‬ستكون‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬بمشاركة‭ ‬أمريكية‭ ‬كاملة‭ ‬وذلك‭ ‬بهدف‭ ‬ترحيل‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بالقوة‭ ‬والإرهاب‭.‬

وعموما‭ ‬نحن‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يفكر‭ ‬فيه‭ ‬ترامب‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬يخططون‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذا‭ ‬المخطط‭.‬

نحن‭ ‬إذن‭ ‬إزاء‭ ‬خطر‭ ‬داهم‭ ‬وجودي‭ ‬بمعنى‭ ‬الكلمة‭ ‬يهدد‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بلا‭ ‬استثناء‭.‬

لهذا‭ ‬يستغرب‭ ‬المرء‭: ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬ينتظر‭ ‬العرب‭ ‬بالضبط؟‭.. ‬ماذا‭ ‬ينتظرون‭ ‬كي‭ ‬يتحركوا‭ ‬ويتخذوا‭ ‬موقفا‭ ‬جماعيا‭ ‬عمليا‭ ‬حازما‭ ‬واضحا‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬الخطر؟‭.‬

للحديث‭ ‬بقية‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا