في يوم 28 أكتوبر 2024 م وبتوصية من لجنتي الخارجية والأمن، صادق الكنيست الإسرائيلي على قانون حظر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التابعة للأمم المتحدة من العمل في الأرض المحتلة وعدم التعامل معها وإخراجها من القانون واعتبارها منظمة غير شرعية ولا قانونية لا بل إرهابية بأغلبية 92 صوتا مقابل 10 أصوات ضد.
وبالعودة إلى التاريخ فقد صدر قرار التقسيم رقم 181 في 29 نوفمبر 1947م عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي ينص على تقسيم فلسطين الى دولتين يهودية وعربية، وكانت فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وتبعه قرار رقم 194 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، الخاص بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم وديارهم وأراضيهم التي هجروا منها والتعويض عن خسائرهم في 11 ديسمبر 1948م.
وفي الثامن من ديسمبر 1949 م كان قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بإنشاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وقدمت منذ تأسيسها وخلال تلك السنين إلى يومنا هذا الخدمات الإغاثية والصحية والتعليمية للاجئين الفلسطينيين في الأرض المحتلة الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، بالإضافة إلى اللاجئين الفلسطينيين الموجودين في الدول العربية الأردن ولبنان وسوريا.
ويمنع القانون الذي صادق عليه الكنيست الوكالة الدولية «أونروا» من فتح مكاتب أو تقديم خدمات أو القيام بأي نشاطات أو التواصل مع المواطنين الإسرائيليين بأي مستوى، والهدف الذي ترمي إليه دولة الاحتلال والعدوان والأبارثهايد الصهيونية المتطرفة هو تحويل عمل هذه الوكالة المعنية باللاجئين الفلسطينيين الموجودين في مناطق عملياتها فقط للمفوضية السامية للاجئين المسؤولة عن كل اللاجئين حول العالم، فلا يتفرد اللاجئ الفلسطيني بهذا الحق وحيدا ويبقى مطالبا بحق العودة والتعويض!
هو صراع قوي شديد مع مبدأ حق العودة وعمل «أونروا» في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين يكرس هذا الحق الشرعي ويجعله حاضرا متوهجا نابضا مشعا، فدولة الاحتلال الفاشية تعمل على تدمير المخيمات الفلسطينية حتى تميع قضية اللاجئين وتضعف وتضمحل إلى أن تنتهي ويسقط حق العودة!
ولا يخفى على أحد مدى الغضب والحنق الصهيوني على الدور المهم الذي لعبته «أونروا» على مدى تاريخها منذ النشأة، ولكن الغضب والحنق ازداد بعد معركة «طوفان الأقصى»، ولما قدمته الوكالة من مساعدات وإغاثة وتوفير مراكز إيواء والأهم فضح الجرائم الصهيونية من تجويع وتعطيش للفلسطينيين وممارسة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي أيضا.
وحاولت الدولة الصهيونية المارقة وصم نشاطات «الأونروا» بالإرهاب بالادعاء أن موظفيها في القطاع ينتمون الى حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، وقدمت قائمة بـ11 موظفا ادعت أنهم ينتمون الى المقاومة ومارسوا عمليات قتل يوم السابع من أكتوبر 2023م، وبناء على هذه الفرية توقف الدعم المالي المقدم من الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وأوروبا الغربية وكندا والنرويج، ولكن هذه الكذبة لم تنطل طويلا على الدول الداعمة للوكالة الدولية التي سرعان ما أعادت الدعم، وجدير بالذكر أن الموظفين العاملين بالوكالة الدولية «أونروا» في قطاع غزة يبلغ عددهم 13 ألف موظف والكذبة طالت 11 موظفا منهم فقط!
جدير بالذكر ان موظفي الأونروا في قطاع غزة في ظروف ما قبل الحرب، يديرون 183 مدرسة تقدم الخدمات لأكثر من 278 ألف طالب وطالبة ويديرون 22 مركزا صحيا و7 مراكز نسوية ويقدمون خدمات الإغاثة لحوالي 100 ألف لاجئ وقروض مالية لحوالي 130 ألف لاجئ ويستفيد من خدمات الوكالة حوالي مليون ونصف المليون لاجئ يعيشون في قطاع غزة.
نحن أمام احتلال ينتهك واجبه الأساسي بحماية المدنيين القابعين تحت سلطته، لا بل يمارس ضدهم كل أنواع البطش والقتل والتنكيل ويعمل على حرمانهم من الغذاء والدواء والماء والمأوى الآمن، حيث لا مناطق وملاذات آمنة في قطاع غزة، وماض في ارتكاب الإبادة الجماعية بحقهم، لا بل وصل إلى مرحلة التطهير العرقي في شمال قطاع غزة.
ولا شك، وأقولها بكل إصرار ويقين، أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الأقوى عسكريا في هذا العالم الوسيع الرحب وهي الدولة الأضعف أخلاقيا كذلك، فهي تدعم بكل ما تملك من مال وسلاح ودبلوماسية دولة مجرمة مارقة خارجة على القانون الدولي ولا تعترف به، الإدارة الأمريكية في معركة مباشرة مع الشعب العربي الفلسطيني ولا تقدم له سوى التصفية ولا تشمله بأي تسوية عادلة لقضيته المحقة وتنكر عليه حق تقرير المصير كباقي شعوب العالم!
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اعتبرته دولة التطهير العرقي الصهيونية المتطرفة معاديا للسامية وشخصية غير مرغوب بها، لمجرد قلقه من انتهاك دولة الاحتلال القانون الدولي الإنساني وإيمانه أن الفلسطينيين يتعرضون لاحتلال خانق منذ 76 عاما، وهناك المفوض العام للأونروا «فيليب لازاريني» الذي يعتبر الأونروا شريان الحياة النابض للفلسطينيين وأن إنهاء «الأونروا» وخدماتها لن يجرد الفلسطينيين من وضعهم كلاجئين، هو أيضا شخصية غير محببة لهم، ولا ننسى السيدة «فرانشيسكا ألبانيز» المقررة الخاصة للأمم المتحدة بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة، الموصومة بمعاداة السامية أيضا والتي تعلنها أنها ليست معادية للسامية بل هي تنتقد الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية، وأوصت في 31 أكتوبر 2024 م بإعادة النظر في عضوية ( إسرائيل ) في الأمم المتحدة أو تعليقها إلى أن تتوقف عن انتهاك القوانين الدولية وتنهي الاحتلال، والسيدة «فرانشيسكا ألبانيز» ممنوعة من دخول الدولة المارقة أيضا!
على منظمة التحرير الفلسطينية وجامعة الدول العربية دعم بقاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» فهي الشاهد على نكبتنا، وهي تقف الآن بكل قوة وبشجاعة نادرة معرية دولة الاحتلال والعدوان والأبارثهايد والإبادة الجماعية والتطهير العرقي، وعلى شعبنا الصامد التظاهر وإقامة الفعاليات الداعمة قي كل أماكن وجوده، فهذه المنظمة يجب أن تبقى حتى إحقاق حقوقنا بالعودة إلى بلادنا فلسطين التي لا نملك في الدنيا سواها.
{ كاتب فلسطيني
مقيم في مملكة البحرين
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك