العدد : ١٧٠٧٩ - الخميس ٢٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٩ - الخميس ٢٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

سياسات ترامب الاقتصادية تجعل الدولار مصدر عدم استقرار عالمي

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

السبت ١٤ ديسمبر ٢٠٢٤ - 02:00

أثارت‭ ‬إعادة‭ ‬انتخاب‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬رئيسًا‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬يناير‭ ‬2025،‭ ‬‮«‬جدلًا‭ ‬واسعًا‮»‬،‭ ‬بين‭ ‬خبراء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬حول‭ ‬تداعياته‭ ‬العالمية،‭ ‬وكان‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬التداعيات‭ ‬الارتفاع‭ ‬السريع‭ ‬لقيمة‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي‭. ‬ووصف‭ ‬‮«‬ستيفن‭ ‬إنجلاندر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مصرف‭ ‬‮«‬ستاندرد‭ ‬تشارترد‮»‬،‭ ‬الرئيس‭ ‬العائد‭ ‬بـ«المحرك‭ ‬الكبير‭ ‬لسعر‭ ‬الدولار‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬أعقاب‭ ‬فوزه،‭ ‬سجل‭ ‬‮«‬جو‭ ‬رينيسون‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬ارتفع‭ ‬سعر‭ ‬الدولار‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬للانتخابات،‭ ‬‮«‬بأكبر‭ ‬قدر‭ ‬له‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‮»‬،‭ ‬واستمر‭ ‬بالارتفاع‭ ‬عدة‭ ‬أيام‭ ‬تالية‭. ‬ورأت‭ ‬‮«‬هيلين‭ ‬جيفن‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مونيكس‭ ‬يو‭ ‬إس‭ ‬إيه‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬تعني‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة؛‭ ‬‮«‬مزيدًا‭ ‬من‭ ‬الإنفاق،‭ ‬ودفعة‭ ‬اقتصادية،‭ ‬وحواجز‭ ‬إضافية‭ ‬للتجارة‭ ‬الدولية؛‭ ‬وهي‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬مجتمعة‭ ‬تعزيزًا‭ ‬للدولار‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬احتمالية‭ ‬فرض‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬‭ ‬بدعم‭ ‬الجمهوريين‭ ‬في‭ ‬الكونجرس‭ ‬تعريفات‭ ‬جمركية‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬المنافسين‭ ‬الاقتصاديين؛‭ ‬حذّر‭ ‬‮«‬ديفيد‭ ‬لوبين‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬السياسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لترامب‭ ‬قد‭ ‬تجعل‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬قويًا‭ ‬للغاية‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬يجعله‭ ‬مصدرا‭ ‬لعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬العالمي‭.‬

ومع‭ ‬تسجيل‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬انخفاضات‭ ‬ملحوظة‭ ‬في‭ ‬قيمة‭ ‬العملات‭ ‬الرئيسية،‭ ‬مثل‭ (‬اليورو،‭ ‬والين،‭ ‬والجنيه‭ ‬الإسترليني،‭ ‬والرنمينبي‭)‬،‭ ‬مقارنة‭ ‬بالدولار‭ ‬منذ‭ ‬إعلان‭ ‬فوز‭ ‬ترامب،‭ ‬وتحذير‭ ‬‮«‬لوبين‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬مستقبل‭ ‬الدولار،‭ ‬يمثل‭ ‬‮«‬موقفًا‭ ‬خاسرًا‮»‬‭ ‬للاقتصادات‭ ‬الأخرى،‭ ‬سواء‭ ‬الحليفة‭ ‬أو‭ ‬المناوئة‭ ‬لواشنطن؛‭ ‬تبرز‭ ‬إحدى‭ ‬التبعات‭ ‬المحتملة‭ ‬لفوزه،‭ ‬في‭ ‬تسريع‭ ‬وتيرة‭ ‬إزالة‭ ‬الدولرة‭ ‬عالميًا،‭ ‬حيث‭ ‬تواجه‭ ‬هذه‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الهيمنة‭ ‬المالية‭ ‬الأمريكية‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الزخم‭ ‬المتزايد‭ ‬الذي‭ ‬اكتسبته‭ ‬جهود‭ ‬إزالة‭ ‬الدولرة‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬ومناقشتها‭ ‬بشكل‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬البريكس‮»‬‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2024‭ ‬‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬نحو‭ ‬35%‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬العالمي،‭ ‬و42%‭ ‬من‭ ‬الاحتياطيات‭ ‬الأجنبية‭ ‬‭ ‬فقد‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬سام‭ ‬بوكر‮»‬،‭ ‬و«ديفيد‭ ‬ويسل‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬‮«‬بروكينجز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬‮«‬العملة‭ ‬المهيمنة‭ ‬عالميًا‮»‬‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الاحتياطيات‭ ‬الأجنبية،‭ ‬والاقتراض،‭ ‬والمدفوعات،‭ ‬والتجارة‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬أشار‭ ‬فيه‭ ‬‮«‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬دور‭ ‬الدولار‭ ‬لصالح‭ ‬العملات‭ ‬غير‭ ‬التقليدية‭ ‬في‭ ‬احتياطيات‭ ‬النقد‭ ‬الأجنبي‭ ‬العالمية؛‭ ‬فقد‭ ‬أكد‭ ‬أيضًا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬‮«‬العملة‭ ‬الاحتياطية‭ ‬الأبرز‮»‬‭ ‬عالميًا‭. ‬ووفقًا‭ ‬لـ«مجلس‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬استحوذ‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬على‭ ‬حوالي‭ ‬60%‭ ‬من‭ ‬احتياطيات‭ ‬النقد‭ ‬الأجنبي،‭ ‬متفوقًا‭ ‬بفارق‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬أقرب‭ ‬منافسيه،‭ ‬مثل‭ ‬اليورو‭ (‬19.8%‭)‬،‭ ‬والين‭ ‬الياباني‭ (‬5.5%‭)‬،‭ ‬والجنيه‭ ‬الإسترليني‭ (‬4.9%‭)‬،‭ ‬والرنمينبي‭ ‬الصيني‭ (‬2.6%‭). ‬وأوضحت‭ ‬‮«‬دائرة‭ ‬أبحاث‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الدولار‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬نحو‭ ‬90%‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬معاملات‭ ‬أسواق‭ ‬الصرف‭ ‬الأجنبي،‭ ‬حيث‭ ‬يُعتبر‭ ‬‮«‬ملاذًا‭ ‬آمنًا‮»‬‭ ‬للمستثمرين‭ ‬خلال‭ ‬الأزمات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬لوبين‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي‭ ‬شهد‭ ‬انخفاضًا‭ ‬بنحو‭ ‬30%‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2002‭ ‬و2011،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتعزز‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬اللاحقة،‭ ‬بفعل‭ ‬الأزمة‭ ‬المالية‭ ‬التي‭ ‬عصفت‭ ‬بالاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وتباطؤ‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الصيني،‭ ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬مستوى‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1985‮»‬‭. ‬ووفقًا‭ ‬لصحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬فقدت‭ ‬معظم‭ ‬العملات‭ ‬الرئيسية‭ ‬قيمتها‭ ‬أمام‭ ‬الدولار‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تراجع‭ ‬الين‭ ‬الياباني‭ ‬بنسبة‭ ‬9%،‭ ‬وانخفاض‭ ‬البيزو‭ ‬المكسيكي‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬17%‭.‬

ومع‭ ‬فوز‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬بولاية‭ ‬ثانية،‭ ‬وسيطرة‭ ‬الجمهوريين‭ ‬على‭ ‬مجلسي‭ ‬النواب‭ ‬والشيوخ؛‭ ‬توقع‭ ‬مصرف‭ ‬‮«‬جي‭ ‬بي‭ ‬مورجان‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬يسجل‭ ‬مؤشر‭ ‬الدولار‭ ‬‮«‬ارتفاعًا‭ ‬إضافيًا‮»‬،‭ ‬بنسبة‭ ‬7%‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬المقبلة‭. ‬ويرتبط‭ ‬هذا‭ ‬التوقع‭ ‬بالسياسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬يعتزم‭ ‬تنفيذها،‭ ‬وأبرزها‭ ‬تخفيض‭ ‬الضرائب‭ ‬المحلية،‭ ‬وزيادة‭ ‬التعريفات‭ ‬الجمركية‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬الأجنبية‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تأكيد‭ ‬‮«‬لوبين‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬أبدى‭ ‬تفضيلًا‭ ‬لسعر‭ ‬صرف‭ ‬أضعف‭ ‬لدعم‭ ‬تنافسية‭ ‬الصادرات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وتقليص‭ ‬العجز‭ ‬التجاري؛‭ ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬رينيسون‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬يرون‭ ‬أن‭ ‬سياساته‭ ‬التجارية‭ ‬والضريبية؛‭ ‬ستؤدي‭ ‬إلى‭ ‬نتائج‭ ‬معاكسة،‭ ‬مما‭ ‬يعزز‭ ‬قوة‭ ‬الدولار‭ ‬مقارنة‭ ‬بمنافسيه‭.‬

وفي‭ ‬شرحه‭ ‬لهذا‭ ‬الأمر،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬لوبين‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬فرض‭ ‬‮«‬واشنطن‮»»‬،‭ ‬تعريفات‭ ‬جمركية‭ ‬على‭ ‬شريك‭ ‬تجاري،‭ ‬يؤدي‭ ‬عادةً‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬قيمة‭ ‬عملة‭ ‬ذلك‭ ‬الشريك‭ ‬في‭ ‬أسواق‭ ‬الصرف‭ ‬الأجنبي،‭ ‬مما‭ ‬يعوض‭ ‬جزئيًا‭ ‬تأثير‭ ‬ارتفاع‭ ‬الدولار‭ ‬الناتج‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬التعريفات‭. ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬انخفض‭ ‬اليوان‭ ‬الصيني‭ ‬بنسبة‭ ‬10%،‭ ‬بعد‭ ‬فرض‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬الأولى،‭ ‬قيودًا‭ ‬تجارية‭ ‬على‭ ‬‮«‬بكين‮»‬،‭ ‬عام‭ ‬2018‭. ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬توقع‭ ‬محللو‭ ‬‮«‬بنك‭ ‬باركليز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الدولار‭ ‬قد‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬التكافؤ‭ ‬مع‭ ‬اليورو،‭ ‬إذا‭ ‬نفّذ‭ ‬ترامب‭ ‬تعهده‭ ‬بفرض‭ ‬تعريفات‭ ‬جمركية‭ ‬بنسبة‭ ‬60%‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬الصينية،‭ ‬و10%‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الواردات‭ ‬الأخرى‭.‬

وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬سياسته‭ ‬التجارية،‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نوايا‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬القادم،‭ ‬بتمديد‭ ‬التخفيضات‭ ‬الضريبية‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تخفيف‭ ‬أكثر‭ ‬استدامة‭ ‬للسياسة‭ ‬المالية‭ ‬الأمريكية‮»‬‭. ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬تعزيز‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي،‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬‮«‬يخلق‭ ‬ضغوطًا‭ ‬تضخمية»؛‭ ‬فإن‭ ‬الأسواق‭ ‬المالية‭ ‬العالمية‭ ‬‮«‬تتوقع‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الفائدة‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬أعلى‭ ‬مما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬قوة‭ ‬العملة‭ ‬الأمريكية‭. ‬ومع‭ ‬تأكيده‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬‮«‬قدرا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬المساحة‮»‬‭ ‬للدولار‭ ‬‮«‬للاستمرار‭ ‬في‭ ‬الارتفاع‮»‬،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ضعف‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الصينية‭ ‬والأوروبية‭ ‬حاليًا؛‭ ‬فقد‭ ‬حذر‭ ‬من‭ ‬‮«‬الخطر‮»‬‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬الدولار‭ ‬المبالغ‭ ‬في‭ ‬قيمته‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬استقرار‭ ‬مالي‭ ‬عالمي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تأثيره‭ ‬في‭ ‬‮«‬خفض‭ ‬نمو‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية،‭ ‬وتقييد‭ ‬قدرة‭ ‬البلدان‭ ‬النامية‭ ‬على‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق‭ ‬الدولية،‭ ‬وجعل‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬على‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬ستضعف‭ ‬عملاتها‭ ‬إبقاء‭ ‬التضخم‭ ‬تحت‭ ‬السيطرة‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو،‭ ‬اعترف‭ ‬‮«‬رينيسون‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬البلدان‭ ‬الأخرى‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الاقتصادات‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬وآسيا،‭ ‬والنامية‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬البريكس‭ ‬ستتخذ‭ ‬‮«‬إجراءات‭ ‬لمقاومة‮»‬،‭ ‬هيمنة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المتزايدة‭. ‬واستجابة‭ ‬لسياسات‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬التجارية‭ ‬خلال‭ ‬فترته‭ ‬الأولى‭ ‬بين‭ (‬2017‭ ‬و2021‭)‬؛‭ ‬فرضت‭ ‬‮«‬الصين‮»‬،‭ ‬تعريفاتها‭ ‬الجمركية‭ ‬الخاصة‭ ‬على‭ ‬الصادرات‭ ‬إلى‭ ‬واشنطن،‭ ‬كما‭ ‬توقع‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬‮«‬الصين‮»‬،‭ ‬و«اليابان‮»‬،‭ ‬بتقديم‭ ‬دعم‭ ‬مباشر‭ ‬لعملاتها،‭ ‬إذا‭ ‬فرضت‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬القادمة،‭ ‬ضغوطًا‭ ‬مالية‭ ‬إضافية‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬بقاء‭ ‬الدولار‭ ‬العملة‭ ‬المهيمنة‭ ‬على‭ ‬الاحتياطيات‭ ‬العالمية؛‭ ‬فقد‭ ‬انخفضت‭ ‬نسبته‭ ‬من‭ ‬70%‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2000،‭ ‬إلى‭ ‬59%‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024‭. ‬وأشارت‭ ‬‮«‬كارولين‭ ‬دي‭ ‬جرويتر‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إعادة‭ ‬انتخاب‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬والسياسات‭ ‬الحمائية‭ ‬المتوقعة،‭ ‬قد‭ ‬زادت‭ ‬من‭ ‬الحديث‭ ‬حول‭ ‬إزالة‭ ‬الدولرة،‭ ‬أو‭ ‬تقليص‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الدولار؛‭ ‬‮«‬لحماية‭ ‬سياسات‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية،‭ ‬وشركاتها‭ ‬من‭ ‬التجاوزات‭ ‬المتجددة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬‭. ‬ورغم‭ ‬توضيحها،‭ ‬أن‭ ‬تعزيز‭ ‬‮«‬الدور‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬لليورو،‭ ‬يتطلب‭ ‬‮«‬اتحاد‭ ‬أسواق‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬الأوروبية،‭ ‬وميزانية‭ ‬محددة‭ ‬لمنطقة‭ ‬اليورو،‭ ‬وإصدار‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬السندات‭ ‬الأوروبية‮»‬‭ ‬‭ ‬وهي‭ ‬أمور‭ ‬‮«‬تتعارض‭ ‬مع‭ ‬نوايا‮»‬‭ ‬الحكومة‭ ‬الألمانية‭ ‬الحالية‭ ‬‭ ‬فقد‭ ‬أكدت‭ ‬أن‭ ‬الأحداث‭ ‬الأخيرة‭ ‬‮«‬أعادت‭ ‬القضية‭ ‬بالتأكيد‭ ‬إلى‭ ‬الطاولة‮»‬،‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬صناع‭ ‬السياسات‭ ‬الأوروبيين‭.‬

ومع‭ ‬تسارع‭ ‬الجهود‭ ‬نحو‭ ‬تقليص‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الدولار‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬البلدان‭ ‬حول‭ ‬العالم؛‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬لوبين‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬المخاطر‭ ‬الناشئة‭ ‬عن‭ ‬الدولار‭ ‬المبالغ‭ ‬في‭ ‬قيمته‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬تصبح‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحًا‭ ‬في‭ ‬‮«‬النصف‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬ولاية‭ ‬ترامب‭ ‬الثانية‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬خلص‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬إجراء‭ ‬من‭ ‬إدارته‭ ‬بهدف‭ ‬إضعاف‭ ‬الدولار،‭ ‬أو‭ ‬خفض‭ ‬قيمته‭ ‬‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فرض‭ ‬ضوابط‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬المال،‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬شراء‭ ‬الأصول‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الأجانب،‭ ‬أو‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬سياسات‭ ‬الاحتياطي‭ ‬الفيدرالي‭ ‬‮«‬سيضر‭ ‬بمصداقية‭ ‬النظام‭ ‬المالي‭ ‬الأمريكي‭ ‬بشكل‭ ‬خطير‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬توقع‭ ‬عدم‭ ‬اهتمام‭ ‬ترامب‭ ‬كثيرًا،‭ ‬إذا‭ ‬أصبح‭ ‬الدولار‭ ‬مصدرًا‭ ‬لعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬المالي‭ ‬العالمي‮»‬‭.‬

وأشار‭ ‬‮«‬رينيسون‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأقوى،‭ ‬‮«‬يجعل‭ ‬شراء‭ ‬السلع‭ ‬الأجنبية،‭ ‬والسفر‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬أرخص‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الأمريكيين‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬الشركات‭ ‬الأمريكية‭ ‬المصدرة‭ ‬قد‭ ‬تصبح‭ ‬‮«‬أقل‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬المنافسة‮»‬،‭ ‬مقارنة‭ ‬بنظيراتها‭ ‬الأجنبية‭. ‬وقال‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الحالي‭ ‬‮«‬جيه‭ ‬دي‭ ‬فانس‮»‬،‭ ‬أمام‭ ‬الكونجرس‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023؛‭ ‬إن‭ ‬دور‭ ‬الدولار‭ ‬كعملة‭ ‬احتياطية‭ ‬عالمية‭ ‬مفضلة،‭ ‬كان‭ ‬بمثابة‭ ‬دعم‭ ‬‮«‬للاستهلاك‭ ‬المتزايد‭ ‬للبلاد‭ ‬من‭ ‬الواردات‭ ‬غير‭ ‬المفيدة‮»‬‭. ‬

ومن‭ ‬هنا،‭ ‬قد‭ ‬تتجاوز‭ ‬نوايا‭ ‬إدارة‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬القادمة‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬التغييرات‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬الدولار‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬الدولية،‭ ‬لتشمل‭ ‬أيضًا‭ ‬فرض‭ ‬تعريفات‭ ‬جمركية‭ ‬لحماية‭ ‬الشركات‭ ‬المصنعة‭ ‬الأمريكية‭ ‬المحلية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا