يقول الأديب البريطاني العالمي الشهير شكسبير «إن جحر الأساس لتحقيق النجاح المتوازن هو الصدق وقوة الشخصية والنزاهة والإيمان والولاء لأعمالك»!
هي بالفعل تمتلك كل هذه المفاتيح، التي مهدت الطريق أمامها لتحقيق التميز الذي جاء ثمرة لمسيرة طويلة من الصبر والمثابرة والجهد المضاعف، وقد أتثبت تجربتها أن السبيل الوحيد للوصول إلى الإبداع هو الإرادة التي تنقل الانسان من مجرد ناجح إلى متميز، وأن المرأة حين تمتلك عدة مقومات أهمها الايمان بنفسها، والثقة بقدراتها، يمكنها أن تصل إلى القمة، وتصبح مختلفة عن الآخرين، ليبزغ نجمها في سماء الإنجاز والعطاء.
دكتورة سارة محمد الفيحاني، أستاذ مساعد في الاقتصاد بجامعة البحرين، نالت مؤخرا المركز الثاني في جائزة الشارقة لأفضل أطروحة دكتوراه في العلوم الإدارية والمالية بالوطن العربي، كما كانت أول بحرينية تنشر بحثا علميا في مجلة الأسواق المالية الدولية والمؤسسات والمال. مشوارها لم يكن سهلا، والتحديات كانت كثيرة، ولكن ما أعظم النجاحات التي تأتي بعد أشق العثرات، وما أجمل الانتصارات حين تجعل من صاحبها قدوة يحتذى به، وتصنع من مسيرته قصة ملهمة للآخرين تستحق التوقف عند أهم محطاتها، وهذا ما سوف نستعرضه تفصيلا عبر الحوار التالي:
حدثينا عن نشأتك؟
أذكر أنني كنت طفلة هادئة، جل تركيزها في الدراسة والتفوق فيها ومن ثم التميز والتفرد، لذلك كان احتلال المركز الأول في مدرستي هو هدفي طوال سنوات الدراسة، وقد حظيت بالمركز الثاني على مستوى البحرين في الثانوية العامة، أما طموحي المستقبلي فكان دراسة تخصص إدارة الأعمال في الولايات المتحدة الأمريكية، وأن أصبح سيدة أعمال، وفي المرحلة الجامعية قررت دراسة تخصص الاقتصاد الذي لم يكن متوافرا في البحرين حينئذ، فتوجهت إلى المملكة الأردنية الهاشمية للحصول على شهادة البكالوريوس وتحقيق ما كنت أطمح إليه علميا.
كيف كانت تجربة الغربة؟
من المعروف أن تجربة الغربة بشكل عام من أصعب التجارب التي تواجه أي طالب، وشخصيا واجهت خلالها الكثير من التحديات والصعوبات، وخاصة أنها كانت المرة الأولى التي سافرت فيها من دون أهلي، الأمر الذي أسهم في صقل وتشكيل شخصيتي، وتحقيقي للاستقلالية التامة في كل شيء يتعلق بي، وقد تخرجت بتميز ولله الحمد، حيث احتللت المركز الأول على دفعتي، وقد اندهش واستغرب الجميع من ذلك، وتساءل البعض كيف لطالبة خليجية أن تتفوق على باقي زملائها من مختلف الجنسيات، وكم كنت فخورة بتقديم نموذج مشرف ومشرق ومستنير لوطني في الخارج.
وبعد العودة؟
بعد تخرجي في الجامعة وعودتي إلى مملكة البحرين، بدأت في البحث عن وظيفة في أي مجال، حيث لم يكن لدي مانع من العمل في أي جهة، وقد التحقت بجامعة البحرين للعمل لديها كمساعد بحث وتدريس، وبالطبع كانت فرصة مواتية لاستكمال دراساتي العليا، وهو ما كنت أطمح إليه بشدة، وبالفعل حصلت على عرض لدراسة رسالة الماجستير عن اقتصاد الأعمال المالية والمصرفية وذلك في بريطانيا، ومن بعدها أعددت رسالة الدكتوراه التي مثلت أهم محطة في مشواري.
وما وجه أهمية هذه المحطة؟
أثناء الغربة ودراسة رسالة الدكتوراه واجهت تحديات كبيرة وعديدة وصعبة، ولكني ولله الحمد تجاوزتها بالدعاء وبالإرادة وبالإصرار، وخرجت منها أقوى من ذي قبل، بفضل الصبر والمثابرة والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، ولا شك أن النظام التعليمي هناك يختلف كثيرا عن الموجود في الوطن العربي، وهذا أضاف لي الكثير فيما بعد سواء على الصعيد العلمي أو العملي، فعلى سبيل المثال لا تعتمد الدراسة هناك على مجرد الامتحانات كما هو حادث عندنا، وإنما تركز في الأساس على الجانب العملي والبحثي بصورة كبيرة، وهو شيء استمتعت به كثيرا وأفادني في كل خطواتي اللاحقة.
ما موضوع الرسالة؟
لقد اخترت موضوعا مهما لبحثه في رسالتي، وكان عن شدة المنافسة بين المصارف في دول الخليج وقياس نسبتها، وتوصلت فيها إلى أن المصارف في دول المنطقة يوجد بينها منافسة محدودة، وما جاء في رسالة الدكتوراه كان استكمالا لما بدأته في رسالة الماجستير، وقد خلصت فيها ومن خلال النتائج البحثية إلى تأييد المنافسة المحدودة، واعتبارها من الأمور الإيجابية التي يتطلبها الاستقرار المالي لأي سوق، كما أوصيت فيها بعدة توصيات مهمة، وذلك فيما يتعلق بغياب القوانين والتشريعات الخاصة بتلك المنافسة في منطقتنا.
كيف جاء الحصول على جائزة الشارقة؟
من أهم الإنجازات عبر مشواري العملي والعلمي كانت خطوة التقدم للمشاركة في جائزة الشارقة لأطروحات الدكتوراه في العلوم المالية والإدارية في الوطن العربي، وقد كان هناك عدد من الشروط التي يجب توافرها لأي مترشح لهذه الجائزة، منها أن تكون الرسالة قد تم إعدادها في عام 2020 فما بعد، فضلا عن شرط نشر بحث علمي لأي مرشح في مجلة علمية عالمية ذات تقييم عال، وهو ما انطبق على تجربتي، حيث كنت قد نشرت بحثا مهما لي في مجلة الأسواق المالية الدولية والمؤسسات والمال.
وماذا كان موضوع البحث؟
لقد كنت أول بحرينية تنشر بحثا في هذا النوع من المجلات العلمية العالمية، والتي تضع شروطا محددة لإمكانية النشر بها، وكان موضوعه عن السوق المصرفية في دول الخليج العربي، كما مررت بإجراءات واختبارات متعددة حتى أصبحت من الخمسة المترشحين للنهائيات، وكان إنجازا مهما ولله الحمد، وكانت المفاجأة الجميلة هو إبلاغي بأنني حظيت بالمركز الثاني في جائزة الشارقة لأطروحات الدكتوراه في العلوم المالية والإدارية في الوطن العربي.
كيف تم قبول نشر بحثك في تلك المجلة؟
هناك عدة شروط تضعها مثل هذه المجلات العلمية العالمية حتى يتم نشر أي بحث بها، وهي تصنف بعدد من النجوم، أعلاها أربعة نجوم، وقد جرت العادة على تفضيلها نشر البحوث التي يتم إجراؤها في دول العالم المتقدم، ولكن نظرا إلى تميز بحثي الذي تناول قضية السوق المصرفية في دول الخليج العربية، وندرة البحوث في هذا المجال المهم، تم قبول نشره بكل ترحاب، وبالطبع كان إنجازا كبيرا كأول بحرينية تحقق ذلك.
أهم الإنجازات عبر مشوارك؟
يمكن القول بأن الحصول على هذه الرسالة المهمة رغم التحديات التي واجهتني يعتبر أهم إنجاز بالنسبة لي من بين الإنجازات الأخرى، الأمر الذي يشعرني بالكثير من الفخر والاعتزاز، وقد جاء حصولي على المركز الثاني في جائزة الشارقة لأفضل أطروحة دكتوراه في الوطن العربي بسبب تطرقي في الرسالة إلى قضية مهمة ألا وهي غياب قوانين المنافسة البنكية بين المصارف في دول الخليج، رغم توافرها في دول العالم، وهو ما كان وراء تقدير وإعجاب المحكمين، ولقد أوصيت في رسالتي بضرورة ادراج قوانين المنافسة في اللوائح المصرفية بدول المنطقة، والأخذ بها عند تقييم عمليات الاندماج والاستحواذ.
أهم درس علمتك إياه الحياة؟
الحياة مليئة بالدروس والعبر من حولنا، وفي كل يوم نتعلم أشياء جديدة، ولعل أهم ما تعلمته خلال تجربتي الشخصية بشكل عام أنه ليس هناك أهم من صحة الانسان في هذه الدنيا، وبأنه لا يجب اتخاذ أي قرار أو خيار قد يؤثر عليها بالسلب، فضلا عن التزامي بمبدأ مهم وهو أن أقارن نفسي بنفسي عند تقييمي لذاتي وليس بالآخرين، فكل شخص له طبيعته وظروفه الخاصة، ولا يمكن نسيان أو تجاهل ذلك.
هل لديك أحلام ضاعت وسط زحمة الحياة؟
نعم، لقد حلمت كثيرا ومنذ صغري أن أصبح سيدة أعمال في المستقبل وأن يأتي اليوم الذي أجد نفسي فيه صاحبة مشروع خاص، ومع ذلك أجد نفسي على يقين بأنه ليس هناك مستحيل في الحياة، وبالإمكان تحقيق أي حلم إذا ما توافرت الإرادة، وبصفة عامة أنا أرى المرأة البحرينية قوية، وقادرة على تحمل عدة مسؤوليات في آن واحد، وعلى النجاح، ولعل أهم مصدر أستمد منه قوتي على المستوى الشخصي هو الدعاء لله سبحانه وتعالى، خاصة في الأوقات الصعبة والمؤلمة وكذلك أثناء لحظات الضعف، وقد اعتدت أن أذكر نفسي دائما في مثل هذه الظروف بأنني أفضل من غيري وأحمد الخالق على ذلك.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك