العدد : ١٧٠٣٧ - الخميس ١٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٣٧ - الخميس ١٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

هل ستقع حرب عالمية ثالثة؟

بقلم: د. عصام عبدالفتاح {

الاثنين ١١ نوفمبر ٢٠٢٤ - 02:00

لا‭ ‬ينفك‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬موائد‭ ‬الخبراء‭ ‬العسكريين‭ ‬ووزراء‭ ‬الدفاع‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬وأمريكا‭ ‬منذ‭ ‬وقوع‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‭.‬

وبقدر‭ ‬ما‭ ‬تفاقمت‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة،‭ ‬قويت‭ ‬التوقعات‭ ‬لديهم‭ ‬بوقوع‭ ‬حرب‭ ‬عالمية‭ ‬ثالثة‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬قال‭ ‬الأميرال‭ ‬الأمريكي‭ ‬رول‭ ‬باور،‭ ‬رئيس‭ ‬اللجنة‭ ‬العسكرية‭ ‬لحلف‭ ‬الأطلنطي‭: ‬‮«‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعي‭ ‬تمامًا‭ ‬أن‭ ‬السلام‭ ‬ليس‭ ‬أمرًا‭ ‬مكتسبًا‭ ‬ومسلمًا‭ ‬به‮»‬،‭ ‬وتتابعت‭ ‬بعده‭ ‬تصريحات‭ ‬لوزير‭ ‬الدفاع‭ ‬السويدي‭ ‬وأركان‭ ‬حربه‭ ‬يحذران‭ ‬فيها‭: ‬‮«‬على‭ ‬الشعب‭ ‬السويدي‭ ‬أن‭ ‬يستعد‭ ‬لاحتمال‭ ‬نشوب‭ ‬حرب‭ ‬عالمية‭ ‬بسبب‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‮»‬،‭ ‬ثم‭ ‬خرج‭ ‬تصريح‭ ‬لوزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الألماني‭ ‬يقول‭ ‬فيه‭: ‬‮«‬إن‭ ‬روسيا‭ ‬سيكون‭ ‬بإمكانها‭ ‬حتمًا‭ ‬الانقضاض‭ ‬على‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الحلف‭ ‬خلال‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الآن‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬ظهرت‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬بوادر‭ ‬تكاد‭ ‬ترجح‭ ‬في‭ ‬ذهنية‭ ‬الخبراء‭ ‬العسكريين‭ ‬الأوروبيين‭ ‬وقوع‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثالثة‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬القريب‭.‬

‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬فوز‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬الرئاسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬مثلًا‭ ‬سيؤثر‭ ‬بالسلب‭ ‬في‭ ‬نفوذ‭ ‬وقوة‭ ‬حلف‭ ‬الأطلنطي‭. ‬إن‭ ‬دول‭ ‬الحلف‭ ‬لا‭ ‬تنسى‭ ‬لترامب‭ ‬أنه‭ ‬استن‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬رئاسته‭ ‬الأولى‭ ‬سياسة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تخفف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬تعهداتها‭ ‬والتزاماتها‭ ‬المادية‭ ‬إزاء‭ ‬الحلف،‭ ‬وهي‭ ‬سياسة‭ ‬قمينة‭ ‬بأن‭ ‬تحمل‭ ‬أعضاء‭ ‬الحلف‭ ‬الأوروبيين‭ ‬بأعباء‭ ‬لا‭ ‬قبل‭ ‬لهم‭ ‬بها،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬ستُضعف‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬قوته‭.‬

‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬أعلن‭ ‬بوتين‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬أن‭ ‬بلاده‭ ‬قررت‭ ‬زيادة‭ ‬النفقات‭ ‬العسكرية‭ ‬بنسبة‭ ‬70‭ ‬بالمائة‭.‬

وما‭ ‬كادت‭ ‬تمضي‭ ‬بضعة‭ ‬أشهر‭ ‬حتى‭ ‬شاهدنا‭ ‬جيوش‭ ‬الحلف‭ ‬تشرع‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬برنامج‭ ‬تدريبي‭ ‬عسكري‭ ‬مكثف‭ ‬لقواتها‭ ‬تأهبًا‭ ‬لحرب‭ ‬باتت‭ ‬أمرًا‭ ‬مرجحًا‭ ‬وفقًا‭ ‬لمؤشرات‭ ‬الواقع‭.‬

‭ ‬وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬أزمة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬واستمرار‭ ‬العمليات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المدمرة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬ولبنان‭ ‬ليس‭ ‬فحسب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬القضاء‭ ‬النهائي‭ ‬على‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬و‮«‬حزب‭ ‬الله‮»‬،‭ ‬وإنما‭ ‬أيضًا‭ ‬للتفرغ‭ ‬لمواجهة‭ ‬إيران،‭ ‬فمما‭ ‬لاشك‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬سيكون‭ ‬لها‭ ‬آثارها‭ ‬الوخيمة‭ ‬في‭ ‬اشتداد‭ ‬حدة‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬القوي‭ ‬العظمي‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬التحالفات‭ ‬والمصالح‭ ‬المتعارضة،‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬وضعنا‭ ‬في‭ ‬الحسبان‭ ‬ما‭ ‬سينجم‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬خطيرة‭ ‬علي‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬والمتمثلة‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬ارتفاع‭ ‬السعر‭ ‬العالمي‭ ‬للبترول‭.‬

‭ ‬وبخلاف‭ ‬التحالف‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬وكوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬والصين‭ ‬فقد‭ ‬أعلن‭ ‬سيرجي‭ ‬لافروف،‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الروسي‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬صحفي‭ ‬مؤخرا‭ ‬،أن‭ ‬روسيا‭ ‬وإيران‭ ‬بسبيلهما‭ ‬لتوقيع‭ ‬اتفاقية‭ ‬دفاع‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭.‬

ومما‭ ‬يزيد‭ ‬الأمر‭ ‬تعقيدًا‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬اليمينية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬تطمح‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬حلمها‭ ‬التوراتي‭ ‬بتأسيس‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‮»‬‭. ‬فوفقًا‭ ‬لبعض‭ ‬المصادر‭ ‬خرجت‭ ‬تجمعات‭ ‬لحزب‭ ‬الليكود‭ ‬وأنصاره‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬احتلال‭ ‬غزة‭ ‬كلها‭ ‬والاستيلاء‭ ‬على‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وجنوب‭ ‬لبنان‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬خطابات‭ ‬وزيري‭ ‬المالية‭ ‬والحرب‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬نجد‭ ‬أنهما‭ ‬لم‭ ‬يتحرجا‭ ‬من‭ ‬الإفصاح‭ ‬عن‭ ‬تأييدهما‭ ‬لفكرة‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬احتلال‭ ‬الأراضي‭ ‬المجاورة‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬وسوريا‭ ‬والعراق‭. ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬غريبًا‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬صورًا‭ ‬للجنود‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬يظهرون‭ ‬وعلى‭ ‬أكتافهم‭ ‬شعار‭ ‬مرسوم‭ ‬عليه‭ ‬خريطة‭ ‬جغرافية‭ ‬جديدة‭ ‬لـ«دولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‮»‬‭ ‬التي‭ ‬يحلم‭ ‬بتحقيقها‭ ‬اليمين‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الأصولي‭. ‬

كما‭ ‬أن‭ ‬خطابات‭ ‬نتنياهو‭ ‬تذكرنا‭ ‬بما‭ ‬يذهب‭ ‬إليه‭ ‬أغلب‭ ‬المستشرقين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬في‭ ‬تصورهم‭ ‬للعالم‭ ‬العربي‭ ‬وردود‭ ‬فعله‭ ‬المحتملة‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬الفلسطيني‭ -‬الإسرائيلي‭. ‬ففي‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬أساطير‭ ‬سياسية‭ ‬عربية‮»‬‭ ‬للمستشرق‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬‮«‬إيمانويل‭ ‬سيفان‮»‬‭ ‬يذهب‭ ‬مؤلفه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬أسير‭ ‬بضع‭ ‬أساطير‭ ‬سياسية‭ ‬يكذبها‭ ‬الواقع‭.‬

‭ ‬فحلم‭ ‬الوحدة‭ ‬العربية‭ ‬وتأسيس‭ ‬دولة‭ ‬قومية‭ ‬واحدة‭ ‬استنادًا‭ ‬إلى‭ ‬عناصر‭ ‬مثل‭ ‬وحدة‭ ‬اللغة‭ ‬والتاريخ‭ ‬حلت‭ ‬محله‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬الدول‭ ‬القُطرية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬فكرة‭ ‬‮«‬الحدود‭ ‬المصطنعة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬اصطنعتها‭ ‬الإمبريالية‭ ‬لتثبيت‭ ‬أنظمة‭ ‬عربية‭ ‬ثبت‭ ‬خطؤها‭ ‬لأن‭ ‬الواقع‭ ‬في‭ ‬رأيه‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬ثمة‭ ‬نزعة‭ ‬قومية‭ ‬محلية‭ ‬خاصة‭ ‬بها‭ ‬أكدتها‭ ‬المواجهات‭ ‬العسكرية‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬فيها‭ ‬مثل‭ ‬المواجهة‭ ‬بين‭ ‬الأردن‭ ‬وفلسطين‭ ‬عام‭ ‬1970،‭ ‬والمواجهة‭ ‬العراقية‭ -‬الكويتية‭ ‬خلال‭ ‬حكم‭ ‬صدام‭ ‬حسين‭.‬

‭ ‬ويضيف‭ ‬إيمانويل‭ ‬سيفان‭ ‬ما‭ ‬يسميه‭ ‬‮«‬أسطورة‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬يدحضها‭ ‬في‭ ‬رأيه‭ ‬انتفاء‭ ‬التكامل‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬النفط‭ ‬والسياحة‭ ‬وصناعة‭ ‬الأنسجة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬الاقتصادات‭ ‬العربية‭ ‬اقتصادات‭ ‬متزاحمة‭.‬

هكذا‭ ‬يفكر‭ ‬اليمين‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬ولن‭ ‬يتراجع‭ ‬نتنياهو‭ ‬عن‭ ‬مخططه‭ ‬التوراتي‭ ‬الذي‭ ‬تحلم‭ ‬به‭ ‬حكومته‭.‬

 

{‭ ‬أستاذ‭ ‬فلسفة‭ ‬اللغة‭ ‬والأدب‭ ‬

الفرنسي‭ ‬بآداب‭ ‬حلوان

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا