العدد : ١٧٠٨٠ - الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٨٠ - الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

هدنة مؤقتة أم وقف دائم لإطلاق النار في لبنان؟

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الاثنين ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٤ - 02:00

وافق‭ ‬ائتلاف‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬بقيادة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬على‭ ‬اتفاق‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬مع‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬بلبنان،‭ ‬بوساطة‭ ‬أمريكية‭ ‬فرنسية‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬26‭ ‬نوفمبر‭ ‬2024،‭ ‬مُنهيًا‭ ‬ثلاثة‭ ‬عشر‭ ‬شهرًا‭ ‬من‭ ‬المواجهة‭ ‬مع‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬عبر‭ ‬الحدود،‭ ‬حيث‭ ‬تصاعدت‭ ‬المواجهة‭ ‬عقب‭ ‬شن‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬عدوانًا‭ ‬بريًا‭ ‬وجويًا‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬أكتوبر،‭ ‬مكررًا‭ ‬اعتداءاته‭ ‬السابقة‭ ‬أعوام‭ ‬1978‭ ‬و1982‭ ‬و2006‭.‬

الاتفاق‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬الأعمال‭ ‬العدائية‭ ‬لمدة‭ ‬60‭ ‬يومًا،‭ ‬وأن‭ ‬ينسحب‭ ‬مقاتلو‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬لمسافة‭ ‬40‭ ‬كيلومترًا‭ ‬من‭ ‬الحدود‭ ‬الجنوبية‭ ‬للبنان‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل،‭ ‬مقابل‭ ‬انسحاب‭ ‬جيشها‭ ‬من‭ ‬أراضيه،‭ ‬وأن‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬هذا‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬رقم‭ ‬1701‭ ‬الذي‭ ‬أوقف‭ ‬حرب‭ ‬عام‭ ‬2006‭.‬

‮ ‬وأقر‭ ‬جوناثان‭ ‬بانيكوف،‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الأطلسي،‭ ‬وعدة‭ ‬أكاديميين‭ ‬غربيين‭ ‬بأن‭ ‬الاتفاق‭ ‬يمثل‭ ‬‮«‬هدنة‮»‬‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬لبناني‭ ‬أُجبروا‭ ‬على‭ ‬ترك‭ ‬منازلهم‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وأصدر‭ ‬المحللون‭ ‬أيضًا‭ ‬تحذيرات‭ ‬بشأن‭ ‬احتمال‭ ‬نجاح‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الهدنة‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل،‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬إعلان‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬باحتمال‭ ‬شن‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬ضد‭ ‬لبنان،‭ ‬تدعمها‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬لجنة‭ ‬مراقبة‭ ‬تنفيذ‭ ‬شروط‭ ‬الهدنة‭.‬

وفي‭ ‬تقييم‭ ‬‮«‬دانييل‭ ‬بايمان‮»‬،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬جورج‭ ‬تاون،‭ ‬فإن‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬تضرر‭ ‬كثيرًا‭ ‬جراء‭ ‬‮«‬سلسلة‭ ‬الهجمات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تفجير‭ ‬أجهزة‭ ‬الاتصال‭ ‬بحوزة‭ ‬عناصره‭ ‬في‭ ‬سبتمبر،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬أمينه‭ ‬العام،‭ ‬حسن‭ ‬نصر‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الشهر،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬أقر‭ ‬بقدرة‭ ‬الحزب‭ ‬على‭ ‬استهداف‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالصواريخ‭ ‬والمسيرات‭.‬

ويرى‭ ‬بلال‭ ‬صعب‭ ‬من‭ ‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية،‭ ‬أن‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬لا‭ ‬يعادل‭ ‬‮«‬انتصارًا‭ ‬دائمًا‭ ‬لإسرائيل‮»‬‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬تدمير‭ ‬قدرات‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬كُليًا‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تقليصها‭ ‬وإضعافها‭.‬

وأكد‭ ‬أن‭ ‬المواطنين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬أنفسهم‭ ‬‮«‬متشككين‮»‬‭ ‬في‭ ‬تأكيدات‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬خطر‮»‬‭ ‬صواريخ‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬أصبحت‭ ‬‮«‬تحت‭ ‬السيطرة‮»‬،‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬تذكر‭ ‬إخفاقات‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬والأمن‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬استكشاف‭ ‬الهجوم‭ ‬الذي‭ ‬شنته‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬تمكن‭ ‬قرابة‭ ‬60‭ ‬ألف‭ ‬إسرائيلي‭ ‬تم‭ ‬إجلاؤهم‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬الحدودية‭ ‬مع‭ ‬لبنان‭ ‬للإقامة‭ ‬إلي‭ ‬أماكن‭ ‬أخرى‭ ‬بالبلاد،‭ ‬فإن‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬لبنان‭ ‬الذين‭ ‬يرجعون‭ ‬إلى‭ ‬ديارهم‭ ‬الآن‭ ‬لم‭ ‬يتأت‭ ‬لهم‭ ‬مثل‭ ‬شبكات‭ ‬الأمان‭ ‬هذه،‭ ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬حملة‭ ‬القصف‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التي‭ ‬أودت‭ ‬بحياة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬3500‭ ‬مدني‭ ‬وتشريد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1‭.‬2‭ ‬مليون،‭ ‬يقدر‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬أن‭ ‬كُلفة‭ ‬الأضرار‭ ‬والخسائر‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بلبنان‭ ‬تتجاوز‭ ‬8‭.‬5‭ ‬مليارات‭ ‬دولار،‭ ‬وبالتالي‭ ‬عرقلة‭ ‬ما‭ ‬وصفه‭ ‬كلوي‭ ‬كورنيش‭ ‬وريتشارد‭ ‬سلامة،‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬فاينانشال‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬بـ«انتعاش‭ ‬متواضع‭ ‬كانت‭ ‬تحياه‭ ‬الشركات‭ ‬اللبنانية‭ ‬عقب‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الأزمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الطاحنة‮»‬‭.‬

فمع‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬الآن‭ ‬ونجاحه‭ ‬في‭ ‬يومه‭ ‬الأول،‭ ‬استقبل‭ ‬المحللون‭ ‬بحذر‭ ‬ادعاء‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬ونظيره‭ ‬الفرنسي،‭ ‬إيمانويل‭ ‬ماكرون‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬‮«‬سيخلق‭ ‬الظروف‭ ‬لاستعادة‭ ‬الهدوء‭ ‬الدائم‭ ‬والسماح‭ ‬للسكان‭ ‬في‭ ‬كلا‭ ‬البلدين‭ ‬بالعودة‭ ‬بأمان‭ ‬إلى‭ ‬ديارهم‮»‬،‭ ‬محذرين‭ ‬من‭ ‬فشل‭ ‬الهدنات‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬طويلًا،‭ ‬حيث‭ ‬أشار‭ ‬صعب‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬رقم‭ ‬1701‭ ‬لعام‭ ‬2006‭ ‬‮«‬دعا‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬كل‭ ‬الأمور‭ ‬الصحيحة‮»‬،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬نشر‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬سلام‭ ‬دولية‭ ‬كقوة‭ ‬‮«‬اليونيفيل‮»‬‭ ‬بجنوب‭ ‬لبنان‭ ‬مقابل‭ ‬انسحاب‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬لكن‭ ‬القرار‭ ‬فشل‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬الالتزام‭ ‬به،‭ ‬حيث‭ ‬‮«‬دأبت‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬انتهاك‭ ‬سيادة‭ ‬لبنان‭ ‬ومجاله‭ ‬الجوي‮»‬،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬‮«‬سارع‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬تسليح‭ ‬وبناء‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬عسكرية‭ ‬عريضة‮»‬،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬‮«‬حصلت‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬الدولية‭ ‬على‭ ‬تفويض‭ ‬رمزي‭ ‬فقط‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬شروط‭ ‬اتفاق‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2024‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تختلف‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬عن‭ ‬1701‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬تساءل‭ ‬صعب‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬الدولية‭ ‬‮«‬ستكون‭ ‬أكثر‭ ‬فعالية‭ ‬هذه‭ ‬المرة‮»‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الحكومة‭ ‬اللبنانية‭ ‬ستتلقى‭ ‬بالفعل‭ ‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬اللازم‭ ‬من‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ (‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وفرنسا‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‭) ‬لنشر‭ ‬قواتها‭ ‬جنوب‭ ‬البلاد،‭ ‬معترفًا‭ ‬بأنه‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تتلق‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الدعم،‭ ‬فإنها‭ ‬لن‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬تحمل‭ ‬تكاليف‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭.‬

كما‭ ‬رفض‭ ‬صعب‭ ‬فكرة‭ ‬‮«‬فرض‭ ‬آلية‭ ‬مراقبة‭ ‬أكثر‭ ‬قوة‮»‬‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وفرنسا،‭ ‬بحجة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬‮«‬عاملاً‭ ‬حاسمًا‭ ‬أو‭ ‬قويًا‮»‬‭ ‬في‭ ‬جلب‭ ‬الاستقرار‭ ‬الطويل‭ ‬الأجل‭ ‬إلى‭ ‬لبنان،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬مازالت‭ ‬تحتفظ‭ ‬‮«‬بضوء‭ ‬أخضر‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬‭ ‬لمهاجمة‭ ‬لبنان‭ ‬‮«‬متى‭ ‬رأت‭ ‬ذلك‭ ‬ضرورياً‭ ‬ودون‭ ‬ردع‭ ‬من‭ ‬أحد‮»‬‭.‬

وفيما‭ ‬يتصل‭ ‬بالتداعيات‭ ‬الإقليمية‭ ‬الأوسع‭ ‬نطاقا‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬قبول‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬أفاد‭ ‬صعب‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬يمثل‭ ‬‮«‬نكسة‭ ‬استراتيجية‮»‬‭ ‬للنظام‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬طهران،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬نجحت‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬ووكلائه‭ ‬في‭ ‬تطويق‭ ‬جيشها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القوة‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أشار‭ ‬بانيكوف‭ ‬بأن‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬‮«‬ربما‭ ‬يدعم‭ ‬بهدوء‭ ‬الاتفاق‮»‬‭ ‬كوسيلة‭ ‬لإنهاء‭ ‬هجمات‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضد‭ ‬وكيلها‭ ‬الرئيسي‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬فقد‭ ‬علق‭ ‬قائلا‭ ‬إن‭ ‬‮«‬إيران‭ ‬بقبولها‭ ‬الاتفاق‭ ‬تخاطر‭ ‬بعدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬قدرات‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬بنفس‭ ‬السهولة‭ ‬التي‭ ‬فعلتها‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬2006‮»‬‭ ‬وبالتالي‭ ‬‮«‬تقويض‭ ‬هيكل‭ ‬الردع‭ ‬الإقليمي‭ ‬الخاص‭ ‬بها‮»‬‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل‭ ‬وداعميها‭. ‬

ولكن‭ ‬في‭ ‬تقدير‭ ‬بايمان،‭ ‬فإن‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬لن‭ ‬يؤدي‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬مضاعفة‮»‬‭ ‬طهران‭ ‬لدعم‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬لإعادة‭ ‬بناء‭ ‬قوته‭ ‬داخل‭ ‬لبنان‭ ‬وقدراته‭ ‬على‭ ‬مهاجمة‭ ‬إسرائيل‭ ‬مستقبلا،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬إيران‭ ‬‮«‬تعزز‭ ‬دعمها‭ ‬للحوثيين‭ ‬في‭ ‬اليمن‮»‬،‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الاعتراف‭ ‬بأن‭ ‬تلك‭ ‬الجماعات‭ ‬التي‭ ‬تعطل‭ ‬ممرات‭ ‬الشحن‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬كانت‭ ‬ولا‭ ‬زالت‭ ‬تمثل‭ ‬‮«‬ضربة‭ ‬قوية‮»‬‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭ ‬ورعاتها‭ ‬الغربيين‭. ‬وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬تأمل‭ ‬‮«‬بايمان‮»‬‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬تدهور‭ ‬وكيلها‭ ‬الرئيسي‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬وكشف‭ ‬أوجه‭ ‬القصور‭ ‬في‭ ‬آلية‭ ‬ردعه‭ ‬الصاروخي‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬العديدة‭ ‬الماضية،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬‮«‬حوافز‭ ‬طهران‭ ‬لتطوير‭ ‬سبل‭ ‬الردع‭ ‬النهائية‭ ‬لديها‮»‬‭ ‬‭ ‬‮«‬الأسلحة‭ ‬النووية‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يزعزع‭ ‬توازن‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬برمتها‭. ‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬مؤقت‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬النتيجة‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬لقد‭ ‬أشارت‭ ‬جينا‭ ‬أبركرومبي‭ ‬وينستانلي،‭ ‬بالمجلس‭ ‬الأطلسي،‭ ‬أن‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬يعني‭ ‬‮«‬أن‭ ‬هناك‭ ‬الآن‭ ‬مساحة‭ ‬لإلقاء‭ ‬نظرة‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬ولكن‭ ‬إتش‭ ‬إيه‭ ‬هيلير،‭ ‬بالمعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للخدمات‭ ‬المتحدة،‭ ‬رد‭ ‬بأن‭ ‬إنهاء‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يعني‭ ‬شيئا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لغزة‮»‬‭ ‬ولا‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬توقف‭ ‬الأعمال‭ ‬العدائية‭ ‬من‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ضد‭ ‬غزة‭ ‬‮«‬أكثر‭ ‬احتمالا‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬بانيكوف‭ ‬قد‭ ‬أشار‭ ‬أن‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬‮«‬يكسر‭ ‬حدة‭ ‬الترابط‭ ‬والتعاون‭ ‬بين‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬وحماس‮»‬،‭ ‬وأضاف‭ ‬صعب‭ ‬أن‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬‮«‬تخلى‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬عن‭ ‬حماس‮»‬‭ ‬ومعه‭ ‬‮«‬مفهوم‭ ‬الترابط‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬بأكمله،‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬تبقى‭ ‬هناك‭ ‬عيوب‭ ‬في‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الغربية،‭ ‬لإنهاء‭ ‬معاناة‭ ‬ملايين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬داخل‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬مستمرة‭. ‬وقد‭ ‬أشار‭ ‬ناثان‭ ‬جيه‭ ‬روبنسون،‭ ‬رئيس‭ ‬تحرير‭ ‬مجلة‭ ‬كرنت‭ ‬آفيرز،‭ ‬أن‭ ‬دبلوماسية‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬لم‭ ‬تحاول‭ ‬إنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬بل‭ ‬سمحت‭ ‬لحكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬بارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬صارخة‭ ‬ضد‭ ‬السكان‭ ‬المدنيين،‭ ‬وبينما‭ ‬أوضح‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬أن‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يسهل‭ ‬لصفقة‭ ‬مماثلة‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬فإن‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬سيعود‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬في‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬شهرين‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬إدارة‭ ‬جمهورية‭ ‬ستدعم‭ ‬نوايا‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة‭ ‬لضم‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وربما‭ ‬تصعيد‭ ‬معاناة‭ ‬المدنيين‭ ‬داخل‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬تعني‭ ‬أن‭ ‬نتنياهو‭ ‬سيتجاهل‭ ‬على‭ ‬الأغلب‭ ‬مطالب‭ ‬الرئيس‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬المنتهية‭ ‬ولايته،‭ ‬تمامًا‭ ‬كما‭ ‬فعل‭ ‬مرارًا‭ ‬وتكرارًا‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الثلاثة‭ ‬عشر‭ ‬الماضية‭.‬

وعلى‭ ‬العموم‭ ‬فإنه‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬اتفاق‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬سيصمد‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬يعتمد‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬على‭ ‬نوايا‭ ‬نتنياهو‭ ‬وحكومته،‭ ‬ومع‭ ‬تعهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬‮«‬بالرد‮»‬‭ ‬بقوة‭ ‬‮«‬على‭ ‬أي‭ ‬خرق‮»‬‭ ‬لشروط‭ ‬الاتفاق،‭ ‬فمن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬عدوانها‭ ‬على‭ ‬لبنان‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بايمان‮»‬‭ ‬كتب‭ ‬أن‭ ‬قيادة‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬تُركت‭ ‬في‭ ‬‮«‬حالة‭ ‬من‭ ‬الفوضى‮»‬‭ ‬و‮«‬شوهت‮»‬‭ ‬‮«‬هيبتها‮»‬‭ ‬باعتبارها‭ ‬أحد‭ ‬أذرع‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬فإن‭ ‬الحقيقة‭ ‬تظل‭ ‬أن‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬ضرب‭ ‬شمال‭ ‬إسرائيل‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬السبب‭ ‬المُعلن‭ ‬لغزو‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬أكتوبر‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا