العدد : ١٧١٠٠ - الخميس ١٦ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٦ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٠٠ - الخميس ١٦ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٦ رجب ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

إرث «كارتر» وقصور الدبلوماسية الأمريكية في الشرق الأوسط

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الخميس ١٦ يناير ٢٠٢٥ - 02:00

في‭ ‬29‭ ‬ديسمبر‭ ‬2024،‭ ‬رحل‭ ‬‮«‬جيمي‭ ‬كارتر‮»‬،‭ ‬الرئيس‭ ‬التاسع‭ ‬والثلاثون‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عن‭ ‬عمر‭ ‬يناهز‭ ‬المائة‭ ‬عام،‭ ‬تاركًا‭ ‬إرثًا‭ ‬دبلوماسيًا‭ ‬وسياسيًا،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬موضع‭ ‬تقدير‭ ‬من‭ ‬زعماء‭ ‬العالم‭ ‬السابقين‭ ‬والحاليين،‭ ‬نظرًا‭ ‬لبصماته‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الواضحة‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬ودوره‭ ‬في‭ ‬التحولات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬الكبيرة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬الإنسانية‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬بعد‭ ‬مغادرته‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1981،‭ ‬والتي‭ ‬حصد‭ ‬عنها‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬للسلام‭ ‬عام‭ ‬2002،‭ ‬وقد‭ ‬وصفه‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬زعيم‭ ‬ورجل‭ ‬دولة‭ ‬وإنسان‭ ‬استثنائي،‭ ‬أنقذ‭ ‬وعزز‭ ‬وغيّر‭ ‬حياة‭ ‬الكثيرين‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬بتعاطفه‭ ‬ووضوحه‭ ‬الأخلاقي‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أوجه‭ ‬التشابه‭ ‬بين‭ ‬الرئيسين‭ ‬الأمريكيين‭ -‬كارتر‭ ‬وبايدن‭ -‬كديمقراطيين‭ ‬يتشاركان‭ ‬توجهات‭ ‬متقاربة‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬المحلية،‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬والبيئية؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬إرث‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬يختلف‭ ‬بشكل‭ ‬لافت‭. ‬ووصف‭ ‬‮«‬بيتر‭ ‬بيكر‮»‬،‭ ‬و«روي‭ ‬ريد‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬كارتر‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬رئيس‭ ‬صانع‭ ‬للسلام‮»‬،‭ ‬أما‭ ‬بايدن،‭ ‬فالتاريخ‭ ‬قد‭ ‬يحمل‭ ‬له‭ ‬صورة‭ ‬مغايرة،‭ ‬ووفقًا‭ ‬لـ«ديلان‭ ‬ويليامز‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬قد‭ ‬يُذكر‭ ‬باعتباره‭ ‬‮«‬المُمكن‭ ‬الأكبر‭ ‬للمذابح‭ ‬والمجاعة‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬نعي‭ ‬‮«‬كارتر‮»‬‭ -‬أطول‭ ‬رئيس‭ ‬أمريكي‭ ‬عُمرا‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ -‬كتب‭ ‬‮«‬جوناثان‭ ‬ألتر‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬‮«‬رئيساً‭ ‬ذا‭ ‬رؤية‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬ومع‭ ‬أن‭ ‬إنجازاته‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يتذكرها‭ ‬أحد،‭ ‬لكنها‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‮»‬‭. ‬وسجلت‭ ‬‮«‬ليزلي‭ ‬فينجاموري‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬‮«‬عمله‭ ‬بعد‭ ‬مغادرته‭ ‬الرئاسة‭ ‬لتعزيز‭ ‬السلام‭ ‬والديمقراطية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والتحرر‭ ‬من‭ ‬الفقر‭ ‬والجوع»؛‭ ‬يعد‭ ‬مثالا‭ ‬استثنائيا‭ ‬لجميع‭ ‬القادة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭.‬

وكما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬رئاسة‭ ‬بايدن،‭ ‬كانت‭ ‬فترة‭ ‬ولاية‭ ‬‮«‬كارتر‮»‬،‭ ‬ولاية‭ ‬واحدة‭ ‬دامت‭ ‬أربع‭ ‬سنوات،‭ ‬مليئة‭ ‬بالمشاكل‭ ‬الداخلية،‭ ‬والصعوبات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬ومجموعة‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط؛‭ ‬لكن‭ ‬الاختلافات‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬استجابة‭ ‬الرجلين‭ ‬لهذه‭ ‬التحديات‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬طرأ‭ ‬من‭ ‬تغييرات‭ ‬في‭ ‬القيادة‭ ‬الغربية،‭ ‬والتي‭ ‬ألحقت‭ ‬ضررا‭ ‬بالغًا‭ ‬بالسلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬العالميين‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬اعتراف‭ ‬‮«‬سنام‭ ‬فاكيل‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشوؤن‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬إرث‭ ‬كارتر‭ ‬‮«‬أقل‭ ‬احتفاءً‮»‬‭ ‬بالشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬أوسع‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬وأرجعت‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬إلى‭ ‬تأكيده‭ ‬أولوية‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬معاصرته‭ ‬كرئيس‭ ‬للثورة‭ ‬الإيرانية‭ ‬عام‭ ‬1979؛‭ ‬فقد‭ ‬أكدت‭ ‬‮«‬فينجاموري‮»‬،‭ ‬اتفاقية‭ ‬‮«‬كامب‭ ‬ديفيد‮»‬،‭ ‬لعام‭ ‬1978،‭ ‬باعتبارها‭ ‬‮«‬السمة‭ ‬الأبرز‭ ‬لرئاسته‮»‬‭.‬

‮ ‬وفي‭ ‬دعوته‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المفاوضات‭ ‬بين‭ ‬الرئيس‭ ‬المصري‭ ‬‮«‬أنور‭ ‬السادات‮»‬،‭ ‬ورئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬مناحيم‭ ‬بيجن؛‭ ‬كتب‭ ‬‮«‬ألتر‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬كيف‭ ‬‮«‬تحمل‭ ‬كارتر‭ ‬مخاطر‭ ‬سياسية‭ ‬كبيرة»؛‭ ‬بغية‭ ‬تحقيق‭ ‬‮«‬السلام‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬وكيف‭ ‬أظهر‭ ‬زعامته‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الشخصية،‭ ‬عبر‭ ‬‮«‬إصراره‮»‬‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬المحادثات‭ ‬من‭ ‬الانهيار‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استخدام‭ ‬‮«‬المداهنة،‭ ‬والترغيب،‭ ‬وسرعة‭ ‬البديهة‮»‬‭. ‬وعندما‭ ‬تعثرت‭ ‬الاتفاقات،‭ ‬سافر‭ ‬إلى‭ ‬مصر،‭ ‬وإسرائيل،‭ ‬وأعاد‭ ‬تجميع‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬بعناية‭ ‬شديدة؛‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬توقيع‭ ‬معاهدة‭ ‬سلام‭ ‬رسمية‭ ‬في‭ ‬26‭ ‬مارس‭ ‬1979‭. ‬

وعلى‭ ‬هذا‭ ‬الأساس،‭ ‬كتب‭ ‬‮«‬بروس‭ ‬ريدل‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬‮«‬بروكينجز‮»‬،‭ ‬‮«‬أنه‭ ‬من‭ ‬نواحٍ‭ ‬عدة،‭ ‬يمكنك‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الحديث‭ ‬قد‭ ‬تشكل‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬جيمي‭ ‬كارتر‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬أيضًا‭ ‬أول‭ ‬زعيم‭ ‬أمريكي،‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة‭. ‬وأضاف‭ ‬‮«‬ألتر‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬‮«‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأكثر‭ ‬تأييدًا‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‮»‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬كتابه‭ ‬الصادر‭ ‬عام‭ ‬2006،‭ ‬والذي‭ ‬حمل‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬فلسطين‭.. ‬سلام،‭ ‬وليس‭ ‬فصل‭ ‬عنصري‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬اعترف‭ ‬‮«‬بالحقيقة‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬مواجهتها‮»‬،‭ ‬حول‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬صانعة‭ ‬سلام‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬يُنظر‭ ‬إلى‭ ‬قادتها‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬مؤيدون‭ ‬بشدة‭ ‬لكل‭ ‬عمل‭ ‬أو‭ ‬سياسة‭ ‬لأي‭ ‬حكومة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬تكون‭ ‬بالسلطة‮»‬‭.‬

وبشكل‭ ‬عام،‭ ‬تعد‭ ‬السياسات‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬محلًا‭ ‬دائمًا‭ ‬للإدانة‭ ‬والانتقاد،‭ ‬حيث‭ ‬تجاهلت‭ ‬الإدارات‭ ‬المتعاقبة‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬سواء‭ ‬ديمقراطية‭ ‬أو‭ ‬جمهورية‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التحذيرات‭ ‬الحكيمة‭ ‬التي‭ ‬أطلقها‭ ‬المراقبون‭. ‬وتجلى‭ ‬ذلك‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬النموذج‭ ‬الذي‭ ‬قدمه‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬منذ‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬والذي‭ ‬قوض‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭ ‬أي‭ ‬خطاب‭ ‬من‭ ‬واشنطن،‭ ‬حول‭ ‬الالتزام‭ ‬المفترض‭ ‬والواجب‭ ‬الأخلاقي‭ ‬لحماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وفرض‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭.‬

وعلى‭ ‬النقيض‭ ‬مما‭ ‬أشارت‭ ‬إليه‭ ‬‮«‬فاكيل‮»‬،‭ ‬بشأن‭ ‬اعتماد‭ ‬‮«‬كارتر‮»‬،‭ ‬على‭ ‬الطرق‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬التي‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬تمكين‭ ‬الرؤساء‭ ‬الأمريكيين‭ ‬اللاحقين‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬‮«‬نموذج‭ ‬سلام‮»‬‭ ‬بين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والإسرائيليين؛‭ ‬منحت‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة‭ ‬بقيادة‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬تفويضًا‭ ‬مفتوحًا‭ ‬لشن‭ ‬حرب‭ ‬تدمير‭ ‬جماعي‭ ‬واحتلال‭ ‬عسكري،‭ ‬ما‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬كارثة‭ ‬إنسانية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ -‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬امتداد‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬ولبنان‭ ‬وسوريا‭ -‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدانته‭ ‬‮«‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬و«محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬مشددة‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬تواجه‭ ‬إسرائيل‭ ‬الاتهامات‭ ‬القانونية‭ ‬بتورطها‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬حرب،‭ ‬وجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭.‬

وأشار‭ ‬‮«‬جيمس‭ ‬بامفورد‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬ذا‭ ‬نيشن‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬تزايد‭ ‬الأدلة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الأسلحة‭ ‬الأمريكية‭ ‬كانت‭ ‬تستخدم‭ ‬لتنفيذ‭ ‬‮«‬إبادة‭ ‬جماعية‮»‬،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة؛‭ ‬فإن‭ ‬بايدن‭ ‬استمر‭ ‬في‭ ‬إرسال‭ ‬المزيد‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬استمرار‭ ‬القصف‭ ‬وعدم‭ ‬توقف‭ ‬المجازر‭.‬

وخلال‭ ‬الحرب‭ ‬والقصف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المتواصل،‭ ‬والغزو‭ ‬البري،‭ ‬والاحتلال‭ ‬العسكري‭ ‬لغزة،‭ ‬تراجع‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬ومسؤولوه‭ ‬بشكل‭ ‬متكرر‭ ‬عن‭ ‬اتخاذ‭ ‬أي‭ ‬موقف‭ ‬أخلاقي‭ ‬تجاه‭ ‬النوايا‭ ‬الواضحة‭ ‬للحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المتطرفة‭ ‬بتنفيذ‭ ‬تطهير‭ ‬عرقي‭ ‬بحق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬وشمل‭ ‬ذلك‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬المطالبات‭ ‬الأمريكية‭ ‬بتقليص‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬رغم‭ ‬استمرارها‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬عن‭ ‬غزة‭ ‬ورفضها‭ ‬الامتثال‭. ‬ورغم‭ ‬هذه‭ ‬الانتهاكات،‭ ‬أصرت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬حليفتها‭ ‬لم‭ ‬تخالف‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭.‬

وفي‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬خطواته‭ ‬الأخيرة‭ ‬كرئيس،‭ ‬أقر‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬صفقة‭ ‬أسلحة‭ ‬بقيمة‭ ‬تقارب‭ ‬8‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬شملت‭ ‬قذائف‭ ‬مدفعية،‭ ‬وصواريخ‭ ‬متوسطة‭ ‬المدى،‭ ‬وقنابل‭ ‬تزن‭ ‬500‭ ‬رطل‭. ‬وجاءت‭ ‬هذه‭ ‬الصفقة‭ ‬لتضاف‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬17‭.‬9‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬قدمتها‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬للجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬كما‭ ‬سبق‭ ‬لإدارته‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬الماضي‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬صفقة‭ ‬أخرى‭ ‬لنقل‭ ‬طائرات‭ ‬مقاتلة‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬F-15‭ ‬وصواريخ‭ ‬جو‭-‬جو‭ ‬وقذائف‭ ‬هاون‭ ‬متفجرة،‭ ‬وذخائر‭ ‬دبابات‭ ‬بقيمة‭ ‬20‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭.‬

وداخل‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬تم‭ ‬تسجيل‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬ووزير‭ ‬خارجيته‭ ‬‮«‬أنتوني‭ ‬بلينكن‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬تجاهلا‭ ‬تقارير‭ ‬داخلية‭ ‬من‭ ‬وكالات،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬الوكالة‭ ‬الأمريكية‭ ‬للتنمية‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬توصلت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل،‭ ‬قد‭ ‬حجبت‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬عن‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬إصابات‭ ‬ووفيات‭ ‬تمثل‭ ‬جرائم‭ ‬حرب،‭ ‬وجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭. ‬وتشير‭ ‬‮«‬تقارير‭ ‬طبية‮»‬،‭ ‬نشرتها‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬ذا‭ ‬لانسيت‮»‬‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2024،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬العدد‭ ‬الحقيقي‭ ‬للضحايا‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬قتلوا‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬قد‭ ‬بلغ‭ ‬حوالي‭ ‬186‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬حتى‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬ولذا،‭ ‬فقد‭ ‬ذكر‭ ‬‮«‬ديفي‭ ‬سريدهار‮»‬،‭ ‬رئيس‭ ‬قسم‭ ‬الصحة‭ ‬العامة‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬إدنبرة‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬إجمالي‭ ‬عدد‭ ‬القتلى‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬قد‭ ‬يتجاوز‭ ‬الآن‭ ‬335,000‭ ‬شخص،‭ ‬بسبب‭ ‬العنف‭ ‬والمجاعة‭ ‬والأمراض‭. ‬

ومن‭ ‬خلال‭ ‬دعمها‭ ‬الحازم‭ ‬لطموحات‭ ‬إسرائيل‭ ‬الحربية،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬تتحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬المباشرة‭ ‬عن‭ ‬الخسائر‭ ‬الفادحة‭ ‬في‭ ‬الأرواح‭ ‬المدنية‭. ‬وأضاف‭ ‬‮«‬بامفورد‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬‮«‬قرر‭ ‬أن‭ ‬يمارس‭ ‬لعبة‭ ‬سياسية‭ ‬باستغلاله‭ ‬حياة‭ ‬الناجين‭ ‬اليائسين‭ ‬والجائعين‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬خلال‭ ‬حملة‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬في‭ ‬2024،‭ ‬حيث‭ ‬‮«‬تظاهر‭ ‬بايدن‭ ‬ومستشاروه‭ ‬بتشديد‭ ‬المواقف‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعزيز‭ ‬آمال‭ ‬نائبة‭ ‬الرئيس‭ ‬‮«‬كامالا‭ ‬هاريس‮»‬،‭ ‬ضد‭ ‬‮«‬ترامب»؛‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬المناورات‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬مجرد‭ ‬خدعة‭ ‬واهية‮»‬‭.‬

وبالتالي،‭ ‬وبينما‭ ‬وصف‭ ‬‮«‬ألتر‮»‬،‭ ‬الرئيس‭ ‬‮«‬كارتر‮»‬،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬رجل‭ ‬طيب‭ ‬وبعيد‭ ‬النظر‭ ‬لم‭ ‬يُمنح‭ ‬التقدير‭ ‬الكافي‭ ‬لجهوده‮»‬،‭ ‬وأشار‭ ‬‮«‬ريدل‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬يستحق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التقدير‭ ‬لرئاسته‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬ولدوره‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط»؛‭ ‬فإن‭ ‬إرث‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬سيكون‭ ‬مرتبطا‭ ‬بقبوله‭ ‬ودعمه‭ ‬لحرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬ارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وتطهير‭ ‬عرقي‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬وتقويض‭ ‬كبير‭ ‬للأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬الإقليمي‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬مما‭ ‬يعود‭ ‬بالضرر‭ ‬الكبير‭ ‬والمطلق‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا