يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
عـن كـلـمـة قـائـد سـلاح الـجـو الـمـلـكـي
توقفت مطولا أمام الكلمة التي ألقاها اللواء الركن طيار الشيخ حمد بن عبدالله آل خليفة قائد سلاح الجو الملكي البحريني في ندوة «القوة الجوية في الحرب الشاملة».
توقفت امام الكلمة لأنها تضمنت عددا من القضايا التي لها أهمية استراتيجية بالغة بالنسبة للبحرين وكل الدول العربية. ونظرا لأهمية ما قاله قائد سلاح الجو الملكي بخصوص هذه القضايا وجدت من الواجب إلقاء الضوء عليها.
أريد خصوصا أن أقف عند ثلاث قضايا كبرى أثارها في كلمته:
القضية الأولى: تتعلق بالعقيدة الدفاعية للدولة.
بهذا الصدد تحدث قائد سلاح الجو الملكي عن ضرورة تطوير العقيدة الدفاعية على ضوء ما يحدث من متغيرات تؤثر على استراتيجية الدفاع والردع.
هذه قضية لها أهمية استراتيجية كبرى.
العقيدة الدفاعية هي القيم والمبادئ الاستراتيجية التي تحكم فكر وعمل القوات المسلحة والمؤسسات والأجهزة الأمنية والتي هدفها الأساسي بالطبع هو حماية الدولة والمجتمع وصيانة المصالح الوطنية العامة.
العقيدة الدفاعية بهذا المعنى تتحدد بناء على فهم وتقدير طبيعة الأخطار والتهديدات للدولة والمجتمع في الوقت الحاضر وفي المستقبل ومصادرها، وبالتالي بناء على ذلك يتم تحديد استراتيجيات وسياسات وأساليب الدفاع عن الدولة والمجتمع.
العقيدة الدفاعية لأي دولة تتضمن بالضرورة أهدافا وأبعادا ثابتة، ولكنها تتغير، ويجب ان تتغير مع التطورات التي تشهدها الدولة والمنطقة والعالم أيضا.
وكما نعلم تشهد المنطقة العربية تحولات كبرى عاصفة من المهم دراستها الآن وتوقعاتها المستقبلية، وبناء على ذلك يتم تطوير وتجديد العقيدة الدفاعية.
اذن ما طرحه قائد القوات الجوية الملكية يعني ان العقيدة الدفاعية يجب ان تتطور لتواكب التطورات العاصفة وما تطرحه من تحديات تتجدد باستمرار.
القضية الثانية: تتعلق بالمليشيات الخارجة عن الدول الموجودة في عديد من الدول العربية اليوم.
المسألة الرئيسية التي طرحها قائد سلاح الجو الملكي هنا هي أنه يجب مساعدة الدول التي توجد بها هذه المليشيات لأنها غير قادرة وحدها على تفكيكها وعلى وقف خطرها.
هذا حديث في غاية الأهمية.
هذه المليشيات تمثل خطرا وجوديا داهما على الدول التي توجد بها وعلى كل الدول العربية.
هي خطر وجودي لأنه بسبب توحش هذه المليشيات -وكلها طائفية- تم تدمير عدة دول عربية معروفة بالمعنى الحرفي. هذه الدول لم تعد موجودة بالمعنى المفهوم للدولة، وأصبحت مقادير هذه الدول برمتها بيد هذه المليشيات.
وكما نعلم، الكارثة ان هذه المليشيات أصبحت تمتلك ترسانات من الأسلحة تفوق حتى قدرات الدولة. والكارثة الأكبر انها تخدم دولا وقوى اجنبية وتدمر المصلحة الوطنية للدول العربية في سبيل خدمة مصالح هذه الدول والقوى الأجنبية.
وطالما ظلت هذه المليشيات موجودة فسيظل الأمن القومي العربي وأمن كل الدول العربية مهددا بشكل خطير.
قائد سلاح الجو الملكي نبه هنا الى جوانب لها أهمية استثنائية في التعامل مع كارثة هذه المليشيات. نبه الى انه لم يعد من الممكن الصمت عن هذه المليشيات أو تجاهل خطرها. ونبه إلى أنه ليس هناك من سبيل سوى تفكيك هذه المليشيات وإنهاء خطرها. ونبه الى حقيقة ان الدول التي توجد بها ليست قادرة وحدها على ان تفعل ذلك، وبالتالي يجب على الدول العربية الأخرى مساعدتها.
نعم.. الدول العربية ترتكب خطأ فادحا ان هي ظلت تتجاهل كارثة وجود هذه المليشيات.
القضية الثالثة: تتعلق بمسؤولية الدول العربية ودول العالم عن الدفاع عن أمن واستقرار المنطقة.
بهذا الصدد أشار الى ضرورة تكاتف دول العالم من اجل وقف الحروب ومن اجل التعاون لتجريد الجماعات الإرهابية من الدعم المادي والمعنوي وحفظ أمن واستقرار المنطقة.
هذه أيضا قضية لها أهمية كبرى. بالنسبة للدول العربية بالذات، الأمن القومي العربي في خطر شديد، واستقرار الدول العربية مهدد، ولا يمكن التعامل مع هذه الأوضاع الخطيرة الا بتعاون وتكاتف جماعي عربي.
كما نرى، هذه القضايا التي أثارها قائد سلاح الجو الملكي لها -كما ذكرت- أهمية استراتيجية بالغة. وما ذكره بخصوص هذه القضايا ينم عن وعي وطني استراتيجي متقدم، وعن فهم عميق للضرورات الاستراتيجية من أجل حفظ أمن واستقرار البحرين والتعامل مع التحديات الجديدة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك