العدد : ١٧١١٤ - الخميس ٣٠ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٣٠ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١١٤ - الخميس ٣٠ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٣٠ رجب ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ثلاثون عاما من تذبذب القرارات الدولية حول التغير المناخي

بقلم: د. إسماعيل محمد المدني

الأربعاء ٢٩ يناير ٢٠٢٥ - 02:00

في‭ ‬قراءة‭ ‬متأنية‭ ‬لقضية‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬القرارات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬اتخذتْ‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثين‭ ‬عاما،‭ ‬بدءا‭ ‬بالمؤتمر‭ ‬التاريخي‭ ‬قمة‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬1992‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬ريو‭ ‬دي‭ ‬جانيرو،‭ ‬يتبين‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬عدم‭ ‬استقرار‭ ‬في‭ ‬القرارات‭ ‬الدولية‭ ‬الجماعية‭ ‬المشتركة‭ ‬حول‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭. ‬فهناك‭ ‬تذبذب‭ ‬قوي‭ ‬في‭ ‬القرار،‭ ‬بين‭ ‬مدٍ‭ ‬وجزر،‭ ‬وبين‭ ‬تقدم‭ ‬وتأخر،‭ ‬وبين‭ ‬تطور‭ ‬وتباطؤ،‭ ‬وبين‭ ‬قرارات‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬مواجهة‭ ‬قضية‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬والتصدي‭ ‬لتداعياتها،‭ ‬وبين‭ ‬قرارات‭ ‬أخرى‭ ‬دولية،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬القوية‭ ‬والمتنفذة‭ ‬التي‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬شل‭ ‬وتجميد‭ ‬القرارات‭ ‬السابقة،‭ ‬وإرجاع‭ ‬عقارب‭ ‬الساعة‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭.‬

كما‭ ‬تشير‭ ‬هذه‭ ‬القراءة‭ ‬التحليلية‭ ‬الطويلة‭ ‬لقضية‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬الدولية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬تتحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬تأخر‭ ‬وتباطؤ‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬قراراته‭ ‬والسير‭ ‬بقطار‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬نحو‭ ‬الاستقرار‭ ‬وبر‭ ‬الأمان،‭ ‬وتجنب‭ ‬الكوارث‭ ‬المناخية‭ ‬المترتبة‭ ‬عليه‭ ‬هي‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭. ‬

وهناك‭ ‬سببان‭ ‬لاتهام‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬عرقلتها‭ ‬وإعاقتها‭ ‬لتحركات‭ ‬قطار‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬الدولي‭ ‬المشترك‭. ‬أما‭ ‬السبب‭ ‬الأول‭ ‬فقد‭ ‬قرأ‭ ‬عنه‭ ‬الجميع‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬التنفيذي‭ ‬الذي‭ ‬أصدره‭ ‬الرئيس‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬أمريكا‭ ‬أولاً‭ ‬في‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬البيئية‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬بعد‭ ‬أدائه‭ ‬القسم‭ ‬لتنصيبه‭ ‬رئيسا‭ ‬لأمريكا‭ ‬في‭ ‬20‭ ‬يناير‭ ‬2025‭ ‬في‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬8‭ ‬ساعات‭ ‬والمتعلق‭ ‬بالانسحاب‭ ‬الفوري‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬رسمياً‭ ‬من‭ ‬تفاهمات‭ ‬باريس‭ ‬لعام‭ ‬2015‭ ‬حول‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭. ‬وهذا‭ ‬الانسحاب‭ ‬يعني‭ ‬التهرب‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬تعهدات‭ ‬والتزامات‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬لمواجهة‭ ‬مردودات‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬والتنصل‭ ‬عن‭ ‬مسؤولياتها‭ ‬التاريخية‭ ‬في‭ ‬خفض‭ ‬انبعاثاتها‭ ‬من‭ ‬الغازات‭ ‬والملوثات‭ ‬المتهمة‭ ‬بالتغير‭ ‬المناخي،‭ ‬ورفع‭ ‬درجة‭ ‬حرارة‭ ‬الأرض،‭ ‬وارتفاع‭ ‬مستوى‭ ‬سطح‭ ‬البحر،‭ ‬والكوارث‭ ‬المناخية‭ ‬التي‭ ‬تنزل‭ ‬نتيجة‭ ‬لهذه‭ ‬التداعيات‭. ‬كذلك‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬هذا‭ ‬الانسحاب‭ ‬الأمريكي‭ ‬هو‭ ‬وقف‭ ‬جميع‭ ‬المساعدات‭ ‬والمنح‭ ‬والمساهمات‭ ‬المالية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لصندوق‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬المخصص‭ ‬للدول‭ ‬النامية‭ ‬الفقيرة‭ ‬للتكيف‭ ‬مع‭ ‬تداعيات‭ ‬الكوارث‭ ‬المناخية‭ ‬والأضرار‭ ‬الجسيمة‭ ‬الناجمة‭ ‬عنها‭.‬

جدير‭ ‬بالذكر،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬هو‭ ‬الانسحاب‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬معاهدة‭ ‬خاصة‭ ‬بالتغير‭ ‬المناخي‭ ‬سواء‭ ‬لترامب‭ ‬نفسه،‭ ‬أو‭ ‬حكام‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬بشكلٍ‭ ‬عام‭. ‬ففي‭ ‬يونيو‭ ‬1992‭ ‬وقع‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬جورج‭ ‬بوش‭ ‬الأب‭ ‬في‭ ‬البرازيل‭ ‬على‭ ‬أول‭ ‬معاهدة‭ ‬دولية‭ ‬مشتركة‭ ‬حول‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬وأُطلق‭ ‬عليها‭ ‬بالاتفاقية‭ ‬الإطارية‭ ‬حول‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬بحيث‭ ‬تقوم‭ ‬الدول‭ ‬بالتفاوض‭ ‬على‭ ‬بنودها‭ ‬وتفاصيلها‭ ‬في‭ ‬اجتماعات‭ ‬سنوية‭ ‬للدول‭ ‬الأطراف‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المعاهدة‭ ‬الأولى‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1993،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬انبعاث‭ ‬الملوثات‭ ‬التي‭ ‬تسبب‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬المناخية‭ ‬التي‭ ‬تهم‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬برمتها‭. ‬فبعد‭ ‬عدة‭ ‬اجتماعات‭ ‬توصلت‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬كيوتو‭ ‬في‭ ‬اليابان‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬1997‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬بروتوكول‭ ‬كيوتو‮»‬‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬بيل‭ ‬كلينتون،‭ ‬حيث‭ ‬التزمت‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬المتطورة،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬أمريكا،‭ ‬بخفض‭ ‬انبعاثاتها‭ ‬للملوثات‭ ‬بنسبٍ‭ ‬محددة‭ ‬كل‭ ‬سنة‭. ‬وهذا‭ ‬البروتوكول‭ ‬يعد‭ ‬أول‭ ‬اتفاقية‭ ‬جماعية‭ ‬مشتركة‭ ‬تتعهد‭ ‬فيها‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬بالحد‭ ‬من‭ ‬انبعاثاتها‭ ‬إلى‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي،‭ ‬وتعد‭ ‬خطوة‭ ‬جبارة‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬للتصدي‭ ‬لتداعيات‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬البروتوكول‭ ‬لم‭ ‬ير‭ ‬النور،‭ ‬ولم‭ ‬يكتب‭ ‬له‭ ‬طول‭ ‬العمر،‭ ‬فقد‭ ‬رفضت‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الرئيس‭ ‬جورج‭ ‬بوش‭ ‬الابن‭ ‬ومعه‭ ‬الكونجرس‭ ‬التصديق‭ ‬عليه،‭ ‬أي‭ ‬رفضت‭ ‬التعهد‭ ‬بخفض‭ ‬الانبعاث،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أرجع‭ ‬جهود‭ ‬مواجهة‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬إلى‭ ‬النقطة‭ ‬صفر‭.‬

فما‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬إلا‭ ‬إعادة‭ ‬الكرة‭ ‬مرة‭ ‬ثانية‭ ‬والمحاولة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬فبعد‭ ‬جهود‭ ‬دولية‭ ‬مضنية،‭ ‬واجتماعات‭ ‬ماراثونية‭ ‬عُقدت‭ ‬كل‭ ‬سنة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مختلفة،‭ ‬كان‭ ‬آخرها‭ ‬في‭ ‬باريس‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬وافقت‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الرئيس‭ ‬أوباما‭ ‬على‭ ‬بنود‭ ‬تفاهمات‭ ‬باريس‭ ‬حول‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬وتعهدت‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بخفض‭ ‬انبعاثاتها‭ ‬بنسبة‭ ‬محددة‭ ‬سنوياً،‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬خطوة‭ ‬إيجابية‭ ‬إلى‭ ‬الأمام،‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬كافية‭. ‬وهذه‭ ‬التفاهمات‭ ‬لم‭ ‬يكتب‭ ‬لها‭ ‬البقاء‭ ‬طويلاً،‭ ‬فقد‭ ‬دخل‭ ‬ترامب‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬وله‭ ‬سياسات‭ ‬ومواقف‭ ‬لا‭ ‬تعترف‭ ‬أصلاً‭ ‬بوقوع‭ ‬ظاهرة‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬اعترافه‭ ‬بالمعاهدات‭ ‬والتشريعات‭ ‬الدولية‭. ‬فقام‭ ‬في‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬2020‭ ‬بالانسحاب‭ ‬النهائي‭ ‬من‭ ‬تفاهمات‭ ‬باريس،‭ ‬وضرب‭ ‬بذلك‭ ‬عرض‭ ‬الحائط‭ ‬كل‭ ‬التعهدات‭ ‬والالتزامات‭ ‬التي‭ ‬قطعها‭ ‬أوباما‭ ‬على‭ ‬نفسه‭. ‬ثم‭ ‬بعد‭ ‬خروج‭ ‬ترامب‭ ‬جاء‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬بسياسات‭ ‬أكثر‭ ‬إيجابية‭ ‬مع‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬بشكلٍ‭ ‬عام،‭ ‬ومع‭ ‬الجهود‭ ‬الدولية‭ ‬بشكلٍ‭ ‬خاص،‭ ‬فأرجع‭ ‬أمريكا‭ ‬إلى‭ ‬دائرة‭ ‬المواجهة‭ ‬الدولية‭ ‬للتغير‭ ‬المناخي‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2021‭. ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬الأسف،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬لم‭ ‬يدم‭ ‬طويلاً،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬انتخاب‭ ‬ترامب‭ ‬للمرة‭ ‬الثانية‭ ‬للبيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬وقام‭ ‬فوراً‭ ‬وبدون‭ ‬أي‭ ‬تأخير‭ ‬بنسف‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬بايدن،‭ ‬وأصدر‭ ‬سيلاً‭ ‬من‭ ‬الأوامر‭ ‬التنفيذية‭ ‬في‭ ‬الساعات‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬حكمه،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬الانسحاب‭ ‬مرة‭ ‬ثانية‭ ‬من‭ ‬تفاهمات‭ ‬باريس؛‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬جهود‭ ‬العالم‭ ‬رجعت‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬180‭ ‬درجة‭ ‬إلى‭ ‬الخلف،‭ ‬وخلق‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬البلبلة‭ ‬والقلق‭ ‬الشديدين،‭ ‬وأوقع‭ ‬التذبذب‭ ‬وعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬القرار‭ ‬الدولي‭ ‬المشترك‭ ‬لمواجهة‭ ‬قضية‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬التي‭ ‬تخص‭ ‬كوكبنا‭.‬

وعلاوة‭ ‬على‭ ‬تخليه‭ ‬عن‭ ‬التزامات‭ ‬أمريكا‭ ‬بخفض‭ ‬انبعاثاتها،‭ ‬فقد‭ ‬أصدر‭ ‬أوامر‭ ‬تنفيذية‭ ‬أخرى‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬الطين‭ ‬بلة،‭ ‬فترفع‭ ‬من‭ ‬مستوى‭ ‬انطلاق‭ ‬الغازات‭ ‬الدفيئة‭ ‬من‭ ‬المصادر‭ ‬المختلفة‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬المصانع‭ ‬ومحطات‭ ‬توليد‭ ‬الطاقة،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬السيارات‭. ‬فقد‭ ‬أصدر‭ ‬أمراً‭ ‬تنفيذياً‭ ‬أعلن‭ ‬فيه‭ ‬حالة‭ ‬الطوارئ‭ ‬الاتحادية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬بنود‭ ‬الأمر‭ ‬هو‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬التنقيب‭ ‬واستخراج‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الأمريكية،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬المحظورة‭ ‬كالمحمية‭ ‬الوطنية‭ ‬للحياة‭ ‬الفطرية‭ ‬في‭ ‬ألاسكا،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬إلغاء‭ ‬المواصفات‭ ‬التي‭ ‬أصدرها‭ ‬بايدن‭ ‬لخفض‭ ‬انبعاث‭ ‬الملوثات‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬سخونة‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬مصادرها‭ ‬المختلفة‭ ‬الكثيرة،‭ ‬كمحطات‭ ‬توليد‭ ‬الكهرباء‭ ‬والسيارات‭. ‬ومن‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬أهم‭ ‬مصدر‭ ‬للغازات‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬هو‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬الذي‭ ‬ينبعث‭ ‬عند‭ ‬حرق‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري،‭ ‬سواء‭ ‬الفحم،‭ ‬أو‭ ‬النفط،‭ ‬أو‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي،‭ ‬أي‭ ‬زيادة‭ ‬نسبة‭ ‬انبعاثه‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وزيادة‭ ‬حدة‭ ‬المشكلة‭ ‬على‭ ‬حرارة‭ ‬كوكبنا‭. ‬

أما‭ ‬السبب‭ ‬الثاني‭ ‬لاتهام‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بإفشالها‭ ‬للجهود‭ ‬الدولية‭ ‬المعنية‭ ‬بمكافحة‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬فهو‭ ‬تخليها‭ ‬عن‭ ‬القيام‭ ‬بدورها‭ ‬وتحمل‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬التاريخية‭ ‬في‭ ‬خفض‭ ‬انبعاثات‭ ‬أمريكا‭ ‬للغازات‭ ‬المعنية‭ ‬بالتغير‭ ‬المناخي‭ ‬ورفع‭ ‬سخونة‭ ‬الأرض‭. ‬فالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬يقع‭ ‬على‭ ‬عاتقها‭ ‬المسؤولية‭ ‬العظمى‭ ‬في‭ ‬نزول‭ ‬هذه‭ ‬الكارثة‭ ‬الدولية‭ ‬العقيمة‭ ‬على‭ ‬كوكبنا،‭ ‬فهي‭ ‬تعد‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭ ‬تاريخيا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬إجمالي‭ ‬انبعاث‭ ‬غاز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬المتهم‭ ‬الأول‭ ‬بوقوع‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬الناجم‭ ‬عن‭ ‬حرق‭ ‬جميع‭ ‬أنواع‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭. ‬ولذلك‭ ‬هروب‭ ‬أمريكا‭ ‬من‭ ‬المعاهدات‭ ‬الدولية‭ ‬والانسحاب‭ ‬منها‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬في‭ ‬حرارة‭ ‬الأرض،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬معدل‭ ‬درجة‭ ‬الحرارة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬ارتفع‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬ولأول‭ ‬مرة،‭ ‬بمعدل‭ ‬1?55‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭ ‬فوق‭ ‬مستويات‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬النصف‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ (‬الفترة‭ ‬من‭ ‬1850‭ ‬إلى‭ ‬1900‭). ‬ولذلك‭ ‬فمهما‭ ‬بذلت‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬مجتمعة‭ ‬من‭ ‬جهود‭ ‬جماعية‭ ‬مشتركة،‭ ‬ومهما‭ ‬اتخذت‭ ‬من‭ ‬إجراءات‭ ‬علاجية‭ ‬ووقائية‭ ‬لمنع‭ ‬بلوغ‭ ‬سخونة‭ ‬الأرض‭ ‬إلى‭ ‬نقطة‭ ‬اللاعودة‭ ‬والنقطة‭ ‬الكارثية،‭ ‬فلن‭ ‬يفلحوا‭ ‬أبداً‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬جهود‭ ‬ودعم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬خفض‭ ‬الانبعاث‭ ‬أولاً،‭ ‬وثانياً‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬للدول‭ ‬الفقيرة‭ ‬والنامية‭ ‬لمساعدتها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تداعيات‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬وخفض‭ ‬انبعاثاتها‭. ‬

ولذلك‭ ‬فالقرار‭ ‬الدولي‭ ‬المعني‭ ‬بمواجهة‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬والتوازن‭ ‬منذ‭ ‬33‭ ‬عاماً،‭ ‬أي‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬وُضعت‭ ‬النواة‭ ‬الدولية‭ ‬الجماعية‭ ‬المشتركة‭ ‬للتعامل‭ ‬معه‭ ‬كفريق‭ ‬واحد،‭ ‬وهذه‭ ‬الحالة‭ ‬من‭ ‬الجمود‭ ‬وعدم‭ ‬تقدم‭ ‬القرار‭ ‬المناخي‭ ‬للأمام‭ ‬انعكس‭ ‬ميدانيا‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬كوكبنا،‭ ‬فحرارة‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬ارتفاع‭ ‬مستمر،‭ ‬ومستوى‭ ‬سطح‭ ‬وحموضة‭ ‬البحر‭ ‬في‭ ‬ازدياد،‭ ‬ودائرة‭ ‬الكوارث‭ ‬المناخية‭ ‬تزيد‭ ‬وتتوسع‭.‬

 

ismail‭.‬almadany@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا