من أهم وأبرز عناصر وملامح البرنامج الانتخابي المتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية للرئيس الأمريكي رونالد ترامب الذي أطلقه خلال حملته الانتخابية خلال خوضه الانتخابات الرئاسية الأمريكية ضد منافسه الديمقراطي جو بايدين ومن بعده نائبته كامالا هاريس وقف الحرب الروسية الأوكرانية خلال 24 ساعة، معتبرا ذلك من أولوياته المطلقة بعد دخوله البيت الأبيض في حالة فوزه في الانتخابات، فقد كرر الرئيس ترامب ذلك أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة وأكثر من لقاء جماهيري وسط تصفيق مؤيديه، حيث أكد أن إنهاء هذه الحرب العبثية رغبة أمريكية قبل أن تكون رغبته. هذه الحرب التي تقترب من عامها الثالث من دون أفق حقيقي لإنهائها قد كلفت الولايات المتحدة الأمريكية ثمنا باهظا تحملها دافعو الضرائب من الشعب الأمريكي وتسببت في ارتفاع الأسعار وزيادة نسبة التضخم إلى مستويات قياسية وركود اقتصادي لم تشهده الولايات المتحدة الأمريكية منذ الأزمة الاقتصادية عام 2008، مما ألحق ضررا كبيرا بالاقتصاد الأمريكي وتراجع في القدرة الشرائية للمواطنين الأمريكان.
وبعد فوزه في الانتخابات الرئاسية وهزيمته لمنافسته الديمقراطية كامالا هاريس ظل العالم وعلى مدار شهرين ينتظر لحظة تسلمه السلطة بصورة رسمية وأدائه اليمين القانونية رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية لإعلان خطته التي سيبدأ بها ولايته لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية خلال 24 ساعة، كما أعلن ذلك خلال حملته الانتخابية، إلا أن العالم فوجئ بأول تصريح للرئيس ترامب تضمن تهديدا للرئيس الروسي بوتين بفرض عقوبات جمركية وعقوبات صارمة على روسيا إذا لم تتحرك لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، وكأن روسيا هي التي تسببت في هذه الحرب العبثية وكأن روسيا هي التي تعرقل الجهود الدولية لحل هذه الأزمة، في تناقض واضح مع ما أعلنه ترامب خلال حملته الانتخابية، وهو ما أثار القلق لدى الجميع خصوصا الذين علقوا آمالا كبيرة على الرئيس ترامب لإنهاء هذه الحرب التي تسببت للقارة العجوز بأزمة لم تشهدها منذ الحرب الكونية الثانية، حيث فسر العديد من المراقبين أن هذا التصريح هو أول إخفاق للرئيس الأمريكي الجديد حيث مرت 24 ساعة من دون حل لهذه الحرب التي وعد بإنهائها، بل إن هذا التصريح تسبب في استياء شديد لدى الأوساط السياسية والقومية الروسية واعتبروا أنه لا ينم عن احترام ومهين ولا يستند إلى أي معلومات سليمة.
روسيا دولة عظمى وقوية، ولذلك لا يجب أن يتعامل معها بلغة التهديد والوعيد فمثل هذه التصريحات المستعجلة لا ينفع معها، فضلا عن أن سياسة العقوبات التي هدد بها الرئيس ترامب روسيا قد جربها سلفه الرئيس السابق جو بايدن مع الدول الغربية، ولم تنفع عندما فرض الغرب على روسيا أكثر من 7000 آلاف عقوبة شملت مختلف الجوانب وأتت بنتائج عكسية على الدول الغربية نفسها، حيث أدت إلى ارتفاع التضخم وإفلاس آلاف الشركات وزيادة نسبة البطالة وارتفاع الأسعار، ولذلك كان من المفترض من الرئيس الأمريكي رونالد ترامب أن يبدأ فترة ولايته بتوجيه دعوة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبدء حوار عقلاني يأخذ بعين الاعتبار مصالح الجميع لوضع حد لهذه الحرب التي لا معنى لها، انطلاقا من اتفاقية إسطنبول التي كانت روسيا وأوكرانيا على وشك التوقيع عليها مباشرة بعد بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا لولا تدخل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا لثني الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي عن التوقيع عليها تمهيدا لرفع العقوبات الظالمة عن روسيا الاتحادية وبدء مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي والتجاري بين روسيا الاتحادية ودول الاتحاد الأوروبي لأن إنهائها في صالح الجميع فرفع العقوبات عن روسيا يعني إعادة تدفق الغاز الروسي الرخيص إلى أوروبا، وبالتالي إعادة الحياة إلى الشركات والمصانع الأوروبية التي كانت تعتمد اعتمادا كليا على الغاز الروسي الرخيص بعد أن اضطروا اضطرارا إلى شراء الغاز الأمريكي الذي يبلغ ثمنه أربعة أضعاف الغاز الروسي، كما سيؤدي إلى عودة الاستقرار إلى الأسواق العالمية وضمان الأمن الغذائي خصوصا تلك الدول التي تعتمد على استيراد الحبوب من روسيا الاتحادية وجمهورية أوكرانيا باعتبارها أكبر مصدري الحبوب في العالم، وخصوصا أن هذه الأزمة أصبحت تمثل عبئا اقتصاديا وسياسيا على الجميع.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك