العدد : ١٧١٠٧ - الخميس ٢٣ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٣ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٠٧ - الخميس ٢٣ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٣ رجب ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

هل يصمد وقف إطلاق النار في غزة؟!

بقلم: د. نبيل العسومي

الخميس ٢٣ يناير ٢٠٢٥ - 02:00

تنفس‭ ‬سكان‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬الصعداء‭ ‬بمجرد‭ ‬إعلان‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬وتبادل‭ ‬الأسرى‭ ‬بين‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وحركة‭ ‬حماس،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الخراب‭ ‬والدمار‭ ‬الشامل‭ ‬الذي‭ ‬أصابهم‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المستويات،‭ ‬فإن‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬السكان‭ ‬المنكوبين‭ ‬من‭ ‬ضحايا‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬الظالمة‭ ‬قد‭ ‬خرجوا‭ ‬إلى‭ ‬الشوارع‭ ‬معبرين‭ ‬عن‭ ‬فرحتهم‭ ‬بهذا‭ ‬الإعلان‭ ‬آملين‭ ‬أن‭ ‬يستعيدوا‭ ‬بعض‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬هادئة‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬بائسة‭.‬

في‭ ‬المقابل،‭ ‬فإن‭ ‬الشارع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬اتجاهه‭ ‬الأوسع‭ ‬قد‭ ‬عبر‭ ‬عن‭ ‬مواقف‭ ‬متناقضة‭ ‬لهذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬ربما‭ ‬باستثناء‭ ‬بعض‭ ‬القوى‭ ‬والأحزاب‭ ‬التي‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬دعت‭ ‬إلى‭ ‬إيقاف‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬جبهة‭ ‬المعارضة‭ ‬وربما‭ ‬أهالي‭ ‬الأسرى‭ ‬لدى‭ ‬حماس،‭ ‬فقد‭ ‬شهدت‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬مظاهرة‭ ‬ووقفات‭ ‬احتجاج‭ ‬لرفض‭ ‬أي‭ ‬اتفاق‭ ‬مع‭ ‬حماس‭ ‬معتبرين‭ ‬ذلك‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬الهزيمة‭ ‬لأن‭ ‬الأهداف‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المعلنة‭ ‬لم‭ ‬تتحقق‭ ‬وهي‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬والتهجير‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬واستعادة‭ ‬الأسرى،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭ ‬والقتل‭ ‬اليومي،‭ ‬أن‭ ‬تقضي‭ ‬على‭ ‬حماس‭ ‬ولم‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬تهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬ديارهم‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬مضي‭ ‬15‭ ‬شهرا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬المدمرة‭ ‬والتنكيل‭ ‬بالفلسطينيين‭ ‬المدنيين‭ ‬وهدم‭ ‬بيوتهم‭ ‬ومستشفياتهم‭ ‬ومدارسهم‭ ‬وجامعاتهم‭ ‬ومنع‭ ‬دخول‭ ‬الغذاء‭ ‬والدواء‭ ‬والوقود‭ ‬والماء‭ ‬إلى‭ ‬غزة،‭ ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬فإن‭ ‬اليمين‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬عمومه‭ ‬واليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬خاصة‭ ‬يطالبون‭ ‬بمواصلة‭ ‬الحرب‭ ‬بأمل‭ ‬اختفاء‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬المقاومة‭.‬

حقيقة‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الهدنة‭ ‬وهذا‭ ‬التخطيط‭ ‬لها‭ ‬لأن‭ ‬تستمر‭ ‬42‭ ‬يوما‭ ‬هي‭ ‬فرصة‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬للاستراحة‭ ‬وفرصة‭ ‬لإدخال‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المساعدات‭ ‬للسكان‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وربما‭ ‬إعادة‭ ‬تشغيل‭ ‬بعض‭ ‬المؤسسات‭ ‬وإدخال‭ ‬الغذاء‭ ‬والوقود‭ ‬وربما‭ ‬إقامة‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الخيام‭ ‬للسكان‭ ‬التي‭ ‬هدمت‭ ‬وأصبحوا‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬العراء‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬فترة‭ ‬42‭ ‬يوما‭ ‬لإنجاح‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬الضخم‭ ‬يأمل‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬مدة‭ ‬أطول‭ ‬للاتفاق‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬نسميها‭ ‬الهدنة‭ ‬المستدامة‭.‬

بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬مستقبل‭ ‬ما‭ ‬سيحدث‭ ‬من‭ ‬مفاوضات‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬القادمة‭ ‬فإن‭ ‬توقف‭ ‬القصف‭ ‬وإطلاق‭ ‬النار‭ ‬والقتل‭ ‬اليومي‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬وتدمير‭ ‬أسس‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬فإنه‭ ‬يجنب‭ ‬القطاع‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الدمار‭ ‬وتخريب‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬فيه‭.‬

ومن‭ ‬المؤسف‭ ‬حقيقية‭ ‬أن‭ ‬قادة‭ ‬الغرب‭ ‬متورطون‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬لسكان‭ ‬غزة‭ ‬المدنيين‭ ‬فهناك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬50‭ ‬ألفا‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬جريح‭ ‬ومعوق‭ ‬وعشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭ ‬الذين‭ ‬دفنوا‭ ‬تحت‭ ‬البيوت‭ ‬والمباني‭ ‬وغيرها‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬قتل‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬جرح‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬أصبح‭ ‬معوقا‭ ‬وعاجزا‭ ‬عن‭ ‬مواصلة‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عدم‭ ‬توافر‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية‭.‬

الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬قادة‭ ‬الغرب‭ ‬قد‭ ‬انخرطوا‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬وتمويلها‭ ‬وحشد‭ ‬الأساطيل‭ ‬على‭ ‬شواطئ‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة‭ ‬وحشد‭ ‬الدعم‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬والسياسي‭ ‬والعسكري‭ ‬والمالي‭ ‬لهذه‭ ‬الحرب‭ ‬حتى‭ ‬أصبحوا‭ ‬شركاء‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الأعزل،‭ ‬ولذلك‭ ‬هم‭ ‬أيضا‭ ‬يتحملون‭ ‬المسؤولية‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والإنسانية‭ ‬تجاه‭ ‬ضحايا‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬بتوفير‭ ‬الدعم‭ ‬اللازم‭ ‬لهؤلاء‭ ‬المشردين‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يجدون‭ ‬أي‭ ‬مقوم‭ ‬من‭ ‬مقومات‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬فكل‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بوجه‭ ‬خاص‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬إيقاف‭ ‬الحرب‭ ‬وإعادة‭ ‬إعمار‭ ‬غزة‭ ‬وتوفير‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬مقومات‭ ‬الحياة‭ ‬للسكان‭ ‬فيها‭ ‬حتى‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬أراضيهم‭.‬

ومثلما‭ ‬يقول‭ ‬المثل‭ ‬العربي‭ ‬اشتدي‭ ‬أزمة‭ ‬تنفرجي،‭ ‬فإن‭ ‬المؤمل‭ ‬من‭ ‬وسط‭ ‬ركام‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬سبيل‭ ‬حلها‭ ‬بشكل‭ ‬جذري‭ ‬ونهائي‭ ‬وإلا‭ ‬فإن‭ ‬الحروب‭ ‬ستتوالى‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬توقف‭ ‬لأن‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يتنازل‭ ‬عن‭ ‬أرضه‭ ‬وعن‭ ‬حقوقه‭ ‬المشروعة‭ ‬وفقا‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭.‬

لقد‭ ‬استعادت‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وهجها‭ ‬كقضية‭ ‬قانونية‭ ‬واستراتيجية‭ ‬يتوقف‭ ‬على‭ ‬حلها‭ ‬بصورة‭ ‬نهائية‭ ‬استقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬بالكامل‭ ‬وعيش‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬سلام‭ ‬ووئام‭ ‬فلم‭ ‬يعد‭ ‬العالم‭ ‬اليوم‭ ‬يحتمل‭ ‬استمرار‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المجزرة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا