البنية التحتية هي مجموعة الأنظمة والخدمات الأساسية التي تُشكّل القاعدة الضرورية لتشغيل المجتمع والاقتصاد بسلاسة، وهي الأساس الذي تقوم عليه حياة الأفراد والمؤسسات، وتشمل كل ما يدعم الأنشطة اليومية من خدمات ومرافق، وتنقسم البنية التحتية إلى بنية تحتية فيزيائية: كالنقل والاتصالات والطاقة والمياه والصرف الصحي، وبنية تحتية اجتماعية: كالمؤسسات الصحية والمؤسسات التعليمية والخدمات العامة، وبنية تحتية رقمية: كالأنظمة الإلكترونية والحوسبة السحابية، ومنصات الخدمات الحكومية الرقمية، والأمن السيبراني.
تطوير البنى التحتية هو مفتاح أساسي لتحقيق التنمية المستدامة والارتقاء بجودة الحياة في أي مجتمع، وقد يتساءل البعض ما الفائدة من تطوير هذه البنية التحتية والإنفاق عليها بموازنات كبيرة؟!
تأتي أهمية البنية التحتية المتطورة في الحاجة إلى تسريع عجلة الاقتصاد، فالطرق وشبكة المواصلات المتطورة تجذب الشركات الاستثمارية لسهولة عمليات النقل ما يُقلل التكاليف ويزيد الإنتاجية، كما أن توافر الكهرباء والمياه بشكل مستدام أحد أهم مقومات النمو الاقتصادي في أي مجتمع، كذلك تُسهم في تحسين جودة الحياة؛ فوجود شبكة إنترنت قوية وشوارع مهيأة ومستشفيات متطورة كل ذلك سوف ينعكس على جودة الحياة وجعلها أكثر راحة. والبنى التحتية الذكية مثل المدن الذكية التي تعتمد على الابتكار والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي تحتاج إلى بنية تحتية متطورة أساساً. من جانب آخر فإن البنية التحتية القوية تساعد على إدارة الكوارث كالفيضانات أو الزلازل بفعالية، وتحمي الأرواح والممتلكات في الأزمات والأخطار الناتجة عن المخاطر الصناعية والحرائق، إضافة إلى ما تم ذكره فإن تطور مشاريع البنى التحتية يوفر آلاف الوظائف للشباب، سواء في الهندسة أو المقاولات أو حتى في قطاع التكنولوجيا والنقل والمواصلات والقطاع التجاري والتكنولوجي وغيرها الكثير من الوظائف.
الإنفاق على تهيئة وتحديث البنى التحتية هو استثمار ذكي ومربح لأي دولة، فالحكومات التي تتبنى تحديث منظومة البنى التحتية تحقق نتائج عظيمة على المديين القريب والبعيد، والتحدي اليوم ليس أن تواكب ما يفعله الآخرون من مشاريع متطورة بل التحدي أن تُقيم مشاريع البنية التحتية ومشاريع التنمية المستدامة أو غيرها من المشاريع بطرق وأساليب مبتكرة وبتقنيات عالية الجودة تتميز بتوظيف التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء ووسائل التكنولوجيا الحديثة؛ بمعنى آخر «مشاريع ذكية» لتحقيق الكفاءة وجودة الحياة ولمواكبة التطور السريع في جميع المجالات.
هناك العديد من النماذج الدولية الملهمة لتطوير البنية التحتية، هذه الدول لم تكتفِ بتطوير بنيتها التحتية فقط، بل اعتمدت على الابتكار والتكنولوجيا لتحقيق استدامة ورفاهية أكبر لشعوبها، ومن المشاريع المتميزة عالمياً ميناء روتردام في هولندا حيث يعتبر الميناء الأكبر في أوروبا وتم تصميمه ليكون نقطة محورية في التجارة العالمية يُدار بنظام ذكي يعتمد على البيانات والذكاء الاصطناعي لتسهيل العمليات وتقليل التكاليف، وتم تصميم هذا الميناء ليواكب التوسع في المستقبل، ويعتمد على تقنيات تقليل التلوث وتحسين الكفاءة، كذلك التجربة السنغافورية تعتبر واحدة من أفضل النماذج لتطوير البنية التحتية، وخاصة في مجال المدن الذكية التي تعتمد على تكنولوجيا البيانات الضخمة (Big Data) وإنترنت الأشياء (IoT) لإدارة كل شيء من المرور إلى الطاقة.
إن أي إنفاق الهدف منه تطوير وإعادة تأهيل البنية التحتية هو استثمار للحاضر وللمستقبل، بل هو من أنجح وأهم الاستثمارات وإن كان الإنفاق عليها عالياً مقارنة بمشاريع تنموية أخرى، والتميز في هذا أن يتم إنشاء هذه المشاريع بمواصفات حديثة تحاكي الطفرة الرقمية وعصر التكنولوجيا لتكون استشرافاً للمستقبل وتبني مجتمعات متصلة وذكية ومتطورة وتعزيز الاستدامة الاقتصادية والبيئية. وفي هذا المقام نبارك كل الجهود التي تبذلها حكومة البحرين بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه؛ حيث نشهد نقلة نوعية غير مسبوقة في مشاريع البنى التحتية في مملكتنا الحبيبة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك