العدد : ١٧٠٨٩ - الأحد ٠٥ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٥ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٩ - الأحد ٠٥ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٥ رجب ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

إلى أين يتجه مستقبل النظام الإقليمي العربي؟

بقلم: د. عبد المنعم سعيد

الجمعة ٠٣ يناير ٢٠٢٥ - 02:00

تحت‭ ‬مظلة‭ ‬مكتبة‭ ‬الإسكندرية‭ ‬انعقدت‭ ‬مؤخرا‭ ‬ندوة‭ ‬‮«‬مستقبل‭ ‬النظام‭ ‬العربي‮»‬‭ ‬في‭ ‬توقيت‭ ‬يبدو‭ ‬فيه‭ ‬‮«‬النظام‮»‬‭ ‬مارًّا‭ ‬بلحظة‭ ‬تاريخية‭ ‬حرجة،‭ ‬سقط‭ ‬فيها‭ ‬آلاف‭ ‬الضحايا،‭ ‬وكان‭ ‬التدمير‭ ‬فيها‭ ‬مماثلًا‭ ‬لما‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬حروب‭ ‬عالمية‭. ‬نقطة‭ ‬الصفر‭ ‬التي‭ ‬بدأ‭ ‬عندها‭ ‬تاريخ‭ ‬المرحلة‭ ‬كانت‭ ‬هجمة‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬على‭ ‬غلاف‭ ‬غزة،‭ ‬سقط‭ ‬فيها‭ ‬1200‭ ‬ضحية‭ ‬إسرائيلي،‭ ‬ومعها‭ ‬جرى‭ ‬خطف‭ ‬245‭ ‬إسرائيليًّا‭ ‬واعتقالهم‭ ‬داخل‭ ‬أنفاق‭ ‬غزة‭.‬

ذلك‭ ‬العمل‭ ‬كان‭ ‬معبرًا‭ ‬عن‭ ‬تاريخ‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي؛‭ ‬وما‭ ‬جرى‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بات‭ ‬معروفًا‭ ‬بأعداد‭ ‬من‭ ‬الشهداء‭ ‬بلغوا‭ ‬45‭ ‬ألفًا،‭ ‬70%‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال،‭ ‬مع‭ ‬التدمير‭ ‬الكامل‭ ‬لقطاع‭ ‬غزة‭ ‬لا‭ ‬يُستثنى‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بيت‭ ‬ولا‭ ‬مستشفى‭ ‬ولا‭ ‬مدرسة،‭ ‬وحتى‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬الأونروا‮»‬‭ ‬للإغاثة‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬جرى‭ ‬التخلص‭ ‬منها‭. ‬

إن‭ ‬المجزرة‭ ‬أصبحت‭ ‬حربًا‭ ‬إقليمية،‭ ‬دخل‭ ‬فيها‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‭ ‬والحشد‭ ‬الشعبي‭ ‬العراقي‭ ‬وفصائل‭ ‬مماثلة‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬مضافًا‭ ‬لهم‭ ‬الحوثيون‭ ‬في‭ ‬اليمن‭.‬

بات‭ ‬الإقليم‭ ‬مشتعلًا‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬15‭ ‬شهرًا،‭ ‬وبات‭ ‬على‭ ‬حافة‭ ‬حرب‭ ‬إقليمية‭ ‬تجرى‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬وتوابعها‭ ‬الإقليمية‭ ‬وإسرائيل‭ ‬ومسانديها‭ ‬الدوليين‭ ‬الذين‭ ‬تسارعوا‭ ‬إلى‭ ‬مدها‭ ‬بالمال‭ ‬والسلاح،‭ ‬وإرسال‭ ‬الرسائل‭ ‬إلى‭ ‬طهران‭ ‬أن‭ ‬مصيرها‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬المصير‭ ‬الذي‭ ‬حل‭ ‬بالمليشيات‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان‭ ‬وسوريا‭ ‬واليمن‭ ‬وفلسطين‭. ‬كانت‭ ‬سوريا‭ ‬هي‭ ‬الحلقة‭ ‬الأخيرة‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬ينتهي‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬حالة‭ ‬الأزمة‭ ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬محاطًا‭ ‬بقوى‭ ‬المحيط‭ ‬الإقليمي‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬وتركيا‭ ‬وإسرائيل‭. ‬القوى‭ ‬الثلاث‭ ‬مضافًا‭ ‬إليها‭ ‬إثيوبيا،‭ ‬استغلت‭ ‬‮«‬الربيع‭ ‬العربي‮»‬‭ ‬لكي‭ ‬تدفع‭ ‬بمشروعها‭ ‬الخاص‭ ‬لإعادة‭ ‬ترتيب‭ ‬المنطقة‭ ‬وفق‭ ‬مصالحها‭.‬

الندوة‭ ‬كان‭ ‬طبيعيًّا‭ ‬وهي‭ ‬منعقدة‭ ‬في‭ ‬مكتبة‭ ‬الإسكندرية‭ ‬وفى‭ ‬مبناها‭ ‬الأنيق‭ ‬بالقرية‭ ‬الذكية‭ ‬في‭ ‬مدخل‭ ‬القاهرة‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬حزمة‭ ‬من‭ ‬الأكاديميين‭ ‬والدارسين‭ ‬وأصحاب‭ ‬الخبرة‭ ‬من‭ ‬ساسة‭ ‬ودبلوماسيين‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الموضوع‭ ‬المعبر‭ ‬عن‭ ‬التراجيديا‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬

لقد‭ ‬ثبت‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الإقليم‭ ‬العربي‮»‬‭ ‬لا‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وإقليمها‭ ‬بقدر‭ ‬تفاعلاتها‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬الجغرافي‭ ‬التي‭ ‬عندما‭ ‬تضاف‭ ‬يصير‭ ‬الأمر‭ ‬إقليمًا‭ ‬لا‭ ‬يحتكره‭ ‬العرب‭ ‬وحدهم‭. ‬الأكاديميون‭ ‬لا‭ ‬يبدأون‭ ‬التداول‭ ‬حول‭ ‬الأمور‭ ‬التاريخية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬بداية‭ ‬تحديد‭ ‬المفاهيم‭ ‬وتعريفها‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬تعريف‭ ‬النظام‭ ‬الذي‭ ‬يصير‭ ‬تواتر‭ ‬أنماط‭ ‬من‭ ‬السلوك‭ ‬والتفاعلات‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬منتظمة؛‭ ‬وبعد‭ ‬إضافة‭ ‬الإقليمي‭ ‬فإنه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬نطاق‭ ‬جغرافي‭ ‬تتفاعل‭ ‬فيه‭ ‬دول‭ ‬غير‭ ‬عربية‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬العربية‭. ‬وعندما‭ ‬تصل‭ ‬الحالة‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬المزدحمة‭ ‬بالصراع‭ ‬والمنافسة‭ ‬والحرب‭ ‬وما‭ ‬يتبعه‭ ‬من‭ ‬مساعي‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬يصل‭ ‬الجميع‭ ‬إلى‭ ‬السلام‭ ‬والأمن‭ ‬الإقليمي‭.‬

ومن‭ ‬باب‭ ‬العلم‭ ‬فإن‭ ‬الفكرة‭ ‬الإقليمية‭ ‬قديمة‭ ‬فقد‭ ‬وردت‭ ‬في‭ ‬ميثاق‭ ‬عصبة‭ ‬الأمم،‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬بحيث‭ ‬تناشد‭ ‬الدول‭ ‬الإقليمية‭ ‬كلًّا‭ ‬فيما‭ ‬يخصه‭ ‬بالسعي‭ ‬نحو‭ ‬حل‭ ‬قضايا‭ ‬الحرب‭ ‬والسلام‭. ‬والإقليمية‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬وظيفة‭ ‬شاملة‭ ‬لأشكال‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬التعاون،‭ ‬ويُعد‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬مثالًا‭ ‬بدأ‭ ‬من‭ ‬اتحاد‭ ‬للحديد‭ ‬والصلب‭ ‬والسوق‭ ‬المشتركة‭ ‬حتى‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬27‭ ‬دولة‭. ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬بمثل‭ ‬هذا‭ ‬الشمول‭ ‬وتكون‭ ‬جزئية‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تتراضى‭ ‬مصالح‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬مثل‭ ‬دول‭ ‬‮«‬البينيلوكس‮»‬‭ ‬‭ ‬بلجيكا‭ ‬وهولندا‭ ‬ولوكسمبورج‭ ‬‭ ‬أو‭ ‬الدول‭ ‬الاسكندنافية‭. ‬ومن‭ ‬الجائز‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الإقليمية‭ ‬معبرة‭ ‬عن‭ ‬تلاقى‭ ‬مصالح‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬مصلحة‭ ‬مشتركة‭ ‬مثل‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬وهو‭ ‬الوظيفة‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬الأوبك‮»‬‭.‬

ساحة‭ ‬‮«‬الإقليمية‮»‬‭ ‬إذن‭ ‬واسعة،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬تقع‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الدولة‭ ‬الوطنية‭ ‬ذات‭ ‬السيادة،‭ ‬والنظام‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬تهيمن‭ ‬عليه‭ ‬القوى‭ ‬القائدة‭ ‬عسكريًا‭ ‬واقتصاديًا‭.‬

ان‭ ‬التنظيم‭ ‬المعبر‭ ‬عن‭ ‬الإقليم‭ ‬العربي‭ ‬هو‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬حاولت‭ ‬عبر‭ ‬تاريخها‭ ‬الطويل‭ ‬أن‭ ‬تأخذ‭ ‬بعضًا‭ ‬من‭ ‬مسار‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬الواقع‭ ‬دائمًا‭ ‬يجعلها‭ ‬تتأرجح‭ ‬بين‭ ‬الصراعات‭ ‬الأهلية‭ ‬الداخلية،‭ ‬والصراعات‭ ‬الإقليمية‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬عربية،‭ ‬والصراعات‭ ‬الإقليمية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬الجغرافي‭ ‬إيران‭ ‬وتركيا‭ ‬وإسرائيل،‭ ‬والصراعات‭ ‬الدولية‭ ‬عندما‭ ‬تتدخل‭ ‬دول‭ ‬خارجية‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬دول‭ ‬عربية‭.‬

ان‭ ‬الحالة‭ ‬الراهنة‭ ‬للإقليم‭ ‬العربي‭ ‬تتوفر‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭ ‬مجتمعة‭. ‬المشهد‭ ‬العربي‭ ‬يشهد‭ ‬الحروب‭ ‬الأهلية‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬واليمن‭ ‬وليبيا‭ ‬وسوريا‭ ‬وفلسطين؛‭ ‬كما‭ ‬شهد‭ ‬حربًا‭ ‬إقليمية‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬والفلسطينيين‭ ‬ودول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى؛‭ ‬وكذلك‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الإقليمية‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬وإسرائيل‭ ‬عبر‭ ‬سماوات‭ ‬عربية،‭ ‬وكلاهما‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬السورية‭ ‬واللبنانية‭. ‬التدخل‭ ‬الأجنبي‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬الإقليم‭ ‬جاء‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عندما‭ ‬قامت‭ ‬بنشر‭ ‬قواتها‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬البحار‭ ‬المحيطة‭ ‬بالإقليم‭ ‬العربي؛‭ ‬وعندما‭ ‬أرسلت‭ ‬قوات‭ ‬مباشرة‭ ‬لمساندة‭ ‬حرب‭ ‬المدن‭ ‬التي‭ ‬خاضتها‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬أنفاق‭ ‬غزة،‭ ‬وعندما‭ ‬أرسلت‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬دفاعًا‭ ‬جويًا‭ ‬حديثًا‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الدفاعي‭ ‬الصاروخي‭ ‬‮«‬ثاد‮»‬‭ ‬لمقاومة‭ ‬الصواريخ‭ ‬البالستية‭ ‬الإيرانية‭.‬

تجربة‭ ‬‮«‬النظام‭ ‬الإقليمي‭ ‬العربي‮»‬‭ ‬مع‭ ‬الحرب‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬جارية،‭ ‬وتحديد‭ ‬مستقبل‭ ‬النظام‭ ‬سوف‭ ‬يكون‭ ‬قصة‭ ‬عام‭ ‬2025‭. ‬حرب‭ ‬غزة‭ ‬الخامسة‭ ‬أخذت‭ ‬مسارًا‭ ‬منذ‭ ‬بدايتها‭ ‬يتجاوز‭ ‬إطلاق‭ ‬صواريخ‭ ‬غزة‭ ‬وإنما‭ ‬انتقلت‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل؛‭ ‬وتجاوزت‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬الإقليم‭ ‬الشرق‭ ‬أوسطي‭ ‬الذي‭ ‬جرى‭ ‬انقسامه‭ ‬إلى‭ ‬معسكرين‭: ‬أولهما‭ ‬محور‭ ‬‮«‬المقاومة‭ ‬والممانعة»؛‭ ‬وثانيهما‭ ‬محور‭ ‬الأمن‭ ‬والتنمية‭ ‬ويشمل‭ ‬دولًا‭ ‬عربية‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬الإصلاح‭ ‬الشامل‭ ‬وتأمين‭ ‬الدولة‭ ‬الوطنية‭ ‬وتجديد‭ ‬الخطاب‭ ‬الديني‭ ‬وتسعى‭ ‬بقوة‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬الإقليمي‭ ‬والسلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬

إن‭ ‬جهود‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬هي‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬مع‭ ‬إتاحة‭ ‬الفرصة‭ ‬لإقامة‭ ‬سلام‭ ‬عربي‭ ‬وفلسطيني‭ ‬عادل‭ ‬يعطي‭ ‬الفرصة‭ ‬لحل‭ ‬الدولتين‭. ‬ما‭ ‬بين‭ ‬المعسكرين‭ ‬توجد‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬منشغلة‭ ‬بنتائج‭ ‬‮«‬الربيع‭ ‬العربي‮»‬‭ ‬مثل‭ ‬ليبيا‭ ‬والسودان‭ ‬واليمن‭ ‬وسوريا؛‭ ‬ودول‭ ‬اكتفت‭ ‬بمناصرة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬الدولية‭. ‬

إن‭ ‬مستقبل‭ ‬النظام‭ ‬العربي‭ ‬سوف‭ ‬يتوقف‭ ‬على‭ ‬التفاعل‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬المعسكرين‭ ‬وما‭ ‬انتهت‭ ‬إليه‭ ‬الجولات‭ ‬السابقة‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬من‭ ‬خوار‭ ‬أصاب‭ ‬الجانب‭ ‬الأول،‭ ‬ومراجعة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الدولة‭ ‬القائدة‭ ‬‮«‬إيران‮»‬‭ ‬تجعلها‭ ‬ساعية‭ ‬إلى‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬نفسها‭ ‬مع‭ ‬الاقتراب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭. ‬الجانب‭ ‬الثاني‭ ‬سوف‭ ‬يتقرر‭ ‬مصيره‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬حيث‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬قوة‭ ‬الاندفاع‭ ‬الجارية‭ ‬لديه‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬الإصلاح‭ ‬بينما‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬إقامة‭ ‬الجسور‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬الإقليمي‭. ‬الفرصة‭ ‬تبدو‭ ‬إيجابية‭ ‬لأن‭ ‬النظام‭ ‬الإقليمي‭ ‬العربي‭ ‬نجح‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬انطلاقة‭ ‬من‭ ‬التهدئة‭ ‬والتواصل‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬وتركيا‭ ‬استنادًا‭ ‬إلى‭ ‬إعلان‭ ‬قمة‭ ‬العلا‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬4‭ ‬يناير‭ ‬2021‭.‬

إن‭ ‬العقدة‭ ‬الكبرى‭ ‬للنظام‭ ‬الإقليمي‭ ‬العربي‭ ‬سوف‭ ‬تظل‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬التي‭ ‬أصابتها‭ ‬نشوة‭ ‬كبيرة‭ ‬نتيجة‭ ‬حروبها‭ ‬ضد‭ ‬حماس‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭ ‬وكتائب‭ ‬الحشد‭ ‬الشعبي‭ ‬والحوثيين،‭ ‬وما‭ ‬نجم‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬اقتحام‭ ‬قواعد‭ ‬الجيش‭ ‬السوري‭ ‬وتدميرها‭ ‬تدميرًا‭ ‬شاملًا‭ ‬لكل‭ ‬أشكال‭ ‬قدراتها‭ ‬العسكرية‭. ‬ما‭ ‬سوف‭ ‬يأتي‭ ‬سيتوقف‭ ‬على‭ ‬قدرة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الإصلاحية‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬الصراعات‭ ‬الإقليمية‭ ‬دون‭ ‬توترات‭ ‬فيما‭ ‬بينها؛‭ ‬أما‭ ‬إدارة‭ ‬الصراع‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬فإنها‭ ‬سوف‭ ‬يكون‭ ‬فيها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الإبداع‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الذي‭ ‬يقنع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بالحاجة‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬دولة‭ ‬لا‭ ‬تنفصل‭ ‬فيها‭ ‬السلطة‭ ‬عن‭ ‬السلاح،‭ ‬وإقناع‭ ‬إسرائيل‭ ‬بأنها‭ ‬أمام‭ ‬اختيار‭ ‬تاريخي‭ ‬بين‭ ‬تسوية‭ ‬عادلة‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬المرجح‭ ‬سوف‭ ‬يكون‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬حروب‭ ‬أخرى‭.‬

 

{‭ ‬كاتب‭ ‬ومفكر‭ ‬مصري‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا