الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
من وحي المنتخب.. و«فريج» الذهب
يوم الأحد الماضي، كتبت الأستاذة الفاضلة سوسن الشاعر مقالا بعنوان: «من وحي المنتخب»، وتساءلت: لم لا نستلهم من المنتخب الوطني لكرة القدم فكرة أثر الدمج والانصهار والخلط بين أبناء المناطق البحرينية؟ وطالبت بإذابة الفوارق المناطقية، ودعت إلى فكرة دمج الفرق المدرسية «مثلا»، وتعزيز الهوية البحرينية الواحدة.
وفي الأسبوع ذاته، انطلقت منافسات دوري «فريج الذهب» من المحافظة الشمالية، تنفيذاً لتوجيهات سمو الشيخ خالد بن حمد، بحيث تقام في الملاعب الخاصة بمشروع «ملاعب الفريج»، أحد المشاريع التي أطلقها سمو الشيخ ناصر بن حمد، بهدف تنمية المواهب الرياضية واكتشافها من قبل الفنيين، إضافة إلى تعزيز الروح الوطنية من خلال التقاء أبناء الوطن في التجمع الرياضي، بجانب حث الشباب على اتخاذ الرياضة أسلوب حياة، يسهم في توجيه طاقاتهم نحو خدمة الوطن.
أذكر ذات مرة.. أنني سألت المرحوم حسن إسماعيل الأمين العام السابق للاتحاد البحريني لكرة القدم: لماذا تحرص على تنظيم دورات رمضانية وصيفية للشباب في كرة القدم؟ فأجابني قائلا: إنني أحاول من هذا النشاط أن أشغل الناشئة والشباب بما يناسب اهتماماتهم وهواياتهم وشغفهم، وأبعدهم عن أمور أخرى قد تحدثها بعض منابر ومنصات في المدن والقرى.
فمن وحي مقال الأستاذة سوسن الشاعر.. ومشروع دوري «فرجان الذهب».. وجواب المرحوم حسن إسماعيل في تنظيم المسابقات الرياضية.. أدعو محافظات مملكة البحرين، «العاصمة، المحرق، الشمالية، الجنوبية»، إلى تبني فكرة حول «الفرجان» الأكثر شراكة مجتمعية.. والأكثر تواصلا اجتماعيا.. والأكثر رعاية بالهوية البحرينية.. والأكثر نظافة.. والأكثر تشجيرا.. والأكثر جمالا.. والأكثر التزاما بالقوانين المرورية.. وبالإمكان إضافة العديد من المستويات والمجالات والنشاطات في كل مجمع داخل كل محافظة.. بهدف تعزيز الترابط والتعاون ووحدة الهدف والشراكة بين أبناء «الفريج» الواحد، بما يتضمنه ذلك «الفريج» من عائلات وأسر وأفراد من مختلف المكونات المجتمعية.
وبالمناسبة.. شهر رمضان الكريم على الأبواب.. وهو فرصة سانحة لاستثمار العادات والتقاليد البحرينية الأصيلة، في التواصل الاجتماعي والتعاون، وفي تبادل الأطباق الرمضانية قبل الإفطار، وموائد الغبقات الرمضانية، وفي إحياء الليالي الرمضانية في كل «فريج»، وفي إقامة المجالس والديوانيات، وفي ليالي القرقاعون والمسحر وغيرها.
صحيح أن الكثير من «الفرجان» قد تحولت إلى عمارات سكنية وغابت عنها البيوت بمفهومها القديم.. وصحيح أن بعض الأحياء السكنية أصبحت مدنا حديثة وذات طبيعة عمرانية خاصة.. وصحيح أن بعض «الفرجان» أصبح سكانها الأجانب أكثر من المواطنين.. إلا أن الثقافة البحرينية لا تزال حاضرة وموجودة، مع كل تطور سكاني وإسكاني.. لأنها ثقافة راسخة مرتبطة بوجدان الوطن والمواطنين، وتتوارثها الأجيال على مدى الأزمان، ويشتاق إليها الجميع.
لذلك كله.. ولكثير غيره.. ندعو المحافظات الأربع في البلاد إلى تفعيل دورها ونشاطها ومسؤولياتها، وكذلك صلاحياتها.. من أجل تعزيز الهوية البحرينية، وإطلاق المزيد من المشاريع والمبادرات والبرامج النوعية التي تذيب الفوارق، وتجمع الأفراد والعائلات، وتؤكد التعاون والتواصل الاجتماعي، وتحقق الهدف الأسمى الذي تميزت به مملكة البحرين، وما عرفناه وتربينا عليه من الآباء والأجداد في وطننا الغالي، وهو ما يؤكد عليه جلالة الملك المعظم، ويحظى بكل الدعم والمتابعة من سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، عبر المشاريع الإسكانية والتنموية والثقافية.
للعلم.. تُعرف كلمة «الفريج» في اللهجة الخليجية بأنه الحي السكني أو الحارة التي يسكنها الناس.. ومجموعة البيوت والمنازل المتقاربة في منطقة واحدة.. وارتبط «الفريج» بالموروث الخليجي السكني العام، وهو أحد أبرز المظاهر الاجتماعية الخليجية، التي تجسد العلاقات الوطيدة والتماسك الاجتماعي، بما تحمله من معان وعلاقات، وتواصل وحكايات، وأحداث وذكريات.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك