العدد : ١٧١١٥ - الجمعة ٣١ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠١ شعبان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١١٥ - الجمعة ٣١ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠١ شعبان ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

صراحة الرئيس الأمريكي

ثمة‭ ‬قضية‭ ‬ثابتة‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬تأكيدها‭ ‬كافة‭ ‬الرؤساء‭ ‬الأمريكان‭.. ‬هي‭ ‬دعم‭ ‬إسرائيل‭.. ‬وثم‭ ‬قضية‭ ‬تتفاوت‭ ‬مواقفهم‭ ‬منها،‭ ‬أبرزها‭: ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬مجتمع‭ ‬‮«‬المثليين‭ ‬والمتحولين‭ ‬جنسيا‮»‬‭.. ‬ولعل‭ ‬أفضل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الحالي‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬أنه‭ ‬صريح‭.. ‬بل‭ ‬صريح‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬اللازم‭.‬

فهو‭ ‬يعلن‭ ‬رفضه‭ ‬للمتحولين‭ ‬والمثليين،‭ ‬ويتخذ‭ ‬قرارات‭ ‬بشأنهم،‭ ‬ويؤكد‭ ‬أهمية‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الفطرة‭ ‬السليمة،‭ ‬سواء‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالجنس‭ ‬الذكر‭ ‬والأنثى،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬موقفه‭ ‬من‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وفي‭ ‬عودة‭ ‬أمريكا‭ ‬إلى‭ ‬قيادة‭ ‬العالم‭ ‬ومنع‭ ‬تشكيل‭ ‬أي‭ ‬تحالفات‭ ‬أخرى‭.‬

بالأمس‭ ‬توقفت‭ ‬عند‭ ‬مقال‭ ‬الأستاذ‭ ‬‮«‬سليمان‭ ‬جودة‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬يحلل‭ ‬تصريح‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬عن‭ ‬الموقف‭ ‬الداعم‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬ويؤكد‭ ‬أنه‭ ‬موقف‭ ‬كافة‭ ‬الإدارات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ولا‭ ‬داعي‭ ‬للدهشة‭ ‬منه،‭ ‬أو‭ ‬محاولة‭ ‬التأثير‭ ‬عليه،‭ ‬والحلم‭ ‬بتغييره‭.‬

ويضيف‭ ‬قائلا‭: ‬إذا‭ ‬سمع‭ ‬أحدنا‭ ‬نكتة‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬سمعها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مرة‭ ‬أو‭ ‬مرات،‭ ‬فإنه‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬يرد‭ ‬على‭ ‬راويها‭ ‬ويقول‭: ‬قديمة‭!.. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬سوف‭ ‬يخطر‭ ‬في‭ ‬بالك‭ ‬وأنت‭ ‬تقرأ‭ ‬أن‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬الجديد‭ ‬أجرى‭ ‬اتصالًا‭ ‬مع‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬ليبلغه‭ ‬أن‭ ‬دعم‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬للدولة‭ ‬العبرية‭ ‬ثابت‭ ‬ويمثل‭ ‬أولوية‭ ‬قصوى‭ ‬عندها‭.‬

تسمع‭ ‬ذلك‭ ‬أو‭ ‬تقرؤه‭ ‬فتقول‭: ‬قديمة‭.. ‬بل‭ ‬قديمة‭ ‬جدًا‭.. ‬وإلا،‭ ‬فمنذ‭ ‬متى‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الخطاب‭ ‬السياسي‭ ‬من‭ ‬واشنطن‭ ‬تجاه‭ ‬تل‭ ‬أبيب؟

في‭ ‬15‭ ‬مايو‭ ‬1998‭ ‬أصدرت‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬الأمريكية‭ ‬ملحقا‭ ‬خاصا‭ ‬بمناسبة‭ ‬احتفال‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬بمرور‭ ‬50‭ ‬سنة‭ ‬على‭ ‬قيامها،‭ ‬وأرادت‭ ‬الصحيفة‭ ‬أن‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬الاحتفال،‭ ‬فذهبت‭ ‬تتقصى‭ ‬آراء‭ ‬الرؤساء‭ ‬الأمريكيين‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬بلادهم‭ ‬لإسرائيل‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬الخمسين‭ ‬سنة‭!.. ‬راحت‭ ‬الصحيفة‭ ‬تتقصى‭ ‬آراءهم‭ ‬واحدًا‭ ‬واحدًا،‭ ‬فكانت‭ ‬تسأل‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬منهم‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة،‭ ‬أو‭ ‬ترجع‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬قيل‭ ‬على‭ ‬ألسنة‭ ‬الذين‭ ‬ماتوا‭.‬

كان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬حكم‭ ‬بيل‭ ‬كلينتون،‭ ‬وكان‭ ‬على‭ ‬الصحيفة‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بعملية‭ ‬جرد‭ ‬لما‭ ‬قيل‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬كامل،‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬أيام‭ ‬الرئيس‭ ‬هاري‭ ‬ترومان،‭ ‬الذي‭ ‬قامت‭ ‬إسرائيل‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬وانتهاءً‭ ‬بأيام‭ ‬الرئيس‭ ‬كلينتون‭.‬

وكان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تمر‭ ‬عملية‭ ‬الجرد‭ ‬بما‭ ‬قاله‭ ‬الرؤساء‭: ‬أيزنهاور،‭ ‬كيندي،‭ ‬جونسون،‭ ‬نيكسون،‭ ‬فورد،‭ ‬كارتر،‭ ‬ريجان،‭ ‬ثم‭ ‬بوش‭ ‬الأب‭.. ‬فهؤلاء‭ ‬هُم‭ ‬الذين‭ ‬جاءوا‭ ‬بين‭ ‬ترومان‭ ‬وكلينتون‭.. ‬وكانت‭ ‬المفارقة‭ ‬أنهم‭ ‬جميعًا‭ ‬لم‭ ‬يختلفوا‭ ‬فيما‭ ‬قالوه‭ ‬عن‭ ‬دعم‭ ‬بلادهم‭ ‬الثابت‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬ولقد‭ ‬بدا‭ ‬الأمر‭ ‬من‭ ‬شدة‭ ‬تشابه‭ ‬مواقفهم،‭ ‬وكأن‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬منهم‭ ‬كان‭ ‬يترك‭ ‬وصية‭ ‬مكتوبة‭ ‬للقادم‭ ‬من‭ ‬بعده‭ ‬بما‭ ‬سوف‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يقوله‭ ‬أو‭ ‬يفعله‭ ‬أو‭ ‬يقدمه‭ ‬إلى‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭.‬

وعندما‭ ‬تقارن‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الجديد‭ ‬بالأصالة‭ ‬عن‭ ‬نفسه،‭ ‬أو‭ ‬بالنيابة‭ ‬عن‭ ‬ترامب،‭ ‬فسوف‭ ‬تجد‭ ‬وكأن‭ ‬ما‭ ‬يقوله‭ ‬صورة‭ ‬بالكربون‭ ‬مما‭ ‬قيل‭ ‬على‭ ‬ألسنة‭ ‬كل‭ ‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬سبقوا‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬مكتبه‭ ‬البيضاوي‭.. ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فلا‭ ‬جديد‭ ‬فيما‭ ‬خرج‭ ‬به‭ ‬الوزير‭ ‬الأمريكي‭ ‬علينا‭ ‬ولا‭ ‬محل‭ ‬للدهشة،‭ ‬وإنما‭ ‬الجديد‭ ‬سيكون‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬بعضنا‭ ‬سيدهشه‭ ‬ما‭ ‬قيل‭..!!‬

صراحة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭.. ‬لا‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬الدهشة،‭ ‬والإعجاب‭ ‬أو‭ ‬الاستغراب‭.. ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬طريقة‭ ‬صريحة‭ ‬للسياسة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الصراحة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الحالية‭.‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا