العدد : ١٧١٠٧ - الخميس ٢٣ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٣ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٠٧ - الخميس ٢٣ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٣ رجب ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الفشل الأخلاقي لبايدن وبلينكن في حقوق الإنسان

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الخميس ٢٣ يناير ٢٠٢٥ - 02:00

مع‭ ‬انتهاء‭ ‬ولاية‭ ‬الرئيس‭ ‬الديمقراطي‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬‭ -‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬فترة‭ ‬واحدة‭- ‬وعودة‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬يوم‭ ‬20‭ ‬يناير‭ ‬2025،‭ ‬أصدرت‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التقارير‭ ‬التي‭ ‬استعرضت‭ ‬إرث‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬متناولة‭ ‬نجاحاتها‭ ‬وإخفاقاتها‭. ‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬قرار‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬بإعادة‭ ‬الترشح‭ ‬للانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬لعام‭ ‬2024،‭ ‬فإن‭ ‬نهاية‭ ‬فترة‭ ‬حكمه‭ ‬شهدت‭ ‬استبداله‭ ‬بنائبته‭ ‬‮«‬كامالا‭ ‬هاريس‮»‬،‭ ‬وسط‭ ‬تراجع‭ ‬شعبيته‭ ‬التي‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬39%،‭ ‬مع‭ ‬ارتباط‭ ‬حكمه‭ ‬بسمعة‭ ‬الركود‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬والأثر‭ ‬السلبي‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬خلفته‭ ‬إدارته‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية،‭ ‬بسبب‭ ‬سياساتها‭ ‬الداعمة‭ ‬للقصف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الوحشي‭ ‬واحتلال‭ ‬غزة،‭ ‬وما‭ ‬ترتب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬إنسانية‭ ‬مدمرة؛‭ ‬ما‭ ‬ألقى‭ ‬بظلال‭ ‬قاتمة‭ ‬على‭ ‬سمعة‭ ‬الحكومة‭ ‬المنتهية‭ ‬ولايتها‭.‬

وفي‭ ‬تقرير‭ ‬لمجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬أفيرز‮»‬،‭ ‬عبّرت‭ ‬‮«‬سارة‭ ‬ياجر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬هيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬خيبة‭ ‬أملها‭ ‬إزاء‭ ‬أداء‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬سياسة‭ ‬خارجية‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬ادعى‭ ‬التزامه‭ ‬بها‭ ‬سيُسبب‭ ‬‮«‬تكاليف‭ ‬أخلاقية‭ ‬واستراتيجية‮»‬‭ ‬خطيرة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬يقع‭ ‬عبء‭ ‬هذا‭ ‬الفشل‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والسياسي‭ ‬عليه‭ ‬وحده،‭ ‬حيث‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬جوناثان‭ ‬جوير‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬ذا‭ ‬نيشن‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬‮«‬أنتوني‭ ‬بلينكن‮»‬،‭ ‬‮«‬لن‭ ‬يُذكر‭ ‬اسمه‭ ‬بسبب‭ ‬نجاحاته‮»‬،‭ ‬خلال‭ ‬توليه‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬بل‭ ‬بسبب‭ ‬‮«‬الكارثة‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬تشجيعها‭ ‬ودعمها‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬كينيث‭ ‬روث‮»‬،‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬هيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬فوز‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬على‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ -‬بعد‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬حكم‭ ‬رئيس‭ ‬تجاهل‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وعاداها‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭- ‬كان‭ ‬يمثل‭ ‬‮«‬فرصة‭ ‬لتغيير‭ ‬جذري‮»‬‭ ‬لدعم‭ ‬القانون‭ ‬الإنساني‭ ‬الدولي‭ ‬ومحاسبة‭ ‬مرتكبي‭ ‬الانتهاكات‭. ‬وخلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬رئاسته،‭ ‬بدا‭ ‬أنه‭ ‬يسير‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬التحول،‭ ‬حيث‭ ‬أعاد‭ ‬عضوية‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ -‬والتي‭ ‬انسحب‭ ‬منها‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬2018‭- ‬وألغى‭ ‬العقوبات‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬الإدارة‭ ‬السابقة‭ ‬على‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬وكما‭ ‬وثقت‭ ‬‮«‬ياجر‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬انتهى‭ ‬به‭ ‬الأمر‭ ‬بصفته‭ ‬صانع‭ ‬القرار‭ ‬السياسي،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تقويض‭ ‬هذه‭ ‬المثل‭ ‬العليا‭ ‬بنفسه‮»‬‭. ‬وكان‭ ‬أبرز‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬تورطه‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضد‭ ‬غزة،‭ ‬ما‭ ‬شكل‭ ‬تناقضًا‭ ‬واضحًا‭ ‬مع‭ ‬وعوده‭ ‬وتعهداته‭ ‬السابقة‭ ‬بدعم‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭.‬

‮ ‬ومنذ‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬سجلت‭ ‬‮«‬الأمم‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬استشهاد‭ ‬ما‭ ‬يربو‭ ‬على‭ ‬45.000‭ ‬فلسطيني‭ ‬في‭ ‬غزة‭ -‬غالبيتهم‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭- ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬نشر‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬لانسيت‮»‬‭ ‬تقريرًا‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حصيلة‭ ‬الشهداء‭ ‬كانت‭ ‬أعلى‭ ‬بنسبة‭ ‬41%‭ ‬مما‭ ‬جرى‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عنه‭ ‬بين‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭ ‬ويونيو‭ ‬2024‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬64‭.‬000‭ ‬حالة‭. ‬وأدان‭ ‬‮«‬جوناثان‭ ‬دومونت‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬برنامج‭ ‬الغذاء‭ ‬العالمي‮»‬،‭ ‬تصميم‭ ‬إسرائيل‭ ‬المتعمد‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬ظروف‭ ‬إنسانية‭ ‬كارثية‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬‮«‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬إصدار‭ ‬أوامر‭ ‬اعتقال‭ ‬دولية‭ ‬بحق‭ ‬رئيس‭ ‬وزرائها‭ ‬‮«‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬ووزير‭ ‬دفاعه‭ ‬السابق‭ ‬‮«‬يوآف‭ ‬جالانت‮»‬‭. ‬وأعرب‭ ‬‮«‬دومونت‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬أسفه‭ ‬البالغ‭ ‬إزاء حجم‭ ‬الدمار‭ ‬داخل‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الجميع‭ ‬تقريبًا‭ ‬فقدوا‭ ‬منازلهم‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬أجبر‭ ‬معظم‭ ‬السكان‭ ‬على‭ ‬‮«‬العيش‭ ‬في‭ ‬خيام‮»‬‭.‬

ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بلينكن‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬استشعر‭ ‬الندم‭ ‬على‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭. ‬وفي‭ ‬مقابلة‭ ‬مع‭ ‬‮«‬لولا‭ ‬جارسيا‭ ‬نافارو‮»‬‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2025،‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬‮«‬الأهداف‭ ‬الأساسية‮»‬‭ ‬لسياسة‭ ‬إدارته‭ ‬تجاه‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬كان‭ ‬‮«‬بذل‭ ‬أقصى‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬لضمان‭ ‬أن‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والرجال‭ ‬الذين‭ ‬وجدوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬في‭ ‬مرمى‭ ‬نيران‭ ‬الحرب،‭ ‬حظوا‭ ‬بأكبر‭ ‬قدر‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬الحماية‭ ‬وتلقوا‭ ‬المساعدة‭ ‬اللازمة‭ ‬للبقاء‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬أرسلت‭ ‬الإدارة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬حوالي‭ ‬18‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬المساعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬منذ‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬والتي‭ ‬تم‭ ‬توثيق‭ ‬استخدامها‭ -‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬القنابل‭ ‬والذخائر‭ ‬الأمريكية‭- ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬المدنية‭. ‬وفي‭ ‬آخر‭ ‬قراراتها‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬وافقت‭ ‬على‭ ‬نقل‭ ‬أسلحة‭ ‬إضافية‭ ‬بقيمة‭ ‬8‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭. ‬

وخلال‭ ‬حديثه‭ ‬مع‭ ‬‮«‬نافارو‮»‬،‭ ‬تناول‭ ‬‮«‬بلينكن‮»‬،‭ ‬مسألة‭ ‬تدمير‭ ‬إسرائيل‭ ‬لغزة‭ ‬والمعاناة‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬لحقت‭ ‬بالمدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تذكيري‭ ‬بتلك‭ ‬المعاناة،‭ ‬فهي‭ ‬شيء‭ ‬أراه‭ ‬أمام‭ ‬عيني‭ ‬كل‭ ‬يوم‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬شدد‭ ‬على‭ ‬التزام‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بقوله‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬كنا‭ ‬وما‭ ‬زلنا‭ ‬ملتزمين‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬بالدفاع‭ ‬عن‭ ‬إسرائيل‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬مقابل‭ ‬هذا‭ ‬الادعاء،‭ ‬صرح‭ ‬‮«‬مايك‭ ‬كيسي‮»‬‭ -‬الذي‭ ‬استقال‭ ‬من‭ ‬منصبه‭ ‬كنائب‭ ‬المستشار‭ ‬السياسي‭ ‬بالخارجية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬احتجاجًا‭ ‬على‭ ‬سياسات‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬تجاه‭ ‬أعداد‭ ‬الوفيات‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭- ‬لصحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬تم‭ ‬تجاهل‭ ‬تقارير‭ ‬التحديث‭ ‬اليومية‭ ‬حول‭ ‬وفيات‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭ ‬مرارًا‭ ‬وتكرارًا،‭ ‬وكيف‭ ‬تم‭ ‬رفض‭ ‬المقترحات‭ ‬الخاصة‭ ‬بإعادة‭ ‬بناء‭ ‬الأراضي‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬واستتباب‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الأمنية،‭ ‬بما‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬تفضيلات‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المتطرفة،‭ ‬التي‭ ‬أوضحت‭ ‬أن‭ ‬أهدافها‭ ‬طويلة‭ ‬المدى‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬ضم‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بالكامل،‭ ‬وفرض‭ ‬النزوح‭ ‬الجماعي‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬إلى‭ ‬البلدان‭ ‬المجاورة‭.‬

وفي‭ ‬محاولة‭ ‬لتبرير‭ ‬الهجمات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬زعم‭ ‬‮«‬بلينكن‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬‮«‬يعمل‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬فريدة‭ ‬واستثنائية‭ ‬من‭ ‬نوعها»؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬قوبل‭ ‬بانتقادات‭ ‬حادة‭ ‬من‭ ‬‮«‬ياجر‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬التناقض‭ ‬الواضح‭ ‬في‭ ‬سياسة‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬‭. ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬كانت‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬صريحة‭ ‬في‭ ‬انتقاد‭ ‬الجرائم‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬منذ‭ ‬فبراير‭ ‬2022،‭ ‬ودعمت‭ ‬قرارات‭ ‬أممية‭ ‬تطالب‭ ‬بوقف‭ ‬الحرب،‭ ‬وأشادت‭ ‬بقرار‭ ‬‮«‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬بإصدار‭ ‬مذكرات‭ ‬توقيف‭ ‬دولية‭ ‬بحق‭ ‬مسؤولين‭ ‬روس،‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬‮«‬فلاديمير‭ ‬بوتين‮»‬‭ ‬في‭ ‬2023؛‭ ‬فقد‭ ‬اتخذت‭ ‬‮«‬موقفًا‭ ‬مغايرًا‮»‬،‭ ‬تجاه‭ ‬الجرائم‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬حيث‭ ‬‮«‬تجاهلت‭ ‬أو‭ ‬دافعت‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬استهدفت‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة،‭ ‬ولبنان‭. ‬ولم‭ ‬يقتصر‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬بل‭ ‬‮«‬عرقلت‭ ‬الجهود‭ ‬الدولية‭ ‬للمحاسبة‮»‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقويض‭ ‬شرعية‭ ‬‮«‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬واعتراض‭ ‬قرارات‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬الأمن‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬دعت‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬لمواجهة‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬تعرضت‭ ‬‮«‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‮»‬،‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬‮«‬بلينكن‮»‬،‭ ‬لدعاوى‭ ‬قانونية‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬من‭ ‬ضحايا‭ ‬انتهاكات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬حيث‭ ‬اتهمها‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬والفلسطينيون‭ ‬الأمريكيون،‭ ‬بتعمد‭ ‬تجاوز‭ ‬قوانين‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الأمريكية،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬قانون‭ ‬‮«‬ليهي‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬من‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬للدول‭ ‬التي‭ ‬تُثبت‭ ‬ارتكابها‭ ‬لانتهاكات‭ ‬جسيمة‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬جدلاً‭ ‬واسعًا‭ ‬بشأن‭ ‬التناقض‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بين‭ ‬مناطق‭ ‬النزاع‭ ‬المختلفة‭.‬

وكما‭ ‬أكدت‭ ‬‮«‬سارة‭ ‬ليا‭ ‬ويتسون‮»‬،‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬الديمقراطية‭ ‬للعالم‭ ‬العربي‭ ‬الآن‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‮»‬،‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬ترويج‭ ‬فكرة‭ ‬مفادها؛‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أي‭ ‬وحدة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬لم‭ ‬ترتكب‭ ‬انتهاكًا‭ ‬جسيمًا‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬وصفته‭ ‬بالادعاء‭ ‬الذي‭ ‬‮«‬يتعارض‭ ‬تمامًا‭ ‬مع‭ ‬الكم‭ ‬الهائل‭ ‬من‭ ‬تقارير‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والأدلة‭ ‬الصحفية،‭ ‬ونتائج‭ ‬التحقيقات‭ ‬التي‭ ‬أجرتها‭ ‬الوكالات‭ ‬الداخلية‭ ‬للخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬نفسها‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬تعمد‭ ‬‮«‬بلينكن‮»‬،‭ ‬تجاهلها‭ ‬بوضوح‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بهذه‭ ‬الاتهامات،‭ ‬ذكر‭ ‬‮«‬جوش‭ ‬بول‮»‬‭ -‬الذي‭ ‬استقال‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬احتجاجًا‭ ‬على‭ ‬مبيعات‭ ‬الأسلحة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭ ‬بعد‭ ‬أحد‭ ‬عشر‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬ترؤسه‭ ‬مكتب‭ ‬الشؤون‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية‭ -‬كيف‭ ‬شاهد‭ ‬حالات‭ ‬متكررة‭ ‬من‭ ‬‮«‬انتهاكات‭ ‬جسيمة‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬تم‭ ‬تقديمها،‭ ‬وكان‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬غير‭ ‬راغبين‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬بشأنها؛‭ ‬خوفًا‭ ‬من‭ ‬العواقب‭ ‬السياسية‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬انتهاء‭ ‬فترة‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬وعودة‭ ‬سلفه‭ ‬إلى‭ ‬المنصب،‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬ياجر‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المنتقدين‭ ‬الدائمين‭ ‬للمعايير‭ ‬المزدوجة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬قد‭ ‬‮«‬يواجهون‭ ‬معايير‭ ‬مشابهة‭ ‬إذا‭ ‬تخلّى‭ ‬ترامب‭ ‬عن‭ ‬التظاهر‭ ‬بالاهتمام‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان‮»‬‭ ‬للشعوب‭ ‬خارج‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬لكنها،‭ ‬حذرت‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إلغاء‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ -‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬قرارات‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ -‬سيضر‭ ‬بشكل‭ ‬خطير‭ ‬بمصالح‭ ‬واشنطن‭ ‬والنظام‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬أوسع‮»‬‭. ‬واتفق‭ ‬‮«‬جوير‮»‬‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الرأي،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الخسارة‭ ‬الفادحة‭ ‬في‭ ‬الأرواح،‭ ‬فإن‭ ‬تدمير‭ ‬إسرائيل‭ ‬لفلسطين‮»‬،‭ ‬برعاية‭ ‬بايدن‭ ‬وبلينكن،‭ ‬‮«‬سيترك‭ ‬تأثيرًا‭ ‬أعمق‭ ‬وأطول‭ ‬أمدًا‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬سيقوض‭ ‬‮«‬تطبيق‭ ‬القانون‭ ‬الإنساني‭ ‬الدولي‭ ‬عالميًا‮»‬،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تشجيع‭ ‬الجيوش‭ ‬على‭ ‬شن‭ ‬عمليات‭ ‬حربية‭ ‬عشوائية‭ ‬ضد‭ ‬الشعوب‭ ‬المهمشة‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬الترقب‭ ‬للسياسات‭ ‬الخارجية‭ ‬التي‭ ‬سيقودها‭ ‬الجمهوريون‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأربع‭ ‬المقبلة،‭ ‬والتي‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أكثر‭ ‬تأييدًا‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬حذرت‭ ‬‮«‬ياجر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الأضرار‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يلحقها‭ ‬ترامب‭ ‬بقضية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬قد‭ ‬تدفع‭ ‬البعض‭ ‬للنظر‭ ‬إلى‭ ‬فترة‭ ‬بايدن‭ ‬بحنين‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬نبهت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التصور‭ ‬‮«‬سيشوه‭ ‬الصورة‭ ‬الحقيقية‮»‬‭ ‬لسجل‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬خاصة‭ ‬أنه‭ ‬ووزير‭ ‬خارجيته،‭ ‬‮«‬بلينكن‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬‮«‬تخليا‭ ‬عن‭ ‬استراتيجيتهما‭ ‬الخاصة‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬‮«‬مهّد‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬سباق‭ ‬نحو‭ ‬القاع‮»‬،‭ ‬في‭ ‬التجاهل‭ ‬المتعمد‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬والمحاسبة‭ ‬عن‭ ‬الانتهاكات،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬المرتكبة‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا