العدد : ١٧٠٦٧ - السبت ١٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٧ - السبت ١٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

نحو تطوير أداء نواب البرلمان في الفصل التشريعي الجديد

بقلم: د. جاسم بونوفل

الأربعاء ١٣ نوفمبر ٢٠٢٤ - 02:00

المتابع‭ ‬للمشهد‭ ‬البرلماني‭ ‬في‭ ‬مجمل‭ ‬جلسات‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬ومداخلات‭ ‬بعض‭ ‬الأعضاء‭ ‬عن‭ ‬المشكلات‭ ‬والقضايا‭ ‬التي‭ ‬تهم‭ ‬الناس‭ ‬يلاحظ‭ ‬تكرار‭ ‬نفس‭ ‬الأحاديث‭ ‬عن‭ ‬مطالب‭ ‬المواطنين‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬حلول‭ ‬لمشكلاتهم‭ ‬مثل‭: (‬التقاعد‭ ‬وتحسين‭ ‬مستويات‭ ‬المعيشة‭ ‬والبطالة‭ ‬والإسكان‭).‬

هذه‭ ‬المطالب‭ ‬والتطلعات‭ ‬نجد‭ ‬انها‭ ‬شبه‭ ‬مكررة‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬فصل‭ ‬تشريعي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬حلول‭ ‬نهائية‭ ‬للكثير‭ ‬منها،‭ ‬فلم‭ ‬يقدم‭ ‬المجتمعون‭ ‬تحت‭ ‬قبة‭ ‬البرلمان‭ ‬الحلول‭ ‬المنتظرة‭ ‬منهم‭ ‬لدى‭ ‬جمهور‭ ‬الناخبين؛‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬النواب‭ ‬أشبعوا‭ ‬هذه‭ ‬المشكلات‭ ‬بحثاً‭ ‬ونقاشاً‭. ‬

وقد‭ ‬أثر‭ ‬هذا‭ ‬الأداء‭ ‬لأعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬على‭ ‬مشاعر‭ ‬وتطلعات‭ ‬المواطنين‭ ‬وأفضى‭ ‬إلى‭ ‬مشاعر‭ ‬شعبية‭ ‬مفادها‭ ‬ان‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬ليسوا‭ ‬بالكفاءة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬ينتظرها‭ ‬جمهور‭ ‬المواطنين،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬الى‭ ‬عدم‭ ‬قيام‭ ‬المجلس‭ ‬بالأدوار‭ ‬المنشودة‭ ‬منه‭.‬

ويتكرر‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬جلسات‭ ‬الدورة‭ ‬الثالثة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الفصل،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يطرأ‭ ‬تغيير‭ ‬ملموس‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬النواب‭ ‬في‭ ‬تداولهم‭ ‬للمشكلات‭ ‬السابقة،‭ ‬كما‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬نرى‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬ما‭ ‬يوحي‭ ‬بأنهم‭ ‬في‭ ‬طريقهم‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬فاعليتهم‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬التجارب‭ ‬والدروس‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬الفصول‭ ‬التشريعية‭ ‬التي‭ ‬انقضت‭.‬

وتظهر‭ ‬الحالة‭ ‬التي‭ ‬أمامنا‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬الأعضاء‭ ‬ليسوا‭ ‬في‭ ‬عجلة‭ ‬من‭ ‬أمرهم‭ ‬في‭ ‬حسم‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المشكلات،‭ ‬وأن‭ ‬نفسهم‭ ‬طويل‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬لديهم‭ ‬الاستعداد‭ ‬لمواصلة‭ ‬البحث‭ ‬فيها‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬استغرق‭ ‬ذلك‭ ‬منهم‭ ‬كل‭ ‬أوقات‭ ‬جلسات‭ ‬الفصل‭ ‬التشريعي‭ ‬الحالي‭ ‬وربما‭ ‬القادم‭ ‬أيضاً؛‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬نتوقع‭ ‬ان‭ ‬يدفع‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬ثمنه‭ ‬غاليا‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬القادمة،‭ ‬فالمتوقع‭ ‬انهم‭ ‬لن‭ ‬ينالوا‭ ‬الثقة‭ ‬الشعبية‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬ولن‭ ‬يعاد‭ ‬انتخابهم‭ ‬وسوف‭ ‬تبحث‭ ‬جموع‭ ‬المواطنين‭ ‬عن‭ ‬وجوه‭ ‬جديدة‭ ‬املا‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬التغيير‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬فاعلية‭ ‬أكبر‭ ‬وأكثر‭ ‬تأثيرا‭ ‬في‭ ‬الأداء‭ ‬البرلماني‭. ‬

لهذه‭ ‬الأسباب،‭ ‬كانت‭ ‬ردود‭ ‬أفعال‭ ‬المواطنين‭ ‬‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬‭ ‬نحو‭ ‬أداء‭ ‬أعضاء‭ ‬البرلمان‭ ‬في‭ ‬الدورتين‭ ‬السابقتين‭ ‬تتسم‭ ‬بالشعور‭ ‬بعدم‭ ‬الرضا‭. ‬والراصد‭ ‬لتلك‭ ‬الردود‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أحاديث‭ ‬المجالس‭ ‬أو‭ ‬الصحف‭ ‬المحلية‭ ‬أو‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬يلاحظ‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬ليست‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬يعبرون‭ ‬عن‭ ‬استيائهم‭ ‬من‭ ‬أداء‭ ‬بعض‭ ‬النواب،‭ ‬ويضيف‭ ‬هؤلاء‭ ‬بأنه‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬تطلعاتهم‭ ‬وطموحاتهم‭ ‬وتوقعاتهم‭ ‬في‭ ‬معالجة‭ ‬معظم‭ ‬الملفات‭ ‬التي‭ ‬يأملون‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬حلحلتها‭ ‬وإيجاد‭ ‬حلول‭ ‬لها‭ ‬ولذلك‭ ‬ظلت‭ ‬تلك‭ ‬الملفات‭ ‬حبيسة‭ ‬أدراج‭ ‬أرشيف‭ ‬مكتب‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬مرور‭ ‬عامين‭ ‬عليها‭. ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬وكاتب‭ ‬هذه‭ ‬السطور‭ ‬أحدهم‭ ‬عند‭ ‬رأيها‭ ‬بعدم‭ ‬امكانية‭ ‬توقع‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الفاعلية‭ ‬في‭ ‬الأداء‭ ‬البرلماني‭ ‬خلال‭ ‬دور‭ ‬الانعقاد‭ ‬الحالي‭.‬

إن‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬الاستغراب‭ ‬هو‭ ‬إصرار‭ ‬بعض‭ ‬الأعضاء‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬أمور‭ ‬غير‭ ‬واقعية‭ ‬ولذلك‭ ‬لا‭ ‬غرو‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬مادة‭ ‬للتعليقات‭ ‬المفعمة‭ ‬بالنقد‭ ‬بين‭ ‬الناس،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬منهم‭ ‬يصر‭ ‬على‭ ‬طرح‭ ‬موضوعات‭ ‬هامشية‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬هموم‭ ‬وشجون‭ ‬المواطنين‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬اختصاصات‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬وهي‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬اختصاصات‭ ‬المجالس‭ ‬البلدية‭.‬

إن‭ ‬هذه‭ ‬الانتقادات‭ ‬لأداء‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬تسللت‭ ‬إلى‭ ‬نفوس‭ ‬بعض‭ ‬النواب‭ ‬بدليل‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬منهم‭ ‬دخل‭ ‬على‭ ‬خط‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬سهام‭ ‬النقد‭ ‬إلى‭ ‬أداء‭ ‬الأعضاء،‭ ‬والبعض‭ ‬يعتبر‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬النقد‭ ‬الذاتي‭ ‬للمؤسسة‭ ‬التي‭ ‬ينتمون‭ ‬إليها‭. ‬ويُعد‭ ‬هذا‭ ‬اعترافاً‭ ‬بضرورة‭ ‬تصحيح‭ ‬المسار‭ ‬حتى‭ ‬تحقق‭ ‬المؤسسة‭ ‬أهدافها‭.‬

إن‭ ‬قول‭ ‬بعض‭ ‬النواب‭ ‬أن‭ ‬الإشكالية‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬النواب‭ ‬أنفسهم‭ ‬وعدم‭ ‬قدرتهم‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بالأدوار‭ ‬المنوطة‭ ‬بهم‭ ‬هو‭ ‬اعتراف‭ ‬منهم‭ ‬بالتفريط‭ ‬في‭ ‬الأمانة‭ ‬التي‭ ‬تعهدوا‭ ‬بها‭ ‬أمام‭ ‬ناخبيهم‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬نشير‭ ‬إلى‭ ‬مداخلة‭ ‬النائب‭ ‬هشام‭ ‬العوضي‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الجلسات‭ ‬التي‭ ‬وجه‭ ‬فيها‭ ‬سهام‭ ‬نقده‭ ‬وبصراحة‭ ‬أمام‭ ‬بقية‭ ‬زملائه‭ ‬في‭ ‬صيغة‭ ‬أسئلة‭ ‬استنكارية‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬المجلس‭ ‬النيابي،‭ ‬بحسب‭ ‬تعبيره،‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬شنو‭ ‬الانجاز‭ ‬اللي‭ ‬سويناه‭ ‬كنواب‭ ‬خلال‭ ‬السنتين‭ ‬احنا‭ ‬ولا‭ ‬سوينا‭ ‬شي،‭ ‬ثم‭ ‬تساءل‭: ‬‮«‬هل‭ ‬رجعْنا‭ ‬3%‭ ‬للمتقاعدين،‭ ‬هل‭ ‬تكلمنا‭ ‬في‭ ‬بدل‭ ‬التعطل‭ ‬1%،‭ ‬هل‭ ‬تكلمنا‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬مشكلة‭ ‬الإسكان‭ ‬وختم‭ ‬كلامه‭ ‬أحنا‭ ‬النواب‭ ‬خلال‭ ‬السنتين‭ ‬ما‭ ‬سوينا‭ ‬شي‮»‬‭. ‬

إن‭ ‬موقف‭ ‬العوضي‭ ‬غير‭ ‬المعتاد‭ ‬في‭ ‬نقده‭ ‬لأداء‭ ‬المجلس‭ ‬لافت‭ ‬للأنظار،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نذكره‭ ‬ونذكر‭ ‬أيضاً‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬بالأدوات‭ ‬التي‭ ‬منحها‭ ‬لهم‭ ‬الدستور‭ ‬واللائحة‭ ‬الداخلية‭ ‬للمجلس،‭ ‬والتي‭ ‬نعتقد‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬أولوية‭ ‬تفكيرهم،‭ ‬ولو‭ ‬أنهم‭ ‬قاموا‭ ‬بتفعيلها‭ ‬لتغير‭ ‬أداؤهم‭ ‬واستطاعوا‭ ‬تحقيق‭ ‬الانجازات‭ ‬التي‭ ‬ينتظرها‭ ‬المواطنون‭ ‬منهم،‭ ‬لكن‭ ‬الظاهر‭ ‬أنهم‭ ‬أهملوا‭ ‬تلك‭ ‬الأدوات‭ ‬واكتفوا‭ ‬بتكرار‭ ‬نفس‭ ‬الكلام‭ ‬والاقتراحات‭ ‬حول‭ ‬نفس‭ ‬القضايا‭ ‬واعتبروا‭ ‬ذلك‭ ‬يكفي‭ ‬لتجميل‭ ‬صورهم‭ ‬وتحسينها‭ ‬أمام‭ ‬المواطنين‭!‬

في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬تقفز‭ ‬إلى‭ ‬الذهن‭ ‬بعض‭ ‬الأسئلة‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬إجابة‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬وهي‭: ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬يفعْل‭ ‬النواب‭ ‬هذه‭ ‬الأدوات؟‭ ‬ولماذا‭ ‬لا‭ ‬يصارح‭ ‬النواب‭ ‬الناخبين‭ ‬عن‭ ‬الصعوبات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬استخدامهم‭ ‬لهذه‭ ‬الأدوات؟

في‭ ‬اعتقادي،‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬النواب‭ ‬قاموا‭ ‬بذلك‭ ‬لتغيرت‭ ‬صورتهم‭ ‬أمام‭ ‬الناخبين‭ ‬وأصبح‭ ‬لهم‭ ‬دور‭ ‬أكثر‭ ‬فاعلية‭ ‬في‭ ‬ملامسة‭ ‬قضايا‭ ‬ومشكلات‭ ‬المواطنين‭ ‬وأسهموا‭ ‬في‭ ‬إنجاح‭ ‬دور‭ ‬المجلس‭ ‬النيابي‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافه‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا