العدد : ١٧١١٣ - الأربعاء ٢٩ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٩ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١١٣ - الأربعاء ٢٩ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٩ رجب ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

من صاحب الفضل؟

حتى‭ ‬قبل‭ ‬ان‭ ‬يتم‭ ‬الإعلان‭ ‬رسميا‭ ‬عن‭ ‬التوصل‭ ‬الى‭ ‬اتفاق‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬حدث‭ ‬سباق‭ ‬حول،‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬صاحب‭ ‬الفضل‭ ‬في‭ ‬التوصل‭ ‬الى‭ ‬الاتفاق‭.‬

كان‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬ترامب‭ ‬اول‭ ‬من‭ ‬بادر‭ ‬بإعلان‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاق،‭ ‬مشيرا‭ ‬صراحة‭ ‬الى‭ ‬فضله‭ ‬في‭ ‬هذا‭. ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬من‭ ‬جانبها‭ ‬حاولت‭ ‬صراحة‭ ‬إعطاء‭ ‬الانطباع‭ ‬بأن‭ ‬الفضل‭ ‬يعود‭ ‬لها‭. ‬وفي‭ ‬الساعات‭ ‬الأخيرة‭ ‬قبل‭ ‬تركه‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬ادلى‭ ‬بايدن‭ ‬بتصريحات‭ ‬ملخصها‭ ‬ان‭ ‬الاتفاق‭ ‬نتاج‭ ‬جهود‭ ‬ادارته‭ ‬لأشهر‭ ‬وان‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬عليها‭ ‬متابعة‭ ‬تنفيذه‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬ان‭ ‬كل‭ ‬دورها‭ ‬هو‭ ‬فقط‭ ‬متابعة‭ ‬ما‭ ‬انجزه‭ ‬هو‭.‬

بحسب‭ ‬كل‭ ‬التقارير‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬لترامب‭ ‬بالفعل‭ ‬دور‭ ‬أساسي‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاق‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الضغوط‭ ‬التي‭ ‬مارسها‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭. ‬اما‭ ‬بايدن‭ ‬فليس‭ ‬له‭ ‬أي‭ ‬فضل‭ ‬وعجز‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬أشهر‭ ‬العدوان‭ ‬الطويلة‭ ‬عن‭ ‬ان‭ ‬يفرض‭ ‬شيئا‭ ‬يتعلق‭ ‬بوقف‭ ‬الحرب‭.‬

غير‭ ‬ان‭ ‬أسباب‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬والفضل‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬أسباب‭ ‬أكثر‭ ‬عمقا‭ ‬من‭ ‬الأدوار‭ ‬المباشرة،‭ ‬وإلى‭ ‬جهات‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬أمريكا‭.‬

الأمر‭ ‬المؤكد‭ ‬ان‭ ‬الفضل‭ ‬يعود‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬أساسي‭ ‬منه‭ ‬إلى‭ ‬الجهود‭ ‬المتواصلة‭ ‬والكبيرة‭ ‬التي‭ ‬بذلتها‭ ‬مصر‭ ‬وقطر‭ ‬عبر‭ ‬أشهر‭. ‬وكان‭ ‬دور‭ ‬مصر‭ ‬حاسما‭ ‬حين‭ ‬تصدت‭ ‬بقوة‭ ‬لمشروع‭ ‬تهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬الضغوط‭ ‬والاغراءات،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أفشل‭ ‬الهدف‭ ‬الأساسي‭ ‬من‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬غزة‭. ‬أيضا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭ ‬العام‭ ‬المساند‭ ‬لفلسطين‭ ‬والرافض‭ ‬للمخططات‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

هناك‭ ‬عوامل‭ ‬وأسباب‭ ‬جوهرية‭ ‬أخرى‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬قادت‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاق،‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬عاملان‭ ‬كبيران‭ ‬هما،‭ ‬الفشل‭ ‬الاسرائيلي‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬التي‭ ‬حددها‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬من‭ ‬الحرب،‭ ‬وصمود‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

الإنجاز‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬نجح‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬تحقيقه‭ ‬هو‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والدمار‭ ‬الشامل‭ ‬للقطاع‭.. ‬تدمير‭ ‬البيوت‭ ‬والمستشفيات‭ ‬والملاجئ‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬استطاعوا‭ ‬تدميره‭.‬

الإسرائيليون‭ ‬يعتبرون‭ ‬هذه‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬هدفا‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬وانجازا‭ ‬يتفاخرون‭ ‬به‭.‬

فيما‭ ‬عدا‭ ‬ذلك‭ ‬فشلت‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬كل‭ ‬الأهداف‭ ‬التي‭ ‬حددتها‭ ‬لحرب‭ ‬الإبادة‭.‬

منذ‭ ‬بدء‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬غزة‭ ‬كان‭ ‬الاسرائيليون‭ ‬واضحين‭ ‬تماما‭ ‬في‭ ‬ان‭ ‬هدفهم‭ ‬الأكبر‭ ‬هو‭ ‬تهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬بإجبارهم‭ ‬على‭ ‬ذلك‭. ‬لكن‭ ‬هدفهم‭ ‬هذا‭ ‬فشل‭.‬

وكان‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬أهداف‭ ‬إسرائيل‭ ‬المعلنة‭ ‬القضاء‭ ‬نهائيا‭ ‬على‭ ‬حماس،‭ ‬لكنهم‭ ‬أيضا‭ ‬فشلوا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬ولم‭ ‬يجدوا‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬الا‭ ‬حماس‭ ‬كي‭ ‬يتفاوضوا‭ ‬معها‭ ‬ويعقدوا‭ ‬الاتفاق‭ ‬الأخير‭.‬

كما‭ ‬ان‭ ‬هدف‭ ‬الافراج‭ ‬عن‭ ‬الرهائن‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬الذي‭ ‬أعلنوه‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬العدوان‭ ‬لم‭ ‬يستطيعوا‭ ‬تحقيقه‭ ‬الا‭ ‬بالاتفاق‭ ‬مع‭ ‬حماس‭.‬

ايضا‭ ‬أعلن‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬عشرات‭ ‬المرات‭ ‬أنهم‭ ‬سوف‭ ‬يبقون‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وسيفرضون‭ ‬سيطرتهم‭ ‬الأمنية‭ ‬الكاملة‭ ‬عليه‭ ‬للأبد‭. ‬لكن‭ ‬بحسب‭ ‬الاتفاق‭ ‬فلو‭ ‬تم‭ ‬تنفيذه‭ ‬فسينتهي‭ ‬بانسحابهم‭ ‬من‭ ‬غزة‭.‬

اذن‭ ‬فشل‭ ‬الاسرائيليون‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافهم‭ ‬الاساسية‭.‬

الفضل‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬يعود‭ ‬الى‭ ‬صمود‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬الالام‭ ‬والمجازر‭ ‬والدمار‭ ‬الشامل‭. ‬وأيضا‭ ‬شرفاء‭ ‬العالم‭ ‬الذين‭ ‬وقفوا‭ ‬بجانب‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وفي‭ ‬مواجهة‭ ‬العدوان‭ ‬الاسرائيلي‭.‬

هذا‭ ‬الفشل‭ ‬الاسرائيلي‭ ‬والصمود‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬دفعت‭ ‬باتجاه‭ ‬التوصل‭ ‬الى‭ ‬الاتفاق‭.‬

لكن‭ ‬امران‭ ‬يجب‭ ‬تأكيدهما‭:‬

الأول‭: ‬انه‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬ابدا‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬الثمن‭ ‬الفادح‭ ‬جدا‭ ‬الذي‭ ‬دفعه‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬غزة‭.. ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬مئات‭ ‬الالاف‭ ‬الذين‭ ‬استشهدوا‭ ‬واصيبوا‭ ‬وتشردوا‭ ‬عن‭ ‬بيوتهم‭ ‬او‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭ ‬الذي‭ ‬تعرضت‭ ‬له‭ ‬غزة‭. ‬ليس‭ ‬مقبولا‭ ‬القول‭ ‬ببساطة‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬ثمن‭ ‬مقبول‭ ‬لاتفاق‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭.‬

والثاني‭: ‬انه‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬افترضنا‭ ‬ان‭ ‬الاتفاق‭ ‬سيتم‭ ‬تنفيذه‭ ‬بالكامل،‭ ‬فلا‭ ‬يعني‭ ‬هذا‭ ‬ان‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬حققت‭ ‬نصرا‭ ‬مؤزرا‭. ‬سيكون‭ ‬هذا‭ ‬بداية‭ ‬لحقبة‭ ‬جديدة‭ ‬تنطوي‭ ‬على‭ ‬تحديات‭ ‬كبرى‭. ‬إسرائيل‭ ‬ببساطة‭ ‬لن‭ ‬تتخلى‭ ‬عن‭ ‬مخططاتها‭. ‬والطريق‭ ‬بعيد‭ ‬جدا‭ ‬عن‭ ‬نيل‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬لحقوقه‭.‬

نعني‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تحديات‭ ‬كبرى‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يرتقي‭ ‬إليها‭ ‬ويتعامل‭ ‬معها‭ ‬العمل‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والعربي‭ ‬أيضا‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا