بالرغم من الزوبعة التي أثيرت حوله وبالرغم من الملاحقات القانونية ومحاولات إدانته وبالرغم من توظيف الآلة الإعلامية المؤثرة في المجتمع الأمريكي لصالح منافسته مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس وبالرغم من تحشيد الفنانين ورجال الأعمال ضد حملته الانتخابية استطاع مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب أن يفوز في الانتخابات الأمريكية التي تابعها العالم بأسره من خلال القنوات الفضائية وغيرها من وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي على منافسته مرشحة الحزب الديمقراطي التي خسرت الانتخابات وبفارق كبير ليكون دونالد ترامب الرئيس 47 للولايات المتحدة الأمريكية الساكن الجديد للبيت الأبيض لقيادة أمريكا خلال السنوات الأربع القادمة وبولاية ثانية بعد ولايته الأولى 2016 – 2020 بدءا من 20 يناير 2025.
وبالرغم من أن الانتخابات الأمريكية ما هي إلا مناسبة احتفالية يحتفل بها الشعب الأمريكي كل أربع سنوات يتنافس خلالها الحزبان الرئيسيان في الولايات المتحدة الأمريكية الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي ويتناوبان على إدارة البلاد فإن هذه الانتخابات لا تغير مسار السياسة الخارجية الأمريكية بغض النظر عن الحزب الفائر في الانتخابات فالسياسة الخارجية ثابتة ولا يستطيع أي حزب الحياد عنها ولا تتأثر كثيرًا بتغير الرئيس.
وبالعودة إلى الانتخابات فإن وراء خسارة هاريس أسبابا عديدة من أهمها ضعف الإدارة الديمقراطية الحالية التي يقودها الرئيس جو بايدن والتي كلفت المواطن الأمريكي الكثير وأثرت على مستوى معيشته فضلا عن أن هاريس تسلمت ملف الحملة الانتخابية في وقت متأخر جدا خلفا للرئيس جو بايدن الذي قرر الانسحاب من المنافسة في المقابل فإن دونالد ترامب اعتمد في حملته الانتخابية على القضايا الاقتصادية والهجرة غير الشرعية وكلها أمور تهم الناخب الأمريكي الذي صوت بكثافة لصالح المرشح الجمهوري.
الانتخابات الأمريكية كشفت عن الانقسام الحاد داخل المجتمع الأمريكي بين التيار المحافظ التقليدي الذي لا يرى التغيرات التي شهدها العالم خلال السنوات الماضية والتي يجب التعامل معها وفق هذه المستجدات وتيار يرى ان التغير ضروري ويبدو ان فترة ولاية الرئيس المنتخب ترامب سوف تزيد من حدة هذا الانقسام داخل المجتمع الأمريكي.
بالنسبة لنا كعرب وبالرغم من التصريحات الإيجابية التي اطلقها ترامب خلال حملته الانتخابية لكسب ود وأصوات العرب الأمريكيين، فإننا لا نعتقد بحدوث تغير حقيقي وملموس في الموقف الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الخطوات التي اتخذها ترامب خلال ولايته الأولى التي لم يتخذها أي رئيس أمريكي من قبل وهو نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس بالرغم من المعارضة العربية والدولية ومنظمة الأمم المتحدة ومخالفة القرارات الدولية، والتشجيع على التطبيع مع إسرائيل من دون تقديمها أي تنازلات من أجل تحقيق السلام.
دوليا قد يسعى الرئيس المنتخب إلى إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية كما أكد خلال حملته الانتخابية بسبب الكلفة الباهظة والمعارضة الشعبية الشديدة داخل الولايات المتحدة الأمريكية لهذه الحرب التي فرضها الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على الشعبين الشقيقين الروسي والأوكراني والمستمرة منذ ما يقرب من ثلاث سنوات من دون أفق لحل سياسي سلمي ينهي هذه الحرب العبثية التي لا معنى لها.
وإذا ما نجح الرئيس ترامب في إنهاء هذه الحرب، فإن العلاقة بين القطبين الكبيرين روسيا وأمريكا سوف تشهد تحسنا ملحوظا قد يؤدي إلى إنهاء العقوبات الجائرة التي فرضها الغرب على روسيا وحدوث انفراجة في العلاقات بين الدول الأوروبية وروسيا الاتحادية.
أما العلاقة مع المنافس الاقتصادي الأول للولايات المتحدة الأمريكية جمهورية الصين الشعبية يبدو أن الإدارة الأمريكية الجديدة سوف تعمل على فرض المزيد من القيود على البضائع الصينية لوضع حد لتدفقها في الأسواق الأمريكية للحد من منافستها للبضائع الأمريكية في ظل ميلان الميزان التجاري لصالح الصين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك