العدد : ١٧٠٣١ - الجمعة ٠٨ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٦ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٣١ - الجمعة ٠٨ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٦ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تحديات وآفاق الدولة الواحدة بعد عام من حرب غزة

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الخميس ٠٧ نوفمبر ٢٠٢٤ - 02:00

خلال‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬تعرضت‭ ‬غزة‭ -‬ومازالت‭- ‬لدمار‭ ‬واسع‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي؛‭ ‬ما‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬سقوط‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬القتلى،‭ ‬وملايين‭ ‬النازحين،‭ ‬وإلحاق‭ ‬أضرار‭ ‬مادية‭ ‬جسيمة،‭ ‬قد‭ ‬يستغرق‭ ‬إصلاحها‭ ‬عقودًا‭. ‬ويُمثّل‭ ‬هذا‭ ‬التدمير‭ ‬أحدث‭ ‬فصل‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬القهر‭ ‬التاريخي،‭ ‬الذي‭ ‬يتعرض‭ ‬له‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭. ‬

ومنذ‭ ‬نكبة‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬واحتلالها‭ ‬للضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وأراضٍ‭ ‬أخرى‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬فرضت‭ ‬إسرائيل‭ ‬نظامًا‭ ‬منهجيًا،‭ ‬من‭ ‬التمييز‭ ‬العنصري‭ ‬والديني،‭ ‬حيث‭ ‬سلبت‭ ‬حقوق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وممتلكاتهم‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر،‭ ‬بموافقة‭ ‬دول‭ ‬غربية‭ ‬كبرى،‭ ‬مثل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬اللتين‭ ‬تدّعيان‭ ‬حماية‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬عالميًا‭. ‬

وعلى‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية،‭ ‬التي‭ ‬تدّعي‭ ‬التزامها‭ ‬بتحقيق‭ ‬حل،‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬دولتين‭ ‬للإسرائيليين‭ ‬والفلسطينيين،‭ ‬كوسيلة‭ ‬لإحلال‭ ‬السلام‭ ‬والأمن‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط؛‭ ‬صدر‭ ‬كتاب‭ ‬بعنوان‭ ‬واقع‭ ‬الدولة‭ ‬الواحدة‭.. ‬ما‭ ‬هي‭ ‬إسرائيل‭/‬فلسطين،‭ ‬تأليف‭ ‬مايكل‭ ‬بارنيت،‭ ‬وناثان‭ ‬براون،‭ ‬ومارك‭ ‬لينش،‭ ‬وشبلي‭ ‬تلحمي‭. ‬وفي‭ ‬مقال‭ ‬مشترك‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬فورين‭ ‬أفيرز،‭ ‬طرح‭ ‬المؤلفون‭ ‬وجهة‭ ‬نظرهم،‭ ‬بأن‭ ‬الوقت‭ ‬قد‭ ‬حان‭ ‬للتخلي‭ ‬عن‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬المسؤولون‭ ‬الغربيون‭ ‬يزعمون‭ ‬أنهم‭ ‬يسعون‭ ‬لتحقيقه‭.‬

وإدراكًا‭ ‬لأهمية‭ ‬هذه‭ ‬القضية،‭ ‬عقد‭ ‬مركز‭ ‬دراسات‭ ‬الأمن‭ ‬والحقوق،‭ ‬بجامعة‭ ‬روتجرز،‭ ‬ندوة‭ ‬افتراضية،‭ ‬مع‭ ‬اثنين‭ ‬من‭ ‬مؤلفي‭ ‬الكتاب؛‭ ‬لتقييم‭ ‬تأثير‭ ‬أحداث‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬على‭ ‬حاضر‭ ‬ومستقبل‭ ‬واقع‭ ‬الدولة‭ ‬الواحدة‭. ‬أدارها‭ ‬فيصل‭ ‬كوتي،‭ ‬الأكاديمي‭ ‬بالجامعة،‭ ‬وشارك‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬تلحمي،‭ ‬وبراون‭.‬

في‭ ‬البداية،‭ ‬أوضح‭ ‬كوتي،‭ ‬أن‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬الندوة‭ ‬هو‭ ‬دراسة‭ ‬ما‭ ‬أسماه‭ ‬تحول‭ ‬المنظور،‭ ‬من‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬المراوغ،‭ ‬إلى‭ ‬مواجهة‭ ‬واقع‭ ‬الدولة‭ ‬الواحدة،‭ ‬كما‭ ‬طُرح‭ ‬تفصيلًا‭ ‬في‭ ‬الكتاب،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬يتطلب‭ ‬فهمًا‭ ‬عميقًا،‭ ‬لمفاهيم‭ ‬الدولة‭ ‬والسيادة‭ ‬والمواطنة‭. ‬من‭ ‬جانبه،‭ ‬أضاف‭ ‬تلحمي،‭ ‬أنه‭ ‬عند‭ ‬وصف‭ ‬إسرائيل‭ ‬وفلسطين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬منظور‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية؛‭ ‬يصبح‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬النتيجة‭ ‬النهائية‭ ‬دون‭ ‬تحديد‭ ‬واضح‭ ‬ودقيق‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬موجود‭.‬

وفي‭ ‬شرحه‭ ‬لكيفية‭ ‬تأليف‭ ‬الكتاب،‭ ‬أشار‭ ‬براون،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الفكرة‭ ‬بدأت‭ ‬بمناقشات‭ ‬بين‭ ‬الأكاديميين‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬وهو‭ ‬العام‭ ‬الذي‭ ‬اتضح‭ ‬فيه‭ ‬التأخر‭ ‬في‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬إجماع‭ ‬حول‭ ‬واقعية‭ ‬حل‭ ‬الدولة‭ ‬الواحدة،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬مؤلفيه‭ ‬قد‭ ‬تناولوا‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع،‭ ‬باعتبارهم‭ ‬مؤيدين‭ ‬نشطين‭ ‬لحل‭ ‬الدولتين،‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬هذا‭ ‬الرأي‭.‬

وفي‭ ‬تعليقاته،‭ ‬أقر‭ ‬تلحمي،‭ ‬بأن‭ ‬مناقشة‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأوقات‭ ‬العصيبة،‭ ‬تعد‭ ‬أمرًا‭ ‬صعبًا‭ ‬للغاية،‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأكاديميين‭ ‬وخبراء‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المراقبين‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬ليسوا‭ ‬بحاجة‭ ‬لأن‭ ‬يكونوا‭ ‬خبراء‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬ليشعروا‭ ‬بـ‭ ‬الحزن‭ ‬الشديد،‭ ‬إزاء‭ ‬نزيف‭ ‬الأرواح‭ ‬والمعاناة‭ ‬الهائلة،‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬المدنيون‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬ولبنان‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأماكن،‭ ‬مؤكدا‭ ‬غياب‭ ‬أي‭ ‬ضوء‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬النفق،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬تعريف‭ ‬مستقبل‭ ‬إسرائيل‭ ‬وفلسطين،‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬لعبة‭ ‬محصلتها‭ ‬صفر،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬فكرة‭ ‬إحلال‭ ‬السلام‭ ‬والأمن‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬معقدة‭ ‬للغاية‭ ‬بالنسبة‭ ‬لأولئك‭ ‬الذين‭ ‬يسعون‭ ‬لتحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف،‭ ‬رافضا‭ ‬الفكرة‭ ‬التي‭ ‬روج‭ ‬لها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬الغربيين،‭ ‬والتي‭ ‬تتعلق‭ ‬بسيناريو‭ ‬ما‭ ‬يُسمى‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬معبرًا‭ ‬عن‭ ‬أسفه‭ ‬لأن‭ ‬الحقائق‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬إرساء‭ ‬السلام‭.‬

وفي‭ ‬شرحه‭ ‬للاستنتاجات‭ ‬التي‭ ‬توصل‭ ‬إليها‭ ‬مع‭ ‬زملائه‭ ‬جونز،‭ ‬وبارنيت،‭ ‬ولينش،‭ ‬قبل‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬احتلال‭ ‬إسرائيل‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مؤقتًا،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬مسار‭ ‬سياسي‭ ‬في‭ ‬الأفق،‭ ‬لتغيير‭ ‬هذا‭ ‬الوضع،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬كان‭ ‬قائمًا‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭ ‬قبل‭ ‬أحداث‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬ومؤكدا‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬آفاق‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬قد‭ ‬تقلصت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬هذه‭ ‬الحرب،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬التوسع‭ ‬الهائل‭ ‬للمستوطنات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬حيث‭ ‬يعيش‭ ‬حوالي‭ ‬700,000‭ ‬مستوطن‭ ‬يهودي‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الدور‭ ‬المدمر‭ ‬الذي‭ ‬لعبه‭ ‬صعود‭ ‬اليمين‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المتطرف،‭ ‬بقيادة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو،‭ ‬وأعضاء‭ ‬حكومته،‭ ‬مثل‭ ‬إيتمار‭ ‬بن‭ ‬غفير،‭ ‬وبتسائيل‭ ‬سموتريتش،‭ ‬والذين‭ ‬جعلوا‭ ‬هدف‭ ‬حكومتهم‭ ‬هو‭ ‬السيطرة‭ ‬بالقوة‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأراضي،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬طرف‭ ‬الادعاء‭ ‬بأن‭ ‬أفعال‭ ‬إسرائيل‭ ‬وانتهاكاتها‭ ‬هي‭ ‬مؤقتة‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الوضع،‭ ‬رأى‭ ‬أن‭ ‬الخبراء‭ ‬والأكاديميين‭ ‬سعوا‭ ‬إلى‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬مفهومي‭ ‬الدولة‭ ‬والسيادة؛‭ ‬حيث‭ ‬ترتبط‭ ‬الأولى‭ ‬بـالتحكم‭ ‬وفرض‭ ‬السيطرة،‭ ‬بينما‭ ‬تتعلق‭ ‬الثانية‭ ‬بـالاعتراف‭ ‬الدولي‭ ‬بذلك‭ ‬التحكم‭. ‬وبناءً‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لا‭ ‬تمتلك‭ ‬سيادة‭ ‬على‭ ‬واقع‭ ‬الدولة‭ ‬الواحدة،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬يعترف‭ ‬بسيادتها‭ ‬وفق‭ ‬حدود‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أكدته‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2024،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬منذ‭ ‬حرب‭ ‬الستة‭ ‬أيام،‭ ‬غير‭ ‬قانوني،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬ينتهي‭ ‬على‭ ‬الفور،‭ ‬وأنها‭ ‬تمارس‭ ‬سيطرة‭ ‬وتحكمًا‭ ‬فعالًا،‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬والسكان‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬فيها،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬بدرجات‭ ‬متفاوتة‭.‬

وبعد‭ ‬أن‭ ‬تم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بأن‭ ‬سيطرة‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬هو‭ ‬انتهاك‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي؛‭ ‬أشار‭ ‬تلحمي،‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬يسأل‭ ‬المراقبون‭ ‬أنفسهم‭ ‬عن‭ ‬نوع‭ ‬الدولة،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجنب‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬اليهود‭ ‬وغير‭ ‬اليهود‭ ‬داخل‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭. ‬وفي‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬التفرقة،‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬المواطنون‭ ‬العرب‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬الذين‭ ‬يتمتعون‭ ‬بحقوق‭ ‬سياسية‭ ‬ومدنية،‭ ‬وخضوع‭ ‬سكان‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬لثلاث‭ ‬مناطق‭ ‬منفصلة‭ ‬محددة‭ ‬للسيطرة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المباشرة؛‭ ‬خلص‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬بالنسبة‭ ‬له‭ ‬ولزملائه‭ ‬عدم‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬مصطلح‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري،‭ ‬لوصف‭ ‬حكم‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الدولة‭ ‬الواحدة‭. ‬

في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬أشار‭ ‬جونز،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مؤلفي‭ ‬الكتاب‭ ‬استخدموا‭ ‬مصطلحات،‭ ‬مثل‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬والفصل‭ ‬العنصري،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬مستوى‭ ‬معين‭ ‬من‭ ‬المسافة‭ ‬التحليلية‭. ‬ورغم‭ ‬اعترافه‭ ‬بأن‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬أصبح‭ ‬صعبًا‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد؛‭ ‬بسبب‭ ‬الاستجابة‭ ‬العاطفية‭ ‬للمعاناة‭ ‬الهائلة‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬حروب‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ولبنان،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تصاعد‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬فقد‭ ‬شدد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الوقت‭ ‬قد‭ ‬حان‭ ‬لوضع‭ ‬سياسة‭ ‬أمريكية‭ ‬وغربية‭ ‬تجاه‭ ‬إسرائيل‭ ‬وفلسطين،‭ ‬ليس‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬حلم‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬ممكنًا؛‭ ‬لكن‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الواقع‭ ‬القائم‭ ‬فعلاً‭.‬

وبالانتقال‭ ‬إلى‭ ‬تأثير‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬منذ‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬على‭ ‬المستقبل‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وفلسطين؛‭ ‬أوضح‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث،‭ ‬جعلت‭ ‬واقع‭ ‬الدولة‭ ‬الواحدة‭ ‬لا‭ ‬يقبل‭ ‬الجدل‭ ‬تقريبًا؛‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬تصرفات‭ ‬إسرائيل‭ ‬حولت‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬إلى‭ ‬شكل‭ ‬عنيف‭ ‬وخبيث‭ ‬للغاية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التدمير‭ ‬الشامل‭ ‬للمجتمع‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬الذي‭ ‬تعرض‭ ‬سكانه‭ ‬لعدد‭ ‬لا‭ ‬يُحصى‭ ‬من‭ ‬الصدمات؛‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬التنبؤ‭ ‬بعواقبها‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭.‬

وفي‭ ‬سياق‭ ‬تحليل‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن،‭ ‬أشار‭ ‬تلحمي،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬العوامل‭ ‬الأساسية‭ ‬وراء‭ ‬التدهور‭ ‬الخطير‭ ‬في‭ ‬الأوضاع‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والفلسطينية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬سياسات‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬التي‭ ‬تُعتبر‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬تمكين‭ ‬الواقع‭ ‬الجائر‭ ‬للدولة‭ ‬الواحدة‭. ‬ولفت‭ ‬جونز،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬وأوروبا‭ -‬حتى‭ ‬أثناء‭ ‬المناقشات‭ ‬غير‭ ‬الرسمية‭- ‬أصبحوا‭ ‬يتجنبون‭ ‬التحدث‭ ‬عن‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬أو‭ ‬عملية‭ ‬السلام‭ ‬باعتبارهما‭ ‬أهدافًا‭ ‬سياسية‭ ‬واقعية‭.‬

وبالتالي،‭ ‬وبينما‭ ‬يواصل‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬السياسيين‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬مثل‭ ‬الرئيس‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬ووزير‭ ‬خارجيته‭ ‬أنطوني‭ ‬بلينكن،‭ ‬الإشارة‭ ‬بشكل‭ ‬متكرر‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬الدولتين؛‭ ‬يرى‭ ‬جونز،‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬سياسة‭ ‬قابلة‭ ‬للتطبيق‭ ‬لتحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الدبلوماسيين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬يفتقرون‭ ‬إلى‭ ‬الخيارات،‭ ‬ولا‭ ‬يعرفون‭ ‬كيفية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الطريق‭ ‬نحو‭ ‬حل‭ ‬سياسي‭ ‬دائم‭ ‬بين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬والفلسطينيين‭. ‬ونتيجة‭ ‬لذلك‭ -‬سواء‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬عن‭ ‬عمد‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭- ‬أصبح‭ ‬الأمر‭ ‬بمثابة‭ ‬غطاء‭ ‬للسياسيين‭ ‬الغربيين‭ ‬للاحتفاظ‭ ‬بمظهر‭ ‬الالتزام‭ ‬بالسلام‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬جونز،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬قضية‭ ‬مهمة‭ ‬أخرى،‭ ‬تتعلق‭ ‬بواقع‭ ‬الدولة‭ ‬الواحدة،‭ ‬وسيطرة‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وهي‭ ‬الفكرة‭ ‬التي‭ ‬يتبناها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬والمعلقين‭ ‬الغربيين،‭ ‬والتي‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬الصراع‭ ‬التاريخي‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬استثنائي،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬حله‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المفاوضات‭ ‬المباشرة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬هناك‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المعايير‭ ‬القانونية‭ ‬الدولية‭ ‬وهياكلها،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬تتضمنه‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬التغاضي‭ ‬عنها،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحلفاءها‭ ‬قد‭ ‬اتبعوا‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬لدعم‭ ‬إسرائيل‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬وافق‭ ‬تلحمي،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬مراقب‭ ‬للأحداث،‭ ‬التي‭ ‬توجه‭ ‬دبلوماسيًا،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬من‭ ‬تُمكّن‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬والحاضر،‭ ‬والمستقبل‭- ‬على‭ ‬فعلها،‭ ‬وعليه،‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬يحتاجون‭ ‬أكثر‭ ‬إلى‭ ‬التوعية‭ ‬حول‭ ‬واقع‭ ‬الدولة‭ ‬الواحدة‭ ‬التي‭ ‬تفرضها‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬هم‭ ‬صانعو‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬الذين‭ ‬يستمرون‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬السياسي‭ ‬والدبلوماسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والعسكري‭ ‬غير‭ ‬المحدود‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬بينما‭ ‬تنتهك‭ ‬حليفتهم‭ ‬بشكل‭ ‬متكرر‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬خجل‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا