الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
صراحة الرئيس الأمريكي
ثمة قضية ثابتة يحافظ على تأكيدها كافة الرؤساء الأمريكان.. هي دعم إسرائيل.. وثم قضية تتفاوت مواقفهم منها، أبرزها: التعامل مع مجتمع «المثليين والمتحولين جنسيا».. ولعل أفضل ما في الرئيس الأمريكي الحالي «ترامب» أنه صريح.. بل صريح أكثر من اللازم.
فهو يعلن رفضه للمتحولين والمثليين، ويتخذ قرارات بشأنهم، ويؤكد أهمية العودة إلى الفطرة السليمة، سواء المتعلقة بالجنس الذكر والأنثى، وكذلك في موقفه من السلام في الشرق الأوسط، وفي عودة أمريكا إلى قيادة العالم ومنع تشكيل أي تحالفات أخرى.
بالأمس توقفت عند مقال الأستاذ «سليمان جودة»، وهو يحلل تصريح وزير الخارجية الأمريكي عن الموقف الداعم لإسرائيل، ويؤكد أنه موقف كافة الإدارات الأمريكية، ولا داعي للدهشة منه، أو محاولة التأثير عليه، والحلم بتغييره.
ويضيف قائلا: إذا سمع أحدنا نكتة كان قد سمعها من قبل مرة أو مرات، فإنه سرعان ما يرد على راويها ويقول: قديمة!.. وهذا ما سوف يخطر في بالك وأنت تقرأ أن وزير الخارجية الأمريكي الجديد أجرى اتصالًا مع بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية، ليبلغه أن دعم إدارة الرئيس ترامب للدولة العبرية ثابت ويمثل أولوية قصوى عندها.
تسمع ذلك أو تقرؤه فتقول: قديمة.. بل قديمة جدًا.. وإلا، فمنذ متى لم يكن هذا هو الخطاب السياسي من واشنطن تجاه تل أبيب؟
في 15 مايو 1998 أصدرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية ملحقا خاصا بمناسبة احتفال «إسرائيل» بمرور 50 سنة على قيامها، وأرادت الصحيفة أن تشارك في الاحتفال، فذهبت تتقصى آراء الرؤساء الأمريكيين في دعم بلادهم لإسرائيل على مدى الخمسين سنة!.. راحت الصحيفة تتقصى آراءهم واحدًا واحدًا، فكانت تسأل الذين لا يزالون منهم على قيد الحياة، أو ترجع إلى ما قيل على ألسنة الذين ماتوا.
كان ذلك في أيام حكم بيل كلينتون، وكان على الصحيفة أن تقوم بعملية جرد لما قيل على مدى نصف قرن كامل، بدءًا من أيام الرئيس هاري ترومان، الذي قامت إسرائيل عندما كان هو في البيت الأبيض، وانتهاءً بأيام الرئيس كلينتون.
وكان لا بد أن تمر عملية الجرد بما قاله الرؤساء: أيزنهاور، كيندي، جونسون، نيكسون، فورد، كارتر، ريجان، ثم بوش الأب.. فهؤلاء هُم الذين جاءوا بين ترومان وكلينتون.. وكانت المفارقة أنهم جميعًا لم يختلفوا فيما قالوه عن دعم بلادهم الثابت لإسرائيل، ولقد بدا الأمر من شدة تشابه مواقفهم، وكأن كل واحد منهم كان يترك وصية مكتوبة للقادم من بعده بما سوف عليه أن يقوله أو يفعله أو يقدمه إلى تل أبيب.
وعندما تقارن بين ما قاله وزير الخارجية الجديد بالأصالة عن نفسه، أو بالنيابة عن ترامب، فسوف تجد وكأن ما يقوله صورة بالكربون مما قيل على ألسنة كل هؤلاء الذين سبقوا ترامب في مكتبه البيضاوي.. ومن ثم فلا جديد فيما خرج به الوزير الأمريكي علينا ولا محل للدهشة، وإنما الجديد سيكون في أن بعضنا سيدهشه ما قيل..!!
صراحة الرئيس الأمريكي.. لا تدعو إلى الدهشة، والإعجاب أو الاستغراب.. بقدر ما تدعو إلى اتخاذ طريقة صريحة للسياسة العربية في التعامل مع الصراحة الأمريكية الحالية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك