العدد : ١٧١١٤ - الخميس ٣٠ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٣٠ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١١٤ - الخميس ٣٠ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٣٠ رجب ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ترامب من التعهد إلى التهديد

بقلم: د. نبيل العسومي

الأربعاء ٢٩ يناير ٢٠٢٥ - 02:00

من‭ ‬أهم‭ ‬وأبرز‭ ‬عناصر‭ ‬وملامح‭ ‬البرنامج‭ ‬الانتخابي‭ ‬المتعلق‭ ‬بالسياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬للرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬رونالد‭ ‬ترامب‭ ‬الذي‭ ‬أطلقه‭ ‬خلال‭ ‬حملته‭ ‬الانتخابية‭ ‬خلال‭ ‬خوضه‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬ضد‭ ‬منافسه‭ ‬الديمقراطي‭ ‬جو‭ ‬بايدين‭ ‬ومن‭ ‬بعده‭ ‬نائبته‭ ‬كامالا‭ ‬هاريس‭ ‬وقف‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬خلال‭ ‬24‭ ‬ساعة،‭ ‬معتبرا‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أولوياته‭ ‬المطلقة‭ ‬بعد‭ ‬دخوله‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬فوزه‭ ‬في‭ ‬الانتخابات،‭ ‬فقد‭ ‬كرر‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬ذلك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬وفي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مناسبة‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬لقاء‭ ‬جماهيري‭ ‬وسط‭ ‬تصفيق‭ ‬مؤيديه،‭ ‬حيث‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬إنهاء‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬العبثية‭ ‬رغبة‭ ‬أمريكية‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬رغبته‭. ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬عامها‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أفق‭ ‬حقيقي‭ ‬لإنهائها‭ ‬قد‭ ‬كلفت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ثمنا‭ ‬باهظا‭ ‬تحملها‭ ‬دافعو‭ ‬الضرائب‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬الأمريكي‭ ‬وتسببت‭ ‬في‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬وزيادة‭ ‬نسبة‭ ‬التضخم‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬قياسية‭ ‬وركود‭ ‬اقتصادي‭ ‬لم‭ ‬تشهده‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬منذ‭ ‬الأزمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬عام‭ ‬2008،‭ ‬مما‭ ‬ألحق‭ ‬ضررا‭ ‬كبيرا‭ ‬بالاقتصاد‭ ‬الأمريكي‭ ‬وتراجع‭ ‬في‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمواطنين‭ ‬الأمريكان‭.‬

وبعد‭ ‬فوزه‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬وهزيمته‭ ‬لمنافسته‭ ‬الديمقراطية‭ ‬كامالا‭ ‬هاريس‭ ‬ظل‭ ‬العالم‭ ‬وعلى‭ ‬مدار‭ ‬شهرين‭ ‬ينتظر‭ ‬لحظة‭ ‬تسلمه‭ ‬السلطة‭ ‬بصورة‭ ‬رسمية‭ ‬وأدائه‭ ‬اليمين‭ ‬القانونية‭ ‬رئيسا‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لإعلان‭ ‬خطته‭ ‬التي‭ ‬سيبدأ‭ ‬بها‭ ‬ولايته‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬خلال‭ ‬24‭ ‬ساعة،‭ ‬كما‭ ‬أعلن‭ ‬ذلك‭ ‬خلال‭ ‬حملته‭ ‬الانتخابية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬فوجئ‭ ‬بأول‭ ‬تصريح‭ ‬للرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬تضمن‭ ‬تهديدا‭ ‬للرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬بوتين‭ ‬بفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬جمركية‭ ‬وعقوبات‭ ‬صارمة‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تتحرك‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬وكأن‭ ‬روسيا‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬العبثية‭ ‬وكأن‭ ‬روسيا‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تعرقل‭ ‬الجهود‭ ‬الدولية‭ ‬لحل‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة،‭ ‬في‭ ‬تناقض‭ ‬واضح‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬أعلنه‭ ‬ترامب‭ ‬خلال‭ ‬حملته‭ ‬الانتخابية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬القلق‭ ‬لدى‭ ‬الجميع‭ ‬خصوصا‭ ‬الذين‭ ‬علقوا‭ ‬آمالا‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬لإنهاء‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬تسببت‭ ‬للقارة‭ ‬العجوز‭ ‬بأزمة‭ ‬لم‭ ‬تشهدها‭ ‬منذ‭ ‬الحرب‭ ‬الكونية‭ ‬الثانية،‭ ‬حيث‭ ‬فسر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المراقبين‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التصريح‭ ‬هو‭ ‬أول‭ ‬إخفاق‭ ‬للرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الجديد‭ ‬حيث‭ ‬مرت‭ ‬24‭ ‬ساعة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬حل‭ ‬لهذه‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬وعد‭ ‬بإنهائها،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬التصريح‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬استياء‭ ‬شديد‭ ‬لدى‭ ‬الأوساط‭ ‬السياسية‭ ‬والقومية‭ ‬الروسية‭ ‬واعتبروا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬ينم‭ ‬عن‭ ‬احترام‭ ‬ومهين‭ ‬ولا‭ ‬يستند‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬معلومات‭ ‬سليمة‭.‬

روسيا‭ ‬دولة‭ ‬عظمى‭ ‬وقوية،‭ ‬ولذلك‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتعامل‭ ‬معها‭ ‬بلغة‭ ‬التهديد‭ ‬والوعيد‭ ‬فمثل‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬المستعجلة‭ ‬لا‭ ‬ينفع‭ ‬معها،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬سياسة‭ ‬العقوبات‭ ‬التي‭ ‬هدد‭ ‬بها‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬روسيا‭ ‬قد‭ ‬جربها‭ ‬سلفه‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬ولم‭ ‬تنفع‭ ‬عندما‭ ‬فرض‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬7000‭ ‬آلاف‭ ‬عقوبة‭ ‬شملت‭ ‬مختلف‭ ‬الجوانب‭ ‬وأتت‭ ‬بنتائج‭ ‬عكسية‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬نفسها،‭ ‬حيث‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬التضخم‭ ‬وإفلاس‭ ‬آلاف‭ ‬الشركات‭ ‬وزيادة‭ ‬نسبة‭ ‬البطالة‭ ‬وارتفاع‭ ‬الأسعار،‭ ‬ولذلك‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬رونالد‭ ‬ترامب‭ ‬أن‭ ‬يبدأ‭ ‬فترة‭ ‬ولايته‭ ‬بتوجيه‭ ‬دعوة‭ ‬إلى‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬وبدء‭ ‬حوار‭ ‬عقلاني‭ ‬يأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬مصالح‭ ‬الجميع‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬لهذه‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬لها،‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬اتفاقية‭ ‬إسطنبول‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬التوقيع‭ ‬عليها‭ ‬مباشرة‭ ‬بعد‭ ‬بدء‭ ‬العملية‭ ‬العسكرية‭ ‬الروسية‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬لولا‭ ‬تدخل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وبريطانيا‭ ‬لثني‭ ‬الرئيس‭ ‬الأوكراني‭ ‬فلاديمير‭ ‬زيلينسكي‭ ‬عن‭ ‬التوقيع‭ ‬عليها‭ ‬تمهيدا‭ ‬لرفع‭ ‬العقوبات‭ ‬الظالمة‭ ‬عن‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬وبدء‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتجاري‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬ودول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬لأن‭ ‬إنهائها‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬الجميع‭ ‬فرفع‭ ‬العقوبات‭ ‬عن‭ ‬روسيا‭ ‬يعني‭ ‬إعادة‭ ‬تدفق‭ ‬الغاز‭ ‬الروسي‭ ‬الرخيص‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا،‭ ‬وبالتالي‭ ‬إعادة‭ ‬الحياة‭ ‬إلى‭ ‬الشركات‭ ‬والمصانع‭ ‬الأوروبية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تعتمد‭ ‬اعتمادا‭ ‬كليا‭ ‬على‭ ‬الغاز‭ ‬الروسي‭ ‬الرخيص‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اضطروا‭ ‬اضطرارا‭ ‬إلى‭ ‬شراء‭ ‬الغاز‭ ‬الأمريكي‭ ‬الذي‭ ‬يبلغ‭ ‬ثمنه‭ ‬أربعة‭ ‬أضعاف‭ ‬الغاز‭ ‬الروسي،‭ ‬كما‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬عودة‭ ‬الاستقرار‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية‭ ‬وضمان‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬خصوصا‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬استيراد‭ ‬الحبوب‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬وجمهورية‭ ‬أوكرانيا‭ ‬باعتبارها‭ ‬أكبر‭ ‬مصدري‭ ‬الحبوب‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وخصوصا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬أصبحت‭ ‬تمثل‭ ‬عبئا‭ ‬اقتصاديا‭ ‬وسياسيا‭ ‬على‭ ‬الجميع‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا