العدد : ١٧٠٧٩ - الخميس ٢٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٩ - الخميس ٢٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

هل يستوعب الديمقراطيون الدروس من خيبتهم الانتخابية؟

بقلم: د. جيمس زغبي {

الثلاثاء ٢٤ ديسمبر ٢٠٢٤ - 02:00

لا‭ ‬يزال‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬يتجرعون‭ ‬مرارة‭ ‬الخيبة‭ ‬ويعانون‭ ‬من‭ ‬صدمة‭ ‬الخسارة‭ ‬أمام‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬للمرة‭ ‬الثانية‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الثلاثة‭ ‬الماضية‭. ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬هناك‭ ‬قدر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬توجيه‭ ‬أصابع‭ ‬الاتهام‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬الذات،‭ ‬حيث‭ ‬يكتب‭ ‬الصحفيون‭ ‬والناشطون‭ ‬عما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نسميه‭ ‬‮«‬تشريح‭ ‬الجثث‮»‬‭ ‬لفهم‭ ‬أسباب‭ ‬الهزيمة‭ ‬والدروس‭ ‬المستفادة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬تعلمها‭ ‬للمضي‭ ‬قدمًا‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭.‬

سأكون‭ ‬أكثر‭ ‬دعمًا‭ ‬وأقل‭ ‬تشكيكا‭ ‬بشأن‭ ‬مزايا‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬لولا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬سببين‭ ‬اثنين‭ ‬وجب‭ ‬التوقف‭ ‬عندهما‭. ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول،‭ ‬سوف‭ ‬تركز‭ ‬أغلب‭ ‬عمليات‭ ‬‮«‬التشريح‮»‬‭ ‬هذه‭ ‬بشكل‭ ‬ضيق‭ ‬للغاية‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وكأن‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬واجهها‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬قد‭ ‬ظهرت‭ ‬للتو‭ ‬هذا‭ ‬العام‭. ‬

ثانياً،‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الماضي‭ ‬بمثابة‭ ‬مقدمة‭ ‬لما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬وما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يترتب‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬تداعيات،‭ ‬فمن‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يقرأ‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬الدراسات‮»‬‭ ‬عدد‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬الناس،‭ ‬ثم‭ ‬يتم‭ ‬وضعها‭ ‬على‭ ‬الرفوف‭ ‬ويكون‭ ‬مآلها‭ ‬النسيان‭.‬

وفي‭ ‬الواقع‭ ‬فإن‭ ‬أي‭ ‬تحليل‭ ‬جاد‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬فهم‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬2024‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يبدأ‭ ‬بالاعتراف‭ ‬بأن‭ ‬بذور‭ ‬هزيمة‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬قد‭ ‬زُرعت‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬قبل‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬وهي‭ ‬الآن‭ ‬تؤتي‭ ‬ثمارها‭ ‬وأي‭ ‬ثمار‭.‬

قبل‭ ‬بضعة‭ ‬أسابيع،‭ ‬كتبت‭ ‬بدوري‭ ‬موجها‭ ‬أصابع‭ ‬الاتهام،‭ ‬لكنني‭ ‬الآن‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أنظر‭ ‬بشكل‭ ‬أعمق‭ ‬إلى‭ ‬القوى‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬تشكل‭ ‬معالم‭ ‬مشهدنا‭ ‬السياسي‭. ‬فيما‭ ‬يلي‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭:‬

لقد‭ ‬تركت‭ ‬التغيرات‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬العميقة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ملايين‭ ‬الناخبين‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬وعدم‭ ‬الأمان‭ ‬والغضب‭. ‬لقد‭ ‬وجدوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مرساة،‭ ‬فراحوا‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬اليقين‭.‬

وفي‭ ‬لحظات‭ ‬أخرى‭ ‬مماثلة‭ ‬من‭ ‬التاريخ،‭ ‬تحولت‭ ‬الشعوب‭ ‬التي‭ ‬اهتزت‭ ‬بسبب‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الاضطرابات‭ ‬إلى‭ ‬أشكال‭ ‬من‭ ‬الأصولية‭ ‬ــ‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬اليقين‭ ‬في‭ ‬ماض‭ ‬أسطوري‭ ‬مجيد‭ ‬ــ‭ ‬أو‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬القادة‭ ‬الأقوياء‮»‬‭ ‬الذين‭ ‬شعروا‭ ‬أنهم‭ ‬يفهمون‭ ‬محنتهم‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬التغيرات‭ ‬المجتمعية‭ ‬المتلاحقة،‭ ‬تركت‭ ‬الأحداث‭ ‬الدرامية‭ ‬والتحولات‭ ‬المتسارعة‭ ‬ندوباً‭ ‬عميقة‭ ‬في‭ ‬نفسية‭ ‬الأمريكيين‭. ‬لقد‭ ‬تركت‭ ‬الهجمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭ ‬2001‭ ‬والحروب‭ ‬الفاشلة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وأفغانستان‭ ‬الأمريكيين‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬يشعرون‭ ‬فيها‭ ‬بالضعف‭ ‬ورؤية‭ ‬مكانة‭ ‬بلادهم‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬تتضاءل‭.‬

أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬الانهيار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬التي‭ ‬هز‭ ‬حياة‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬2008‭-‬2009‭ ‬والذي‭ ‬حطم‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬الحلم‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وحوادث‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬الجماعية‭ ‬المروعة‭ ‬المتكررة‭ ‬للغاية،‭ ‬والتأثيرات‭ ‬المؤلمة‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬ويصبح‭ ‬لديك‭ ‬مجتمع‭ ‬على‭ ‬حافة‭ ‬الهاوية‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬‮«‬السقوط‭ ‬النهائي‮»‬‭.  ‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬تشكل‭ ‬استجابة‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية‭ ‬للناخبين‭ ‬غير‭ ‬المستقرين‭ ‬أهمية‭ ‬بالغة‭. ‬ومن‭ ‬جانبهم،‭ ‬حقق‭ ‬الجمهوريون‭ ‬بعض‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬استغلال‭ ‬الخوف‭ ‬وتوسيع‭ ‬نطاقه‭ ‬والعزف‭ ‬على‭ ‬وتر‭ ‬الهواجس‭ ‬التي‭ ‬تقض‭ ‬مضجع‭ ‬الأمريكيين‭.‬

منذ‭ ‬فترة‭ ‬رئاسة‭ ‬ريتشارد‭ ‬نيكسون‭ ‬وحتى‭ ‬اليوم،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬خيط‭ ‬ثابت‭ ‬في‭ ‬قواعد‭ ‬اللعبة‭ ‬الجمهورية‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬استغلال‭ ‬مخاوف‭ ‬الناخبين‭ ‬وانعدام‭ ‬شعورهم‭ ‬بالأمان‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬كانت‭ ‬الأهداف‭ ‬المبكرة‭ ‬هي‭ ‬المستفيدين‭ ‬من‭ ‬الرعاية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬أو‭ ‬المجرمين‭ ‬‮«‬السود‮»‬‭.‬

وقام‭ ‬الرئيس‭ ‬المنتخب‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬بتوسيع‭ ‬القائمة‭ ‬لتشمل‭ ‬المهاجرين،‭ ‬وخاصة‭ ‬المكسيكيين‭ ‬والمسلمين،‭ ‬و«الدولة‭ ‬العميقة‮»‬،‭ ‬وأي‭ ‬مجموعة‭ ‬تتحداه‭ ‬تقريبًا‭. ‬لقد‭ ‬استخدم‭ ‬ترامب‭ ‬مبدأ‭ ‬‮«‬الخوف‭ ‬منهم‮»‬‭ ‬كسلاح‭ ‬فعال‭ ‬لتعزيز‭ ‬حملته‭ ‬ضد‭ ‬المعارضين‭.‬

ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬بدا‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬منفصلين‭ ‬ومنقطعين‭ ‬عن‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬معظم‭ ‬الناخبين‭. ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬التحدث‭ ‬مباشرة‭ ‬عن‭ ‬آلام‭ ‬هؤلاء‭ ‬الناخبين،‭ ‬تحدث‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬عن‭ ‬البرامج‭ ‬التي‭ ‬أطلقوها،‭ ‬والتقدم‭ ‬الذي‭ ‬أحرزوه‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬العمل،‭ ‬وإنقاذ‭ ‬البيئة،‭ ‬وحماية‭ ‬خيارات‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬للمرأة‭ ‬والحاجة‭ ‬إلى‭ ‬نهج‭ ‬متوازن‭ ‬للهجرة‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬صحيح،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الخطابات‭ ‬حول‭ ‬السياسة‭ ‬بدت‭ ‬‮«‬مهتزة‮»‬،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬يبدون‭ ‬بعيدين‭ ‬عن‭ ‬الواقع،‭ ‬أو‭ ‬رافضين،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬متعالين‭.‬

وفي‭ ‬الحقيقة‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬أراده‭ ‬الناخبون‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يعرفوا‭ ‬أن‭ ‬المرشحين‭ ‬يفهمون‭ ‬مشاعر‭ ‬عدم‭ ‬الأمان‭ ‬والغضب‭ ‬لديهم‭. ‬إن‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬فعالين‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭ ‬هم‭ ‬فعلا‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يمكن‭ ‬للناخبين‭ ‬التواصل‭ ‬معهم‭.‬

لقد‭ ‬تمكن‭ ‬باراك‭ ‬أوباما‭ ‬من‭ ‬تحويل‭ ‬الناخبين‭ ‬من‭ ‬الخوف‭ ‬إلى‭ ‬الأمل‭. ‬وكان‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬وحتى‭ ‬بيرني‭ ‬ساندرز‭ (‬وإن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬في‭ ‬السباق‭ ‬الرئاسي‭)‬،‭ ‬ناجحين‭ ‬لأنهم‭ ‬أظهروا‭ ‬للناخبين‭ ‬أنهم‭ ‬أيضا‭ ‬غاضبون‭ ‬من‭ ‬التفاوت‭ ‬في‭ ‬الدخل‭ ‬وفقدان‭ ‬الوظائف‭ ‬ووعدوا‭ ‬بالنضال‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ذلك‭.‬

خلاصة‭ ‬القول‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬الناخبين‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬معرفة‭ ‬أن‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬سيقودونهم‭ ‬يفهمون‭ ‬موقفهم‭ ‬ويحسون‭ ‬بما‭ ‬ينتابهم‭ ‬من‭ ‬مشاعر‭ ‬وهواجس‭ ‬ومخاوف‭. ‬

خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس‭ ‬والسبعين‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬عمل‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬وفقاً‭ ‬لفلسفة‭ ‬بسيطة‭. ‬وباعتبارهم‭ ‬الحزب‭ ‬الذي‭ ‬دعم‭ ‬العدالة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للعمال،‭ ‬فقد‭ ‬اعتقدوا‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬لديها‭ ‬دور‭ ‬تلعبه،‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬تقول‭ ‬والدتي،‭ ‬‮«‬لمد‭ ‬يد‭ ‬العون‭ ‬لأولئك‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يستطيعون‭ ‬رفع‭ ‬أنفسهم‮»‬‭. ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬كان‭ ‬الجمهوريون‭ ‬هم‭ ‬الحزب‭ ‬الذي‭ ‬يحمي‭ ‬الأغنياء،‭ ‬وكان‭ ‬شعارهم‭ ‬‮«‬ضرائب‭ ‬أقل،‭ ‬حكومة‭ ‬أقل‮»‬‭.‬

لقد‭ ‬تغير‭ ‬كل‭ ‬هذا،‭ ‬وكما‭ ‬تفاخر‭ ‬أحد‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬الجمهوري‭ ‬مؤخراً‭ ‬قائلاً‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬أصبحنا‭ ‬حزب‭ ‬الطبقة‭ ‬العاملة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أصبح‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬حزب‭ ‬النخب‮»‬‭. ‬إنهم‭ ‬ليسوا‭ ‬كذلك،‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬التصور‭ ‬الذي‭ ‬نجحوا‭ ‬في‭ ‬خلقه‭.‬

كيف‭ ‬حدث‭ ‬ذلك؟‭ ‬اسأل‭ ‬أحد‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬اليوم‭ ‬عما‭ ‬يمثله‭ ‬الحزب،‭ ‬ولن‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬إجابة‭ ‬والدتي‭. ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬ستحصل‭ ‬على‭ ‬محاضرة‭ ‬حول‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬بها‭ ‬رابط‭ ‬يربطها‭ ‬أو‭ ‬يجعلها‭ ‬ذات‭ ‬صلة‭ ‬بالناخبين‭ ‬من‭ ‬الطبقة‭ ‬العاملة‭.‬

ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬عندما‭ ‬سئل‭ ‬الجمهوريون‭ ‬عما‭ ‬يؤيدونه،‭ ‬لن‭ ‬يقولوا‭ ‬ضرائب‭ ‬أقل‭. ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬سوف‭ ‬يقومون‭ ‬بسحب‭ ‬قائمة‭ ‬ترامب‭ ‬الخاصة‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬البعبع‮»‬‭ ‬والقضايا‭ ‬الثقافية‭ ‬للديمقراطيين‭ ‬التي‭ ‬يكرهونها‭.‬

أو‭ ‬إنهم‭ ‬سيقولون‭ ‬ببساطة‭: ‬‮«‬اجعلوا‭ ‬أمريكا‭ ‬عظيمة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‮»‬‭ -‬وهي‭ ‬عبارة‭ ‬شاملة‭ ‬تستحضر‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬مجد‮»‬‭ ‬الماضي‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تنطوي‭ ‬عليه،‭ ‬أو‭ ‬مكافحة‭ ‬العلل‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬التغير‭ ‬الثقافي‭ ‬الذي‭ ‬يدعو‭ ‬إليه‭ ‬الديمقراطيون،‭ ‬أو‭ ‬ببساطة‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬ترامب‭ ‬ضد‭ ‬خصومه‭. ‬وكما‭ ‬قال‭ ‬أحد‭ ‬الإعلانات‭ ‬التليفزيونية‭ ‬الجمهورية‭ ‬الأكثر‭ ‬نجاحاً‭: ‬‮«‬كامالا‭ ‬من‭ ‬أجلهم‭ ‬هم‮»‬‭ ‬بينما‭ ‬‮«‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬من‭ ‬أجلك‮»‬‭.‬

لقد‭ ‬مر‭ ‬وقت‭ ‬كانت‭ ‬فيه‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تقود‭ ‬السياسة‭ ‬وكانت‭ ‬بمثابة‭ ‬منظمات‭ ‬حقيقية،‭ ‬من‭ ‬المستوى‭ ‬المحلي‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الدولة‭ ‬إلى‭ ‬المستوى‭ ‬الوطني‭. ‬كان‭ ‬الناس‭ ‬ينتمون‭ ‬إلى‭ ‬الحزب‭. ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭.‬

اليوم،‭ ‬أصبحت‭ ‬الأحزاب‭ ‬بمثابة‭ ‬أدوات‭ ‬لجمع‭ ‬التبرعات،‭ ‬وجمع‭ ‬الثروات‭ ‬لدفع‭ ‬تكاليف‭ ‬المستشارين،‭ ‬الذين‭ ‬يديرون‭ ‬الحملات‭ ‬وفي‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬الأحزاب‭ ‬أيضًا‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬يسهم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الناخبين‭ ‬بمبالغ‭ ‬صغيرة،‭ ‬يسهم‭ ‬المانحون‭ ‬الرئيسيون‭ ‬بمبالغ‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬سبعة‭ ‬وثمانية‭ ‬أرقام‭.‬

هناك‭ ‬مشكلة‭ ‬حقيقية‭ ‬مع‭ ‬المستشارين‭ ‬الديمقراطيين‭. ‬إنهم‭ ‬نفس‭ ‬المجموعة‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تدير‭ ‬السياسة‭ ‬وتدمرها‭ ‬لعقود‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬ــ‭ ‬متبعين‭ ‬نفس‭ ‬قواعد‭ ‬اللعبة‭ ‬ويفتقرون‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬تقدير‭ ‬للتغيرات‭ ‬التي‭ ‬تطرأ‭ ‬على‭ ‬الناخبين‭.‬

إن‭ ‬المستشارين‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬يمثلون‭ ‬مشكلة‭ ‬حقيقية‭ ‬لأنهم‭ ‬يفتقرون‭ ‬إلى‭ ‬الخيال‭ ‬ويتجنبون‭ ‬المخاطرة،‭ ‬ويربطون‭ ‬المرشحين‭ ‬بالتحذيرات‭ ‬بشأن‭ ‬ما‭ ‬يمكنهم‭ ‬قوله‭ ‬وما‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬عليهم‭ ‬قوله‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬حرر‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬طبقة‭ ‬المستشارين‭ ‬الجمهوريين،‭ ‬وقام‭ ‬بتهميشهم‭ ‬وتصرف‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬حدسه‭. ‬لقد‭ ‬قرأ‭ ‬الناخبون‭ ‬هذا‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬حقيقي‭.‬

إن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئيسية‭ ‬الأخيرة‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬موضوعات‭ ‬وسلوكيات‭ ‬ظلت‭ ‬تختمر‭ ‬لعقود‭ ‬من‭ ‬الزمن‭. ‬وما‭ ‬لم‭ ‬يلقِ‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬نظرة‭ ‬فاحصة‭ ‬طويلة‭ ‬على‭ ‬كيف‭ ‬ولماذا‭ ‬فقدوا‭ ‬الاتصال‭ ‬بالناخبين‭ ‬من‭ ‬الطبقة‭ ‬العاملة‭ ‬وسمحوا‭ ‬للمستشارين‭ ‬بالسيطرة‭ ‬على‭ ‬رئاسة‭ ‬الحزب‭ ‬ومرشحيه‭ ‬وتواصلهم،‭ ‬فإن‭ ‬هزيمة‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬2024‭ ‬قد‭ ‬تتكرر‭.‬

{ رئيس‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا