يوم 3 مايو من عام 2018 م، ولدت الطفلة الجميلة «هند رجب» في حي «تل الهوى» بمدينة غزة في قطاع غزة، الركن الجنوبي لوطننا فلسطين، لم تكن الطفلة الصغيرة «هند رجب» تحلم بأكثر من لعبة تتلهى بها في بيتها الدافئ وبمدرسة تذهب إليها صباحا وفصل دراسي تتعلم فيه العلوم الأساسية.
هاجم جيش الاحتلال العنصري الفاشي النازي مدينة غزة وصب جام حقده على حي «تل الهوى»، عم الطفلة «هند رجب» حاول الفرار من جحيم القذائف بسيارته حاملا أطفاله و«هند» في يوم 29 يناير 2024م، ولكنه فوجئ بأنه محاصر بالجنود والدبابات التي أمطرته بوابل من قذائفها وعاجله الجنود برصاص حقدهم!
الطفلة «ليان بشار حمادة» ابنة عم «هند رجب حمادة» في آخر كلماتها وهي تتواصل مع خدمات الإسعاف الفلسطينية كانت تقول «عمو قاعدين يطخوا علينا، الدبابة جنبنا، إحنا بالسيارة والدبابة جنبنا» وفجأة تصرخ وينقطع الاتصال معها، وتبقى «هند» التي كان عمها الآخر يتواصل معها عبر الهاتف النقال ويطمئنها أن سيارة الإسعاف في الطريق إليها لإنقاذها!
بالفعل كان اثنان من مسعفي الهلال الأحمر الفلسطيني يتجهان بسيارتهما لإنقاذ «هند رجب» بعد تحديد مكانها، وعم الطفلة «هند» «سميح حمادة» يطالبها ويحثها على الصبر والتماسك فالمسعفون في طريقهم لإنقاذها، انقطع الاتصال مع «هند» ومع المسعفين، وحينما تم الوصول بعد 12 يوماً في يوم 10 فبراير 2024م إلى مكان الطفلة «هند»، وجدت هي وعمها «بشار حمادة» وزوجته وأطفاله «محمد» 11 عاما و«رغد» 13 عاما و «ليان» 14 عاما مستشهدين، وكذلك المسعفان الاثنان «يوسف زينو» و«أحمد المدهون»!
هزت حادثة الطفلة الشهيدة «هند رجب» الضمير العالمي، فقد تحملت هذه الطفلة الصغيرة ما لا يتحمله بشر وهي تنتظر أن يأتي أحد لإنقاذها وهي محاصرة بجثث أقاربها ومنهم أطفال من عمرها، ونتيجة لهذا الحدث المأساوي لكل ذي ضمير حي تشكلت في الأول من ديسمبر 2024م «مؤسسة هند رجب» من قبل ناشطين فلسطينيين في بروكسل ببلجيكا وهي إحدى منظمات حقوق الإنسان، وهي من المنظمات المناهضة لدولة الكيان الغاصب والرافضة للمذابح الصهيونية والإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي تمارسه بحق الفلسطينيين.
ويوم الأحد 5 يناير 2025 م وبعد شهر وعدة أيام من بدء عملها، رفعت المؤسسة قضية اعتقال بحق جندي صهيوني أتى مع أصدقائه للبرازيل وقد تم تهريبه قبل اعتقاله، وتم تقديم 50 شكوى قضائية في 10 دول منها تشيلي وتايلاند ضد ضباط وجنود وثقت جرائمهم بمقاطع فيديو صوروها هم بأنفسهم وهم يقومون بتفجير منازل الفلسطينيين في قطاع غزة.
الأبطال الذين أسسوا هذه المؤسسة وأطلقوها أداة لمطاردة المجرمين من هذا الجيش النازي الفاشي العنصري أعلنوها صريحة «نحن نكرس أنفسنا لكسر حلقة الإفلات الإسرائيلي من العقاب، وتكريم ذكرى» هند رجب «وكل من لقوا حتفهم في الإبادة الجماعية في غزة، نحن مدفوعون بالتزام عميق بالعدالة والسعي لمحاسبة الجناة وضمان عدم ضياع قصص الضحايا في التاريخ».
ونحن أمام هذا الفعل الإنساني النبيل الذي أقسم على مطاردة المجرمين الصهاينة في كل مكان في هذا العالم وأمام دول ستطارد مجرمي حرب الإبادة لو وطأت أقدامهم أراضيها ، يخرج علينا الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي في البيت الأبيض « جون كيربي » لينفي نفيا مطلقا أن يكون الجيش الصهيوني الفاشي النازي المجرم قد ارتكب جرائم حرب في قطاع غزة طيلة 470 يوما، فتأبى هذه الإدارة الأمريكية الديمقراطية وهي تغادر البيت الأبيض بعد أيام إلا أن تقدم المزيد والمزيد من الهدايا والعطايا لدولة الاحتلال والعدوان والأبارثهايد والإبادة الجماعية والتطهير العرقي.
والقادم للبيت الأبيض الرئيس المنتخب «دونالد ترامب» يتحفنا منذ إعادة انتخابه وقبل تنصيبه الرسمي يوم 20 يناير 2025م بتصريحات متهورة لا تليق برئيس أعظم وأقوى دولة في العالم، فهو يصرح بأن إن لم تتم إعادة المحتجزين الصهاينة لدى المقاومة الفلسطينية قبل يوم تنصيبه رئيسا، فإنه سيفتح أبواب الجحيم، وسيدفع الشرق الأوسط الثمن وستتحول غزة إلى جحيم!
وفي إحدى تجليات الرئيس «دونالد ترامب» يقول: «التداعيات ستكون خطيرة جدا إذا لم يتم إطلاق من سماهم (المختطفين) في غزة»، ونحن نقول له ماذا تبقى في جعبتكم ايها الرئيس لتحاربونا به؟ فنحن نعلم أن بلادكم «أمريكا» هي في حرب مباشرة معنا نحن الفلسطينيين، فأنتم من يدير الحرب منذ البداية من داخل غرفة العمليات المركزية وأطفالنا ونساؤنا وشيوخنا وشبابنا يستشهدون بفعل مقاتلاتكم الحربية التي تمطرهم بقنابلكم الثقيلة الحارقة منذ 470 يوما بلا توقف وبفعل عتادكم الحربي الجهنمي، ونموت بفعل دبلوماسيتكم التي تمنع وقف الحرب لا بل تطيلها بفضل حق النقض في مجلس الأمن الذي تمارسوه لكي لا تقف الحرب، وبفعل إعطائكم الموافقة على حرماننا من الطعام والغذاء والماء وحق العلاج.
الشعب العربي الفلسطيني يقول لك أيها الرئيس القادم للبيت الأبيض، إن الاحتلال إلى زوال مهما طال الزمن ولن يفيدكم انحيازكم للظلم ولن تتمكنوا أنتم الاستعمار الحديث والاستعمار القديم من كسر أرواحنا الإنسانية الجميلة الوثابة، ولن تتمكنوا من محو هويتنا، وجذورنا لا تجتث وهي ممتدة عميقا في أرض الأجداد وإرادتنا الصلبة ستقهر ظلمكم.
{ كاتب فلسطيني مقيم
في مملكة البحرين
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك