تنفس سكان قطاع غزة الصعداء بمجرد إعلان وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين الكيان الصهيوني وحركة حماس، على الرغم من الخراب والدمار الشامل الذي أصابهم على جميع المستويات، فإن عشرات الآلاف من هؤلاء السكان المنكوبين من ضحايا هذه الحرب الظالمة قد خرجوا إلى الشوارع معبرين عن فرحتهم بهذا الإعلان آملين أن يستعيدوا بعض الأمل في حياة هادئة حتى وإن كانت بائسة.
في المقابل، فإن الشارع الإسرائيلي في اتجاهه الأوسع قد عبر عن مواقف متناقضة لهذا الاتفاق ربما باستثناء بعض القوى والأحزاب التي سبق أن دعت إلى إيقاف هذه الحرب في جبهة المعارضة وربما أهالي الأسرى لدى حماس، فقد شهدت تل أبيب مظاهرة ووقفات احتجاج لرفض أي اتفاق مع حماس معتبرين ذلك نوعا من الهزيمة لأن الأهداف الإسرائيلية المعلنة لم تتحقق وهي القضاء على حركة حماس والتهجير للفلسطينيين واستعادة الأسرى، حيث لم تتمكن القوات الإسرائيلية، بالرغم من الدمار الشامل والقتل اليومي، أن تقضي على حماس ولم تتمكن من تهجير الفلسطينيين من ديارهم في غزة بالرغم من مضي 15 شهرا من هذه الحرب المدمرة والتنكيل بالفلسطينيين المدنيين وهدم بيوتهم ومستشفياتهم ومدارسهم وجامعاتهم ومنع دخول الغذاء والدواء والوقود والماء إلى غزة، ومن هذا المنطلق فإن اليمين الإسرائيلي في عمومه واليمين المتطرف خاصة يطالبون بمواصلة الحرب بأمل اختفاء الفلسطينيين والقضاء على المقاومة.
حقيقة إن هذه الهدنة وهذا التخطيط لها لأن تستمر 42 يوما هي فرصة للفلسطينيين للاستراحة وفرصة لإدخال المزيد من المساعدات للسكان في غزة وربما إعادة تشغيل بعض المؤسسات وإدخال الغذاء والوقود وربما إقامة المزيد من الخيام للسكان التي هدمت وأصبحوا يعيشون في العراء ولا شك أن فترة 42 يوما لإنجاح هذا العمل الضخم يأمل الجميع أن تستمر مدة أطول للاتفاق بين الطرفين للوصول إلى ما نسميها الهدنة المستدامة.
بغض النظر عن مستقبل ما سيحدث من مفاوضات خلال الأيام القادمة فإن توقف القصف وإطلاق النار والقتل اليومي للفلسطينيين وتدمير أسس الحياة في غزة فإنه يجنب القطاع المزيد من الدمار وتخريب ما تبقى من بنية تحتية فيه.
ومن المؤسف حقيقية أن قادة الغرب متورطون في حرب الإبادة لسكان غزة المدنيين فهناك أكثر من 50 ألفا ما بين جريح ومعوق وعشرات الآلاف من الضحايا الذين دفنوا تحت البيوت والمباني وغيرها حتى أن الأمم المتحدة تقول إن نسبة كبيرة من سكان غزة منهم من قتل ومنهم من جرح ومنهم من أصبح معوقا وعاجزا عن مواصلة الحياة في ظل عدم توافر الخدمات الصحية.
الحقيقة أن قادة الغرب قد انخرطوا بشكل عام في دعم هذه الحرب وتمويلها وحشد الأساطيل على شواطئ فلسطين المحتلة وحشد الدعم الدبلوماسي والسياسي والعسكري والمالي لهذه الحرب حتى أصبحوا شركاء في هذه الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني الأعزل، ولذلك هم أيضا يتحملون المسؤولية الأخلاقية والإنسانية تجاه ضحايا هذه الحرب بتوفير الدعم اللازم لهؤلاء المشردين من السكان الذين لا يجدون أي مقوم من مقومات الحياة في غزة فكل الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية بوجه خاص يجب أن تكون في مقدمة الدول التي تدعم إيقاف الحرب وإعادة إعمار غزة وتوفير الحد الأدنى من مقومات الحياة للسكان فيها حتى يتمكنوا من الاستمرار في أراضيهم.
ومثلما يقول المثل العربي اشتدي أزمة تنفرجي، فإن المؤمل من وسط ركام هذه الحرب النظر إلى سبيل حلها بشكل جذري ونهائي وإلا فإن الحروب ستتوالى من دون توقف لأن الشعب الفلسطيني لا يمكنه أن يتنازل عن أرضه وعن حقوقه المشروعة وفقا للقانون الدولي.
لقد استعادت القضية الفلسطينية وهجها كقضية قانونية واستراتيجية يتوقف على حلها بصورة نهائية استقرار المنطقة بالكامل وعيش الجميع في سلام ووئام فلم يعد العالم اليوم يحتمل استمرار مثل هذه المجزرة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك