العدد : ١٧٠٩٦ - الأحد ١٢ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٢ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٩٦ - الأحد ١٢ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٢ رجب ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

هل يتحرر لبنان أخيرا؟

هل‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬لبنان‭ ‬أن‭ ‬ينتظر‭ ‬عامين‭ ‬وشهرين‭ ‬ويظل‭ ‬مكبلا‭ ‬عاجزا‭ ‬عن‭ ‬انتخاب‭ ‬رئيس‭ ‬وبلا‭ ‬حكومة؟‭.‬

هل‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬لبنان‭ ‬أن‭ ‬ينتظر‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬العقود‭ ‬ويظل‭ ‬رهينة‭ ‬بالمعنى‭ ‬الحرفي‭ ‬للكلمة‭ ‬بيد‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬وإيران؟

هل‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬لبنان‭ ‬أن‭ ‬يدفع‭ ‬هذا‭ ‬الثمن‭ ‬الفادح‭ ‬الذي‭ ‬دفعه‭ ‬من‭ ‬دماء‭ ‬أبنائه‭ ‬ومن‭ ‬خراب‭ ‬ودمار‭ ‬واسع‭ ‬النطاق‭ ‬ومن‭ ‬عزلة‭ ‬عربية‭ ‬ودولية‭ ‬كي‭ ‬يبدأ‭ ‬التحرر‭ ‬من‭ ‬الهيمنة‭ ‬الإيرانية؟

أخيرا‭ ‬أصبح‭ ‬للبنان‭ ‬رئيس‭ ‬جديد‭. ‬من‭ ‬المفهوم‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬أنها‭ ‬دستورية‭ ‬عادية‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تتحقق‭ ‬لولا‭ ‬انحسار‭ ‬النفوذ‭ ‬الإيراني‭ ‬ونفوذ‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬الذي‭ ‬فرض‭ ‬الهيمنة‭ ‬الطائفية‭ ‬على‭ ‬لبنان‭ ‬واحتجز‭ ‬كل‭ ‬مقدراته‭ ‬رهينة‭.‬

أهم‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الرئيس‭ ‬اللبناني‭ ‬الجديد‭ ‬جوزيف‭ ‬عون‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬تنصيبه‭ ‬رئيسا‭ ‬أمران‭:‬

الأول‭: ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬سيعمل‭ ‬على‭ ‬تأكيد‭ ‬حق‭ ‬الدولة‭ ‬اللبنانية‭ ‬في‭ ‬احتكار‭ ‬حمل‭ ‬السلاح‭.‬

والثاني‭: ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬لنراهن‭ ‬على‭ ‬استثمار‭ ‬لبنان‭ ‬في‭ ‬علاقاتنا‭ ‬الخارجية‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬نراهن‭ ‬على‭ ‬الخارج‭ ‬للاستقواء‭ ‬على‭ ‬بعضنا‭ ‬البعض‮»‬‭.‬

المعنى‭ ‬الذي‭ ‬يقصده‭ ‬الرئيس‭ ‬اللبناني‭ ‬الجديد‭ ‬واضح‭ ‬للجميع‭ ‬داخل‭ ‬لبنان‭ ‬وخارجه‭. ‬المعنى‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬أمل‭ ‬للبنان‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تستعد‭ ‬الدولة‭ ‬هيبتها‭ ‬ومكانتها،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يسلِّم‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬وكل‭ ‬القوى‭ ‬الأخرى‭ ‬سلاحها‭ ‬إلى‭ ‬الدولة‭ ‬وتصبح‭ ‬قوى‭ ‬سياسية‭ ‬عادية‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬القانون‭.‬

المعنى‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مقبولا‭ ‬أن‭ ‬تستخدم‭ ‬أي‭ ‬قوة‭ ‬علاقاتها‭ ‬الخارجية‭ ‬بإيران‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬لفرض‭ ‬إرادتها‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬وكل‭ ‬القوى‭ ‬الأخرى‭ ‬وتستقوي‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬كله‭.‬

على‭ ‬امتداد‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لبنان‭ ‬دولة‭ ‬مستقلة‭ ‬ذات‭ ‬سيادة‭ ‬بالمعنى‭ ‬المفهوم‭. ‬كانت‭ ‬الدولة‭ ‬اللبنانية‭ ‬ومعها‭ ‬المجتمع‭ ‬اللبناني‭ ‬كله‭ ‬خاضعين‭ ‬لسطوة‭ ‬وحكم‭ ‬دويلة‭ ‬داخل‭ ‬الدولة‭. ‬هذه‭ ‬‮«‬الدويلة‮»‬‭ ‬فرضت‭ ‬سطوتها‭ ‬بقوة‭ ‬السلاح‭ ‬والترهيب‭. ‬ولم‭ ‬تفعل‭ ‬هذا‭ ‬لأي‭ ‬مصلحة‭ ‬لبنانية‭ ‬وإنما‭ ‬لمصلحة‭ ‬إيران‭ ‬فقط‭. ‬وكان‭ ‬قادتها‭ ‬يقولون‭ ‬هذا‭ ‬علنا‭.‬

اليوم‭ ‬يقول‭ ‬الرئيس‭ ‬اللبناني‭ ‬الجديد‭ ‬ومعه‭ ‬اللبنانيون‭ ‬إننا‭ ‬ندخل‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬لبنان‭. ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬عنوانها‭ ‬الاستقلال‭ ‬والسيادة‭ ‬واستعادة‭ ‬الدولة‭ ‬لمكانتها‭ ‬وهيبتها‭.‬

بعبارة‭ ‬أدق‭ ‬لبنان‭ ‬اليوم‭ ‬يتطلع‭ ‬إلى‭ ‬التحرر‭ ‬من‭ ‬الهيمنة‭ ‬الإيرانية‭ ‬الطائفية‭.‬

كي‭ ‬يتحرر‭ ‬لبنان‭ ‬فعلا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أمرين‭ ‬أساسيين‭:‬

الأول‭: ‬ما‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬الرئيس‭ ‬اللبناني‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تحتكر‭ ‬الدولة‭ ‬وحدها‭ ‬السلاح‭ ‬واستخدامه،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يحتم‭ ‬أن‭ ‬تسلِّم‭ ‬جميع‭ ‬القوى‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬كل‭ ‬سلاحها‭ ‬للدولة‭.‬

والثاني‭: ‬أن‭ ‬ينتهي‭ ‬نظام‭ ‬المحاصصة‭ ‬الطائفية‭. ‬هذه‭ ‬المحاصصة‭ ‬هي‭ ‬أصل‭ ‬كل‭ ‬البلاء‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬وفي‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬تحل‭ ‬فيه‭. ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬وراء‭ ‬ضعف‭ ‬الدولة‭ ‬ووراء‭ ‬التدخلات‭ ‬الأجنبية‭.. ‬إلخ‭.‬

هذه‭ ‬مهمة‭ ‬صعبة‭ ‬للغاية‭ ‬لسبب‭ ‬بسيط‭ ‬أن‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬الطائفية‭ ‬الفاسدة‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬لن‭ ‬تسلم‭ ‬بسهولة‭ ‬وسوف‭ ‬تفعل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬مكانتها‭ ‬ومكاسبها‭ ‬وستقاوم‭ ‬أي‭ ‬تغيير‭ ‬جدي‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬عوامل‭ ‬كثيرة‭ ‬تعتبر‭ ‬مواتية‭ ‬كي‭ ‬ينفذ‭ ‬الرئيس‭ ‬الجديد‭ ‬وعوده‭ ‬وكي‭ ‬يبدأ‭ ‬لبنان‭ ‬طريق‭ ‬التحرر‭ ‬واستعادة‭ ‬الدولة‭.‬

في‭ ‬مقدمة‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الجديد‭ ‬لا‭ ‬ينتمي‭ ‬إلى‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬الطائفية‭ ‬الفاسدة،‭ ‬وأكبر‭ ‬إنجازاته‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬حفاظه‭ ‬على‭ ‬مؤسسة‭ ‬الجيش‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الصراعات‭ ‬الطائفية‭. ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬يحظى‭ ‬بدعم‭ ‬عربي‭ ‬ودولي‭ ‬قوي‭.‬

ومن‭ ‬أهم‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬أن‭ ‬الشعب‭ ‬اللبناني‭ ‬سيقف‭ ‬حتما‭ ‬بقوة‭ ‬وراء‭ ‬مشروع‭ ‬تحرر‭ ‬لبنان‭ ‬وإنهاء‭ ‬الطائفية‭ ‬واستعادة‭ ‬قوة‭ ‬الدولة‭ ‬ووضع‭ ‬حد‭ ‬نهائي‭ ‬للوصاية‭ ‬الإيرانية‭. ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬عبَّر‭ ‬الشعب‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬انتفاضاته‭ ‬السابقة‭ ‬ودفع‭ ‬ثمنا‭ ‬فادحا‭ ‬جدا‭ ‬نتيجة‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن‭ ‬ولسان‭ ‬حاله‭ ‬اليوم‭ ‬بكل‭ ‬طوائفه‭ ‬يقول‭ ‬إنه‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬لهذا‭ ‬الوضع‭ ‬أن‭ ‬ينتهي‭.‬

ثم‭ ‬إن‭ ‬الظروف‭ ‬العربية‭ ‬والعالمية‭ ‬العامة‭ ‬مواتية‭ ‬ليبدأ‭ ‬لبنان‭ ‬فعلا‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬الجديدة‭ ‬وسيكون‭ ‬لها‭ ‬حتما‭ ‬تأثير‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭.‬

عموما‭ ‬لبنان‭ ‬أمام‭ ‬فرصة‭ ‬تاريخية‭ ‬للتحرر‭ ‬والاستقلال‭ ‬الفعلي‭ ‬والنهوض‭ ‬من‭ ‬جديد‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا