العدد : ١٧٠٧٧ - الثلاثاء ٢٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٧ - الثلاثاء ٢٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

المشهد الإقليمي في الشرق الأوسط عقب انهيار نظام الأسد

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الثلاثاء ٢٤ ديسمبر ٢٠٢٤ - 02:00

أشار‭ ‬‮«‬فالي‭ ‬نصر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬جونز‭ ‬هوبكنز‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬إجماع‭ ‬الأكاديميين‭ ‬والخبراء‭ ‬الغربيين،‭ ‬ومراكز‭ ‬الفكر‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬ونيويورك،‭ ‬ولندن؛‭ ‬بأن‭ ‬أحداث‭ ‬النصف‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬التي‭ ‬بلغت‭ ‬ذروتها‭ ‬بانهيار‭ ‬نظام‭ ‬بشار‭ ‬الأسد‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬خلال‭ ‬ديسمبر،‭ ‬قد‭ ‬أذنت‭ ‬ببداية‭ ‬فصل‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬

واعتبر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المعلقين‭ ‬سقوط‭ ‬نظام‭ ‬الأسد‭ ‬‮«‬نكسة‭ ‬استراتيجية‭ ‬كبرى‭ ‬لإيران‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬تزامن‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬تراجع‭ ‬ملحوظ‭ ‬في‭ ‬نفوذ‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬لبنان؛‭ ‬نتيجة‭ ‬حملة‭ ‬القصف‭ ‬والغزو‭ ‬البري‭ ‬التي‭ ‬شنتها‭ ‬إسرائيل‭. ‬كما‭ ‬كشفت‭ ‬المواجهات‭ ‬المتبادلة‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬وإسرائيل‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬العام‭ ‬عن‭ ‬عجز‭ ‬الدفاعات‭ ‬الجوية‭ ‬والقدرات‭ ‬الصاروخية‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬للهجمات‭. ‬وعلّقت‭ ‬‮«‬لينا‭ ‬الخطيب‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬على‭ ‬الانهيار‭ ‬الواضح‭ ‬لمحور‭ ‬المقاومة‭ ‬الإيراني،‭ ‬مشبهة‭ ‬سقوط‭ ‬نظام‭ ‬الأسد‭ ‬بسقوط‭ ‬الحكم‭ ‬الشيوعي‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬الشرقية‭ ‬عام‭ ‬1989،‭ ‬معتبرة‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬زلزالاً‭ ‬يضرب‭ ‬النظام‭ ‬الإقليمي‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬عكس‭ ‬التوقعات‭ ‬التي‭ ‬تأمل‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تمهد‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬لفترة‭ ‬من‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة»؛‭ ‬حذر‭ ‬‮«‬نصر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬السيناريو‭ ‬الأكثر‭ ‬ترجيحًا‮»‬،‭ ‬هو‭ ‬‮«‬تصعيد‭ ‬المنافسة‭ ‬الإقليمية‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬مقال‭ ‬نشرته‭ ‬‮«‬سوزان‭ ‬مالوني‮»‬‭ ‬بمجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬أفيرز‮»‬‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2024،‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬الوضع‭ ‬الطبيعي‭ ‬الجديد‭ ‬الخطير‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الصراع‭ ‬العسكري‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬وإسرائيل،‭ ‬قد‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تحول‭ ‬زلزالي‮»‬،‭ ‬أرسى‭ ‬ما‭ ‬وصفته‭ ‬بـ«توازن‭ ‬دقيق‭ ‬للفوضى‮»‬‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬حيث‭ ‬بات‭ ‬الاستقرار‭ ‬هشًّا‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭.‬

وبينما‭ ‬واجهت‭ ‬إيران‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬النكسات،‭ ‬وازدادت‭ ‬جرأة‭ ‬حكومة‭ ‬‮«‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة،‭ ‬بتدميرها‭ ‬لغزة،‭ ‬وتنفيذ‭ ‬هجمات‭ ‬على‭ ‬لبنان،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬غزو‭ ‬سوريا‭ -‬وهو‭ ‬ما‭ ‬وصفته‭ ‬‮«‬سوزان‭ ‬مالوني‮»‬‭ ‬بأنه‭ ‬جعلها‭ ‬‮«‬أقوى‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‮»‬‭ -‬فقد‭ ‬أشارت‭ ‬الباحثة‭ ‬إلى‭ ‬استمرار‭ ‬اعتبار‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬تهديدًا‭ ‬‮«‬وجوديًا‭ ‬ومتأصلًا‮»‬‭ ‬للآخر،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬خطر‭ ‬اندلاع‭ ‬صراع‭ ‬شامل‭ ‬بينهما،‭ ‬‮«‬أمرًا‭ ‬قائمًا‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬الهش‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬تبرز‭ ‬عودة‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬كتطور‭ ‬يحمل‭ ‬تداعيات‭ ‬مهمة‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬بول‭ ‬سالم‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬النظام‭ ‬الإقليمي‭ ‬الذي‭ ‬تركه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬يختلف‭ ‬جذريًا‭ ‬عن‭ ‬المشهد‭ ‬الذي‭ ‬سيواجهه‭ ‬عند‭ ‬عودته‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2025‮»‬‭. ‬وبينما‭ ‬يستعرض‭ ‬الباحث‭ ‬السيناريوهات‭ ‬القريبة‭ ‬المحتملة،‭ ‬التي‭ ‬تشمل‭ ‬‮«‬تصعيدًا‭ ‬عسكريًا‮»‬‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وإيران‭ ‬قد‭ ‬‮«‬يخرج‭ ‬عن‭ ‬السيطرة‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬اندفاع‭ ‬طهران‭ ‬لتطوير‭ ‬‮«‬سلاح‭ ‬نووي‮»‬،‭ ‬كوسيلة‭ ‬ردع‭ ‬نهائي‭ ‬ضد‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الهجمات؛‭ ‬ترى‭ ‬‮«‬مالوني‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬على‭ ‬ترامب‭ ‬‮«‬اغتنام‭ ‬الفرصة‭ ‬لإبرام‭ ‬اتفاق‭ ‬إقليمي‮»‬؛‭ ‬لتجنب‭ ‬كارثة‭ ‬محتملة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

وفي‭ ‬تحليلها‭ ‬للأحداث،‭ ‬أوضحت‭ ‬أن‭ ‬التصعيد‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬الذي‭ ‬شمل‭ ‬استهداف‭ ‬القدرات‭ ‬العسكرية‭ ‬لحزب‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬والاستيلاء‭ ‬على‭ ‬أراضٍ‭ ‬سورية‭ ‬في‭ ‬ديسمبر،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الغارات‭ ‬الجوية‭ ‬المكثفة‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬وأكتوبر‭ ‬باستخدام‭ ‬الصواريخ‭ ‬والمسيرات‭ ‬المسلحة؛‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬دخول‭ ‬‮«‬الحرب‮»‬‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وإيران‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬مرحلة‭ ‬جديدة‮»‬‭. ‬وعليه،‭ ‬ارتفعت‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬احتمالات‭ ‬اندلاع‭ ‬صراع‭ ‬شامل‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬لكن‭ ‬أيضا‭ ‬دخول‭ ‬قوى‭ ‬خارجية،‭ ‬مثل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وهي‭ ‬النتيجة‭ ‬التي‭ ‬سيكون‭ ‬لها‭ ‬‮«‬تأثير‭ ‬مدمر‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬العالمي‮»‬‭. ‬

ويتزامن‭ ‬هذا‭ ‬التهديد‭ ‬مع‭ ‬تقييمات‭ ‬المراقبين‭ ‬الغربيين،‭ ‬بشأن‭ ‬تعرض‭ ‬إيران‭ ‬لضعف‭ ‬شديد‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة‭. ‬وعلقت‭ ‬‮«‬سنام‭ ‬فاكيل‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬الأحداث‭ ‬الأخيرة‭ ‬كشفت‭ ‬عن‭ ‬‮«‬نقاط‭ ‬الضعف‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والعسكرية‭ ‬لطهران‮»‬‭. ‬وأضافت‭ ‬‮«‬إيلي‭ ‬جيرانمايه‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬للعلاقات‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬أنها‭ ‬تمر‭ ‬بـ«لحظة‭ ‬حساب‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بقوتها‭ ‬ونفوذها‭ ‬الإقليميين‭ ‬في‭ ‬المستقبل‮»‬‭. ‬ووفقًا‭ ‬لتقييم‭ ‬‮«‬الخطيب»؛‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬تداعيات‭ ‬انهيار‭ ‬الأسد‮»‬،‭ ‬واستهداف‭ ‬وكلاء‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬تعني‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الضعف‭ ‬المفاجئ‭ ‬لطهران،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬أصلاً‭ ‬مترنحة،‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬احتمالية‭ ‬تشكك‭ ‬وكلائها‭ ‬المتبقين‭ ‬في‭ ‬موثوقية‭ ‬راعيهم‮»‬‭.‬

وبينما‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬الخطيب‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تتابع‭ ‬الأحداث‭ ‬الأخيرة‭ ‬سيؤدي‭ ‬حتمًا‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬نهاية‭ ‬النظام‭ ‬الإقليمي‭ ‬الذي‭ ‬تهيمن‭ ‬عليه‭ ‬إيران»؛‭ ‬فقد‭ ‬أكدت‭ ‬‮«‬مالوني‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬‮«‬يمكنه‭ ‬تجاوز‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬النكسات‭ ‬والأزمات‭ ‬الكبرى‮»‬‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬تاريخه،‭ ‬بفضل‭ ‬‮«‬مرونته‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‮»‬،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬أسرار‭ ‬نجاحه‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬‮«‬براعته‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬كافة‭ ‬أشكال‭ ‬العدوان‭ ‬تحت‭ ‬أي‭ ‬ضغوط‮»‬،‭ ‬و«استعداده‭ ‬للتلاعب‭ ‬والمراوغة‭ ‬لفترات‭ ‬طويلة‭ ‬ضد‭ ‬خصومه‮»‬،‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬‮«‬التراجع‭ ‬أو‭ ‬التحول‭ ‬في‭ ‬مواقفه‭ ‬وتحركاته‭ ‬حسب‭ ‬الضرورة‮»‬،‭ ‬وامتلاكه‭ ‬‮«‬القدرة‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬موارده‭ ‬واستغلال‭ ‬شبكة‭ ‬علاقاته‭ ‬المحدودة‭ ‬بشكل‭ ‬محنك»؛‭ ‬مما‭ ‬يمكنه‭ ‬من‭ ‬تنفيذ‭ ‬‮«‬هجمات‮»‬،‭ ‬ضد‭ ‬منافسين‭ ‬أكثر‭ ‬قوة‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬جيرانمايه‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬تظل‭ ‬‮«‬قوة‭ ‬إقليمية‮»‬،‭ ‬تمتلك‭ ‬‮«‬خيارات‭ ‬تمكنها‭ ‬من‭ ‬المضي‭ ‬قدمًا‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬بإمكانها‭ ‬‮«‬التمسك‭ ‬بتأثيرها‭ ‬وتكثيف‭ ‬جهودها‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬محور‭ ‬المقاومة‭ ‬بمنظور‭ ‬طويل‭ ‬المدى‮»‬،‭ ‬مضيفة‭ ‬أن‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإيرانيين‭ ‬قد‭ ‬يفكرون‭ ‬الآن‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬جدية‭ ‬في‭ ‬‮«‬اتخاذ‭ ‬قفزة‭ ‬مكلفة‮»‬،‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬دولة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬على‭ ‬عتبة‭ ‬النووية،‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬تمتلك‭ ‬أسلحة‭ ‬نووية‭. ‬واعترفت‭ ‬‮«‬مالوني‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬تمثل‭ ‬وسيلة‭ ‬تحمي‭ ‬بها‭ ‬نفسها‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬مع‭ ‬اعتقادها‭ ‬بأن‭ ‬ذلك‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬موجة‭ ‬أوسع‭ ‬من‭ ‬الانتشار‭ ‬النووي‮»‬‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وخارجه‭.‬

وعلى‭ ‬مدى‭ ‬السنوات‭ ‬الأربع‭ ‬المقبلة‭ ‬تعتبر‭ ‬عودة‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬عاملاً‭ ‬مؤثرًا‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬نتيجة‭ ‬النظام‭ ‬الإقليمي‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬وفي‭ ‬رأي‭ ‬‮«‬مالوني‮»‬؛‭ ‬فإن‭ ‬نهجه‭ ‬‮«‬المزعج‭ ‬للغاية‮»‬‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية‭ ‬‮«‬قد‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬أفضل‭ ‬وصفة‭ ‬لاستقرار‭ ‬المنطقة‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬رأت‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬‮«‬اللحظة‭ ‬المناسبة‭ ‬للفوضى‭ ‬غير‭ ‬التقليدية‭ ‬وغير‭ ‬المتوقعة‭ ‬وغير‭ ‬المقصودة‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬يُتوقع‭ ‬أن‭ ‬تجلبها‭ ‬إدارة‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬القادمة‭.‬

ومع‭ ‬استعداده‭ ‬لدخول‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يستعيد‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬سياساته‭ ‬العدوانية‭ ‬ضد‭ ‬طهران‭. ‬وأشارت‭ ‬‮«‬مالوني‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬فريق‭ ‬الرئيس‭ ‬المنتخب‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬مستشاري‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية،‭ ‬مثل‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬‮«‬ماركو‭ ‬روبيو‮»‬،‭ ‬ومستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬‮«‬مايك‭ ‬والتز‮»‬،‭ ‬‮«‬لن‭ ‬يبالوا‭ ‬كثيرًا‭ ‬بالعواقب‭ ‬المحتملة‮»‬،‭ ‬جراء‭ ‬المحاولات‭ ‬المستمرة‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬قدرات‭ ‬الحوثيين‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬والميليشيات‭ ‬الشيعية‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬محذرة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬انتقام‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬من‭ ‬المصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬جيرانمايه‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬أعطى‭ ‬‮«‬الضوء‭ ‬الأخضر‮»‬،‭ ‬لإسرائيل‭ ‬لشن‭ ‬ضربات‭ ‬مسلحة‭ ‬ضد‭ ‬المنشآت‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية؛‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬الرموز‭ ‬داخل‭ ‬المؤسسة‭ ‬الإيرانية‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬تسليح‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي؛‭ ‬ستكتسب‭ ‬قاعدة‭ ‬دعم‭ ‬قوية،‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬‮«‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إطلاق‭ ‬فصل‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬اعتقدت‭ ‬‮«‬مالوني‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬سياسات‭ ‬ترامب‭ ‬تجاه‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬‮«‬أكثر‭ ‬عقلانية‮»‬،‭ ‬مما‭ ‬يتوقعه‭ ‬الكثيرون،‭ ‬ولن‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬المواجهة‭ ‬الصارمة‮»‬‭ ‬مع‭ ‬خصوم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإسرائيل‭. ‬ومع‭ ‬تعهده‭ ‬بإنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة‭ -‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يحدد‭ ‬كيفية‭ ‬أو‭ ‬نتائج‭ ‬ذلك‭ -‬أشارت‭ ‬الباحثة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف،‭ ‬يتطلب‭ ‬‮«‬استراتيجية‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيدًا‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬مهاجمة‭ ‬إيران‭ ‬ووكلائها‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬تفسيرها‭ ‬لهذا‭ ‬الرأي،‭ ‬لفتت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الأدوات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬التي‭ ‬استخدمتها‭ ‬إدارته‭ ‬الأولى‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2017‭ ‬و2021،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬على‭ ‬صادرات‭ ‬النفط؛‭ ‬ستكون‭ ‬‮«‬أقل‭ ‬فعالية‮»‬‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2025‭ ‬فصاعدًا،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬‮«‬شبكات‭ ‬التهريب‭ ‬التي‭ ‬تتيح‭ ‬للنفط‭ ‬الإيراني‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الصين،‭ ‬أصبحت‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيدًا‭ ‬وصعوبة‭ ‬في‭ ‬مواجهتها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فرض‭ ‬العقوبات‭ ‬وحدها‮»‬‭. ‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬مالوني‮»‬،‭ ‬خلصت‭ ‬لاحقًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ميل‭ ‬الجمهوريين‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬استعراض‭ ‬العضلات‭ ‬الأمريكية‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬‮«‬ولع‭ ‬ترامب‭ ‬بعقد‭ ‬الصفقات»؛‭ ‬قد‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬بعض‭ ‬النجاحات‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬التوترات‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط؛‭ ‬فقد‭ ‬اعترفت‭ ‬أيضًا‭ ‬بأن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬النتيجة‭ ‬لن‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن‭ ‬للخصمين‭ ‬الرئيسيين‭ ‬في‭ ‬المنطقة؛‭ ‬فإيران‭ ‬ستستمر‭ ‬في‭ ‬‮«‬الانغماس‭ ‬في‭ ‬العداء‭ ‬تجاه‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬بينما‭ ‬سيواصل‭ ‬نتنياهو‭ ‬‮«‬الاستفادة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬من‭ ‬النهج‭ ‬العسكري‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬تحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬سياسية‭ ‬داخلية،‭ ‬ما‭ ‬يجعله‭ ‬غير‭ ‬مهتم‭ ‬بأي‭ ‬مفاوضات‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬توفر‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬لأعدائه‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تقديم‭ ‬خبراء،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬الخطيب‮»‬،‭ ‬و«نصر‮»‬،‭ ‬تحليلات‭ ‬جيدة،‭ ‬حول‭ ‬‮«‬نظام‭ ‬إقليمي‭ ‬جديد‭ ‬يتشكل‭ ‬مع‭ ‬انهيار‭ ‬نظام‭ ‬الأسد‭ ‬في‭ ‬سوريا‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يعكس‭ ‬ضعف‭ ‬القوة‭ ‬والنفوذ‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل؛‭ ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬جريج‭ ‬كارلستروم‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬الإيكونوميست‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬سيظل‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬حاليًا،‭ ‬موضحا‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬ستحدد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإيران‭ ‬وإسرائيل‭ ‬ما‭ ‬سيحدث‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬البلدان‭ ‬داخل‭ ‬المنطقة‭ ‬وخارجها‭ ‬مراقبة‭ ‬التطورات‭ ‬‮«‬بقلق‮»‬‭.‬

 

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا