يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
من صاحب الفضل؟
حتى قبل ان يتم الإعلان رسميا عن التوصل الى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، حدث سباق حول، من هو صاحب الفضل في التوصل الى الاتفاق.
كان الرئيس الأمريكي ترامب اول من بادر بإعلان التوصل إلى الاتفاق، مشيرا صراحة الى فضله في هذا. إدارة بايدن من جانبها حاولت صراحة إعطاء الانطباع بأن الفضل يعود لها. وفي الساعات الأخيرة قبل تركه البيت الأبيض ادلى بايدن بتصريحات ملخصها ان الاتفاق نتاج جهود ادارته لأشهر وان إدارة ترامب عليها متابعة تنفيذه كما لو ان كل دورها هو فقط متابعة ما انجزه هو.
بحسب كل التقارير فقد كان لترامب بالفعل دور أساسي مباشر في التوصل إلى الاتفاق من خلال الضغوط التي مارسها على إسرائيل. اما بايدن فليس له أي فضل وعجز على امتداد أشهر العدوان الطويلة عن ان يفرض شيئا يتعلق بوقف الحرب.
غير ان أسباب التوصل إلى اتفاق والفضل في ذلك يعود إلى أسباب أكثر عمقا من الأدوار المباشرة، وإلى جهات أخرى غير أمريكا.
الأمر المؤكد ان الفضل يعود في جانب أساسي منه إلى الجهود المتواصلة والكبيرة التي بذلتها مصر وقطر عبر أشهر. وكان دور مصر حاسما حين تصدت بقوة لمشروع تهجير الفلسطينيين رغم كل الضغوط والاغراءات، الأمر الذي أفشل الهدف الأساسي من العدوان على غزة. أيضا لا يمكن التقليل من دور الموقف العربي العام المساند لفلسطين والرافض للمخططات الإسرائيلية.
هناك عوامل وأسباب جوهرية أخرى هي التي قادت إلى الاتفاق، في مقدمتها عاملان كبيران هما، الفشل الاسرائيلي في تحقيق الأهداف التي حددها الإسرائيليون من الحرب، وصمود الشعب الفلسطيني.
الإنجاز الوحيد الذي نجح الاحتلال الإسرائيلي في تحقيقه هو الإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة والدمار الشامل للقطاع.. تدمير البيوت والمستشفيات والملاجئ وكل ما استطاعوا تدميره.
الإسرائيليون يعتبرون هذه الإبادة الجماعية هدفا في حد ذاته وانجازا يتفاخرون به.
فيما عدا ذلك فشلت إسرائيل في تحقيق كل الأهداف التي حددتها لحرب الإبادة.
منذ بدء حرب إبادة غزة كان الاسرائيليون واضحين تماما في ان هدفهم الأكبر هو تهجير الفلسطينيين من غزة بإجبارهم على ذلك. لكن هدفهم هذا فشل.
وكان من أكبر أهداف إسرائيل المعلنة القضاء نهائيا على حماس، لكنهم أيضا فشلوا في ذلك ولم يجدوا في النهاية الا حماس كي يتفاوضوا معها ويعقدوا الاتفاق الأخير.
كما ان هدف الافراج عن الرهائن الإسرائيليين الذي أعلنوه منذ بدء العدوان لم يستطيعوا تحقيقه الا بالاتفاق مع حماس.
ايضا أعلن الإسرائيليون عشرات المرات أنهم سوف يبقون في غزة وسيفرضون سيطرتهم الأمنية الكاملة عليه للأبد. لكن بحسب الاتفاق فلو تم تنفيذه فسينتهي بانسحابهم من غزة.
اذن فشل الاسرائيليون في تحقيق أهدافهم الاساسية.
الفضل الأكبر في ذلك يعود الى صمود الشعب الفلسطيني في غزة رغم كل الالام والمجازر والدمار الشامل. وأيضا شرفاء العالم الذين وقفوا بجانب الشعب الفلسطيني وفي مواجهة العدوان الاسرائيلي.
هذا الفشل الاسرائيلي والصمود الفلسطيني من أكبر العوامل التي دفعت باتجاه التوصل الى الاتفاق.
لكن امران يجب تأكيدهما:
الأول: انه لا يجوز ابدا التقليل من شأن الثمن الفادح جدا الذي دفعه الشعب الفلسطيني في غزة.. لا يجوز التقليل من شأن مئات الالاف الذين استشهدوا واصيبوا وتشردوا عن بيوتهم او من كل الدمار الشامل الذي تعرضت له غزة. ليس مقبولا القول ببساطة ان هذا ثمن مقبول لاتفاق مثل هذا.
والثاني: انه حتى لو افترضنا ان الاتفاق سيتم تنفيذه بالكامل، فلا يعني هذا ان القضية الفلسطينية حققت نصرا مؤزرا. سيكون هذا بداية لحقبة جديدة تنطوي على تحديات كبرى. إسرائيل ببساطة لن تتخلى عن مخططاتها. والطريق بعيد جدا عن نيل الشعب الفلسطيني لحقوقه.
نعني أن هناك تحديات كبرى يجب أن يرتقي إليها ويتعامل معها العمل الفلسطيني والعربي أيضا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك